الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطورات كتابة الدستور وعلاقة الدين بالسياسة

منذر الفضل

2005 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تطورات كتابة الدستور وعلاقة الدين بالسياسة
لقاء خاص
- مع الخبير الدكتور منذر الفضل
عضو الجمعية الوطنية وعضو لجنة صياغة الدستور
سؤال : كيف تكون عملية كتابة الدستور وصياغته في رأيكم ؟
جواب الدكتور الفضل:
ان عملية كتابة الدستور الدائم في العراق الاتحادي التعددي البرلماني يجب ان تكون بالتوافق لا وفقا لمبدأ الاغلبية وهذا التوافق يجب ان ينسجم مع النظام العالمي الجديد ومع قيم حقوق الانسان وقواعد الديمقراطية واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها ومنها فصل الدين عن الدولة وعدم جواز تدخل المرجعيات الدينية بالعمل السياسي اي بناء دولة علمانية والعلمانية لا تعني الكفر او الالحاد ابدا و كذلك الفصل بين السلطات الثلاث ايضا لبناء حكم دولة القانون كما يجب ان يكون للمرأة دورها في بناء المجتمع الجديد لانها نصف المجتمع , هذا الدور الذي يجب ان يكون دورا فاعلا في بناء الديمقراطية وفي كتابة الدستور والغاء كل النصوص التي تكرس التمييز بين الرجل والمرأة بسبب الجنس ومنها منع التمييز بين الجنسين في منصب القضاء والمناصب السيادية وفي كل المجالات.ونحن نعتقد بأن أي تمييز بين البشر قائم على اساس الجنس او اللون او الاصل او المذهب او الفكر انتهاك خطير لحقوق الانسان لا يمكن القبول به ويتعارض مع بناء اسس الديمقراطية وحكم القانون.

سؤال : قلتم ان أحد المحاور الساخنة التي ستكون في عملية كتابة الدستور موضوع الدين والدولة فهل هناك اشكاليات او أزمة في الفكر الاسلامي او تسيس للدين من المرجعيات الاسلامية ام ماذا ؟ وما هي العلمانية ؟

جواب الدكتور الفضل:
للاجابة عن هذا السؤال نقول مايلي :

هل ان الدين ويعني الطاعة لغة غايته نشر السلام ام تأجيج الكراهية بين بني البشر ؟ وهل ان الاعمال الارهابية هي جزء من الثقافة الاسلامية حيث تجري مذابح في العراق وخارجه تحت راية الله أكبر وصولا الى الجنة الموعودة التي تقوم دوافعها على الحرمان من الجنس ؟ وكيف يمكن ربط الدين الاسلامي بالحداثه والعصر والتطورات الجديدة لكي ينعم الناس بالسلام ؟ وهل يمكن منع انتاج الماضي الاستبدادي والاتجاه نحو اشاعه الحوار ونشر ثقافة التسامح و حق الاختلاف لكي ينعم البشر بقيم المحبة والامن والسلم الذي هو قانون العصر الازلي وهو قانون الحياة الاول ؟ وهل ان الفكر الاسلامي يمر بأزمه جعلته ينطوي على ذاته ويرفض الاخر ؟
قبل الاجابة على هذه الاسئلة نعترف منذ البداية ان ليس بالامكان ان نقول بكل صراحة عن ما نراه ونعتقده وما نتمناه في هذا المجال لحل هذه الاشكالية الكبيرة فهناك خطوط حمراء لا يمكن لنا ولغيرنا تجاوزها في زمان ومكان لا مكان فيه الا للخطوط الحمراء في كثير من المفاهيم لاسيما في هذه الفترة حيث يسود مبدأ التكفير على مبدأ حرية التفكير , ولهذا سوف نحاول ان نشير الى قضية الازمة التي يمر بها الفكر الاسلامي والى قضية الاجتهاد وضرورة فهم الحداثة والهدف من الدين وكيف يمكن تجفيف منابع الارهاب والعنف السياسي في العراق والعالم الاسلامي وهما جزء من اشكاليات هذه الازمة التي يمر بها الفكر والمفكر الاسلامي.

نحن نعتقد بأن العلمانية ليست الحادا و انما تعني فصل الدين عن الدولة وعدم تدخل الدولة بالدين وعدم تدخل الدين بشؤون الدولة السياسية وهي تعني أيضا منع رجال الدين المتعصبين من فرض سيطرتهم على مفاصل الدولة بتدخلهم في الشؤون السياسية وفقا لاجتهاداتهم او الفتاوي التي يصدرونها على اساس انها من صميم الدين الواجبة الاتباع ومن هنا فان العلمانية التي ننادي بهل في كتابة وصياغة الدستور الدائم تعني ضمان الحرية الدينية للجميع ( للمسلمين والمسيحين واليهود والايزيدية والصابئة المندائية ) باعتبارها جزء من الحرية الخاصة بكل شخص طبيعي والمضمونه في الدستور ضمن الحريات الاساسية .
وقد ناقش البرلمان الفرنسي مفهوم العلمانية اثناء اعداد دستور عام 1946 وعرفت بانها ( حياد الدولة حيال الديانات ) ولهذا فان الدولة العلمانية تعني دولة المؤسسات التي تفصل بين السياسة والدين ففي الديانات مذاهب واراء واجتهادات وتعقيدات واشكاليات واختلافات لا يجوز اقحام مؤسسات الدولة فيها ولاشك ان دول اوربا مرت بهذه الاشكاليات ولم تتقدم الا بعد ان فصلت قواعد الدين عن الشؤون السياسية للدولة واحترمت كل الديانات ومؤسسات العبادة وشعائر العبادات وقدسيتها .

وقد نجح العلامة الدكتور عبد الرزاق السنهوري والى حد كبير في ادخال الاصلاح للقوانين المدنية لبعض الدول العربية على اسس علمانية .ولهذا لابد من تدريس الثقافة الدينية لتشمل كل الديانات ولا تقتصر على تدريس الديانة الاسلامية كما هو حاصل الان في المناهج الدراسية في مدارس العراق لان العراق بلد متعدد القوميات ومتعدد الديانات والمذاهب والافكار .ولذلك يجب ضمان حرية الاعتقاد على ان لا يخل بقواعد النظام العام والاداب العامة. وللاسف مايزال هناك سوء فهم في الرأي العام في الشرق الاوسط وفي العراق خاصة في معنى العلمانية التي لا تعني الالحاد او الكفر أو انكار وجود الخالق للكون وانما ضمان حرية العبادة وابعاد الدين عن التدخل في الشؤون السياسية لان الدولة الدينية ستتحول مثل الدولة القومية ويكون رابطهما المشترك الاستبداد والقمع الذي يتناقض مع حقوق الانسان وأسس الديمقراطية .





سؤال : ماذا عن حق تقرير المصير للشعوب في الدستور الدائم ؟
جواب الدكتور الفضل :
نحن نؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها وفقا لمرجعياتها الدستورية ووفقا لحركة الاستفتاء اذا توافرت الشروط لذلك ومنها ( وجود الارض والشعب والتنظيم السياسي) وهي متوافرة بالنسبة للشعب الكوردي الذي هو جزء من الامة الكوردية . و حاليا فان الكورد وحدهم ممن ينطبق عليهم هذه الشروط القانونية في العراق ولهذا هم وحدهم ممن يقررون مصيرهم في الاتحاد الاختياري او في اختيار الكونفدرالية او في تاسيس دولة كوردية مستقلة تحت رعاية الامم المتحدة وطبقا للاستفتاء ونحن نؤيد ذلك وسوف ندعم هذا الحق .وقد نصت المادة 53 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية على شرعية وجود حكومة اقليم كوردستان الا انه يجب تحديد الحدود لهذا الاقليم ومما يدخل في هذه الحدود هي كركوك التي هي مدينة كوردستانية تتعايش فيها القوميات بسلام وسوف نبذل جهدنا لتضمين الدستور هذا الحق للكورد .واذا تم تأسيس الفيدرالية في الجنوب و الوسط والغرب وقررت المرجعية الدستورية تقرير المصير في البقاء ضمن العراق الاتحادي – الاختياري او ضمن اسس الكونفدرالية او اختيار طريق تاسيس الدولة المستقلة وفقا لحركة الاستفتاء ووفقا للشروط التي تقررها قواعد القانون الدولي فنحن نحترم هذا الخيار ايضا .

سؤال : وماذا عن موضوع الاستفتاء للمصادقة على الدستور الدائم ؟
جواب الدكتور الفضل:
• نعم ان الاستفتاء الشعبي ضروري للمصادقة على الدستور الدائم طبقا لقانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي اوجب ذلك وهذا الاستفتاء معمول به في دول متعددة في العالم وهو يشيع الثقافة الدستورية ويزيد من وعي الناس .الا انني لا اعتقد ان جميع العراقيين وصلوا الى درجة الوعي الكامل بحقوقهم الاساسية الثابته في الدستور لانهم يناضلون بصعوبة من اجل لقمة العيش الان تحت ظروف صعبه بعد سيطرة سابقة من الحزب الاوحد للنازية العربية طوال عقود من الزمان ولهذا لابد من نشر ثقافة حقوق الانسان وثقافة الاختلاف والحوار واحترام الرأي والرأي الاخر ونشر قيم الديمقراطية واحترام دور المرأة والاحترام الطوعي للقانون من اجل ترسيخ حكم المؤسسات الدستورية وهذا الامر يحتاج الى عامل الزمن لان هناك جملة من المشكلات والتعقيدات لابد من حلها ومنها مثلا قضية البطالة والفساد المالي والاداري والارهاب وضبط الحدود ونبذ العنف وغرس روح التسامح بين القوميات واتباع الديانات ونشر ثقافة السلم وتحسين الخدمات الاساسية للمواطنين بما يليق بالانسان .

سؤال: هل المدة المتبقية كافية لكتابة الدستور الدائم؟
جواب الدكتور الفضل:
نعم , اذا كانت هناك شفافية ونوايا حسنة ووضوح في المواقف واعتقد ان احدى العقبات هي شروط بعض العرب السنة غير القانونية ومحاولة اشراك اشخاص لا تنطبق عليهم الشروط القانونية وهو ما ترفضه اللجنة الدستورية حتما فضلا عن بعض الاراء التي تريد بناء دولة مذهبية – دينية متطرفة وهو غير مقبول محليا واقليميا ودوليا .

سؤال : وماذا عن ملف كركوك والمادة 58 ؟
جواب الدكتور الفضل:
كركوك من الملفات الساخنة عند وضع مسودة الدستور الدائم وصياغة نصوصه ونحن نعتقد بضرورة احترام حقوق الشعب الكوردي وكركوك مدينة للتعايش القومي والتاخي وهي مفتاح السلام والديمقراطية للعراق الجديد وهذه المدينة تعرضت الى سياسة خاطئة من النظام السابق في التعريب والصهر القومي والتجاوزات على حقوق الكورد ولهذا فان هذه المدينة تاريخيا وقانونيا وجغرافيا تقع ضمن اقليم كوردستان وجزء من حدود الاقليم ووفقا الى احصاء عام 1957 فان الكورد هم الاغلبية من السكان لا بل حتى المقابر للكورد تشكل الاغلبية ايضا اما بخصوص الثروة النفطية فهذه يمكن الرجوع فيها الى اسس نظام الاتحاد الفيدرالي للعراق الجديد وما سيتم الاتفاق عليه في الدستور الدائم.

سؤال : ما هو رأيك بخصوص مشاركة العرب السنة في اللجنة الدستورية ؟
الجواب:لا مانع من مشاركة العرب السنة دون شروط مسبقة منهم وعلى شرط توافر شروط النظام الداخلي للجمعية الوطنية في كل شخص يرشح اسمه للمشاركة سواء اكان مشاركا ام خبيرا وهي الا يكون اي فرد من قيادات البعث وان لا يكون متهما بجرائم دولية وللاسف فان البعض من هؤلاء كان ضمن الاسماء المرشحة من العرب السنة وهو مرفوض من اللجنة الدستورية قطعا ولن تقبل به.

سؤال: متى يعقد المؤتمر الدستوري الذي تشرف عليه الامم المتحدة ؟
الجواب :
مايزال الوقت غير محدد حتى الان وربما يعقد في شهر اب 2005 وسيكون تحت اشراف وزير خارجية هولندا السابق السيد ماكس ديرشتويل وهو المقرر الخاص لحقوق الانسان في العراق سابقا ونعتقد انها خطوة جيدة وموفقة.

سؤال: هل تعتقد ان التركيبة الحالية للجنة كتابة الدستور قادرة على ان تكون بمستوى مجموع مكوناتها ام تتخطى مجموع مكوناتها الى نغمة فوق ادائها الكورالي والمذهبي وتخرج من دائرة انتمائها العرقي والمذهبي الى الدائرة الاوسع (الوطن العراقي الكبير) ؟
الجواب:
نحن نعتقد ان كتابة الدستور لا تحتاج اساسا الى وجود ممثلين عن القوميات واتباع الديانات وغيرهم وانما ان تسند مهمة كتابة وصياغة الدستور الى مجموعة محددة من خيرة الخبراء العراقيين المتخصصين لكتابة الدستور وفقا للاسس العامة المعروفة في الديمقراطية وبناء حكم المؤسسات الدستورية بمشاركة سياسية ومن ثم طرح المشروع على الجمعية الوطنية واجراء استفتاء الشعب عليه ولا نحبذ التوزيع العرقي والمذهبي والديني ويجب التركيز على القيم الانسانية فنحن بشر قبل ان نكون طوائف وقوميات واتباع ديانات متساوون في الحقوق والواجبات .وقد قلت في اللجنة الدستورية انني منزعج من هذا التوزيع القومي والطائفي الذي يضر مستقبل العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة