الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبقرية البنات. والطب. والثقافة

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 1 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


تذكرت طفولتى (منذ سبعين عاما). وأنا اقرأ فى الصفحة الأولى بجريدة الأهرام (7 يناير 2014) هذا العنوان: طفلة عبقرية وليست مريضة نفسيا - اسمها "حنين" عمرها 9 سنوات. اعتبرها الأطباء والمدرسون مريضة نفسيا لأنها تعانى السَرحان أثناء الدرس. لكنها حققت 150 درجة فى اختبار الذكاء فاعتبروها ضمن الـ0.5% العباقرة فى العالم. أما والدة الطفلة "حنين". فقد فسرت عدم اهتمامها بما يقوله المدرسون أن ابنتها تعرفه مسبقا وتريد مستوى أعلى من التعليم.
تذكرت أمى التى ماتت منذ ستين عاما. كيف أنقذتنى من تقرير المدرس الذى طلب منا (نحن التلميذات) كتابة قصة من الخيال لامتحان الأدب العربى. وكنت أحب التعبير عن نفسى بالكتابة. وعندى مفكرة عامرة بالقصص والمذكرات. أخذت منها قصة بعنوان "مذكرات طفلة اسمها سعاد". وأعطيتها للمدرس. وجاءنى تقريره بالدوائر الحمراء المروعة مع تحذير أسرتى من انحرافى النفسى. وقد قرأت أمى القصة وهدأت من روعى قائلة "قصتك جميلة والمدرس مخه مغلق". بقيت كلماتها بصوتها محفورة فى ذاكرتى سبعين عاما تشجعنى على الثقة بنفسى وعقلى. لولا هذه الثقة ما واصلت الكتابة حتى اليوم. كما احتفظت بقصتى مع أوراقى فى درجى. حتى استطعت بعد عدة سنوات نشرها فى كتيب صغير بالعنوان ذاته "مذكرات طفلة اسمها سعاد". قرأتها بالصدفة الدكتورة أمنية أمين (كانت أستاذة الأدب بجامعة الأردن). فأعجبت بها وتطوعت لترجمتها للغة الإنجليزية. وكتبت لها مقدمة أدبية.
منذ تقرير المدرس العقيم لا أهتم كثيرا بتقارير المدرسين ونقاد الأدب. ومنذ دراستى للطب لا أهتم كثيرا بتقارير الأطباء. وفى عام 1972 تفرغت لعمل بحث طبى جديد. بعد أن فقدت عملى بوزارة الصحة. بسبب كتاباتى الناقدة للمفاهيم الطبية. ومنها عمليات الختان الجراحية الضارة بصحة الأطفال والمقاييس البيولوجية للأخلاق. وحاولت تسجيل البحث فى إحدى كليات الطب المصرية دون جدوى. وكان السبب الأول للرفض: "أن البحث ينتهك القيم السائدة". والسبب الثاني: "أنه مكتوب باللغة العربية". كان التعليم الطبى فى مصر يتبع الاستعمار البريطانى يدرس باللغة الإنجليزية. وبالتالى لابد أن تكون البحوث الطبية باللغة الإنجليزية. وكانت القيم (المأخوذة عن الإنجليز) تفصل الأمراض النفسية عن الأمراض الجسدية. أما البحوث فى مجال علم الجنس (أو المرأة) فهى خارج القيم الفيكتورية البيوريتانية حيث "الجنس دنس". وإن كان داخل الزواج. وكان البحث يتناول (نظريا وميدانيا). المشاكل النفسية الجسدية فى حياة النساء المصريات. وحين رفضت كليات الطب تسجيله نشرته فى كتاب بعنوان "المرأة والصراع النفسي". أعيد طبعه عدة مرات. وأصبح يدرس فى بعض الجامعات خارج مصر. وأغلب الأطباء من زملائى يختلفون معى فى الكثير من المفاهيم. فالتعليم الطبى النفسى يعتمد فى معظمه على الفكر الفرويدى "خاصة فى مجال المرأة" ولأننى امرأة وطبيبة وكاتبة. فأنا أعرف عن نفسى أكثر مما يعرفه الرجل منهم وإن كان هو سيجموند فرويد. لهذا أصدرت عددا من الكتب ومنها كتابى "المرأة والصراع النفسي". بهدف انقاذ مثيلات الطفلة العبقرية "حنين" من براثن الأطباء والمدرسين. الطفلة "حنين" ظهرت صورتها مع وزير التربية والتعليم فى الأهرام 9 يناير 2014 - الذى أعلن عن ارسال قوافل متخصصة للمحافظات للكشف عن هؤلاء العباقرة لرعايتهم تعليميا. ولتكون لهم معاملة خاصة على قدر ذكائهم. وهذا لن يفيد "حنين" أو غيرها من الأطفال الأذكياء. نحن فى حاجة إلى سياسة ثقافية تعليمية تربوية جديدة لتنمية عقول الأطفال جميعا بصرف النظر عن اختلاف درجات الذكاء أو تقارير المدرسين والأطباء.
أولا: ثقة الآباء والأمهات بعقول أطفالهم. ولولا ثقة الأم بعقل طفلتها ما انتبه إليها وزير التعليم ولا أحد غيره. فقد انتقلت ثقة الأم بطفلتها إلى ثقة الطفلة بنفسها.
لولا ثقة الطفلة بنفسها ما استطاعت أن تنشد مستوى أعلى من الأفكار التى تسمعها بالمدرسة. والثقة بالنفس هى الحجر الأساسى للذكاء والعبقرية والإبداع. وتبدأ فى البت فى عقل الطفل والطفلة. كم من البنات المصريات العبقريات يفرض عليهن الغباء بسبب التربية فى البيوت القائمة على أن "البنت للجواز. والولد للوظيفة".
هذا التقسيم الجنسى للعمل (الموروث منذ آلاف السنين) يؤدى بالضرورة إلى انكماش عقول البنات وضمور ذكائهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ان عرف السبب
على سالم ( 2014 / 1 / 15 - 17:16 )
هذه بالطبع ماساه يعيشها اولاد العربان والمسلمين البؤساء التعيسى الحظ ,الواقع يقول ان عرف السبب بطل العجب ,اعتقد ان تعاليم الاسلام المتخلفه الغبيه هى السبب فى كل هذه الكوارث والمصائب والتى ابتلينا بها طوال اربعه عشر قرن منذ ان ظهر محمد ابن عبدالله فى جزيره العرب القاحله والتى كانت طالع نحس على هذا العالم


2 - عبقرية البنات في الرقص والتمثيل ....الخ
عبد الله اغونان ( 2014 / 1 / 15 - 21:25 )

أشهر البنات عندنا في الوثن العربي
هن الراقصات المائلات المميلات المغنيات والرياضيات
وذوات الفضائح التي طبقت الافاق

أسألوا عن أشهرهن
ومن لايعرفهن

اخر الافلام

.. كوباني تحتضن مهرجان زيلان الثالث


.. -الشهيدة زيلان رمز للمرأة الكردية المناضلة-




.. لمناهضة قتل النساء منظمة سارا تطلق حملة توعوية


.. مسرحية غربة




.. دعاء عبد الرحمن طالبة بكلية الصيدلة بجامعة أم درمان