الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيد كمال الحيدري : الله ديمقراطي والنبي سليمان (ع) لا يفهم (1) .

صفاء الهندي

2014 / 1 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في تفسيره لآية شريفة من آيات القرآن الكريم في الفيديو التالي يقول السيد كمال الحيدري بأن الله سبحانه ديمقراطي!. ودعى الحيدري الى تعلم الديمقراطية من الله سبحانه، لأنه فسح المجال للملائكة أن يسألوا ودوّن سؤالهم في كتابه، كما أنّه سبحانه قد سمحَ لإبليس أن يعترض وذكر ذلك أيضاً في كتابه الكريم .

تُعرّف الديمقراطية:

على انها شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة - إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين - في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين . وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي . ويطلق مصطلح الديمقراطية أحيانا على المعنى الضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع . والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية .

تعريف آخر للديمقراطية بصور أوجز وأدق:

تعني الديمقراطية حكم الشعب، وهو حكم سياسي قائم على تداول السلطة للأكثرية، وبعض النظم الديمقراطية قيّدت حكم الأكثرية بحماية حقوق الأفراد والأقليات، ويقال لها الديمقراطية الليبرالية، في قبال الديمقراطية اللاليبرالية .



لمصطلح الديمقراطية عدة وجوه وقوانين ونُظُم، وتختلف تطبيقاتها ومصاديق مفهومها من نظام الى آخر، ولم تأخد مكانتها كنظام عالمي عادل مُوحّد ثابت غير مُتغير يعترف به الجميع لحد الآن، لذلك تبقى الديمقراطية عبارة عن نظرية ناقصة غير قادرة على تلبية حاجات الشعوب، ولم تحقق العدالة التي ينادي بها المنادون حتى لدى الدول التي تدعي الديمقراطية إلا بحدود نسبية، فضلا عن كون الديمقراطية مفهوما ومصداقا واصطلاحا من وضعيّات الأنسان ومخترعاته، والتي لايصح نسبَتَها الى الله سبحانه وتعالى بجميع الاحوال . بسبب أن الديمقراطية حكم سياسي قائم على تداول السلطة من قبل الأكثرية الشعبية، والله تعالى مالك للخلق يتصرف فيهم كيف يشاء . .{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء...}(1). ولآن ديمقراطية الله سبحانه هي العدل المحض النظام الذي لو طبّقته البشرية لَصلحت جميع احوالها، وليس نظاما مختصّا بأمّة دون غيرها .

بعد تبسيطنا في تعريف مصطلح الديمقراطية يمكننا ان نعرف الفارق الشاسع بين مفهومها وتطبيقها كنظرية وضعية ناقصة وبين عدالة الله سبحانه كنظام كامل شامل عادل صالح يشمل كل المخلوقات .

يظن السيد كمال الحيدري بما أعتبره أعتراض الملائكة على الباري تعالى فيه ديمقراطية (2) في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ-;- قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ-;- قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)(3) .

رد هذا الادعاء من عدة وجوه:

اولا:

أ - الواضح في قول الملائكة كان هو السؤال .. وليس الأعتراض كما في رأي الحيدري . فالأعتراض يأتِ بمعنى الرفض او التمرد كما فعل ابليس في اعتراضه على الله سبحانه . وهذا وهم فادح وقع فيه الحيدري .

ب - يتبيّن للباحث والقاريء .. بل ويتبيّن لأبسط الناس ان الملائكة كان لديها علم ومعرفة مُسبَقة بما سيصدر من الأنسان من جرائم ومفاسد في الارض لقولهم (.. قالوا أتجعل فيها من يُفسدُ فيها ويسفك الدماء ..) فلو كانوا بمقام الأعتراض على الله سبحانه لكان الأولى أعتراضهم على خلق الانسان وليس بعد أمر استخلاف الله الانسان في الارض !.

ج - لم يأخذ الله سبحانه بقول الملائكة وأعتراضهم - حسب الأدعاء - بل جعل الله سبحانه خليفة له في الأرض . ولو قبل الله تعالى اعتراض الملائكة فلا يعني ذلك أن الله تعالى قد يتخلى عن سلطانه للأكثرية من الملائكة .

مما يترتب على ذلك ويترشح عنه السؤال التالي الذي فات معرفة جوابه على السيد الحيدري:

هل الحكومة الشرعية الالهية هي الديمقراطية؟

وجوابه:

هذا ايضا لا يصح في القانون الالهي أن نجعل نظام الحكم في الاسلام هو الديمقراطية، لأن الحكم في الأرض "بالتعيين" أي بالنص من خلال الكفاءة لا بالانتخاب، فالناس بطبيعة الحال ووفق القانون المنصوص لا تنتخب انبيائها ورسلها وأئمتها، ولو كان النظام ديمقراطي لكان الارسال والبعث تضمن المؤمن والفاسق و الكافر على السواء، وكذلك الأنبياء والرسل والأئمة من يُعيِّنون الحكّام على الإمارات وليس من باب الشورى بين الناس .

ولأجل تثبيت هذا القانون قال تعالى:

{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ...}(4).

{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ...}(5) .

وغيرها من الآيات الدالة على أن الحكم بالتعيين لا بالانتخابات .

ثانيا:

أ - إن مجرد إعطاء فرصة التعبير عن الرأي لا يعني ذلك ديمقراطية، وإنما يقال له حرية التعبير، أو حرية الفرد في التعبير عن رأيه، وحتى مع الديمقراطية المزعومة إلا أن هذا أيضا ليس مِن حق العباد لقوله تعالى :

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}(6).

ب - في قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(7). لا يعني هذا إن إبليس عندما عصى الله ولم يمتثل للأمر بالسجود لآدم معترضاً على الله تعالى كان برضا مِن الله تعالى، وطبعا هذا ايضا استنادا الى الديمقراطية المزعومة، وإلا لم يكن ابليس لعنه الله عاصياً وملعونا، فليس مِن حق إبليس بأعتباره مخلوق من مخلوقات الله تعالى وعبدا من عباده الى حين الاعتراض على الله تعالى وعصيانه، ولم يُزاول حقّا من حقوقه وإلا لما لُعن وطُرد .



النتيجة الطبيعية:

إن الله تعالى ذكر قصة إبليس لعنه الله كي يثبت في كتابه الكريم من ان الشيطان هو عدو الإنسانية الدائم وحتى يحذروه .. فقد قال تعالى:

{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }(8) . وغيرها الكثير من الآيات القرآنية الكريمة التي تُنبّه وتُحذَر الأنسان من الشيطان اللعين .. وليس ذكر قضية الشيطان اللعين كي نتعلم ديمقراطية الاعتراض على الله تعالى - حسب دعوى المدّعي - .

وأننا لنعجب كيف يمكن للحيدري ان يفهم الأمور معكوسة بهذا الفهم تماما، فما ليس بأعتراض يراه اعتراضاً، وما هو ذم يراه مدحاً، وما هو اعتراض يراه ديمقراطية !! فأين التحقيق .. وأين النظريات الجديدة التي لم يسبق الحيدري بها أحد ؟ .

كانت هذه الحلقة الاولى من مجموعات حلقات ان شاء الله تعالى سنُيِّن ونناقش فيها مجموعة آراء وأفكار وفتاوى للسيد كمال الحيدري، ونذكر فيها عدة اشكالات وتناقظات ومؤاخذات ونُسجِّلُها عليه .





................................

(1) الشورى / 49 .

(2) https://www.youtube.com/watch?v=H6L7igbiAR4&feature=youtube_gdata_player .

(3) البقرة/30 .

(4) البقرة/124 .

(5) ص /26 .

(6) الأحزاب/36 .

(7) البقرة/34 .

(8) فاطر/6 .







صفاء الهندي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديمقراطية تكون في نفس الجنس
ابراهيم الثلجي ( 2014 / 1 / 18 - 09:13 )
شرح ما شاء الله من قلب متنور بالايمان
واما عن الحيدري وامثاله فهم قوم اعتادوا تملق العظماء للذلة والمسكنة التي ترافقهم منذ قرون
فهو يعتقد كشيعته بانه يريد الترويج لملك الله والوهيته تعالى بمراضاة الراي العام وكانه يقدم خدمة لتجميل صورة المالكي او صورة الاحتلال الاميركي وتجميل جرائمه في ابو غريب
هنا اساسا نقطة الانهيار العقائدي عند هؤلاء
يكذب لانه كذاب وبمواجهته يقول لاجل الترويج للفكر

الحق تعالى الذي لو كفر الناس جميعا على قلب رجل واحد ما نقص من ملكه مثقال جناج بعوض
يقول (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا
بارادة الله خلق الانسان وبارادته استخلفه الارض ليصنع منظومة سلوكه البشري ليقترن بجسده المخلوق
وهو تحت الرقابة الالهية الدائمة وخياراته وديمقراطيته في جنسه في بناء نمط سلوكه لياتي به يوم الدين
ليحاسب بسلوكه وليس بماديتة وانما ماديته التي عشقها ستكون اداة ايصال العذاب لنفسه التي صنعها بنفسه امرا ادواته يوم كانت تطيعه في الدنيا واليوم تشهد عليه وتنكره


2 - شكرا استاذ
صفاء الهندي ( 2014 / 1 / 18 - 10:07 )
شكرا استاذ ابراهيم

لا يستطيع اي انسان مهما كانت ثقافته ومنصبه الصمود بوجه الحقائق الالهية التي ثبّتها الباري تعالى
في كتابه الكريم والتي جعلها منهج وسنّة على الناس الرجوع أليها وأتباعها ، وتبقى جميع الافكار
والنظريات والأيديولوجيات المطروحة في الشارع العالمي .. ماهي إلا نماذج ومسميات قد اخترعها ووضعها الانسان نفسه ..



شكرا استاذ ابراهيم وتقبل تقديري


3 - نهر البيدخ
بلبل عبد النهد ( 2014 / 1 / 18 - 21:31 )



روي عن ا بن عباس أنه قال ( إن في الجنة نهراً يقال له البيدخ عليه قباب من ياقوت تحته حور ناشئات يقول أهل الجنة: انطلقوا بنا إلي البيدخ ، فيتصفحون تلك الجواري فإذا أعجب رجل منهن جارية مس معصمها فتتبعه)


4 - نشر
بلبل عبد النهد ( 2014 / 1 / 20 - 08:26 )
انشروا ما شئم ولا تنشروا ما لا تشاؤون فلن يغير ذلك في الكون شيئا


5 - الاخ العنزي
صفاء الهندي ( 2014 / 1 / 20 - 22:38 )
اخي العزيز
لماذا الالحاح ؟
الموضوع يناقش فكر عقيدي وهو ايضا من ضمن عقيدتي
وانت فكرك وعقيدتك يختلف عن هذه العقيدة....
فلا يوجد داع لأن تحشر نفسك بهذا الامر


احترامي

اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط