الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسول عاشقاً

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من يقرأ سيرة الرسول الكريم و يجردها من معانيها الدينية قليلاً سيكتشف أنه أمام رجل نادر على صعيد كينونته كرجل..فالرسول كان رجل أُمَّي من الجزيرة العربية أي أنه لم يتلق أي تعليم يجعله يفكر بطريقة ثقافية تختلف عن ثقافته الأم..أي لو اتبعنا المذهب النفسي العصري في التصنيف فسنصنفه على أنه "رجل شرقي" تكاد تتوقع سلفاً طريقة تفكيره و رؤيته للأمور..و لكنه بالرغم من جميع تصنيفاتنا اللغوية له تمكن من التغلب على شرقيته النمطية لصالح إنسانيته.

فالمتتبع للأحاديث المشكوك في صحتها -من وجهة نظري- و المدعومة "ترويجياً" من قبل "نَّوَّاحيَّ" المنابر تصور أن من "واجب" الرجل الدخول في علاقته مع الأنثى كعلاقة "تُشابه" الربوبية المُطلقة في أغلب إن لم يكن في مُجمل صفاتها..فكُتب الحديث تزخر بالأحاديث الغريبة و التي تعمل على "تأليه" الزوج و تصوير الملائكة على أنها تركت كل ما هي مكلفة به من أعمال من قِبل ربها فقط لتبحث و تلعن أي امرأة نام زوجها و هو عليها غاضب!!..متجاهلة -أي الملائكة- وظيفتها التي تبدو لي "انتقائية" في لعن ألوف الرجال الذين ينامون ملأ جفونهم و هم قد تسببوا بجلطات نفسية -إن لم تكن فِعلية- لزوجاتهم!!.

حسناً فلنترك أحاديث اللعن المتواترة قليلاً و لنلقي نظرة "مجردة" على حياة الرسول كرجل تزوج اثنتي عشر مرة..فهذه أم المؤمنين عائشة تروي أحاديث عدة تعدد فيها المشاجرات الزوجية -الكثيرة نسبياً- بينها و بين الرسول و لكنها لم تتحدث أبداً عن ضرب الرسول لها بل أعلنتها صريحة "لم يضرب امرأة قط"..بل كان أبو بكر الصديق كل ما أتى لضربها تأديباً لها يقوم الرسول بمنعه عنها!!..و هكذا نجد أن الرسول "تجاوز" حتى القرآن في تصرفاته الشخصية فلم يضرب زوجاته بحجة التقويم النفسي لهن..أيضاً لم يقم الرسول بما لديه من سلطة "دينية "-تُلغى بين الرجل و زوجته- بلعب و رقة اللعن و تذكيرها بحديث "لعن الملائكة لها".

الرسول الكريم كان يساعد زوجاته في أعمال المنزل و التي تعتبر حالياً "انتهاكاً" للرجولة القيام بها من قِبل الرجل و لم يجد في ذلك أي انتقاص لرجولته بل بالعكس وجدها وسيلة لتقريبه من قلوب زوجاته..فهو في هذا الأمر أصبح كالرجل الغربي الذي كثيراً ما يجد أن من واجبه مساعدة زوجته في أعمال المنزل من غسيل للأواني أو حتى في إعداد الطعام.

لقد تمكن الرسول من جمع الصفات الشرقية و الغربية التي تميز رجلين ينتميان لثقافتين مختلفتين..و لم يعني هذا أبداً أن يتخلى عن أحدهما لصالح الآخر..بل بالعكس فلقد أدرك بطبيعته الإنسانية المتفردة أنك عندما تحب فستقوم بأي أمر لإسعاد من تُحب حتى لو كان في ذلك الأمر إنكاراً لذاتك كما فعل مع السيدة خديجة رضي الله عنها عندما رفض الزواج عليها طوال فترة حياتها معه أو حتى عبر قيامه بأبسط الأمور كـ "ترقيع ثوبه بنفسه" كما كان يفعل.

عندما رأيت مظاهر الاستعداد الخجولة لعيد الحب في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء تذكرت حديث المرأة التي قيل أنها زنت فذهبت للرسول ليقيم عليها الحد فكان يُعرض عنها و هي التي ارتكبت ما يعتبره الكثيرون "الخطأ الذي تهتز لهوله الجبال" و لكن الرسول أعرض عنها بل و أعلنها صريحة أنها لو كانت لم تعد إليه ثلاثاً ما كان بباحثٍ عنها..لهذا أجد أن الرسول لو كان اليوم بيننا لكان لم يمارس أي نوع من الخِطابة "التهويلية" و التي مارسها خطباء مساجدنا و باحترافية عالية طوال شهر فبراير تجاه مظاهر الاحتفال بعيد الحب و تصويرها على أنها ممارسة علنية "للفاحشة" في الطرقات العامة!!..و أني لأرى بعين الخيال أن الرسول لو كان بيننا لكان أعرض و غضَّ الطرف عن تلك المظاهر هو الآخر..فلن يفهم بساطة الرغبة في التعبير "الساذج" عن الحب "المُحرم" في عالمنا العربي إلا رسول عشق و لم يخجل من إعلان عشقه عندما قال عن السيدة خديجة:"لقد رزقني الله حُبها"..رسول أتبع مع نسائه نهج يفيض حُباً و إنكاراً لأي سلطة ممنوحة له عليهنَّ..نهج تجاهله للأسف من أتوا بعده ليتبعوا نهج "الحب خطوة نحو طريق الشيطان فاجتنبوه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran