الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنبية اليمنية‎ وأثارها السلبية

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova

(Marwan Hayel Abdulmoula)

2014 / 1 / 20
المجتمع المدني


المظهر الخارجي هو عنوان أولي لشخصية المرء و طريقة الملبس وما يصاحبها من ألوان أو إضافة أشياء جديدة على الملبس كالخنجر او حمل المسدس أو حتى ظهور علبة السجائر ونوعها من جيب المدخن ربما تعطي فكرة أولية عن نفسية وثقافة الشخص وكذلك المشي أو الجلوس كلها رموز تعبر عما بداخل المرء وشخصيته ويقال أيضا أن المظاهر خداعة ولكنها خداعة فقط لغير الخبراء في الثقافات الاجتماعية و العلاقات الإنسانية .
يحاول الكثير من الناس تصوير الجنبية اليمنية على أساس إنها من لوازم الزينة عند الرجل اليمني ومن الموروثات التقليدية التي ظهرت ومازالت منتشرة في شمال اليمن و التي يعود تاريخ ظهورها إلى القرن السابع قبل الميلاد ، ولكن ماذا إذا ارتبط هذا الموروث التقليدي بإزهاق الأرواح وإلحاق الضرر والأذى الجسماني بالآخرين و إلى أداة للابتزاز والسطو والغدر وأبشعها على الإطلاق حينما يلتصق مفهوم الجنبية في العرف القبلي بمفهوم أن من ينزعها من غمدها وسلها ضد آخر أثناء الشجار فلابد أن تعود إلى غمدها بالدم وهو ما زاد الطين بله وأعطاها رمز الخطورة الأكبر وأصبحت ظاهرة الدم والمشاجرة باستخدام الجنبية مصطلحان متلاصقان كون الكثير من الجهلة للأسف يحملونها , وكما هو معروف لدى اليمنيين أنه إذا قام شخص قبلي وقوي بسل الجنبية ضد شخص ضعيف وطعنه ، فعادة ما تمر هذه العملية دون عقاب، ولهذا لا توجد خيارات أمام الطرف الضعيف سوى سرعة الهروب والنجاة قبل الهجوم عليه.
الجنبيه هي سلاح شخصي وسلاح قاطع كما هو حال السيوف والسكاكين والخناجر أي سلاح ابيض وهو مصطلح يطلق على نوع من الأسلحة الغير نارية التي تستخدم للدفاع عن النفس وأحيانا تكون أداة للقتل , واقتناء الجنبية أو السلاح الأبيض وحمله إنما هو تعبير عن انعكاس للرؤية الداخلية للعقل الباطني المسئول عن كل المشاعر التي يشعر بها المرء بدأ من الشعور بالقلق قبل موقف معين وصولا إلى الشعور بالنقص , فالعقل الباطن هو جزء من العقل الذي يخزن المعتقدات, والتجارب الماضية, وهو المسؤول عن المشاعر التي تعكس في النهاية السلوك الذي يظهر في شخصية الفرد وفي مظهره الخارجي وثقته بنفسه وحمل الجنبيه هو حمل سلاح ودلاله على السلوك ألعنفي.
الجنبية اليمنية يمكن فهمها كرمز من لغة الجسد , وتعكس عدم شعور حاملها ثقته بنفسه , وتعطي انطباع أولي أن حاملها شخصية يميل إلى التهور والعدوانية , إذ تعد الجنبية من أقدم الأسلحة التي استخدمها الإنسان في الهجوم على الآخرين وفي الدفاع عن النفس فهي من الأسلحة الصغيرة التي تستخدم في المواجهات ومع تطور السلاح في العالم وانتشاره أصبح بعض المواطنين اليمنيين لا يكتفون بحمل الجنبية فقط بل يحملون معها الرشاش الآلي أو المسدس وهو ما يؤكد أن حامل الجنبية ضعيف الشخصية ولا يثق بنفسه ولا بالآخرين من حوله ومشبع بالأفكار السلبية والعدوانية , و و معروف أن حوادث القتل بالسلاح الأبيض(الجنبيه) اكثر من مثيلاتها بالأسلحة النارية في اليمن , التي لا زال البعض فيها و على مستوى الجهات الرسمية والامنيه يسوق مفهوم يقول أن حمل الجنبية هو تراث أصيل ورمزا للشرف والرجولة والمكانة الاجتماعية وزينة للملابس ومكونا هاما من التراث اليمني .
كل دول العالم تعاقب كل من يحمل السلاح الأبيض تحت أي مسمى , و في بعض دول الخليج استطاعت الدولة أن تخضع تقاليد حمل الخنجر التراثي تحت سلطة القانون عن طريق إلزام حامل الخنجر التقليدي بتثبيت الغمد والخنجر مع بعض كقطعه واحده بحيث لا يستطيع حامله من سحبه واستخدامه كما في عُمان , عكس الجنبيه اليمنية التي لا يقتصر ضررها على الداخل اليمني فقط ولكن مشاكلها وضررها تمتد حتى حدود أفريقيا, إذ جدد الاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة مطالبته لليمن بالتشديد على منع دخول قرون وحيد القرن إلى الأسواق اليمنية التي تستخدم في صناعة رأس الجنبية ، و اليمن يدخل ضمن أهم الدول التي تهدد انقراض وحيد القرن .
الجنبيه سلاح ابيض ولا احد يستطيع إنكار ذلك ومشكلتها الأخرى هي حينما يتم حملها تحت تأثير القات (المخدر) والذي يسهل من ارتفاع الهرمون الطرزاني عند حاملي الجنابي وبالتالي سهولة استخدامها لارتكاب الجرائم , والغريب أن بدلاً من أن يتجه المجتمع اليمني وبرلمانه الى مناقشة ظاهرة الحد من انتشار الجنابي أو حتى المطالبة بتطبيق النموذج العُماني لحملها , نرى العكس ففي البرلمان ترى الأعضاء يحملوها تحت سقف البرلمان ويتباهوا بإشكالها وأسعارها الخيالية مع زيادة انتشار المحلات التي تبيعها في المدن اليمنية دون أي دراسة من قبل الدولة اليمنيه للأبعاد النفسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية التي تسببها ظاهرة حمل الجنابي والجرائم المرتكبة بسببها والتي تهدد ثقافة التسامح الهشة أصلاً في المجتمع اليمني نتيجة لتوسع رقعة الجهل و الحروب الطائفية والمذهبية والقبلية , وضعف الدولة و ثقافة المواطن النفسية في فهم العلاقة بين المظهر والجوهر الإنساني .


د/ مروان هائل عبدالمولى

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انا عملت في اليمن
احمد السعدي ( 2014 / 1 / 20 - 15:16 )
مقالة جميلة واشكرك دكتور على كلماتك الصادقه في مقالتك وشاهدت في صنعاء يلبسون الزي اليمني الصنعاني مع الخنجر اليمني الذي يسموه جنبية وشاهدت بام عيني كيف يقتل رجل طعناً وعرفت بعدها ان الخنجر اليمني لايمت بأي صله للتقاليد والعادات وكلامك حكم حينما ذكرت ان اغلب من يحملها جهلة ودمويين مقالك على رأسي وعيني لانه حقيقة يمنية.

اخر الافلام

.. غرق عشرات المهاجرين بعد تحطم سفينتين قبالة إيطاليا


.. Good news from Thailand ?? ?? ?? ?? ?? ??




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في القدس للمطالبة بانتخابات جديدة


.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يشارك في احتجاجات أمام




.. الأمم المتحدة: عدد الضحايا المدنيين بسبب الصراعات العالمية ا