الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد مفاتيح سامى لبيب لفهم الوجود والحياة

رمسيس حنا

2014 / 1 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نقد مفاتيح سامى لبيب لفهم الوجود والحياة

لكى نفهم أدبيات المفكر سامى لبيب فلابد من التعرف على خصائصها و مميزاتها حتى يتسنى لنا فهم أفكاره التى تدفق كالفيضانات و الطوفان فى مقال واحد فقط لدرجة أن القارئ قد يشعر بالإرهاق وعذاب المتعة ومتعة العذاب فى البحث عن ممر ليصل به الى فهم و مقصد تقكير الكاتب وتوجهه. وفى هذا المقال سيتم تركير الضوء على خصائص و طرق التفكير و الكتابة عند الكاتب والغرض منها. وفى هذا المقال سوف احاول أيضاً الولوج الى داخل عقل السامى اللبيب من خلال تحليلى لأحدث مقال له بعنوان "مفاتيح لفهم الوجود والحياة" بتاريخ 16/1/2014 على هذا الرابط على موقع الحوار المتمدن.

رابط مقال الأستاذ سامى لبيب (مفاتيح لفهم الوجود والحياة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=396174

و الغرض من نقد و تحليل هذا المقال هو ليس بهدف تقييم أعمال المفكر الكبير – فلا يمكن تقييم أعمال أى كاتب بل وليس من العدل عمل ذلك من مجرد قراءة مقال أو عمل واحد – بل بهدف ايجاد بعض مفاتيح لفهم طريقة تفكيره وفهم الإسلوب الذى يتبعه فى الكتابة حتى يتزود كل من يقرأ له بممرات تؤدى الى التعرف على محور وهدف أدبيات السامى اللبيب.وبالتالى سيتم القاء الضوء على ما تناوله من أفكار وإطروحات و كيفية معالجتها من قبل الكاتب. وهذه الأفكار و الأطروحات تم ترتيبها للمناقشة بطريقة تختلف عن طريقة الكاتب حتى يتسنى للقارئ متابعتها بأقل جهد ومعاناة للتركيز على الأفكار نفسها وعلى النتائج والإكتشافات التى توصل اليها الكاتب حتى يتجنب القراء المعارضون له أو لأفكاره التحاملات و الأحكام المسبقة ، وحتى يدقق ويتعمق القراء المؤيدون لأدبياته ويشخصوا بابصارهم لما أضافه الكاتب الفكر و الفلسفة لأدبيات وكتابات اللغة العربية. ويشتمل مقال الكاتب (مفاتيح لفهم الوجود والحياة) على الأفكار الاَتية والتى سنقوم بتحليلها: تأملات وخواطر ورؤى خاصة ، طريقة الكاتب فى تناوله لأفكاره ، علاقة السببية بين الموجودات لحل لعز الوجود ، أسباب غموض الوجود ، دور العقل فى الوجود ، وحدة الوجود و الحياة و الحركة والتغير و التطور والصوت واللون ، مساهمة جديدة للكاتب فى تعريف العقل و الإنسان و الأخلاق ، دور الوعى فى العلاقة بين الإنسان و الوجود "المادة ، و أخيراً ظاهرة الإستهلاكية.

أولاً: خصائص طريقة التفكير عند السامى اللبيب:

أعتقد أن كتابات الأستاذ السامى اللبيب تتميز بخصائص تجعل منها نقطة تحول فى أدبيات "التفكير و الكتابة" فى اللغة العربية وذلك لعدة أسباب. أولاً: فكتاباته لها اسلوبها الخاص به كأسلوب "سردى" وليس "قصصىى" فى نفس الوقت فهى تأملات فلسفية بحتة مما يضفى على أدبياته جاذبية خاصة تجعل القارئ نهماً فى فى تناولها دون الإحساس بالتخمة. و لا يمكن للعقل او الحدس ان يخطئ هذه الخصوصية أو الأصالة و التى يمكن أن يطلق عليه وبحق "الخاصية السامية" او "الخصوصية السامية" "Samy’s Originality´-or-Authenticity" . فكل فكرة وكل عبارة يكتبها هى "سامية الأصل والمنبت" لدرجة أنه يمكن تمييز أفكاره و أسلوبه و عباراته إذا ما وضعت بين أفكار و أساليب و عبارات أُخر. ثانياً: يتميز أسلوب السامى اللبيب فى الكتابة بالسهل الممتنع الذي يقدم الفكرة "شائكة جداً" ويجعل قارئه يتقبلها ويهضمها دون أى صعوبة فى تذوقها ثم إبتلاعها "أى إستيعابها" ثم هضمها. فرغم تعقيد القضايا التى يتناولها فى كتاباته إلا أنها تشد وتجذب اليها جميع مستويات القارئين لدرجة أن يصبح القارئ لمقالاته مدمناً لها رغم اختلاف توجهاته التى قد تصل الى النقيض معها. ورغم أدراك القارئ لهذا الإختلاف الذى قد يصل الى حد التناقض فإنه يستمر قى تعاطيها بل يظل متطلعاً للجرعة التالية ، "أقصد المقال أو الموضوع التالى". ثالثاً: إن الأفكار والمواضيع والإشكاليات التى يتناولها الأستاذ السامى اللبيب فى كتاباته مثيرة للفكر و مستفزة للعقل فلا يمكن لتفكير القارئ أن يهدأ أو أن يصيبه الوسن ، ولا يمكن لعقله أن يسترخى أو أن يستريح حتى يفرغ الشحنة التى اكتسبها من مجرد الإحتكاك بالفكرة موضوع المقال فيهب للرد و الذود عما أنتجه المقال فى عقله. رابعاً: أن القضايا و الأفكار و المواضيع التى يطرحها الأستاذ السامى اللبيب فى مقالاته ولَّادة و خلّاقة / مبدعة "creative and generative" بمعنى أنها ولَّادة فى عقول الاَخرين بمعنى أن أفكار القارئ تتداعى بسرعة فائقة وقد لا يستطيع اللحاق سواء أكان ذلك أثناء أو بعد القراءة ، و خلَّاقة ومبدعة فى ذاتها وفى عقل صاحبها. خامساً: تتميز أدبيات السامى اللبيب بالجرأة و الإلتزام فى الطرح. فهى – الأدبيات – تطرح أشكاليات فى معنى الوجود و الحياة و الخلق متعديةً مناطق التابو وكل الخطوط الحمراء التى رسمتها ثقافاتنا منذ مئات العقود إن لم يكن منذ الاَف السنين دون تسفيه أو إبتزال لأى شخص او لأى ثقافة فهى تركز على الموضوعية ويظل كاتبها ملتزماً بها حتى اَخر حرف فى مقاله. سادساً: التواضع و الأدب الجم المنعكس فى كتابات السامى البيب تجعل القارئ يتعرف عليه تعارفاً شخصياً وكأن صفحته وليمة أو مأدبة يجتمع عليها كل الأشخاص من كل حدب وكل صوب والأغرب من ذلك أن كل مدعو يشعر أن مضيفه "السامى اللبيب" يوليه إهتماماً خاصاً به هو فقط. سابعاً: من بين الأسطر وعلى السطح وفى المضمون يشعر القارئ برحابة الفكر و إحتواء الأفكار الأخرى فمحتوى ومضمون مواضيعه وإطروحاته ليست مغلقة على نفسها فى تكتم شديد بل هى مفتوحة تتقبل أى فكر معارض أو حتى معادى لفكره طالما إلتزم هذا الفكر المعارض بالموضوعية وعدم شخصنة النقاش ، وفى نفس الوقت فالكاتب حاد وحاسم جداً مع الأفراد الخارجين عن الموضوعية. ثامناً: تظل أدبيات "كتابات" السامى اللبيب ملتزمة بالموضوعية و التركيز على الفكر والسلوك وليس على الأشخاص الى اَخر كلمة فى كل مقال: أن أهداف السامى اللبيب تسير فى خط مستقيم واضح المعالم وهى نقد طريقة التفكير وتحرير الفرد من عبودية اى سلطان على فكر الأنسان وهو مستعد لأن يذهب الى اَخر مدى فى معين افكاره الذى لا ينضب لتحقيق هذا الهدف. تاسعاً: تتميز أدبيات السامى البيب بالتواتر الفكرى أو ما يسمى بـ "Stream of Consciousness Technique ": يتميز اسلوب الكاتب فى الكتابة باتباعه طريقة ما يعرف "بتيار الوعى أو الشعور أو الإدراك" ، وهو تكنيك سردى لوصف أفكار و مشاعر متعددة و متزاحمة تمر بالعقل ، وهى تعتبر مونولوج داخلى يمّكن صاحبه من تجسيد وطرح ما بداخله من أفكار دون ضابط أو رقيب. عاشراً: البحث الدؤوب لإيجاد معنى لحياة الأنسان ومن ثم الوجود و الكائنات أو الموجودات لكى يصل الى غاية محددة وهى عتق و تحرير عقل الإنسان من ربق أى عبودية و من نير أى سلطة مهما كانت هذه السلطة وبناء علي ذلك يُعتبر السامى اللبيب من أبرز متمردي الفكر فى عصرنا الحالى.


ثانياً: تأملات وخواطر ورؤى خاصة:

من بداية المقال يقدم لنا الكاتب "اطروحته أو فرضيته" التى هى مجرد تأملاته وخواطره ورؤيته كمفاتيح له لفهم (الوجود والحياة والإنسان) فهو المصدر لما سوف يرد لاحقاً فى مقاله من أفكار تأملية شخصية حتى لا تكون فرضاً على القارئ وهو بذلك أعطى الحرية لنفسه كما للقارئ فى أن يتأمل بحرية وبلا سلطان على عقله غير سلطان العقل كما هو يتأمل فيما سوف يطرحه من تأملات فهو لا يسجن نفسه ولا يلزم القارئ معه بنظرية ما محددة أو معروفة ، إنها (تأملاتى وخواطرى ورؤيتى هى مفاتيحى للوجود والحياة والإنسان) ، فهو حر طليق مسترشداً فى انطلاقته بما ينتجه عقله من تأملات و خواطر ورؤى ، وهى طريقة فلسفية تصوفية فى التفكير التأملى (contemplative/speculative/meditative/reflective technique) تعنى التحرر من أى فكرة مسبقة أو أى تحامل ((prejudice / preoccupation / preconception / bias / clamping / bigotry) لضمان حرية التفكير و التأمل. و لذلك عندما يعرض افكاره لا يستخدم أى مرجعية فى هذا المقال ولا أى توثيق أو إستشهادات من فلاسفة أو مفكرين اَخرين ليضمن تحرر عقله من أى سلطة. فأفكاره هى مرجعياته وتأملاته هى توثيقه ، ومثل هكذا يكون الفيلسوف.

ثالثاً: طريقة الكاتب فى تناوله لأفكاره:

نعم هى تاملاته وخواطره ورؤيته التى يريد بها إيجاد مفاتيح لفك ألغاز الوجود. وإذا كانت هى كذلك إذاً كيف له أن يتحرر من "الأنا التى تتوهم أن خيالاتها تمتلك مفاتيح" إن منظوره الذى يرى من خلاله الوجود منظور شخصى أحادى بحت بالإضافة الى ذلك فأن هذا المنظور يمثل زاوية أحادية ومحدودة وبالتالى فهى جزئية وغير شاملة ولا يمكنها أن تحتوى أو تشمل على الوجود بأكمله ، ولكنها هى بالوجود وفى الوجود. ألإ انه إذا ما إنفصلت هذه التأملات و الخواطر و الرؤى و خرجت للوجود الأرحب أصبحت لها إستقلالية عن مصدرها ، و رغم إرتباطه هو بها فهى لا ترطبت به. و هذا يدل على سمتى التواضع وتحمل مسؤولية ما يعبر عنه من أفكار بالنسبة للكاتب ، كما أيضاً يدلنا على طريقة الأستاذ السامى فى التفكير و الحجة فهو يبدأ من الجزئيات الى الكليات بمعنى أن نوعية التفكير هنا نوعية إنفراجية أو متشعبة "divergent thinking". أنها طريقة التفكير الذى يتحرك فى إتجاه متشعب لكى يشمل أو يضم عدة مظاهر أو جزئيات والذى أحياناً يؤدى الى افكار وحلول جديدة مرتبطة بملكة الأبداع والخلق. و انا شخصياً أراها طريقة مرهقة للقارئ العادى الذى يقرأ لأول مرة هذه النوعية من طرق التفكير. والدليل على زعمى هذا أن بعض المداخلات من بعض السيدات و السادة القراء تتناول أفكاراً متشعبة لا علاقة لها بصلب الموضوع ‘ كما أن بعضها يكتفى بجزئية واحدة فتفتفقد الى السياق و الإتساق العام للموضوع المطروح للنقاش.

أما دليلى على طريقة التفكير المتشعب للأستاذ السامى أنه تناول فكرة الوجود كدورة حياة (الوجود مثل الدائرة لا يوجد له نقطة بداية) ولكنه هنا لم يتناول "دورة الحياة" كمظهر من مظاهر الوجود وليست الوجود ذاته بل تحدث عنها بمقارنتها بالدائرة الهندسية لكى يشير بها الى فكرة الوجود بشموليتها. ولذلك فهو يصتدم مع فكرة أن الحياة فى الواقع ليست هى الوجود كله بل هى جزء من الوجود ، ولكن الكاتب يرى أن الوجود هو الحياة والحياة هى الوجود كما سنرى فيما بعد. وحتى عندما تناول (إشكالية أيهما أولا: البيضة أم الدجاجة؟) فأنه يتعامل مع جزئية من الجزئييات و هى مصدرية الحياة لكيما يتوصل بها الى مصدرية الوجود ككل فى جزئية دورة حياة الطائر لكى يصل بها الى الكليات "الوجود". ثم يدلل على فكرة "دائرية أو دورة الوجود" بالنظرية العلمية للمادة التى تنص على أن المادة لا تفنى و لا تُستحدث من عدم ، و هنا نقلة مفارقة أيضا فهو هنا يتحدث عن جزئية مختلفة و هى جزئية "الجمادات" التى – من وجهة نظره و هى وجهة نظر جديرة بالإحترام – ليس لها وجود مستقل عن الكائنات الحية ، وكأن بالأستاذ السامى يريد أن يقول: "من الميت خرج الحى" و "من الاَكل خرج أُكل ، ومن الجافى خرجت حلاوة". بمعنى اَخر أن الجماد هو مصدر حياة الكائن الحى الذى بدوره يعود بعد ذلك ليتحول الى جماد ، ولكن الكاتب هنا لم يتطرق الى "كنه الحياة أو ماهيتها" وذلك لأنه "ضّمن فكرة "الحياة" فى "الوجود" و ضمن فكرة "الوجود" فى "الحياة" ومن ثم فإن أحدهما أصبحت مرادفة للأخرى

رابعاً: علاقة السببية بين الموجودات لحل لعز الوجود:

وفى محاولة منه لحل لغز الوجود والتدليل على شموليته فإنه تطرق الى علاقة السببية بين الموجودات لكى يؤكد على أنه (لا يوجد فصل بين النتيجة والسبب) إذا ما أردنا (فهم الوجود فهماً صحيحاً). وهذا رأى بعض الفلاسفة أيضاً ، ولكن البعض الاَخر يقسم الأسباب الى أسباب "مباشرة أو قريبة و أسباب غير مباشرة أو بعيدة" وبذا يمكن الفصل بين السبب البعيد الغير مباشر والنتيجة. ولأن الكاتب "وجودى ومادى" فهو يأخذ بالأسباب القريبة المباشرة ولا يتطرق للأسباب البعيدة غير المباشرة. ولكن قد يبرز مفهوم اَخر لوجاهة قصد الكاتب وهو ربما يريد أن يبين أن السبب والنتيجة أشياء نسبية بمعنى أن ما هو سبب لنتيجة ما قد يكون نتيجة لسبب أخر مختلف عنه ، أو أن نتيجة ما قد تكون سبباً لنتيجة أخرى مختلفة عنها ، وأيضاً قد تتعدد النتائج لسبب واحد وقد تتعدد الأسباب لنتيجة واحدة. وهذا يؤكد على فكرة دائرية الوجود. ومن الواضح هنا أن المفكر السامى اللبيب يقوم بتركيز الضوء على الجزئيات التى بدورها تكّون الكليات. فنحن هنا لدينا جزئيات متعددة لتتكون منها أيضاً كليات متعددة حتى نتوصل فى النهاية إلى وجود كلى واحد حيث يكون عمل العقل فيه هو أكتشاف العلاقات بين الجزء والجزء من ناحية وبين الجزء و الكل من ناحية ثانية و بين الكل و الكل من ناحبة أخرى . وبهذا فإن الكاتب يبحث عن معنى للوجود فى الوجود ذاته وليس خارج الوجود. وبذلك تلتئم الجزئيات و تتجمع التشعبات لكى تصبح أو تكون أو تصب فى مجرى تيار واحد هو الوجود.

خامساً: أسباب غموض الوجود:

ثم ينقلنا الكاتب للحديث عن سبب الغموض الذى يكتنف الوجود فى مقولته (لغز الوجود) ليتدارك هذه المقولة بإرجاعها الى السببية وهى محدودية الأنسان التى ينجم عنها تقاطعه (مع مستقيم لا نهائى) ، و رغم أن الأنسان نفسه إخترع علم الرياضيات و التى من خلاله إستطاع أن يمرر فكرة "اللانهائية" فأنه لا يستطيع أن (يتخيل الأشياء بدون أطراف وبدايات ونهايات). وهنا وجد الأنسان نفسه فى أشكالية جديدة وهى إختراعه لفكرة "اللانهائية" و وفى نفس الوقت ليس لديه المقدرة على إضفاء وصف أو شكل أو تصور دقيق خاص لهذه "اللانهائية" ، و بناءاً علي ذلك وحتى يحل هذه الإشكالية المستعصية على فهمه وإدراكه فإنه إخترع "فكرة الله" لكى يعادل بها المحدود واللامحدود ، النهائى واللانهائى ومن ثم يتوقف عن التفكير. هذا التوقف عن التفكير أصبح ملاذاً إعتيادياً "لدرجة الإدمان" أو "الإيمان بإله وغيب وخرافة" كلما وجد الإنسان نفسه أمام إشكالية يستعصى عليه فهمها أو حلها. وهكذا وجد الإنسان نفسه بين فكى رحى الثنائية المتناقضة: المحدود واللامحدود ، النهائية واللانهائية.

ويبين الكاتب فى موضع متأخر من مقاله سبب اَخر لصعوبة فهم الوجود وهو (عدم قدرتنا على رصد القيم الصغيرة الشديدة الضآلة) – والتى يطلق عليها خطأاً القيمة (صفر) – هى فى الواقع أصل القشة التى قسمت ظهر البعير و هى تأثير جزئ الماء فى نحر الصخور وهى كمية جاذبية القمر (الضئيلة) التى تنتج المد والجذر على مسطحات المياه على كوكب الأرض و تؤثر على جزئيات المياه الموجودة بأجسادنا فتحدث التغيير فى عواطفنا و أمزجتنا. وهنا وبحق إكتشاف اَخر للسامى اللبيب عن كيفية تأثير الكواكب والنجوم الكونية الأخرى على الإنسان فى عواطفه وأمزجته فأصبح لهذه العواطف والأمزجة مدلولها المادى الواضح. وعليه يرى الكاتب أن الصفر مجرد (فرضية رياضية) حيث أن اللاشئ وهو الصفر لا حضور له فى الواقع الوجودى و بناءاً عليه فإن الوجود لا يمكن أن يحتوى أو يتضمن أو يعترف أو يصل الى أو ينطلق من الصفر أو اللاوجود (فلا وجود لقيمة وجودية تصل للصفر). ومن خلال تفسير التأثير "الضئيل" لجاذبية القمر والنجوم والكواكب والأبراج و تأثير ألإشعاعات النووية وتأثير الضغط الجوى على تساوى منسوب المياه فى الأوانى المستطرقة وعلى الكائنات الحية والجمادية يؤكد الكاتب على مادية الحياة و وحدة الكون و الوجود (و من هنا يمكن إيجاد تفسير علمى مادى يفسر تأثير النجوم والأبراج على الانسان بدلا من هذا الهذيان المبنى على مزيج من الملاحظة المتسرعة و التخيل والإيحاء.)

سادساً: دور العقل فى الوجود:

وفى نقلة تبدو أنها قفزة فجائية يعود الكاتب الى الطبيعة وفجاجتها بما تلقيه (لنا بمشاهدها غير مصحوبة بكتالوج) لكى يعترف الكاتب بدور العقل البشرى فى تفاعله مع هذه المشاهد و محاولته – أى العقل – خلق (كتالوج) لإستنباط (إنطباعات و أفكار ومعانى) تبرر وجود الأنسان ذاته وتعطى معنى لكيانه حتى يظل متماسكاً ومتمسكاً ببقاءه. وبعمل هذا وجد الإنسان نفسه يسقط فى دوامة الغرور والغطرسة لتجعله يعتقد أن الوجود – كله بما فيه – وِجد من أجله هو ليفى بإحتياجاته هو وحده ، ومن ثم أصبحت علاقة الإنسان بالوجود علاقة نفعية وليست علاقة تكاملية كما يجب أن تكون. وبدلاً من أن يبحث الإنسان فى الجزئيات حتى يفهم الكليات ويتوصل الى العلاقات التى تربط بينهم لكى يتحقق التكامل ، نجده يكتفى بالنظر (للأشياء فى تمام صنعها حاملة نفس صفاتها وهيئتها منفصلة عما حولها بذاتها) كأن هذا الوجود شقة جاهزة مجهزة تسليم مفتاح ، ليفصل نفسه عنها و يقف منبهرأ أمام تعقيداتها وينسى (جهلاً) أو يتناسى (عمداً) بساطة بداياتها و عدم ثباتها و تغيرها المستمر.

سابعاً: وحدة الوجود و الحياة و الحركة والتغير و التطور والصوت واللون:

ونتيجة لدمج الكاتب لـ"لوجود والحياة" كمترادفين لفكرة واحدة فإنه يقدم لنا مثل البذرة ليدحض به مقولة البعض بـ ( أن الحى لا يأتى من جماد ) مما جعل بعض السيدات و السادة القَّراء يرونها سقطة للكاتب لأن البذرة ليست جماد فهى كائن حى والحياة فيها فى حالة ركود أو (رقود) لتنشط أذا ما وُضِعت فى ظروف تهئ لها ذلك. وفى الحقيقة إن من يتعرف على طريقة تفكير الكاتب واسلوبه فى الكتابة وعرض أفكاره لا يرى أنها سقطة لأنه – أى الكاتب – يرى أن الحياة والوجود مترادفان لمعنى واحد بل أن الحياة بالنسبة له تعنى الحركة والتغير والتطور المستمر ، ولذلك فإن الكاتب يرى أن الجماد فى حالة حركة وذلك لأنه يتركب من جزئيات والجزئيات تتكون من ذرات والذرة تحتوى على النواة التى تدور (تتحرك) حولها إليكترونات و نيترونات سالبة الشحنة و بروتونات موجبة الشحنة وبذلك فإن الجمادات تضمن الحياة "الحركة" داخلها ولكننا لا نرى هذه الحركة "الحياة" بالعين المجردة. وبذلك يرى الكاتب أن البذرة جماداً لم تلحقها حالة التطور بعد فى إنتظار الظروف المواتية ،كما يرى أن الجمادات كائنات تحمل بداخلها حياة "لأن بها أو هى" الحركة ، وهكذا يصل الكاتب الى نتيجة مفادها أن الوجود هو الحركة والتغيير المستمر اللذين بدورهما يعنيان الحياة ، والحركة – كما يرى الكاتب – ذاتية الحضور أو حاضرة بذاتها فى جميع الموجودات والكائنات ، بمعنى أنه لا يوجد محرك "أو مسبب" لهذه الحركة خارج أو مغاير لهذه الموجودات والكائنات. إذاً فالوجود هو الحياة و الحياة هى الحركة ، والحركة هى التغيير ، والوجود القائم بذاته وفى ذاته يعنى الحياة التى تعنى الحركة التى تعنى التغيير. وهكذا استطاع الفليسوف أن يتوصل لحل لإشكالية (الغموض الذى يكتنفنا فى فهم سر الحياة والوجود) والتى يعزوها الى (إدراكنا الحركة وتوهمنا للسكون و تصورنا لوجود محرك للأشياء). ويعقب الكاتب على هذه الإشكالية بمفهومه الذى يمثل إكتشاف جديد لنتيجة قد يراها البعض صادمة ليقينهم الإيمانى فيهبوا مزعورين من سبات اليقين الإيمانى فى التعاطى مع الوجود والحياة لأن الكاتب توصل الى أن (الحركة) هى (طبيعة المادة فى ذاتها وكينونتها فلا تستطيع أن تنزع الحركة من المادة وإلا ما أصبحت مادة لذا فهى ليست بحاجة لمحرك) وهكذا أصبحت الحياة "حركة مادية" ولم تعد الحركة مجرد مظهر من مظاهر الحياة بل مكون أساسى لهذه الحياة التى ما زال الكثيرون يعتقدون أنها شئ مجرد منفصل عن الوجود وخارج عنه وأن مصدرها قائم بذاته وذو كيان مستقل فى ذاته اُطلِق عليه مانح الحياة او الله. إن الحركة جزء لا يتجزأ من المادة و بدونها لا وجود للمادة ، والحركة هى الحياة القائمة بالمادة ، فبدون المادة لا توجد حياة وبدون الحياة لا توجد مادة. إذاً المادة هى الحياة والحياة هى المادة وعليه فالمادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم. فجزئيات الوجود لا تزيد و لا تنقص فكل أشكال الحياة والموجودات هى مركبات من الجزئيلت ثابتة العدد التى (ما تلبث ان تنحل لتكون جزيئات لمركبات أخرى من) نفس عدد الجزئيات الثابت.

ولأن الوجود مادة ، و المادة حركة ، و الحركة حياة ، ولأن الحركة تغيير وتطور فهى (ليست منتظمة بالضرورة) و ( يستحيل أن تتطابق) إذاً فالحياة هى التغيير والتطور الحتمى أى كان المُنتَج الناجم عن هذا التغيير و التطور. وبالتالى فإن مصدر متعتنا فى الحياة هو معايشة الحركة و تحسسها وتوقعها فى لحظات مستقبلية ، إلا إن رصدنا لحركة التغيير و التطور تتم بعد حدوثها وذلك لأننا جزء منها وفى داخلها. ولتوتضيح ذلك فإن الأمر يتشابه بموقف شخصين كل منهما فى سيارة مستقلة تسيران من نفس النقطة فى نفس الإتجاه بنفس السرعة فأنهما يريا نفسيهما وكأنهما لا يتحركان ولم يتغير موقفهما من بعضهما البعض. ولكن إذا اختلفت سرعتيهما أو توقف أحدهما فسوف يدرك حركة الاَخر ويدرك وضعه أو موقفه بالنسبة لوضع و موقف الاَخر. وعليه فإننا نكره أى مظهر يعوق أو يعطل أو يفسد مستوى الحركة لدينا سواء أكان هذا المظهر أو العامل قيد أو سجن أو مرض فما بالك بالموت الذى يُنظر اليه على أنه توقف كامل ونهائى للحركة.

إن المفكر السامى اللبيب – فى تعريفه للحياة – يذهب الى أبعد من كونها حركة مادية و لكى يؤكد على ماديتها فإنه يضيف اليها بعدين اَخرين هما الصوت واللون وعليه فإن الرسم والموسيقى هما صياغة علاقة ناعمة بين الموجودات مقابل علاقة التناقضية المتصارعة بفجاجة و مقابل علاقة السببية الحتمية لتتيح للكائن الحى مواقف يتناغم فيها مع الكون ليخفف من قسوة و عبثية و فجاجة وصمت الحياة على نفسه وعلى "الإله ذاته" ، فلا حياة بدون صوت أو لون. و لأن الألوان تتعلق بالضؤ و بالكمياء ، وكذلك إنتاج العواطف و المشاعر و الأحاسيس الحب و الكره و الغضب و الفرح و السعادة مع الأمزجة النفسية كالإكتئاب و السادية و الماسوشية والشيزوفرينيا و الخوف و الشجاعة و الحزن والشقاء ، وحتى مقومات الشخصية و كل الإختلالات الجسدية جميعها تتعلق بالكمياء ، وعليه فإن الكاتب يذهب الى القول بأن (كل حياتنا كيمياء) بكل أنواعها و معانيها ، و بالتالى فأن التحكم والسيطرة على كمياء الجسد سوف ينهى على (افكار وفلسفات وثوابت وخرافات ولن نكون بحاجة لفكرة الروح والآلهة)

ثامناً: مساهمة جديدة للكاتب فى تعريف العقل و الإنسان و الأخلاق

بالمفهوم السابق الذى به يولج الكاتب فى المنظومة الواحدة التى تضم الوجود بجزئياته وكلياته والحياة والحركة والسكون و الصوت و اللون يتوصل الكاتب الى مفهوم – أزعم أنه جديد وخاص بالمفكر السامى اللبيب – لتعريف و للتعرف على العقل ، فيقول بالنص أن (العقل هو إدراك الحركة والقدرة على إيجاد ملاحظات وإنطباعات ، ثم إيجاد صياغات للحركة يحفظها فى نسق تفكيره) فهو هنا يبرز العقل بصورة مادية محسوسة لكى يميز الإنسان عن سائر الموجودات التى يزدحم بها كوكبنا – على الأقل دون عناصر الكون الأخرى – حتى الاَن ، الأمر الذى لم يتناوله أحد من المفكرين والفلاسفة الذين لم يألوا جهداً فى تعريفهم للعقل الذى إختلفوا فيه منذ عصر أفلاطون وأرسطو مروراً بجورج بيركلى وتوماس هكسلى وتوماس هوبز وفرويد و مرورا بتعريفات العقل فى الأدبيات العربية والإسلامية و حتى دوغلاس هوفستداتر 1979 سواء أكانت هذه التعريفات تتناول العقل من زاويته الوظيفية أو المادية أو النفسية أو الروحانية فأن أحداً لم يتناول العقل بالمفهوم الإدراكى للحركة. إن ذلك يعنى أن العقل ليس فقط هو مدرك للحركة بل هو مكتشف العلاقات النسقية بين الموجودات لصياغتها فى صورة قوانين تناسب تفكيره. وبالتالى فأن العقل يكون قادراً على خلق علاقات جديدة بأعادة ترتيب الموجودات للتتناسب مع سد إحتياجاته لكى تتحقق مقولة أن الحاجة أم الأختراع وبذلك يصبح الأنسان مسيطراً على الطبيعة بعد أن كان خاضعاً هو لسيطرتها. فسيطر بل وتحكم الإنسان – على سبيل المثال لا الحصر – فى قانون الجاذبية بعد أن أستنبط أو تعرف على القانون الذى يحافظ على طيران الطائر ويمنعه من السقوط بحسب مبدأ الجاذبية فإخترع الطائرة والصاروخ وسفينة الفضاء ، وكذلك الحال بالنسبة للسيارات والقطارات والسفن والغواصات ... إلخ.

إضافة الى جزئية "إدراك الحركة" كأحدى خصائص العقل الوظيفية إن لم تكن إحدى خصائصه الكنهية ، فإن الكاتب يقدم تعريفاً جديداً للإنسان فى تأملية جديدة بإضافة تمييز جديد للإنسان بإعتباره الكائن الوحيد الذى يحس بـ"الجمال" فى الأشياء فإذا لم يجده أضفاه هو من خياله وإنطبعاته على الأشياء بإيجاد علاقات جديدة بينها وإعادة ترتيبها. فالكاتب يذكر بالنص: (الإنسان الكائن الوحيد الذى يحس بالجمال ,ولكن مهلاً فليس الجمال موجود والإنسان من يكتشفه , بل الجمال هو تقييم وإنطباع وعلاقة الإنسان مع الأشياء.) فبجانب تعريفات الإنسان على أنه حيوان ناطق أو حيوان عاقل أو حيوان مفكر أو حيوان مبدع وأخيراً تكون مساهمة الكاتب بأن يكون الأنسان هو الحيوان الوحيد الذى يحس بالجمال والقادرعلى بثه فى الأشياء. وبالتالى فإن الجمال فى الأشياء نسبى يتوقف على إنطباع الإنسان وعلاقته بالأشياء من ناحية و علاقة الأشياء ببعضها من ناحية أخرى. فجمال الحياة يكمن فى قدرتنا على (تعليل الأشياء) ، والحياة لا تكون حيوية أو جميلة أو (حياة) حتى يتم (تعليل صورها) حتى لو كانت هذه التعليلات (خاطئة). فالمكّون الأساسى لجمال الحياة عند الكاتب هو غريزة حب الأستطلاع الموجودة فى عقل الإنسان التى تدفعه الى (تعليل الأشياء) أو (تعليل صورها). وهذا أول ما يمكن ملاحظته على أطفالنا عندما يكتسبون أول مستوى من الحركة الإرادية وهى "الحبو" لكى يصل من مكان الى اَخر بدافع غريزة "حب الإستطلاع" ليفتح الدواليب والخزائن المغلقة ويعبث بمحتوياتها. وكذلك عندما يبدأ أول أسئلته بـ "ما هذا؟" أو "إيه ده؟" و "لماذاظ" أو "ليه". فمتعة الحياة تكمن فى البحث و (التفتيش) عن مسبباتها (عللها) و التفكير أو الـ(تأمل فى خطوط وألوان صورها بعمق) دون الأعتماد على (رؤية الآخرين فى التعليل). وبهذا يكون الإنسان عنصر مؤثر فى الحياة أو الوجود. ولكن ليس معنى هذا أن الأنسان لا يتأثر بعناصر الوجود الأخرى. بلا. فكما أن الإنسان مؤثر وله فاعلية فى الوجود ، فإن العناصر الأخرى فى الوجود لها تأثيرها وتفعيلاتها على الإنسان لإتمام دورة الوجود بتفعيل التبادلية (reciprocity/reciprocality) بين الموجودات. فـ(الإنسان يولد كصفحة بيضاء...) ليمارس الوجود – بجزئياته وكلياته وكل عناصره – تأثيره عليه ليكون (نتاج محصلات قوى عديدة ضاغطة ومؤثرة ومتغلغلة فى داخلنا) ومن ثم لا يمكننا أن نتخيل (أننا نريد ان نكون صالحين أو فاسدين). والقارئ المتعجل لأدبيات السامى اللبيب يعتقد لأول وهلة – بقرائته المتعجلة أو السطحية لهذه الجزئية – أن الكاتب ينفى إرادة الإنسان نفياً قاطعاً لكى يتراَى لهم أن الكاتب يناقض أطروحاته. ولكن عندما يدقق فى النص يكتشف أن هذه القوى العديدة الضاغطة والمؤثرة والمتغلغلة فى داخلنا تتعاطى مع غرائزنا التى تشمل (قدرتنا على الصمود أو الإنهيار) ، فهذا التعبير "القدرة على الصمود أو الإنهيار" لا ينم عن قوة الانسان الفيزيقية فقط بل عن إرادة من فعل العقل والتفكير فالصمود فعل ارادى لأنه يتم عن قصد ونية اما الإنهيار هو فعل لاإرادى كنتاج لضعف الإرادة او إنعدامها وذلك لوقوع مصدرها وهو "العقل" تحت سلطان "غير العقل" و بالتالى فإن الكاتب يريد أن يقول أن الأنسان لا يمكن أن يكون فاعلاً مؤثراً فى الوجود ما لم تكن له إرادة حرة ، و الإنسان لا يمكن أن يمتلك الإرادة الحرة إلا إذا كان عقله حراً أو متحرراً من سلطان أى إرادة أخرى غير سلطان العقل نفسه. فالإنسان يتميز أيضاً عن سائر الكائنات بأن له أرادة بغض النظر عن الدخول فى جدلية ما إذا كانت هذه الإرادة حرة حرية مطلقة أو حرية نسبية

وبما أن المفكر السامى اللبيب تطرق الى الإنسان و العقل والإرادة فكان لابد له أن يعرج على منظومة الأخلاق والسلوكيات لإنها تتعلق بالإنسان قِبل الموجودات الأُخرى ، فيرى أن وضع منظومة الأخلاق ليس وضعاً حيادياً بل هو وضع إنحيازى نحو نقيض بعينه دون الاَخر ليجعل من "التضادية أو التناقضية" علاقة أخرى بين الموجودات تضاهى فى قوتها وحضورها علاقة السببية ، فنجده يقول: (فالحياة والوجود لا يتواجدا إلا بوجود الضدين) وبالتالى فإن الإنسان يكّون أخلاقه وسلوكياته و مثالياته نتيجة تفاعلاته مع عناصر الوجود الأخرى و ذلك بإنحيازه الى أحدهما على حساب الأخر ، فمنظومة الأخلاقيات والسلوكيات والمثاليات صناعة بشرية بحتة تواجدت وتطورت من الوجود وفى الوجود و ليس خارجة عليه ، فـ(نُحن نقيم ونختار أحد الضدين كالجمال والقبح ,الخير والشر ,فهذه الأشياء ليست بناموس ساقط من السماء ... بل تقييمنا الذى غفونا عن كونه إنتاجنا كمحصلة تفاعل قوى الطبيعة فينا لنمنح تفاعلنا هذا لكيانات وهمية ). وبناءاً على ما تقدم فإن المفكر يرى أن التاريخ كتطور للحياة والوجود ليس صناعة بشرية خالصة بل هو من صنع (الظروف الموضوعية ودرجة تفاعلها وقوتها وصراعها). و أرى أن الكاتب بذكره لعبارة (الظروف الموضوعية ودرجة تفاعلها) يعنى الوجود بكل عناصره ومكوناته من موجودات وكائنات حية أو جمادية عاقلة وغير عاقلة وحركة وسكون وتضاد/تناقض و حياة و موت و العلاقات بين الموجودات ومنها العلاقات السببية والعلاقات التناقضىة كل هذه المنظومة هى (الظروف الموضوعية) التى تصنع التاريخ وليست الأرادة أو العبقرية الإنسانية المنفردة هى التى تصنع التاريخ.

تاسعاً: دور الوعى فى العلاقة بين الإنسان و الوجود "المادة"

ولكن ألكاتب يحيلنا الى فضية أخرى لإثبات العلاقة بين الإنسان و المادة لكى يضع شرط أساسى لوجود هذه العلاقة بل إن هذا الشرط هو المكون الأساسى لهذه العلاقة الا وهو "الوعى" وهو يرى أن العلاقة بينهما علاقة زمنية تتابعية. فالوجود المادى سابق لوعى الإنسان فالأفكار التى تُنتج وتتوالد وتتشكل فى عقل الإنسان هى فى الحقيقة لها مخزونها من المحتوى المادى فى عقل الإنسان حيث أن قانون حفظ المادة والطاقةل الذى ينص على أن المادة (تخلق ولا تفنى ولا تستحدث) ليثبت أن المادة تسبق الوعى و لولا وجود المادة ما وِجد الوعى. وبالتالى فإن (الفكر الميتافزيقى) لا يمكنه الوقوف صامداً أمام حقيقة أسبقىة المادة للوعى وهكذا تصبح الأفكار الميتافيزقية بما فى ذلك قكرة الله أفكار مادية فى الأصل وأن (ماهية الإله لن تخرج عن كونها فكرة إستمدت مكوناتها من الوجود المادى ) وحيث أن العقل لم يدرك الوجود المادى للإله فيظل هذا الإله مجرد فكرة لإدعاء سبب خارجى للوجود. وحتى الذين يدافعون عن وجود الميتافيزيقى الألهى بحجة أن (ليس كل ما لا نراه غير موجود) فهذه الحجة تقتصر على الوجود المادى فقط ، و طبقاً لمقولة أن الله كلى القدرة وكلى الحضور فلماذا لا يكون حضوره مادياً وهل إذا كان له حضور مادى() وهنا تقع الجدلية التى قد تستغرق زمناً طويلاً حتى يقطع العقل الشك باليقين المادى. وهكذا فإن الوعى يتكون من صور المادة التى تسقط على مراَته ليتولى إعادة صياغتها وفق إشباع حاجاته الجسدية و النفسىة فى وجود يتطلب الأمان لتحقيق هذا الإشباع الذي يعتمد على (حجم الخبرات التى إكتسبناها من المشاهدة والرصد والمراقبة لنجد اقرب تجميع يقترب من الإشباع ليتكون لنا وحدة معرفية تكون حجر بناء فى وعينا)

عاشراً: ظاهرة "الإستهلاكية"

و فى نقلة تبدو أنها فجائية و مختلفة أيضاً يجذبنا الكاتب بشدة الى بؤرة شائكة و تترائى للكثيرين أنها خارج السياق ولكن فى الحقيقة هى فى صميم الموضوع طالما نحن نتحدث عن الوجود و المادة و الحركة والحياة و ذلك بطرحه لسؤال عن ظاهرة أو عملية الإستهلاكية "من يستهلك من؟" أو "ما يستهلك ما ذا؟" (هل نعيش الحياة من خلال ممارسة عملية الحياة؟ أم إن الحياة هي التي تُمارس وجودها باستهلاكها لنا؟!) لكى يصل الى نتيجة قد تكون بحق مزعجة للكثيرين. وقبل مناقشة الإجابة التى توصل اليها الكاتب دعنا نعيد صياغة السؤال حتى يتسنى لنا فهم مايقصده الكاتب من طرحه للسؤال. فهل يريد الكاتب مثلاً ان يسأل: "هل البشر يستهلكون الحياة بما فى ذلك مترادفاتها الوجود والحركة؟ أم أن الحياة بمترادفاتها الوجود و الحركة هى التى تستهلك الكائنات الحية بما فى ذلك الإنسان؟" ولكى يقرب السؤال الى ذهن القارئ فقد مثل الكاتب الكائنات الحية بما فى ذلك الإنسان بالوقود ، و مثل الحياة "الوجود والحركة" بالنار وعليه طرح السؤال التالى:(هل الوقود يَستعمِل النار ليُمارس عملية احتراقه؟ أم إن النار تعيش بِحرقها للوقود؟). وبالتالى يمكن إعادة السوأل بالصيغة التالية "هل الوقود يمارس حرق نفسه بإستحدام النار؟ أم هل النار تحرق الوقود لتعيش؟ ومن خلال قراءتى لمداخلات السيدات والسادة القُراء لم يتعرض أحد منهم لهذين السؤالين من قريب أو بعيد رغم أهميتهما فى صلب الموضوع ، وذلك لأن السؤالين مربكان ومحيران لعدم وضوح الغرض منهما وكذلك لإستخدام الكاتب لأفعال إرادية لتعميم عنصر الإرادة على جميع الموجودات بينما هى خصوصية إنسانية بحتة نتيجة إمتلاك الإنسان للعقل دون جميع الموجودات ومن هنا وقع الخلط والإرتباك. ولكن يظل السؤال المحير: ماذا يقصد الأستاذ السامى بعملية "الإستهلاك"؟ فإذا كانت عملية "الإستهلاكية" لها دلالة فناء المُستهلَك (بضم الميم وفتح اللام) فهنا نكون أمام جدلية تناقضية مع خصائص المادة التى تقر بأن المادة "لا تفنى". اما إذا كان الكاتب يقصد بعملية "الإستهلاكية" هى تغير صورة المادة أو "تحول المادة من صورة الى صورة" كتحول الوقود الى طاقة وعوادم غازية كأول و ثانى اوكسيد الكربون و الهايدروكربونات و رماد فأنه بهذا المعنى يكون قد حافظ على مضمون الفكرة و إتساقها و سياقها. وبعد كل هذا الجدل و التفكير فى عقل القارئ حول المُستهلِك (بضم الميم وكسر اللام) والمُستهلَك (بضم الميم وفتح اللام) يفاجئنا الكاتب بأن البحث عن إجابة لمثل هذين السؤالين هو محاولة لخلق قيمة إفتراضية لعدمية القيمة للحياة البشرية. (فالحياة البشرية في جوهرها ليست سِوى قيمة افتراضية، خلق منها الإنسان أفكاره وخيالاته وسط فضاءات معدومة المعالم مجهولة الاتجاهات والنهايات لنبحث عن معنى لوقود يحترق!). فأى كان معنى الإستهلاكية هنا (الفناء أو التحول) فالسؤال عنها غير ذى جدوى لإنها لن تؤثر فى كنه الوجود كمادة و كحركة وكتغيير وتطور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إنها زيارتى الأولي
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 1 / 21 - 12:20 )
تحياتى و تلك اول زيارة لى لموضوعاتك (دائما اقول تلك العبارة لكل كاتب اعلق لاول مرة على مقالاته)

الحقيقة المقال هنا كنت انوى أقرأه سريعا و أعلق لكن الصراحة هو ملئ بتفاصيل و حديث كثير فسأقرأه على مهل و أعلق لاحقا بتركيز أكثر
و خصوصا انى انتوى أنتقد نقد متنوع (أغلبه سيكون للصديق سامى لبيب و انتوى ان اقول نقد ضد بعض افكاره ايضا,كما نقول بالمصرى نفسى أقطّع فى فَرْوَتُه شوية هههههههه)

و أيضا لو أمكن فهناك ملحوظات قد اود اناقشك فيها شخصيا يا استاذ رمسيس من الموضوع هنا.

متابع لاحقا فى اقرب فرصة مع تعليقات بإستفاضة


2 - عمل نقدي جميل استاذ رمسيس
رويدة سالم ( 2014 / 1 / 21 - 16:20 )
شرح جميل استاذ رمسيس تناولت فيه كل جزئيات مقال -مفاتيح لفهم الوجود والحياة- باستفاضة وبحرفية مختص في الفلسفة ومقارباتها ومعانيها بل واجد انك تغلبت في بعض المواضع على الاستاذ سامي ذاته بتقديم شرح اوفى واكثر بساطة لبعض النقاط كتعريف سامي لبيب للعقل والاخلاق والحياة وووحدة الوجود على سبيل المثال
الاستاذ سامي قامة فكرية لا ينكر قدرتها على الامساك باشعة الشمس وسعة اطلاعها اي أحد لكني اجد استاذي رمسيس ان مقالك يحوي بعض الاطراء الذي يبتعد به عن العمل النقدي الفلسفي المحايد
ننتظر رأي الاستاذ سامي على كل في ما تقدمت به حضرتك .. هل يا ترى استاذنا سامي يتفق معك في شرحك ( اجدك تجول في ارجاء دماغه كمن يتجول في بيته الخاص) ثم فيما يختلف وماذا ينقد خصوصها في نقطة الاستهلاكية
مودتي


3 - عمل نقدي جميل استاذ رمسيس
رويدة سالم ( 2014 / 1 / 21 - 16:25 )
شرح جميل استاذ رمسيس تناولت فيه كل جزئيات مقال -مفاتيح لفهم الوجود والحياة- باستفاضة وبحرفية مختص في الفلسفة ومقارباتها ومعانيها بل واجد انك تغلبت في بعض المواضع على الاستاذ سامي ذاته بتقديم شرح اوفى واكثر بساطة لبعض النقاط كتعريف سامي لبيب للعقل والاخلاق والحياة وووحدة الوجود على سبيل المثال
الاستاذ سامي قامة فكرية لا ينكر قدرتها على الامساك باشعة الشمس وسعة اطلاعها اي أحد لكني اجد استاذي رمسيس ان مقالك يحوي بعض الاطراء الذي يبتعد به عن العمل النقدي الفلسفي المحايد
ننتظر رأي الاستاذ سامي على كل في ما تقدمت به حضرتك .. هل يا ترى استاذنا سامي يتفق معك في شرحك ( اجدك تجول في ارجاء دماغه كمن يتجول في بيته الخاص) ثم فيما يختلف وماذا ينقد خصوصها في نقطة الاستهلاكية
مودتي


4 - الأستاذ حازم - عاشق للحرية
Ramsis Hanna ( 2014 / 1 / 21 - 22:15 )
شكرأً جزيلاً الأستاذ حازم (عاشق الحرية) على تشريفك لى بزيارتك و أهلاً بالنحل والعسل والشمع و أيضاً أهلاً بلدغات النحل التى لها قوة الشفاء من أمراض الروماتيزم و الروماتويد الذى تصيب مفاصل العقل و تعوقه عن الحركة بحرية. مرحباً و أتطلع لتعليقك على محاولتى البسيطة فى نقد مقال الأستاذ السامى اللبيب (بدون تقطيع فرو لأن الدنيا برد شديد) وحتى أراك لك تحياتى و مودتى


5 - الأستاذة رويدا سالم
Ramsis Hanna ( 2014 / 1 / 21 - 23:34 )
عظيم إمتنانى لكِ يا أستاذة رويدا لمرورك وإهتمامك وكتابة تعليقك الذى أقدره بكل عمق. وشكراً جزيلاً على بثك شعاع الضوء على محاولتى إزاحة بعض الغموض فى مقالة الأستاذ السامى اللبيب -مفاتيح لفهم الوجود و الحياة- حتى يستطيع القارئ فهمه بسلاسة دون إرهاق أو عناء لكيما تتحقق متعة البحث فى الأعمال الفكرية لكتابنا الأجلاء. و أنا لا أستطيع أن أدعى أو أزعم أننى قدمت شيئا أو أى مساهمة جديدة فى هذا المقال غير أننى أعدت ترتيب أفكار الكاتب بطريقة أبسط ومن زوايا مختلفة حتى يتسنى لى الولوج الى طريقة عرض الكاتب لأفكاره و فهمها. أما بالنسبة لتحفظك على أن مقالتى تحوى ( بعض الاطراء الذي يبتعد به عن العمل النقدي الفلسفي المحايد) ففى الحقيقة أنا لم أقصد ذلك ولكن الحديث عن خصوصية الكاتب لأفكاره و اسلوبه و طريقة عرضها وكتابتها ربما تكون قد إختلطت مع شخصيته خاصة فى جزئية طريقة رده على السيدات و السادة المعلقين على مقالاته ، وربما يكون ذلك أيضاّ لتوجهى الشخصى فى أننى عادة أنظر الى -الجزء الممتلئ من الكوب- أى الى الإيجابيات أكثر من السلبيات. دمتم بخير وسلام


6 - حول المقال هنا_01
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 1 / 22 - 15:06 )
تحياتى استاذ رمسيس,ههههه لا تقلق مفيش تقطيع فرو بل أراك تحدثت فى نقاط عديدة و بشرح فلسفى دسم, لكن سألة بدلو صغير فقط.

أريد ابدأ مع شئ اود أقوله بخصوص سامى لبيب:
هو يحب الفلسفة و هذا لا مشكل بخصوصه كأمر شخصى
لكن
آخذ عليه ان احيانا حتى مقالاته الموجهةللجميع (و لعامة الناس,قبل شريحة المثقفين) أرى فيها كثافة فلسفية ليست بالقليلة
و هذا الأمر اخشى انه قد يكون مصدر ملل للعامة (مستوى الثقافة لديهم ليس لدرجة الإبحار فى الفلسفة و الإهتمام بها)

وايضا هناك شرائح من الناس (انا منهم) اصبحنا نأخذ بالمنهج العلمى scientific method كبديل للفلسفة فى فهم الوجود و الحياة,
يعنى:مثلا,بدل من (المشقة الفلسفية فى فهم غموض الوجود بفعل سببية ام لا) فهناك منهج علمى يقوم على دراسة و ملاحظة و تجريب و مشاهدات و قياسات,ثم الخروج بنتائج و تفسير لما نراه غامض (مباشرة هكذا)
فلا تعنينى الفلسفة بصراحة.

لكن عموما هذا لم يمنع انى أحببت جدا احد اعماله(فيها كم فلسفى لا بأس به لكن ايضا تصلح للمواطن العادى) و هو مفكرة تأملات إسمها (تأملات عقل فى الوجود و الإنسان و الإله) موجودة هنا فى مكتبة موقع الحوار

يتبع


7 - حول المقال هنا_ 02 أخيرا
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 1 / 22 - 15:07 )
بخصوص النقد هنا و الموضوع الذى تم نقده و ال10 نقاط:
أتفقت و إختلفت مع النقاط ال9 الأولى بالإضافة الى انه (يحيا العلم) هناك تفسيرات علمية و طبية و امور معرفية نظرية (منطق و علم نفس و إجتماع و فنون و غيره) لهم آراء مباشرة فى شرح و وصف ال9 نقاط تلك(كبديل للرؤى الفلسفية التى حتى و ان كان بعضها فلسفة قامت على نهج علمى او مادى)

لكن اود اتكلم عن النقطة 10:الإستهلاكية

أستاذ سامى كما اوضحت عزيزى رمسيس هو ينطلق من الجزء الى الكل بإعتبار اننا جزء من الوجود ولسنا نحن مخدوم الوجود,الوجود ليس(هنا لأجلنا كبشر وفق ما تقوله الميثولوجيا الدينية))

الحياة ليس كائن واعى و مدرك و ذكى و يعيش او مثلا يتغذى على(ما نبذله نحن من ضياع جهد فى سبيل ان نعيش نحن حياتنا)
لأ هو كل الأمر اننا جزء من دورة الحياة على الأرض,لو فرضت انك جالس فوق القمر و تتفرج على الأرض بتلسكوب فانت ترى زخم من الأحداث مصدرها كائنات حية (حياة):
أفعالنا و سلوكياتنا نحن و سائر المخلوقات هى التى تبدو كمظهر للحياة

والحياة موجودة بنا او بدوننا (لن تضيع إلا بضياع أغلب او كل مكونات الحياة على الأرض و ليس يفقدان جزء واحد منها)

مودتى


8 - الأستاذ حازم (عاشق الحرية) المحترم
Ramsis Hanna ( 2014 / 1 / 23 - 08:28 )
شكراً جزيلاً على إهتمامك و كتابة هذا التعليق وقد أصبت كبد الحقيقة عندما وصفت كتابات الأستاذ سامى بأنها ذات (كثافة فلسفية) عالية قد لا تتناسب مع بعض مستوى الأفرد الفلسفى أو الذين يأخذون بالأسلوب العلمى. هذا نقد جميل وفى محله. ولكن الكاتب أو الفيلسوف لا يؤاخذ على كم أو كثافة الأفكار و مدى سمو أو علو أو مثالية افكاره. فإذا ما كان هذا يمثل مشكلة بالنسبة للقارئ فيمكن حلها بتجزئة المقال . أما بالنسبة للإسلوب اللغوى للكاتب وطريقته و منهجيته فى عرض أفكاره فهى تترك للقراء و الشراح و النقاد. أما مسألة -تطبيق المنهج العلمى التجريبى العملى- على الفلسفة فهذا تحصيل حاصل لأن الفلسفة هى أصل جميع أنواع وأفرع المعرفة و العلوم فبالتالى فأن كل فرع أو علم من هذه العلوم له طريقته فى -تطبيق المنهج العلمى التجريبى العملى-. وجميع مناهج العلوم تأخذ من الفلسفة فى أنها تبدأ -بالدهشة- لموقف معين ثم -إكتشاف وتحديد المشكلة- ثم -وضع ألأسئلة وإفتراض الإجابات- ثم -إجراء التجارب و توثيقها- و أخيراً -إختبار مصداقية و صلاحية التجربة-...إلخ وهكذا يبدأ -العالم- فليسوفاً وينتهى متخصصاً فى علم أو أكثر-. مع خالص مودتى وتحياتى


9 - تفوقت بنقدك الموضوعى على صاحب النص عزيزىرمسيس حنا
سامى لبيب ( 2014 / 1 / 23 - 12:39 )
ممنون عزيزى رمسيس على تلك الرؤية الموضوعية النقدية لكتاباتى والتى أحسست من خلال عرضك لها أنك تصول وتجول فى ذهنى متلمسا أبعاد الأفكار متحسسا تضاريسها بشكل رائع ليتفوق الناقد هنا على صاحب النص ولايكون كلامى هذا مبالغة فقد أشارت الكاتبة رويدة لتفوقك فى الطرح والشرح وهذا يدعونى للقول بأن ساحة الفلسفة تناديك أن تعتنى بها بدلا من الإغراق فى الأدب والفن مع عظيم تقديرى للفن كأعظم معنى فى الوجود
إستفدت كثيرا من طريقة ربطك للأفكار والتأملات فهكذا أفكر لأجد أن الأفكار تتزاحم وتتسابق للتدوين لذا أضعها على شكل تأملات محافظا على وحدة الموضوع.
ردك على حبيبنا حازم فى محله وإن كان ما طرحه راودنى بحكم أننى أكتب مقالات لقراء إعتادوا على فكرة تطرح تكون بمثابة سندوتش ولكن المرء يجد نفسه مجبرا على عدم نشر افكاره مجزئة متغاضيا عن الإنتشار من خلال نشر مقالات عديدة فى سبيل تقديم الفكرة لمصوغات تعيينها كاملة كرؤية متماسكة تمتلك الكثير من الشهادات
لايمنع هذا إحترامى لنقد حازم فأنا ألاحظ أن الكثير من المعلقين ينصرف عن كثير من التأملات والتى أراها قوية فى مضمونها لذا يلزم إيجاد المعادلة الصعبة وهذا ما سأجتهد فيه


10 - الأستاذ السامى اللبيب
Ramsis Hanna ( 2014 / 1 / 24 - 02:18 )
شكراً جزيلاً على مرورك بصفحتى المتواضعة وتشريفك لى بكتابة تعليقك أو مداخلتك وتشجيعك الذى تبثه لكل قراءئك وتواضعك الجم و عدم الأنانية التى تتحلى بها أخلاقك الكريمة. فأسمك بحق على مسمى وهذا ما جعلنى أضيف -الألف واللام- لتفردك بإنزال الفلسفة من علياءئها على أرض الواقع لتحرير العقول الواقعة فى ربق سلطة غير العقل. ولا يمكن أن يتفوق الضيف على مُضيفه وليس للعين أن تعلو على حاجبها. وأنا أيضاً اشكر الأ ستاذة رويدا على مجاملتها الرقيقة وربما إضافتى لـ-ألف واللام- هى التى جعلتها ترى أن مقالى (يحوي بعض الاطراء) . وكل دورى الذى قمت به أنا هو دور المدرس الشارح لدرس فلسفى دسم. وأشكرك أنك عبرت عن أمكانيتى لفهم لب موضوع تأملاتك و أن أنقل للقراء الكرام كنه هذه التأملات حتى تفى بالغرض المرجو منها. وأعتقد أن الفلسفة هى جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان و إحتياجاته العقلية و الفكرية. فكما أن الطعام غذاء للجسد فإن التفكير الفلسفى غذاء للعقل إذا أراد صاحبه أن يحافظ عليه وينميه. و لكم إمتنانى و خالص مودتى


11 - شكرا استاذ رمسيس
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 1 / 25 - 09:25 )
تحياتى و عذرا على عدم المتابعة الكثيفة لانى منشغل قليلا , امر سريعا على من اعرفهم هذا اليوم.

شكرا على الرد
و عموما بينى و بينك,انا عندى دراية معقولة بالفلسفة لكن فعلا صرت املّها
ربما قديما كانت الفلسفة لها دور حين كان العلم و التكنولوجيا اطفال تحبو, لكن اليوم صار العلم اكثر قوة (ليس متكامل لكن افضل من الماضى)
فلم اعد ارغب فى الفلسفة و خصوصا انى اصادف كثيرا ممن جعلونى اكرهها( ناس بتتفلسف بناءا على مرجعية مسبقة غير حقيقية(فلسفة واقعية او مثالية او خرافية او تصولإ لا عقلانى) مبنية على اسس خاطئة
لكن قناعاتهم هم تجعلهم يرون انها الحقيقة المطلقة
و المناقشة معهم متعبة جدا,و فى النهاية كل يخرج منها له نفس قناعاته)

ما علينا صدعتك بنقدى للفلسفة فى عجالة
فى فرصة لاحقة هنا او فى اى مقال اراك فيه اود اسألك عن شئ (سألت فيه كثيرين و اود اعرف رأيك ايضا) هو بخصوص المناقشة مع الوسطيين (زئبقيين جدا,لييسوا منحازين لتوجه فكرى,بل هم فى المنتصف و يدافعون عن فكر دينى هلامى يأخذ القليل من كل قفص و لا يعترفون بعيوب ما يقتنعون به و يكذبون الدنيا كلها لاجل ما يصدقوه)

ادردش معك في هذا لاحقا لو تقبل

تحياتى

اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد