الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ألأديان عالمية

كامل علي

2014 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كتابه مهزلة العقل البشري يذكر الدكتور علي الوردي مايلي:
(كنت ذات يوم في مجلس ضمّ جماعة من رجال ألدين. وقد أجمع هؤلاء الرجال أثناء ألحديث على أنّ سكان ألأرض كلهم ملزمون بأن يبحثوا عن ألدين ألصحيح فإذا وجدوه أعتنقوه حالا.
فكل إنسان في نظر هؤلاء مجبور أن يترك أعماله ويذهب سائحا في ألأرض ليبحث عن دين ألحق.
قلت لهم: لماذا لم تسيحوا أنتم في ألأرض للسعي وراء الحق؟
قالوا وهم مندهشون لهذا ألسؤال ألسخيف:
إننا لا نحتاج إلى ألسعي وراء الحق لأنّ الحق عندنا.
إنّهم يتخيلون أنّهم وحدهم أصحاب الحق من دون الناس.
ونسوا أنّ كل ذي دين يؤمن بدينه كما يؤمنون هم بدينهم فأينما توجهت في أنحاء الأرض وجدت ألناس فرحين بعقائدهم مطمئنين إليها.
ويريدون من الأمم الأخرى أن تاتي إليهم لتأخذ منهم دين ألحق الذي لا حق سواه).
ألتساؤل ألذي يطرح نفسه هو:
هل ألأديان عالمية؟ وبعبارة أخرى هل يصلح دين معين لكل البشر وفي كل ألأزمان؟
واحدة من الشكوك ألتي راودتني في مرحلة ألشباب وعندما كنت مؤمنا بالدين ألأسلامي هي:
إذا كان محمد يدّعي بأنّ ألدين الذي أوحي إليه يخاطب جميع البشر على الكرة الأرضية، كيف سيؤمن به سكان ألأسكيمو وسكان مجاهل ألأمازون؟
لم أكن أتصوّر أنَّ ألله يُعذّب ألنّاس الذين لم يدخلوا في ألإسلام، لأنه ليس مِن ألعدالة أنْ يدخل ألجنّة إنسان ولِد في ألمملكة ألعربية ألسعودية وتربّى على مباديْ ألدين ألإسلامي منذ نعومة أظفاره، ويعاقب إنسان ولِد في ألأسكيمو أو في مجاهل غابات ألأمازون وألّذي لَمْ يسمع طوال حياته عن شيء إسمه ألقرآن أو ألإسلام أو محمّد، صحيح أنّ ألقرآن يذكر بأنَّ ألله لا يُعذّب حتى يبعث رسولا ، ولكن ما ذنب ملايين مِن ألبشر مِن ألهنود ألحمر والصينيين وألقبائل ألبدائية في مجاهل أفريقيا وألامازون وأستراليا في حاضر ألأيام وماضيها ومستقبلها ألذين لم يسلموا قبل دعوة محمد وبعده، ألا يتناقض هذا مع ألعدالة ألإلاهية؟
شاركت في ألثمانينات أثناء حكم صدّام حسين في لجنة شكّلتها وزارة ألثقافة وألاعلام ألعراقية للتحضير لمسابقة نصب تذكاري يُخلّد شهداء معركة الخليج ألأولى ( ألقادسية ألثانية ) وكان معي في أللجنة مثقفون عراقيون وأديب لبناني معروف ودار نقاش بيننا حول سبب كون جميع ألأنبياء مِن ألشرق ألأوسط، فذكر أحد ألحاضرين بأنَّ سبب أختيار ألله للأنبياء مِن ألشرق ألاوسط حصرا لكون هذه ألمنطقة منبع ألحضارات في تلك ألحقبة مِن ألزمن.
قلتُ له معترضا ولكن في نفس تلك ألفترة ألزمنية مِن تاريخ ألإنسانية كانت هناك حضارات في أمريكا ألجنوبية كحضارة ألأزتيك وحضارة ألمايا؟
فسكت ألأخ ولم ينبس ببنت شفة، إنَّ ألسبب ألمنطقي هو أنَّ جميع ألأديان ألأرضية وألسماوية هو من تأليف ألبشر وقد أقتبس أللاحقون مِن ألسابقين مع أجراء بعض التعديلات ألّتي تناسب ألمجتمع ألّذي ظهر فيه ألدين ألجديد زمانيا ومكانيا.
الايمان يُعطي الانسان الجاهل او الغير الواعي الطمأنينة وراحة البال ويعطيه وهما بوجود حياة أخرى بعد ألموت سيتمتع في تلك ألحياة بما حرّم منه في الحياة الدنيا ووهما بأنّ ألخالق سيقتص هناك ممن ظلمه وأساء إليه في ألدنيا كما أنّ الإيمان يعطيه متانة للوقوف منتصبا أمام عاديات الزمن،إضافة إلى انّ شريحة الجهلاء لا يمكن انْ تستقيم حالها بدون الايمان بوجود الثواب والعقاب في حياة اخرى بعد الموت.
ولكنّ الايمان بالأديان له سلبيات عديدة فهو سبب رئيسي للحروب وويلاتها،حروب بين الاديان المختلفة كحروب الفتح الاسلامي والحروب الصليبية والحروب بين اليهود والمسلمين في فلسطين والحروب الداخلية بين المذاهب المختلفة للدين الواحد كالحروب بين البروتستانت والكاثوليك في الماضي وبين الشيعة والسنّة في ألماضي والحاضر وفي العراق بالذات وقد تقع حرب المذاهب بين الدول السنيّة والشيعية.
ولا ننسى العمليات الانتحارية الّتي يقوم بها المتطرفون الاسلاميون والّتي حصدت وتحصد وستحصد المئات من الارواح البريئة للاطفال والنساء والرجال اضافة الى الخسائر الماديّة، وكذلك المجازر الّتي نفذها المتطرفون الاسلاميون في الجزائر.
كانت الاديان سببا في ترسيخ الرق والسبي باشكالها واحتقار المرأة وهدر الاموال الطائلة والوقت في الطقوس الدينية كالصلاة وبناء الجوامع والكنائس والمعابد والاضرحة والحج والعمرة، فلو صُرِفت هذه الاموال لتخفيف معاناة الانسان، فكم يتيم سترجع البسمة الى شفاهه وكم مريض سينسى آلامه وكم من العجزة سيجد مأوى يرتاح فيها من غدر الزمن والاحبّة والقائمة تطول، فحسب المنطق والاديان فإنَّ الله موجود في كلّ مكان ( اقرب اليكم من حبل الوريد.... الآية القرآنية ) و (أينما تُولّوا وجوهكم فثمّة وجه الله.... الآية القرانية )، فالمؤمِن يستطيع انْ يتعبّد الله في ايِّ مكان مِن كرتنا الارضية، فما الحاجة الى هذا البذخ في بناء دور العبادة؟
بعد دراسة العقائد الانسانية المختلفة ومِن ضمنها، التوراة والانجيل والقرآن توصّلت الى قناعة مفادها أنَّ جميع هذه العقائد والاديان هي من تأليف مؤسسيها وهي تناسب الاقوام الّتي ظهرت بينهم زمانيا ومكانيا.
إنّ لكلّ دين إيجابيته وسلبياته، وإذا اعتبرنا هذه الاديان مرحلّة تاريخية مرّت بها الانسانية بإيجابياتها وسلبياتها ولم نحاول إضفاء القدسية على هذه الاديان ومؤسسيها، ولم نحاول اجبار الآخرين على اعتناقها فسَنُجنِّب الانسانية الحروب والويلات وسنعيش بسلام مع اخواننا في الانسانية.
لقد اثبتت التجارب الإنسانية أنَّ العلمانية وفصل الدين عن الدولة هي احسن الخيارات امام الانسان للعيش بسلام في عالمنا، لذا فمن الافضل للانسانية أنْ يكون كلُّ إنسان حُرّاً في إختيار عقيدته ولا يحاول فرضها على ألآخرين بألقوّة أو بألإرغام، فإذا آمَنَْتَ بحَجَرٍ فلا تَضرِب به الآخرين.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام فقط
كنعان شــــــــماس ( 2014 / 1 / 16 - 15:44 )
يجبرالناس بالقوة او الاغراء فللماذا تعمم


2 - هل البشر جنس حي واحد
ابراهيم الثلجي ( 2014 / 1 / 16 - 22:25 )
سؤال بسيط سيجيب على سؤالك
هل الويندوز انتاج ميكروسوفت الاميركية عالمي
هل بدونه يمكن ادارة الحياة اليومية
لانه برنامج نظام ادارة معتمد ونثق به
وللعلاقات الارقى والاعقد ترفضون برنامج ادارة اعمق ومنهج من الذي خلق وهو الاعلم بما خلق ومنزه عن الظلم والهوى، وعندما ينهاك عن السرقة فهو يمنع عن اموالك عدوان من 6 مليار انسان اخر
وعندما ينهاك عن العدوان على جارتك فهو يحميك من اعتداء كل اهل الارض
لو فكرت بهذا الاتجاه لما استطعت العيش بدون قانون
ولما كان واضعوا القانون بالارض ذات هوى فانك ستخشى انحيازهم
فوضع لك المنهج من لا هوى له ليكون لكم فرقانا يفصل بين الناس
فالله تعالى يقول (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البينات بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُستقيم


3 - ألقوة وألأإغراء-1
كامل علي ( 2014 / 1 / 17 - 08:20 )
عزيزي كنعان شماس
تحية عطرة وشكرا لإغنائك الموضوع
أتفق معك بأنّ إجبار ألناس بالقوة وألإغراء واضح جدا في ألدين ألإسلامي كالجهاد لنشر ألإسلام وتشريع ألمؤلفة قلوبهم أي تخصيص قسم من اموال الزكاة والصدقات لهذه الأغراض
في الدين اليهودي وهو دين خاص باليهود لا يوجد إدعاء العالمية لذا لا يجبر اليهود غير اليهود لإعتناق دينهم ولكنهم ينظرون الى الغير بنظرة دونية
يتبع


4 - ألقوة وألأإغراء-2
كامل علي ( 2014 / 1 / 17 - 08:22 )
أمّا بالنسبة للدين المسيحي ففي اثناء دعوة المسيح وفي الاناجيل لم يكن هناك إستعمال للقوة وألإغراء عدا إغراء ألدخول في ملكوت ألرب والسبب في إعتقادي قصر حياة المسيح التي لم تتجاوز ثلاث سنوات ولكن بعد تبني الامبراطور الروماني قسطنطين المسيحية فالامور فتغلغل السياسة في شرايين المسيحية أدّى إلى إستعمال القوة وألإغراء لمحاربة المختلف وإغرائه وكأمثلة من تأريخ ألمسيحية نذكر محاكم التفتيش والحروب الصليبية
لتوضيح الصورة أسألك ماذا تتصور ما كان سيحدث لو عاش المسيح عشرون سنة وكثر أتباعه وقويت شوكته ؟
لنفترض أنّ محمدا مات بعد ثلاث سنوات من بدء دعوته فماذا سينتقل إلينا من ألآيات ألمكية في تلك ألحالة؟
لا إكراه في ألدين .............ألآية ألقرأنية
أدعوا إلى سبيل ربّك بألحكمة وألموعظة ألحسنة .............ألآية ألقرأنية
تحياتي


5 - تعليق ابراهيم الثلجي-1
كامل علي ( 2014 / 1 / 17 - 08:50 )
عزيزي ابراهيم الثلجي
شكرا لإغنائك ألموضوع
ألمشكلة إنّك تعتقد بأنّ ألقرآن هو وحي من ألله وأنا أعتقد بأنّه من تأليف محمد
إذا كان العقل الانساني وحاجاته في تطوّر مستمر عبر العصور وانّ هناك حاجة لتشريعات مستجدّة تواكب هذا التطوّراليس من الافضل اعتماد دستور يشارك في وضعه عقلاء القوم المنتخبين من قبل الاكثرية لتنظيم العلاقات في المجتمع بدلا من اعتماد تشريعات تمّ وضعها من قبل شخص واحد وفي مكان وزمان لا هي مكاننا ولا هي زماننا؟ ألجواب بإعتقادي نعم
لذلك نجد بانّ معظم المجتمعات والدول الاسلامية والمسيحية واليهودية اوجدت تشريعات جديدة سميت بالدساتير اقتبست بعض بنودها من الاديان السماوية وحذفت بعضها واضافت بنود اخرى لتواكب عقلية ومتطلبات هذا العصر.
يتبع


6 - تعليق ابراهيم الثلجي-2
كامل علي ( 2014 / 1 / 17 - 08:52 )
المعضلة الّتي تواجه الانسانية في العصر الحديث هي التوفيق بين فكرتين، فلو آمنّا بانّ الاديان هو وحي من الله فيتوجب علينا ان نطبّق جميع التشريعات الواردة في الكتب السماوية بالرغم من انّ قسم من هذه التشريعات لا تتماشى مع متطلبات العصر الحديث وتبدو متناقضة مع العقل والمنطق والمكتشفات العلمية، امّا إذا آمنّا بأنّ الاديان السماوية هي مؤلفات بشرية قابلة للتطوير والتعديل فستواجهنا معضلة اخرى وهي كيفية تطويع جموع غفيرة من البشر ومنعهم من الظلم والكذب والنفاق والقتل وارتكاب بقية الموبقات من دون وجود خوف من العقاب في يوم القيامة بالرغم من أنّ الدساتير الموضوعة تشرّع عقوبات رادعة لمثل هذه التجاوزات والجرائم كالنفي والسجن والاعدام.


7 - عظيم يا استاذ كامل,,لكن لمن يسمع
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 1 / 21 - 17:03 )
تحياتى استاذ كامل,لم الحق المقال فى بداياته

المقال و تعليقاتك فيها مختصر مفيد لا بأس به ابدا

لكن لمن يريد ان يسمع
من لا يريد ان يسمع و هم كُثُر, سيشتموك بعد ما يقرأوا بضع سطور مما هو هنا هههههههه

العلمانية هى الحل (من الناحية الإجتماعية و السياسية)

,العلمانية التى ارى حاليا من حين لحين أصوليين و مؤيديى اليمين فى اوروبا يتظاهرون ضد إنتاجها كثيرا
(أسأل نفسى ما السبب وراء معارضتهم لقوانين او تشريعات تكفل حريات شخصية رغم انها ليست مؤذية مثلا علميا او طبيا؟

الإجابة واضحة,تيارات اليمين و المحافظين (الذين يستمدون افكارهم من أديان فاتت فترة صلاحيتها,يرون ان العلمانية و ما ينتج عنها من حريات هو امر يعارض معتقداتهم الدينية,لا اكثر و لا اقل)

العلمانية هى الحل شاؤا ام أبوا
و لها فضل كبير فيما نعيشه اليوم من إزدهار كبشر (اتحدث عن انجاوات تكنولوجية و تحرر فكرو عقل و جسد)

تحياتى


8 - العلمانية
كامل علي ( 2014 / 1 / 23 - 09:26 )
شكرا لإغنائك الموضوع
اتفق معك عزيزي حازم في طرحك
المشكلة هي أنّ رجال الدين والمتدينين يعتقدون أنّ العلمانية تدعو الى الكفر وألإلحاد
عندما فصل مصطفى كمال اتاتورك الدين عن الدولة ووضع في الدستور عبارة الجمهورية التركية دولة علمانية تعرض ويتعرض لحد الان الى حملة معادية من قبل المتدينين حتى انهم اتهموه بالماسونية وان اصله يهودي
تحياتي

اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تستهدف أحد قادة الجماعة الإسلامية في لبنان


.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عمليتين بالاشتراك مع




.. تجربة المحامي المصري ثروت الخرباوي مع تنظيم الإخوان


.. إسرائيل تقصف شرق لبنان.. وتغتال مسؤولاً بـ-الجماعة الإسلامية




.. 118-An-Nisa