الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برعاية بشار الاسد : داعيات محجبات يطلقن حملة تنويرية للشعب السوري!!

خليل خوري

2014 / 1 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما يمكن استخلاصه والتوصل اليه من استنتاجات بعد قراءة متأنية لمجريات المواجهات العسكرية بين الجيش العربي السوري وبين المظمات الاسلامية المسلحة ، او لما يسمى في التصريحات والبيانات التي يطلقها حكام مشيخات النفط والغاز " بالثورة السورية المباركة "، وما تمخضت عنه هذه الثورة المزعومة من نتائج كارثية تمثلت بازهاق ارواح عشرات الالوف من المدنيين والعسكريين السوريين ، وتدمير جزء كبير من البنى التحتية ،والمرافق الاقتصادية ، وهجرة 3 ملايين سوري من قراهم ومدنهم الى دول مجاورة والى مناطق اكثر امنا داخل الاراضي السورية ، ما يمكن استخلاصه من مجريات الصراع الدائر على الساحة السورية منذ ثلاث سنوات : ان الرئيس السوري لم يستخلص بعد العبر كي يبني عليها باتخاذ ترتيبات وصياغة برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تؤدي الى اخراج سورية من دوامة العنف ، واعادة الامن والاستقرار اليها ، بعد تطهيرها من العصابات الاخوانية السلفية القاعدية المسلحة . فبعد كل الدمار الذي لحق بالدولة السورية ، وبعد كل الدماء التي سالت على الساحة السورية: لا زال الرئيس السوري متمسكا برؤيته الذاتية واستنتاجاته الشخصية لمجريات الاحداث ، وبان ما تتعرض له سورية من اعمال عنف وتخريب من جانب العصابات المسلحة هو بمثابة غزو اجنبي تدعمه وتسانده بالمال والسلاح اكثر من 60 دولة ، تاتي في مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية وادواتها وحلفائها في الدول المجاورة والشقيقة لسورية، مثل تركيا واسرائيل والسعودية وقطر ، وبان الاوضاع، من وجهة نظر فخامة الرئيس ، سوف تستقر في سورية في حال توقفت الدول الداعمة والمساندة للجماعات الارهابية عن دعمها لهذه العصابات. ومن هذه الرؤية يبدو جليا ان الرئيس السوري قد الغى تماما في سياق تقييمه للاحداث دور العامل الداخلى في تفاقم الازمة السورية الى الحد الذي هيأ الظروف المناسبة للجماعات الاسلامية المسلحة للانتشار على الساحة السورية، وبسط سيطرتها على مناطق شاسعة، لم يكن في وسع هذه العصابات ان تحكم سيطرتها عليها ، وفي نفس الوقت استقطاب اعداد كبيرة من الشباب السوري، لولا ان هذه العصابات قد وجدت بيئة حاضنة لها وتتبنى افكارها وبرنامجها الوهابي الهادف الى اقامة امارة ظلامية ، يحكمها ويتحكم في مقدراتها ممثلون عن جماعات مسلحة تناهض الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية التي تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ولا قضية لها سوى اقامة الحاكمية الالهية على الاراضي السورية .، ولولا ان الشباب السوري الذين انخرطوا في هذه العصابات بعشرات الالوف كانوا من العاطلين العمل ، ومن الشريحة الاجتماعية التي تم غسل ادمغتها بثقافة وهابية طالبانية كانت تروج لها تحت سمع وبصر النظام الحاكم ، ويجذّرها في عقول هؤلاء الشباب ، عبر الاف المساجد ، جيش من الدعاة والداعيات ، بحيث بات الجهاد ضد الكفار واعلاء راية الاسلام هو القضية المركزية التي تشغل بالهم ، في الوقت الذي لمئ1ا4كن مسموحا للنخب التنويرية والعلمانية ان تمارس دورها التنويري عبر منابرها المختلفة، الا ضمن الحدود الضيقة التى ترسمها لها المؤسسة الدينية ، ووزارة الثقافة الحاملة والمروجة لثقافة لاتختلف في مضمونها عن الثقافة الغيبية التي تروج لها المؤسسة الدينية . وفي هذه الحالة هل نلوم هؤلاء الشباب اذا ما جعلوا الجهاد ضد الكفار شعارا لهم ، ومن المجاهدين الطالبانيين نموذجا يحتذونه، في اطالة اللحى ، وارتداء الازياء الطالبانية ، و في ذبح الكفار كما نشاهدهم يمارسون هذه الطقوس الجهادية ضد الاقليات الدينية وضد العلمانيين وضد أي مسلم لا يعتنق عقيدتهم الوهابية ، فى عدرا وريف دمشق وحيثما بسطوا سيطرتهم على بقعة ماهولة بالسكان ؟ ام نلوم النظام الذي اعتمد في مناهج التعليم مواد تاريخية وجغرافية ترسخ الفكر الغيبي والاساطير ومنظومة قيم بدوية رعوية عفا عليها الزمن ، تقدس رموزا جهادية ان صح التعبير امثال القعقاع والزببير وغيرهم ممن كانوا لا يجيدون اية مهنة لها صلة بالابداع والمعرفة سوى مهنة استخدام السيف ضد المرتدين والكفار ، عوضا ان تقدس رموزا تنويرية كان لها دور في الارتقاء بالحضارة الانسانية ، وكما هو الحال في مناهج التعليم المطبقة في الدول المتقدمة ، وحيث لا يتم اغتيال عقول الشباب منذ نعومة اظافرهم بالغيبيات والاساطير، بل تصقلها بالمعرفة العلمية وبمنظموة قيم تنسجم مع متطلبات الحداثة والتطور الحضاري ؟
من هنا يمكن القول ان تفاقم ظاهرة العنف كما تدل مجريات الاخداث على الساحة السورية منذ اندلاع ما يسمى " بالثورة الشعبية السورية ، وما تمخض عنها من تدمير لمرتكزات الدولة السورية ، لا تعود اسبابها الى التدخل الخارجى في الشان السوري ولا الى الغزو العسكري الذي تدعمه 60 دولة فحسب ، بل هى ايضا نتاج للثقافة الوهابية التكفيرية التي كان يروج لها ويرعاها ، ويغطي الجزء الاكبر من نفقاتها الجارية والراسمالية من الموازنة السورية النظام القائم في سوريا ، حتى لو تنصل منها بالادعاء بان نظام الحكم القائم في سورية هو نظام علماني ، كذلك لا يمكن زوال ظاهرة العنف او حتى احتواءها بالوسائل العسكرية كما نرى النظام يزج بالته العسكرية منذ ثلاث سنوات بغية تنظيف الساحة السورية من العصابات الاخوانية القاعدية الملتحية ’، بل بتحجيم دور المؤسسة الدينية والحد من تاثيرها الثقافي والغيبي على عقول الشباب ، وحيث نراها في ظل التحالف القائم بينها وبين النظام ، تتدخل في كل كبيرة وصغيرة تتعلق في التثقيف والتلقين العقائدي للشباب بحيث باتت القضية المركزية التي تشغل بال الشباب المصابين بفيروس الوهابية وعلى حساب القضايا الاخرى ذات الصلة بالتطور الحضاري ، هو كما اشرت في سطور سابقة قتال الكفار وذبحهم كسبا لمرضاة الله او الاستشهاد اثناء قتالهم من اجل الفوز بالحور العين . ولهذا نقول يمكن لاي رئيس دولة في أي بقعة من العالم ان يعيد النظر في علاقته مع المؤسسة الدينية على قاعدة عدم تدخلها في الحقلين المعرفي والتثقيفي ، وحصر نشاطها في بيوت العبادة الا الرئيس السوري بشار الاسد الذي لا زال مصرا على دعم المؤسسة الدينية من الموارد المالية للخزينة ، رغم تراجع منسوبها يوما بعد يوم نتيجة ضعف الاداء الاقتصادي في ظل الحصار الاقتصادي العربي المفروض على سورية والحرب الدائرة فيها ، واقامة جسور معها سواء كانت اسلامية او مسيحية ومنحها دورا اكبر في مجال التثقيف ، والتلقين الغيبي عبر منابرها المختلفة ،وحتى عبر وسائل الاعلام الرسمية ، ومناهج التعليم بدلا من ان يكثف دعمه للنخب العلمانية والتنويرية ، ويقيم جسورا معها ويوفر لها مزيدا من المنابرلها: كي تقوم بدوها في نشر الثقافة العلمانية والمعرفية والفكر المادي الجدلي، كأي دولة من الدول المتطورة والمتقدمة وحيث تشكل المعرفة العلمية والفكر المادي مرجعية ومصدرا رئيسيا لاي تراكم حضاري . لهذا اذا اراد فخامته ان يلتقي بممثلي أي شريحة من شرائح المجتمع فانه في اكثر لقاءاته ، كان يلتقي باصحاب العمائم والكلاليس . ونادرا ما كان يلتقي طوال الازمة السورية بمثقفين او بعلماء او بفلاسفة ومفكرين سوريين في حقول المعرفة المختلفة كي يناقش معهم اسباب الازمة السورية ، وكيفية تجاوزها ، ووضع خطط تقود الى تحقيق "سورية المتجددة"!! واذا اراد الرئيس ان يدشن حملة ضد الفكر الوهابي، او ضد العنف بشكل عام ، فلا يجد فئة مؤهلة لاداء هذه سوى اصحاب العمائم والكلاليس !! وحين تبحث عن الاسباب التي تجعله ينأى بنفسه عن النخب التنويرية فلا تجد جوابا لتجاهله لاي شريحة علمانية وتنورية، سوى ان افكارها وبرامجها ورؤيتها الحداثية والمادية للتغيير وصولا الى سورية المتجددة، تتعارض بالمطلق مع المشروع الغيبي للمؤسسة الدينية، واي تطبيق لمشروعها التنويري على ارض الواقع، لا بد ان يضع النظام في حالة صدام مع المؤسسة الدينية التي لا غنى من وجهة نظر الرئيس عن التعاون والتحالف معها في ظل تفاقم الفكر الوهابي، وضرور التصدى له بالفكر الديني الوسطى الذي تتبناه المؤسسة الدينية ،وكأن هذه المؤسسة لم تكن مفرخة لاكثر الشباب الذين التحقوا بالثورة العرعورية، تمشيا مع تعاليم وشعارات رجال الدين الداعية الى اقامة دولة الخلافة الراشدة وتطبيق تعاليم الشريعة . قبل ايام شاهدنا على شاشة التلفزيون السوري فخامة الرئيس السوري يلتقى مع عدد كبير من النساء المحجبات وفي سياق النشرة الاخبارية علمنا ان الاجتماع كان مكرسا لمناقشة ظاهرة الارهاب وكيفية التصدى لهذه الظاهرة بالفكر التنويري ، وان المحجبات الذي ناقش معهم فخامته هذه القضية المركزية ليس من بينهن أي باحثه متخصصة في علم الاجتماع او الطب النفسي او الاقتصاد او علم الاجناس او التخصص في اي حقل من حقول المعرفة التي يمكن ان تشكل مرجعية لهؤلا النساء كي يستندوا اليها ترويجا للفكر التنويري ، بل كانوا مجموعة من الداعيات اللواتي لا تتعدى ثقافتهن التنويرية سوى تقافة دينية تدعو للجهاد في سبيل الله واداء الصلوات والزكاة والحج الى بيت الله الحرام والاقتداء بالسلف الصالح ، واستنادا للثقافة الدينية لهؤلاء المجبات يريد فخامة الرئيس بشار نشر الفكر التنوير ي والحداثي : وكأن الفكر الديني وليس أي فكر مادي جدلي من منظور فخامته هو المطلوب في الظروف لتنوير عقول السوريين، وبالتالي كى توظف العقول المتنورة في تحقيق انجازات او لنقل تحقيق نقلة نوعية في مجال تنمية الاقتصاد السوري وتحديث قطاعات الصناعة ، والزراعة والتعدين والطب ، وغيرها من الحقول وصولا الى سورية المتجددة : اما كان اجدى بفخامة الرئيس الذي هدر وقته مع هؤلاء المحجبات ان يستغل هذا الاجتماع كى ينير عقولهن مبينا لهم ان تحجيب المراة وتنقبها هو عادة وثنية كان معمولا بها قبل الاسلام ، وبان لا شيء ينتقص من قدر المراة ومكانتها وشخصيتها ومساواتها بالرجل، مثل ان تتحجب وتتنقب بينما الرجل له الحرية الكاملة في السفور ، اما اجدى بفخامة الرئيس ان يكرس اجتماعاته للالتقاء بالعلماء ، والخبراء والباحثين في حقول المعرفة ، ولمناقشة قضايا التنوير : كونهم الفئة المؤهلة والاكثر خبرة من اية شريحة سورية للغوص في قضايا التنوير ، ولمقارعة الفكر الوهابي العرعوري بالفكر التنويري الحداثي ؟ يقول المثل شر البلية ما يضحك ، وما يثير الضحك في نهج فخامة الرئيس انه فوّض المحجبات وليس اي من الرموز التنويرية المعروفة في سورية ، بمهمة تنوير عقول االسوريين وتطهيرها من الثقافة الوهابية التي ما كانت لتنتشر وتتمظهر في اشكال وممارسات شريحة واسعة من الشعب السوري ، وخاصة في مجال التحجّب والتنقُب واطالة اللحى واعتماد السلاح وسيلة لاجتثاث الكفر، لولا مواعظ وخطب وارشادات الدعاة والداعيات !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشكر والتعليق
عزام الناجي ( 2014 / 1 / 20 - 05:38 )
شكراً خليل خوري لسماحك بالتعليق على خطابك لأن من يكتب مثل هذا الخطاب الذي لا تخطبه سوى المخابرات السورية المحترفة للسيارات المفخخة لا يسمح عادة بالتعليق . شكراً لأنك سمحت بالتعليق
وشكراً أيضاً لأمانتك الفكرية فلم تنته من خطابك قبل أن تتوقف عند إصرار الأسد على عدم تغيير مساره
تلك هي القضية يا خليل !!
لو كنت فهمت لماذا لا يغير الأسد نهجه الدموي لما خطبت مثل هذا الخطاب البائس


2 - نعم
سلمى ( 2014 / 1 / 20 - 12:04 )
مقالة في الصميم هادئة ومتوازنة وهادفة ياليت للحكومة السورية اذانا واعينا كي تتطلع على هكذا مقالة


3 - المشكلة في الاسلام
سعد السعدي ( 2014 / 1 / 20 - 21:14 )
المشكلة بان الكل يتاجر بالدين الاسلامي وهو مؤهل للتجارة به لتشوه العقيدة الاانسانية لهذا الدين

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج