الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


• هل كانت نظرة الامام علي للمرأة نظرة سلبية / مناقشة هادئة مع السيد احمد القبانجي

صفاء صالح

2014 / 1 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يقول الامام علي في نهج البلاغة:المرأة شر كلها وشر مافيها انه لابد منها.
اقول: كلامك غير صحيح ,فالمرأة ليست كلها شر بدليل انها ولدتك انت وذريتك ،وأيضا الامر نسبي اي ان الرجل كذلك بالنسبة للمرأة فهو شر لابد منه،ثم لماذا هذه الصورة السوداوية عن المرأة وانت امام المسلمين والناس يقتدون بكلامك ولماذا لا نأخذ جانب الخير فيها لتكون الحياة أحلى؟ ( السيد احمد القبانجي )

لقد وردت كثير من الاقوال التي نسبت الى الامام علي (ع) تنظر للمرأة من زاوية سلبية وتقلل من شانها وتعدها بمثابة محور للشر والخطيئة في الحياة ويمكن ذكر جملة من هذه الاقوال التي نسبت اليه اهمها
معاشر الناس : ان النساء نواقص الايمان نواقص الحظوظ نواقص العقل والمرأة شر كلها وشر منها انه لابد منها ويصور بعضهم الامام بانه لا يؤمن بالامكانية الفكرية عند المرأة إذ ينقل عنه قوله يذم بعض اصحابه وتشبيهه اياهم ب ربات الحجول وينسب اليه كل امرئ تدبره امرأة فهو ملعون وغير ذلك و ان هذه المجموعة من الاقوال تمتلك عناصر قوة ظاهرية لعل من اهمها تنوع المصادر التي وردت فيها ومن كثرة تكرارها لم يصبح من اليسير الانعتاق من هذه النظرة فحتى كبار المفكرين لم يناقشوا هذه الاراء
ان مثل هذه الاقوال لاتمثل رؤية الامام (ع) للمراة وذلك :
لعدم انسجام الخط العام لهذه الاقوال ومجمل الاراء الواردة فيها مع التوجه القرآني الذي سما بالمرأة الى حد كبير ولم يميزها عن الرجل الا من بعض النواحي والتكاليف
ان هذه المقولات تتناقض مع البعد الانساني العميق الذي ميز تجربة الامام علي(ع) الفكرية والعملية والتي اطلعنا على جانب منها ولاسيما حق الحياة الحرة الكريمة التي تشوبها العدالة وينعم فيها الانسان بغض النظر عن جنسه او أي اعتبار اخر بحقوقه السياسية هذا من جهة و من حقوق الانسان الاجتماعية والاقتصادية من جهة اخرى .
ان دراسة دقيقة لما ورد من اقوال منسوبة الى الامام بهذا الصدد تدفع الى الاعتقاد بانها لا ترتقي الى الرؤية الفكرية السامية للامام ازاء المرأة ففي معرض رده على القول الذي نسب للامام بان (النساء نواقص الايمان نواقص الحظوظ نواقص العقول) يذهب المفكر حسين فضل الله الى انه لوفرضنا ثبوته فلابد ان يكون المراد به غير ظاهره منطلقا من خلال طبيعة الجانب التعبيري فبعض الاشياء في ذاك الوقت تمثل حالة نقصان مثلا او يعبر عنها على هذا النحو بشكل عام ... لكن تفسير نقصان العقل بانه شهادة امراتين في مقابل شهادة رجل واحد ، قابل للنفي ، ويمكن التعليق عليه بان عالم الشهادة لا دخل له بالعقل وقد يكون للعاطفة الانثوية دور في الانحراف ، لكن قوة العاطفة لاتعني نقصان العقل عالم العقل هو عالم يتصل بالتفكير وعالم الشهادة يتصل بالحس من قدرة الشاهدة على الرؤية
اما موضوع الشر فكل كيان يحمل في داخله قابلية الخير والشر ... وعلى هذا ، فكيف تكون المراة كلها شرا؟ وان كانت كذلك مطبوعة على الشر فكيف تحاسب على فعل الشر ؟ وهل ينسجم هذا مع خط العدل ؟ واذا كان الشر من طبيعة تكوين المرأة ، فهل النساء الصالحات نوع اخر في طبيعته عن بقية النساء
و " اذا كنا نتهم بعض النساء بانهن قد يخضعن للعاطفة في القضايا التي تتصل بالعاطفة او انهن قد يخضعن للتخلف الذي يعيشن فيه فيتحرك التخلف في خدمة الرأي الذي يتخذنه ، الا اننا لا نستطيع ان نعد كل النساء يخضعن في تقييمهن للقضايا الفكرية او الاجتماعية للعاطفة ، واننا لا نستطيع ان نعد الكل متخلفات وفي المقابل فاننا لا نستطيع ان نعد كل الرجال ينطلقون من موقع عقلي فهناك كثير من الرجال ينطلقون من موقع عاطفي وقد يكونون في بعض المجالات اكثر عاطفية
ولعل ان اهم ما يقوض هذه الرؤية السلبية التي نسبت للامام هو منظومة حقوق المراة التي رسخها الامام (ع) في تجربة انسانية متميزة سواء على المستوى الفكري ام على الواقع العملي
الامام علي يكن احتراماً عميقاً لحياة المراة إذ يسمو بها حتى انه يظهر ذلك في وصفه لعصر الجاهلية بقوله : " فالاحوال مضطربة ، والايدي مختلفة ، والكثرة متفرقة ،في بلاء ازل واطباق جهل من بنات مؤودة واصنام معبودة
والملاحظ ان الامام في تعداده لسلبيات المجتمع الجاهلي يضع اولوية عملية وأد البنات وقتلهن قبل عبادة الاصنام والشرك بالله ، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على تقديس الحياة ولاسيما حياة المرأة .
الى جانب حرص الامام (ع) على حياة المراة ،فانه يؤكد الجانب المعنوي مؤسسا بذلك هيكلاً تام البناء يحفظ من خلاله المرأة ومشاعرها المرهفة وصيانة حقوقها المعنوية منذ لحظة ولادتها
ويصف الامام شر الازمنة ذلك الذي تكون فيه النساء " كاشفات عاريات متبرجات خارجات من الدين ، ونعتقد ان الامام اعتبر هذا الوصف هو من سمات الازمان السيئة ليس باختفاء المعايير الاسلامية من ناحية مظهر المراة وسلوكها الخارجي فحسب ولكن لاخفاق المجتمع بكل قواه الدينية واالسياسية في تقديم النموج الامثل الذي تقتدي به المرأة وتجسده من ثم في المجتمع ومن ناحية اخرى ان عملية قياس المجتمع جزئيا من خلال المراة يدل على استشعار الامام اهمية دور المراة في الحياة والمسيرة الانسانية .
ان الامام آمن بالمساواة بين الرجل والمراة ولكن هذه الدعوة يجب ان توضع في اطارها الصحيح و تحافظ على التنوع في الخصوصيات الانسانية التي يتمايز فيها الطرفان مع اعطاء كل منهما فرصة التحرك في
دائرة خصوصيته بحرية فتنطلق المراة لتكون حرة انسانيا كامراة وتقوم القوانين التي توضع لمساحة التقائها بالرجل بحفظ التوازن بين خصوصيتها وخصوصيته بحيث يتكامل الانسان بالرجل والمرأة
لقد منح الامام علي (ع) المرأة دوراً سياسياً مهماً في تجربته السياسية ويمكن تحديد ابعاد ذلك الدور بالآتي :
* المشاركة في المعارضة السياسية ولاسيما تلك التي مارسها الامام
*حق التعبير عن الرأي سواء فيما يتعلق بالحاكم ام فيما يمكن ان نطلق عليه اليوم (بحق التصويت ) ، حيث ان الامام فخر واستند في حواراته السياسية مع خصومه بان بيعته حازت رضا معظم الامة رجالا ونساءً
* فتح الباب امام مشاركة للمرأة في الجهد العسكري والاعلامي في اثناء حروب الامام
اسهمت مدرسة الامام الفكرية والعلمية بتوعية المراة من الناحية السياسية ، بل ان بعض النساء قد بلغن درجة عالية من النضج السياسي
ولم يوضح التراث الاسلامي الموقف الصريح للامام علي حول تولي المرأة لمنصب الحاكم الاعلى للدولة ، ما عدا بعض المقولات ما تطرقنا اليه سابقا من ناحية القوة والدلالة ،ولكننا نعتقد ان موقفه (ع) لا يختلف عن التوجه الاسلامي العام الذي لا يحبذ اثقال كاهل المرأة بمهمات الحكم الصعبة
يشوب عمل المرأة ، خارج اطار المنزل ، في وقتنا الحاضر كثير من الاراء والرؤى المتباينة حول الجوانب السلبية والايجابية لهذا العمل الملاحظ ان الامام علي قد اشار الى حق المراة بالعمل واكتساب قوتها بنفسها مع ان الأحوال الاجتماعية والسياسية والراي العام الذي ساد في البيئة آنذاك كانت غير مؤاتية للنهوض بهذه الدعوة وتفعيلها ايجابيا لخدمة الرسالة الاسلامية، وفتح مساحات جديدة للتاثير بواقع الحياة من خلال اسهام المرأة في العمل المهني .
ان ما تم ذكره من حقوق للمرأة عند الامام علي تدفع الى عدم قبول ما نسب اليه من اقوال تقلل من شأن المرأة وقيمتها الانسانية ، او رفض تفسيرها كما فسرت به ، هذه القيمة العليا التي سعى الامام علي الى ترسيخها بالقول والفعل ايمانا منه بدور المراة الفاعل في المجتمع ولاسيما انها الشريك الاساسي في حق تكوين الاسرة وتربية الأطفال وصيانة حقوقهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات