الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم للدستور ليست -نعم- للسيسي

شريف صالح

2014 / 1 / 15
المجتمع المدني


"نعم" للدستور.. ليست "نعم" للسيسي

1. حرصت على قراءة "دستور الإخوان" نتيجة شكوكي في وعودهم، وإيمانهم بالدولة المدنية وتداول السلطة، ثم قاطعت التصويت عليه. بينما قلت "نعم" لدستور ال50 دون أن أقرأه، رغم اللغط حول بعض المواد، لقناعتي بأن "نعم" خطوة مهمة نحو استحقاقات سياسية أما "لا" فتعني مزيداً من الفراغ والعنف، وانهيار مقومات الدولة. وأظن أن كثيرين صوتوا بالوازع نفسه: "نعم" من أجل مصر، من أجل فعل سياسي، يقلص بؤس المرحلة الانتقالية.

2. لكن فكرة الاستفتاء نفسها "نعم" أم "لا"، تكرس حال الاستقطاب بين ما يسميه الخصوم: "عبدة البيادة"/"أنصار جماعة الإخوان الإرهابية".. برغم أن هناك شريحة لا بأس بها قد تقاطع، إما تعاطفاً مع الإخوان، أو استياء من محاولة إعادة إنتاج نظام مبارك. وبالتأكيد هناك مواقف أخرى لكنها بلا تأثير، تحت وطأة تغذية الاستقطاب.

3. معركة الاستقطاب محسومة بإقرار الدستور، وترشيح السيسي رئيساً.. ومع الوقت سوف تتآكل ردود أفعال الإخوان، لتعود الجماعة إلى ممارسة دورها التقليدي ك "محظورة" تعيش على "موائمات" مع الجهاز الأمني والسياسي.

4. ولا يبدو لي أن جماعة "الإخوان" كانت جادة في مراجعة إدارتها للمرحلة الانتقالية، ثم عامها في السلطة وما تلاه، فقد بدأت مهزلتها بترشيح "مرسي" نفسه وهو ترشيح "مسخرة" في حد ذاته، وإهانة للشعب ولثورة يناير. كما حافظت الجماعة بقوة على انغلاقها، ومقولاتها، وعززت دائما الاستقطاب حتى في إقرار دستورها، و"تطفيش" مستشاري الرئيس، وصولاً لرفض أي صيغة سياسية مقبولة لتنحي مرسي، وعدم الانخراط في مرحلة انتقالية تالية، كانت قادرة أن تستثمرها لمصلحتها، لو أرادت. من ثم فإن "ظاهرة السيسي" نفسه، هي نتيجة مباشرة للغباء السياسي للجماعة، وعجزها الفادح عن التواصل وتقاسم السلطة مع التيارات السياسية والثورية.

5. قد يكون "السيسي" حلاً مؤقتاً، ومريحاً، كرئيس، خصوصاً بعد تشويه معظم مرشحي الرئاسة الآخرين، أو ارتكابهم لأخطاء فادحة.. يدعمه موقفه الصارم من "مهازل الإخوان"، وانتماؤه إلى المؤسسة العسكرية الوطنية، ورغبة عموم الناس في استمرار النموذج الأبوي الحامي.. لكن وصوله إلى السلطة، وهو طموح مستحق، ليس في مصلحة الثورة المصرية ولا أهدافها. بالعكس سيبدو الأمر كأنه مرحلة انتقالية ثالثة، أو عودة إلى "دولة مبارك" مصحوبة بتحسينات وإعادة طلاء.

6. معنى ذلك أن السيسي الرئيس سوف يواجه ثلاث معضلات ليست هينة، أولها "الإخوان" وأعوانها داخلياً وإقليمياً، وثانيها: تركة الفساد وانهيار منظومة الخدمات في الصحة والتعليم والسكن والإدارة والاقتصاد، وثالثها: من يعارضون "دولة مبارك" واستمرار "حكم العسكر" ولو بغطاء انتخابات نزيهة!

7. ولأن اللحظة مصيرية وبحاجة إلى اصطفاف وطني واسع، فمن الأفضل بقاء السيسي على رأس المؤسسة العسكرية، كشريك في الحكم، وضامن للانتقال الديمقراطي، مع اختيار مرشح مدني توافقي للرئاسة، والسعي لبناء مؤسسات سياسية وحزبية. هذه المعادلة الأقرب لمفهوم "الترويكا" وحدها هي القادرة على أن تعطي ثقة في المستقبل، وتخفف الضغوط على السلطة الجديدة، وتنهي حدة الاستقطاب. أما إصرار البعض على تغذية الطموح الشخصي للسيسي على حساب قراءة الواقع بدقة.. فهو استمرار للرؤية بعين واحدة وتجاهل حدة الانقسام والاستقطاب، ظناً أن الحالة العامة الفرحة بسقوط الإخوان، قابلة للاستثمار دائماً، فالشعب سيحاسب وبشدة رئيسه الجديد، وسيعيد فتح كل الملفات المؤجلة.

8. إذا كنا عانينا من قصر نظر مرسي وجماعته، فأتمنى أن يتسم السيسي ومن ورائه المؤسسة العسكرية الوطنية ببعد النظر، لأن البلد لا يتحمل دفع فواتير شخصية، لأحد، أياً كان.. وأكبر خطايا تلك اللحظة افتراض أن "نعم" للدستور، ولمصر، هي "نعم" للسيسي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة عارمة بين عائلات الأسرى الفلسطينيين


.. عودة مرتقبة لمئات الآلاف من النازحين إلى شمال غزة ضمن اتفاق




.. -نتنياهو حمل خريطة لها في الأمم المتحدة-.. وزير إسرائيلي ساب


.. الأسرى المبعدون إلى خارج -فلسطين-.. ما مصيرهم؟




.. ميلوني تدافع عن ترحيل أمير حرب ليبي مطلوب دوليا وتنفي تورطه