الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والدستور

اكرم عبدالمعطى حسن

2014 / 1 / 22
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


المرأة والدستور
بقلم / اكرم هلال
يأتي حديثي في هذا المقال عن المرأة المصرية والثورة على أصداء الاحتفال بها كمناضل تاريخي سيأبى التاريخ أن لا يذكرها.
تاريخ واحد يكتبه الجميع الآن، سيُكتب في أول سطوره أن «الثورة» تصنعها النساء.. ستمر السنون، وسيقولون في الأثر إن حرائر مصر الحقيقيات خرجن دون التزام بقسَم «السمع والطاعة» للإدلاء بأصواتهن فى استفتاء على دستور الثورة، خرجن لا يحملن «مولوتوف» ولا سلاحاً، كيف لهنّ حمله وهنّ يملكن ما هو أقوى وأقسى، يملكن صوتاً اجتمع فى دوائر ليصنع «الثورة» فى 30 يونيو، وتفرّق بعدها فى صناديق تحمل «صوت المستقبل» فى الاستفتاء على الدستور، يملكن إرادة وعزماً لا يقهره الرجال، وقوة وبأساً لا يظهران سوى فى الشدائد.
ليست أمينة «سي السيد»، ولا علياء «رمز التعري». هي الآن أبعد ما تكون عن هذه وتلك، نفضت سنوات خضوع الأولى عن نفسها، أخذت منها ما أخذت من طباع أصيلة في كل امرأة مصرية، وتركت الباقي تلتهمه كتب التاريخ وحواديت الدراما، ولفظت الثانية جملة وتفصيلاً، لم تعُد تلك المحصورة بين «نهد وفخذ»، شبّت عن الطوق، وتحررت من قيود لم تكن يوماً فى المظاهر.
يقولون إن مصر فى الأصل «أم»، ليست أماً عادية، بل «أم الدنيا»، لا منشأ للكلمة ولا هدف من اختيار وصف الأم أو التأنيث بشكل عام، لتظهر الدلالة الآن، حين تحلّقن حول المستقبل يحمينه، بأجسادهن تارة فى الميادين، وبأصواتهن أخرى فى الصناديق، تلفحّت كل منهن بحلم وأمل ورغبة عارمة فى البقاء، وخرجن إلى الغد ساعيات مناضلات، لا يسبق أسماءهن ألقاب، ولا يحرصن على صورة هنا أو بوستر هناك، رغبن فى المستقبل، وها هو يأتيهن كما أردن.. أذهلن العالم مرة، حين خرجن دون رتوش أو مساحيق يلبّين نداء الثورة على القمع والظلم والإرهاب، أسقطن مرسى، وبالأحرى «خلعناه»، تبتسم إحداهن وهى تقولها، تعلم ما للخلع من تأثير سيئ فى قلب كل رجل، كان زوجاً أو حاكماً، وأعدن الكرّة، حين خرجن صوب الصناديق، وكأنها «نداهه المستقبل»، رقصن وهللن وفرحن بغد قادم لا محالة، لم يأتهن على طبق مذهّب، بل جاءهن بكد وتعب، هنا للنجاح طعم آخر.. يحين وقت السؤال: وما المقابل؟.. لا تتردد فى الإجابة قاطعة كل الظنون: «نشترى مصر ونهديها لأبنائنا»
هكذا كتبت شيماء البردينى في جريدة الوطن
واقول لها صدقت
فقد استكملت المرأة مشاركتها في ثورتي 25 يناير و30 يونيو،
بمشاركة منقطعة النظير وواصلت حفر تاريخا طويلا من التضحيات من أجل وطنها, وعبرت عن عمق وعيها السياسي والإيماني والحضاري والثقافي".
فالخروج العظيم للمرأة المصرية في 14 و15 يناير، وبهذه الحشود الهائلة وبالبهجة والفرحة التي تفجرت من القلوب أعلنت للدنيا من جديد أن ما حدث ويحدث في مصر هو ثورة وإرادة شعب وإصرار على إرساء دعائم الاستقرار والأمن والأمان واستكمال خارطة المستقبل"
فخروجها يجسد كفاح المرأة وحضورها الإيجابي في الحياة، وحقها في الوجود الإنساني والمشاركة الفعالة في صناعة الحياة، وعلى أصداء الاحتفال بعيد الأم ،وإذا كان لنا أن نحتفى بالمرأة المصرية في هذا العام، فإن لنا أن نحتفى بمشاركتها في ثورتي مصر المجيدتين .
إن حضور الثورة يعنى حضور المرأة. فلم تكن هناك ثورة فى العالم لم تشهد مشاركة للمرأة.
ويذكرنا التاريخ المصري بأن المرأة كان لها حضور ففي كل الأحداث الثورية أو المطالب الاحتجاجية. ولن أذكر هنا خروج المصريات للتظاهر دفاعا عن مبادئ ثورة 1919، وزعيمها سعد زغلول أو مشاركة المرأة في مساندة ثورة يوليو 1952، بل قد أعود إلى بدايات النهضة المصرية على يد «محمد على» حيث نقرأ هذا النص عن الجبرتي، والذى وصف فيه اعتراض النساء على قرار محمد على بتغيير نظام الالتزام، وحضر جمع من النساء إلى الجامع الأزهر. وكان قد اجتمع معهم الكثير من العامة، واستمروا في هرج إلى بعد العصر. وذهب النساء وهن يقلن «نأتي في كل يوم على هذا المنوال حتى يفرجوا لنا عن حصصنا ومعايشنا وأرزاقنا».
لم تحتج المرأة هنا أمام محمد على (الوالي الغير مصري والغريب عنها ) وإنما ذهبت إلى مشايخ الأزهر الذين أسهموا في تنصيبه واليا، ولإدراكهن أن قوة الأزهر ورجاله إنما هي القوة الحقيقية التي جاءت بالحاكم، وأن من مسئوليته أن ينصفهن.
إن هذا الوعى الكامن في سلوك النساء هو وعى حضاري بإدراك المصلحة العامة، يتجاوز المصالح الفئوية الضيقة، ويحدد المسارات الصحيحة للتاريخ.
وأحسب أن هذا الوعى قد تجسد بشكل كامل في مشاركة المرأة في ثورة 30 يونيو ، فلم تكن هذه المشاركة من أجل الدفاع عن قضايا المرأة، بل كانت مشاركة من أجل الدفاع عن قضايا الوطن، من أجل دفع الظلم الذى جثم على ظهور المصريين فقصمها، ومن أجل البحث عن العدل لا للمرأة فحسب بل لكل المصريين.
ولقد رأينا نماذج نادرة لفتيات ونساء يهتفن بسقوط النظام، ويدافعن عن أفكارهن ومواقفهن، ويخطبن في الجماهير بحماس منقطع النظير، ويساعدن فى تقديم الطعام والشراب، ويندفعن لمواجهة من يحاولون اغتصاب الامن والوطن من بين أيدى الثوار.
ومثلما أفرز الميدان قادة من الشباب الذكور فقد أفرز أيضا قادة من النساء يشكلن «نخبة نسائية» بازغة سوف يكون لها دور بارز فى رسم مستقبل الوطن.
إن هذه الأفعال البطولية إن دلت على شيء فإنما تدل على أن المرأة المصرية على اختلاف انتماءاتها وهوياتها لا تختلف عن الرجل فى مزاجها النفسي أو استعدادها الثوري، كما أنها يمكن أن تقوم بنفس الأعمال التي يقوم بها الرجل. لقد قدمت المرأة في الميدان نمطا من تقسيم العمل بين الذكور والإناث يختلف عن النمط الشائع. فلم تكن هناك أدوار محددة للذكورة والأنوثة على غرار ما تقرر الأطر الثقافية الجامدة، بل إن المرأة هنا أثبتت أنها يمكن أن تتبادل الأدوار الاجتماعية مع الرجل وأنها قادرة على انجاز كل المهام، وكأنها ترسل إلى المجتمع رسالة تقول فيها: ها أنا ذا أستطيع أن أشارك وأقرر وأنجز وأننى لست بهذا الضعف وتلك الاستكانة. لقد تحول «الميدان الثورى» ميدان التحرير إلى رمز لانصهار البشر، وامتزاج المشاعر، والمشاركة من أجل انجاز غاية واحدة وهدف مشترك. فماذا عسى أن تكون الدلالات الرمزية التى يمكن أن نشتقها من هذه المشاركة!.
من أهم الدلالات أن المرأة تؤكد هنا أن المعنى الحقيقى للوجود الإنسانى هو المشاركة ليس الاستبعاد. فالوجود الإنسانى الحق هو الوجود الذى يحقق فيه كل البشر المشاركين حياة كريمة تقوم على المساواة والعدل، واتاحة الفرصة أمام البشر المشاركين حياة كريمة تقوم على المساواة والعدل دون تمييز أو تهميش أو استبعاد. إنه الوجود الذى يشبه هذا الوجود المتحقق في «الميدان». ويشتق من هذا منطقيا أن يكون الأمل معقودا على أن يهجر المجتمع أساليبه القديمة في تهميش المرأة سياسيا واجتماعيا، وأن يهجر الصور التي يمكن أن تجعل منها كائنا ضعيفا. لقد أثبتت الثورتين حضور المرأة في قلب الأحداث مؤثرة فيها، بل وقائدة لها أحيانا فلماذا تحاصرها الثقافة بسد قنوات المشاركة السياسية أمامها.
وخاصة بعد ان اجتازت المرأة هذه المراحل بعد ثورة 30 يونيو وما فعلته في الاستفتاء
إن روح الثورة التى شاركت المرأة فى تأسيسها لابد وأن تعمل على تنوير هذه الثقافة، وإحلال ثقافة المساواة التى سادت فى أثناء الثورة. وتحتاج عملية التنوير هذه إلى تغيير جذرى فى أساليب التنشئة الاجتماعية فى الأسرة والمدرسة ووسائل الاتصال الجماهيرى، وتغير جذرى فى التصورات النمطية الجامدة التى تسيطر على تفكيرنا ورؤيتنا للعالم. أقصد بطبيعة الحال التصورات حول دونية المرأة، ونقص عقلها، وقلة حيلتها، وكسر جناحها، وعدم قدرتها على مواجهة مصاعب الحياة وضرورة خضوعها للرجال. وغير ذلك من التصورات التى تؤكد حلول المرأة فى مرتبة أدنى على نحو مطلق.
إن أحد الدروس المهمة التي يجب أن تستخلص من ( الاستفتاء ) هو أن المستقبل لا يصنع إلا بثورة على عقولنا وعلى أنماط تفكيرنا الجامدة، وأننا بحاجة إلى أن نجعل مفهوم المواطن الإنسان هو محور الاهتمام بصرف النظر عن نوعه ودينه وموطنه أو مستواه الاقتصادي. إن استدعاء هذا المفهوم والعمل على ترسيخه فى الضمير الجمعي للأمة عبر الخطاب السياسي والثقافي، وعبر قنوات التنشئة الاجتماعية يؤدى إلى تقليل الانقسامات في الأفكار والرؤى، ويؤدى إلى أن يصطف الجميع رجالا ونساء من أجل مستقبل زاهر لهذا الوطن. كما أن استدعاءه يوقظ في بلدنا «قضية حضارية» أحسب أن النموذج الحضاري المصري قد قدمها إلى العالم ضمن الكثير مما قدمه، وهى أن النهضة تتحقق على أسمى ما يكون عندما «يصير الكل إلى واحد»، وعندما تنعكس الصور المتعددة فى صورة واحدة.
وعندما لا يغيب الهدف الواحد فى تعددية الأهداف والمرامي. لقد كان هذا النموذج هو النموذج الذى جسدته الثورة فى الميدان، وجسدته المرأة في 30 يونيو وانتصرت له في الاستفتاء على الدستور 2013 فعبرت عنه المرأة خير تعبير، وهذا هو النموذج الذى نأمل أن يسهم في تشكيل المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم


.. المشاركة تفريد الباسط




.. -بالزهور وسنابل القمح مستمرون في حراكنا السلمي-