الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطايا السَّيد المسيح - 2

هشام آدم

2014 / 1 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


[هذا المقال مُخصص للرد على بعض تعليقات المقال السَّابق]


في البدء يجب أن أشكر الصُّدفة الرَّائعة التي جمعتني مُجددًا بصديقي الأسفيري (حكيم العارف) والذي أراه الآن بعد غيبةٍ وانقطاعٍ طويلين، وأتذكر الآن بعض الصَّديقات والأصدقاء الأسفيريين الذين أفتقدهم بشدِّة، وأتمنى صادقًا أن يكونوا بخير، ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر:
* وجيدة
* حمزة البديري
* Nana Ameen
* ليندا كبرييل (قارئة الحوار المتمدن)
* Sir. Galahad
* المنسي القانع
* سرسبيندار السندي (س. السندي)
* عبد القادر أنيس
* عهد صوفان
* المترصد
* مكارم إبراهيم
وآخرون كُثر مازالوا عالقين في ذاكرتي التي أصابها الوهن على غير كِبَر.

والآن نعود إلى موضوع المقال الرئيسي، وقبل أن أبدأ باستعراض التعليقات والرَّد عليها، أرغب في إرساء قاعدة فلسفية أساسية، حتى لا يكون الحوار على أرضيةٍ رخوة، وكنتُ قد فكَّرت أن أبدأ مقالي هذا بتناول بعض المفاهيم العامة والمُتداخلة بغرض فك الالتباس بينها، مثل: الأخلاق، المبادئ، الآداب العامة، القانون، الدين، التربية، الأعراف والتقاليد. ثم عدلتُ عن ذلك لمَّا رأيتُ أنَّ مدخلًا كهذا، رغم أهميته البالغة، قد يتطلَّب عدَّة مقالات، ولكن أترك أمر البحث حول هذه المفاهيم للقراء، وأبدأ أنا حديثي بتناول مفهوم (المُطلق)، فهل نعرف ونفهم فعلًا ماذا يعني هذا المفهوم؟ منبع سؤالي، في الحقيقة، هو أنَّ غالبية التعليقات الواردة في المقال الأول إمَّا أنَّها تشي بعدم فهم حقيقي وواضح لمفهوم المُطلق، أو أنَّها تتغاضى عن هذا الفهم وهذه المعرفة وتتجاوزه. ولشرح هذه النقطة، دعوني أبدأ بهذه الأسئلة كرياضة ذهنية للإحماء فقط:
* هل الأخلاق مفهوم ثابت مُطلق أم مُتغير نسبي؟
* هل هنالك مصدر للأخلاق؟ وهل هذا المصدر (إن وُجد) ثابت مُطلق أم مُتغير نسبي؟

بعض المُتدينين، إن لم يكونوا كلهم، يرون أنَّ هنالك مصدرًا للأخلاق، وبالضرورة فإنَّ هذا المصدر هو (الله)، وبالضرورة فإنَّهم يعتقدون أنَّ هذا المصدر ثابتٌ ومُطلق، ورغم أنَّه من المُعيب أن نعتقد بمفاهيم ستاتيكية static بعد ما يقرب من مائةٍ وثلاثين عامًا على ظهور قوانين الجدل الماركسي dialectic ، وما يزيد من نصف قرنٍ على نظرية النِّسبية لألبيرت أينشتاين، التي حطمت أسطورة الثابت والمُطلق، وأطلقت عليهما رصاصة الرَّحمة، إلَّا أنَّني سأُناقش هذا الأمر، لأنَّ العلم والنَّظريات العلمية ليست بذات أهميةٍ تُذكر لدى كثيرٍ من المُتدينين، لاسيما إذا تعارضت مع "ثوابت" عَقدية dogmatic لديهم.

حسنًا، الله هو مصدر الأخلاق، وهو ثابتٌ ومُطلق! فإذا عرفنا أنَّ هنالك عشرات الآلهات اليوم، لأنَّ الإله اليهودي ليس هو الإله المسيحي، والإله المسيحي ليس هو الإله الإسلامي، والإله الإسلامي ليس هو الإله الهندوسي، والإله الهندوسي ليس هو الإله البوذي ... وهكذا، فإنَّنا سنجد أنَّ تعدد الآلهات يضرب في اعتقادنا بثبات المصدر، فكيف يكون المصدر ثابتًا ومُتعددًا في الوقت ذاته؟ وحتى إذا افترضنا أنَّ الأهم هنا هو اعتقاد المُتدينين بوجود مصدر فوقي واحد للأخلاق، بصرف النظر عن كينونة هذا المصدر أو اسمه أو حتى اختلاف تصوراتهم عنه، فإنَّ هذا الاعتقاد يضرب في كون هذا المصدر الثابت مُطلقًا، لأن التعاليم مُختلفة، فهل قد يعترف المسيحيون، مثلًا، بأخلاقية تعاليم الإسلامي؟ بالطبع لا. فالناتج أنَّ لدينا مصادر مُتعددة (وليست ثابتة) ولكل مصدر تعاليم مُختلفة (نسبية وليست مُطلقة)، وهذا يجعلنا نقول بأنَّ الأديان (من حيث هي الشكل المُؤسسي للعلاقة بين الإنسان والله) ليست مصدرًا للأخلاق. بالطبع لن أتطرق إلى وجود نماذج غير أخلاقية لرجال الدين أو المُتدينين، ولكن هل باستطاعتنا فعلًا أن نقول: "المُتدين لديه أخلاق وغير المُتدين بلا أخلاق"؟ بالطبع لا يُمكن. الواقع يقول إنَّ هنالك من المُتدينين من لديهم أخلاقٌ ومنهم من ليس لديهم أخلاق، وكذلك غير المُتدينين، منهم من لديهم أخلاقٌ ومنهم من ليس لديهم أخلاق أيضًا.

إلى هذا الحد يُمكننا أن نفهم تمامًا أنَّ التدين أو حتى عدمه لا علاقة له بالأخلاق ببساطة لأنَّ الأخلاق من المفاهيم المُجرَّدة أو المُجرَّدات Abstractions ومصدرها هو الإنسان نفسه (وليس الله). الإنسان من حيث هو كائنٌ مُتفاعلٌ مع بيئته ومع ما حوله من أشياء، وحيث أنَّ الإنسان (كأيَّ شيءٍ آخرٍ في الكون) نسبيٌ وغير ثابت، فكذلك الأخلاق نسبيةٌ وغير ثابتة، ولهذا تختلف عادات الشعوب وتقاليدها وقوانينها، وحتى المعايير الأخلاقية تختلف من فردٍ لآخر، وشعبٍ لآخر، ومن أتباع ديانة لأتباع ديانةٍ أخرى، لأنَّ الدين في أساسه واحدٌ من المكوِّنات الثقافية للإنسان، وبعبارةٍ أخرى: الدين صناعةٌ بشرية أملتكها الطبيعة البشرية، ولهذا تتعدد الأديان والمُعتقدات والتعاليم. ومن الطَّبيعي أن ترى كل مجموعة بشرية أو جماعة أو أتباع ديانة أو حزب سياسي أو قبيلة أنها على صواب والبقية على خطأ، ولهذا يرى المسيحيون عيوب مُحمَّد ولا يرون عيوب المسيح، ويُبررون لسلوكه وأقواله ولا يُبررون لسلوك وأقوال مُحمَّد.

عمومًا، أرى أنَّي قد أطلتُ في المقدمة، ولكن كان لابد منها على أيّ حال. هذا الجزء سوف أُخصصه للرد على تعليقات السَّيد شاكر شكور، بالإضافة إلى بعض التعليقات المُتفرِّقة التي رأيتُ أنَّها تستحق الرَّد، مع كامل احترامي لكل التعليقات، وسوف أبدأ بذكر التعليق أولًا ثم تعليقي أو ردِّي عليه.

يقول السَّيد شاكر شكور: "كلنا نعلم بأن السيد المسيح عاش حوالي مدة ثلاثة وثلاثون عام على الأرض خالط وعاصر فيها التشدد اليهودي ممن يعبدون الحرف التوراتي وشاهد ايضا ظلم الرومان في استعباد الشعب ومع هذه الفترة وجدنا ان ما مكتشف في هذه المقالة مما يعتقده الأخ الكاتب زلات في القياس البشري لهذا العصر لا يتعدى عدد هذه الزلات اصابع احدى اليدين"(انتهى الاقتباس)

هنالك ما يُسمَّى بالكُليَّات المُوجِبة the positive absolutes والحقيقة أنَّ نقد أو دحض أو حتى نسف الكُليَّات المُوجِبة لا يحتاج لأكثر من مثالٍ واحدٍ مُخالف لتسقط الكُليَّة المُوجِبة بأكملها، وتجعلها خاطئة أو غير كاملة أو دقيقة، وبمعنى تجعلها غير كُليَّة، هنا المسألة غير مُرتبطة بالعدد أو بالكم أبدًا، فمثلًا عندما يقول أحدهم: "الإوز أبيض" فهذه كُليَّة مُوجِبة لأنَّه يعتقد بأنَّ كل الإوز أبيض، وحتى تُصبح عبارته صحيحةً (وبالتالي اعتقاده صحيحًا كذلك) فيجب أن يكون فعلًا كل الإوز أبيضًا، وإلَّا فإنَّنا لو عثرنا على إوزٍ واحدٍ أسود مثلًا فإنَّ جُملته ستكون غير صحيحة، ولا يحتاج الأمر إيجاد فصيلةٍ كاملةٍ من الإوز الأسود حتى يُصبح نقدنا صحيحًا، لذا فإنَّ استخدامنا للكُليَّة المُوجِبة يُعتبر مُجازفةً حقيقية. علمًا بأنَّ الآراء الذَّاتية هنا ليست ذات اعتبار، كأن يرفض الشخص الاعتراف بوجود إوزٍ غير أبيض، أو يُجادل حول ما إذا الإوز الذي عثرنا عليه أسودًا فعلًا أم رماديًا، أو ما إذا أسودًا أصلًا أم، كما فعل السَّيد شاكر شكور عندما قال: "ولنرى هل كانت هذه الزلات غير اخلاقية فعلا"(انتهى الاقتباس)

يقول السَّيد شاكر شكور: "عندما يخاطب الأبن اباه ويقول له عبارة (يا رجل) فهل هذا يعني انه يقلل من احترام الأب؟ إذن لماذا تكون عبارة يا إمرأة بمثابة اهانه لها هل لأننا نحمل ثقافة شرقية؟ العوائل في الغرب ينادون بعضهم البعض بأسمائهم بدون اي كلفه بينهما فهل هذا هو قلة احترام الصغير للكبير ام هي ثقافة كل بلد ؟ بعض المفسرين يقولون ان في اللغات القديمة كالآرامية لم يكن هناك فرق بين كلمة إمرأة وكلمة سيدة"(انتهى الاقتباس)

الغريب أنَّني أوردتُ مثال الأب فعلًا حتى لا يُفهم أنَّ الأمر له علاقةٌ بالثقافة الشَّرقية الذكورية، وقلتُ نصًا: "مُخاطبة الأم أو الأب بالخطاب الجندري فهذا من قلَّة التأدب"(انتهى الاقتباس) وإلى هذا الحد فلا أظن أنَّ للأمر علاقةٌ بقضية ثقافة شرقية أو غربية، علمًا بأنَّ يسوعًا ينتمي إلى الثقافة الشَّرقية وليست الغربية، وعلى أيّ حال فحتى في الغرب فلا أحد يُنادي أحد الوالدين بخطابٍ جندري: "يا رجل" أو "يا امرأة"، فحسب ما أعلم فإنَّهم يُنادونهم بوصفهم البيولوجي الوظيفي:
"dad"، "mom"، "père"، "mère"، "papá-;-"، "mamá-;-"
هذا عندما يتعلَّق الأمر بمُخاطبة الوالدين، رغم أنَّهم ينسبون المرأة المتزوِّجة إلى اسم عائلة زوجها، وهذا موضوعٌ آخر، ولكن دعونا نُراجع السِّياق الذي وردت فيه عبارة "يا امرأة" لنرى ما إذا كان سياق احترام أم غير ذلك، سنجد أنَّ أوَّل التعابير التي استخدمها يسوع في الرَّد على أُمه كانت: "ما لي ولكِ" والتي تُقابلها في التَّرجمة الإنكليزية: "what have I to do with thee" هذه العبارة تحديدًا تُعطينا قرينة عدم التأدَّب، فهل من اللباقة أن نستخدم هذا التعبير مع شخصٍ تحترمه؟ ولنتخيَّل أنَّ مدير شركةٍ ما يسأل المدير المالي لشركته عن الميزانية الرُّبع سنوية، فهل إجابة مثل: "ما لي ولكَ" قد تُفهم على نحوٍ آخر غير قلِّة التأدب؟ لا أعتقد ذلك.

أمَّا فيما يتعلق بالقول إنَّ اللغة الآرامية واللغات القديمة لم تكن تفرِّق بين كلمة "امرأة" و "سيِّدة" فهذا مما لا يُقدِّم أو يُؤخر في شيء، لأنَّ المُطلوب هو المُقاربة بين كلمتي: "امرأة" و "أم" وليس: "امرأة" و "سيِّدة"، فحتى لو كان السَّيد المسيح قال: "ما لي ومالكِ يا سيِّدة" لبقي التَّساؤل قائمًا: "لماذا نادى المسيح أُمه بصيغة النكرة أو المجهول؟" لأنَّني لم أعترض على كلمة (امرأة) باعتبارها وصفًا مُعيبًا، ولذا قلتُ نصًا: "من البديهي أن نعترف بأنَّ الكلمة نفسها ليست معيبة أو مسيئة"(انتهى الاقتباس) على أنَّ الاستنجاد بالتَّاريخ واختلاف العصور في هذا المقام يُذكرني باستنجاد المُسلمين بالتَّاريخ ليُبرروا زواج نبيهم من طفلةٍ لأنَّ زواج الصَّغيرات كان شائعًا ومعروفًا في تلك الحقبة، ولم يكن ضد الأخلاق! فهل السّيد شاكر شكور (أو غيره من الأخوة المسيحيين) قد يُقنعهم هذا التبرير التَّاريخي لزواج مُحمَّد من عائشة وهي طفلة؟ لا أعتقد ذلك، فلماذا إذن يُقنعهم التبرير التَّاريخي لمُناداة أمه بصيغة النكرة أو المجهول؟

وأخيرًا حول هذه النقطة. في الترجمة شيء يُقال له: (الترجمة الثقافية) فلا يكفي أن تكون مُلمًا باللغة التي تترجم عنها، بل يجب أن تكون مُلمًا أيضًا بثقافة أهل تلك اللغة، هذا إن أردتَ أن تكون ترجمتكَ أمينةً ودقيقةً، وليست صحيحةً فحسب. ذكَّرني هذا بما قاله البروفيسور عبد الله الطَّيب1 عن الترجمة الثقافية، وضرب مثالًا بترجمة مقطع السُّوناتة الثامنة عشر لوليام شكسبير التي يقول فيها:
Shall I compare thee to a summer s day
والترجمة الصَّحيحة لهذا المقطع هي: "هل أُقارنكِ بيومٍ صيفي؟" ورغم صحة الترجمة اللغوية إلَّا أنَّها تظل ترجمةً غير دقيقة وغير أمينة، فشكسبير يُحاول أن يتغزَّل بمحبوبته، فما وجه الغزل بمقارنة الحبيبة بيومٍ صيفي؟ لأنَّ المقطع التالي يقول:
Thou art more lovely and more temperate
أي: "أنتٍ أكثر جمالًا واعتدالًا" فأين الجمال في اليوم الصيفي الحار؟ الإجابة سنجدها في ثقافة شكسبير وبيئته الباردة والضبابية على مدار العام تقريبًا، ففي بيئةٍ ذات مناخٍ باردٍ وقارس يكون فصل الصيف شيئًا جميلًا، على العكس من بلادنا الشرق أوسطية التي يكون فيها فصل الصيف حارًا ومُثيرًا للإزعاج، فعند ترجمة النص يجب مُراعاة هذه الفوارق حتى يصل إلينا المعنى كما أراده شكسبير، وعندها تكون الترجمة الأمينة والدقيقة: "هل أُشبِّهكِ بيومٍ ربيعي؟" فكان يجب على مُترجمي الكتاب المُسمى كتاب مُقدَّس مُراعاة هذه الفروق الثقافية، إذا كانت الحجة التَّاريخية صحيحةً فعلًا، وعلى أية حال فهذه نقطةٌ هامشيةٌ ليست لها قيمةٌ اعتباريةٌ في هذا المقام.

يقول السَّيد شاكر شكور: "من حق الخالق المتجسد ان يضع حد بينه وبين خلائقه حتى ان كان المنادى امه من جهة الناسوت وإن ناداها بإمرأة ليس هذا اقلال من احترامها بل تأكيد لها بأن الذي يتحدث هو اللاهوت الذي يعتبر اي إمرأة هي من خلائق لاهوته وهذا لم يحدث إلا عندما شرع المسيح بخدمته الاهوتية"(انتهى الاقتباس)

يسوع هو الله، والله يحق له أن يعتبر مريمًا وأن ينظر إليها كأحد خلائقه من جهة لاهوته لا من جهة ناسوته! حسنًا، دعونا نناقش هذه المسألة قليلًا لنفهم الأمر جيدًا. إذا كان يسوعٌ هو الله المُتجسِّد فهو كذلك منذ لحظة ولادته النَّاسوتية، وليس منذ بداية خدمته اللاهوتية كما جاء في رد السَّيد شاكر شكور، ولكن يسوعًا أظهر أو ظهرت ألوهيته ببشارة يوحنا المعمدان يوم أن عمَّده في نهر الأردن، وكان ذلك قبل العرس الذي في قانا بالجليل. ومن ناحيةٍ أخرى فإن قول السَّيد المسيح لأُمه: "لم تأت ساعتي بعد" يُوضِّح أنَّه حتى لحظة نُطقه بتلك الجُملة لم يكن قد بدأ بالخدمة اللاهوتية بعد، وعلى هذا فإنَّ مُناداته لأُمه بتلك الطريقة غير مُبررة لأنَّ خدمته اللاهوتية لم تبدأ إلَّا بعد الجُملة وليس قبلها. ومع معرفتنا بأنَّ اللاهوت والنَّاسوت مُتحدين باستمرار بلا انفصال فهذا يجعل كلاهُما حاضرًا في الوقت ذاته، فهو عندما قال جُملته تلك كان لاهوتًا وناسوتًا أيضًا، وعندها لا نستطيع أن نعتمد على تبريرٍ من مثل: "الذي يتحدث هو اللاهوت" لأنَّ ذلك يعني غياب النَّاسوت ولو جزئيًا. فهو عندما قال كلامه كان هو الله وكان هو ابن مريم في الوقت عينه. وعلى أي حال فحتى عندما خاطبها مرَّة أخرى بصفته ابنها النَّاسوت ناداها بصفة (امرأة) ونجد ذلك في الإصحاح التَّاسع من إنجيل يوحنا: "فلما رأى يسوع امه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لامه: يا امرأة هوذا ابنك"

يقول السَّيد شاكر شكور: "ومما يدل بأن المسيح لم يقصد اهانة امه قوله لأمه لم تأتي ساعتي بعد لكنه فعل ما طلبته امه وهذا هو اكبر تكريم واحترام وتقدير لأمه لأنه غيّر خطة خدمته لأجل ان يرضي ويطيع اوامر أمه؟"(انتهى الاقتباس)

هل فعلًا غيَّر (الله) خطة خدمته إرضاءً لأُم الإنسان، وهو الذي -حسب قولك- كان قبل لحظاتٍ من حقه أن يضع حدًا بينه وبين خلائقه، حتى وإن كانت أُمه؟ عمومًا، أنا أحيانًا حين تطلب منِّي أُمي أمرًا لا أرغب في فعله أتضجَّر وأتأفف، ولكني أرضخ لها دائمًا. هكذا نحن البشر نجمع التناقضات! فحين أتضجَّر وأتأفف أكون عاقًا، وحين أرضخ آخر الأمر أكون بارًا. ولكن فكرة أنَّ الله قد يُغيِّر خطته من أجل إنسان هذه فكرةٌ غريبة!

يقول السَّيد شاكر شكور: "في ما يخص الخمر في عرس قانا تشير احداث القصة ان رئيس المتكأ رغم سكره شعر بلذة الخمر الذي صنعه المسيح وهذا يدل الى انه صحى وعاد يشعر وهذا يثبت بأن الخمر الذي صنعه المسيح لم يكن خمرا أعتياديا"(انتهى الاقتباس)

لا أدري لم تذكرتُ خمر الجنة الإسلامية غير المُسكرة عندما قرأتُ هذا الكلام! أتدرون ما هي الخمر؟ ولماذا يُشرب الخمر؟ ولماذا سُمَّي الخمر خمرًا؟ أقول ذلك لأنَّه عندما يتكلَّم المُسلمون والمسيحيون عن الخمر فكأنَّما يتكلَّمون عن شيءٍ آخر غير الخمر التي نعرف. لا أعرف بماذا أرد على شخصٍ يقول لي بأنَّ سكرانًا أفاق عندما شرب خمرًا، بل إنَّه (عندما أفاق) ذهب ليشكر مُضيفه على الخمر الجيَّدة!! حقيقةَ هذا من الغرائب التي تواجهني في مُناقشاتي مع المُتدينين. يا سيَّدي المُحترم، القصة تقول إنَّ رئيس المُتكأ عندما (تذوَّق) طعم الخمر عرف أنَّها خمرٌ جيدة، ومعرفة الخمر الجيدة والسيئة لا علاقة له بحاسة التَّذوق، إلَّا إن كنتم تعتقدون أنَّ الخمر تُعطِّل حاسة التَّذوق فهذا أمر آخر! ولكن إذا كانت الخمر التي صنعها يسوع غير مُسكرة فماذا قصد رئيس المُتكأ عندما وصفها بأنَّها (جيدة)؟ هل كان يعني أنَّها (لذيذة) مثلًا؟!

يقول السَّيد شاكر شكور: "في ما يخص اقنوم الأبن لا يعرف الساعة ، السيد المسيح لم يقل إني لا اعرف الساعة بل قال حتى الأبن لا يعرفها وهنا كلمة الأبن خصّ بها ابن الأنسان لأن المسيح لم يقل ان ابن الله لا يعرفها فهو قد قال سابقا أنا والآب واحد فمن غير المعقول انه قصد ابن الله . والمسيح له طبيعة بشرية يأكل ويشرب ويبكي ويصلي الى لاهوته كأنسان ولاهوته المتحد بناسوته لم يعطي رخصة لناسوته ان يعرف الساعة لكي لا يعطي رخصة ايضا لكل البشر وبهذا حقق العدالة بين ناسوت المسيح وبقية البشر"(انتهى الاقتباس)

حسنًا، لدينا الآن (ابن الله) و (ابن الإنسان) ناسوتًا ولاهوتًا، وهما مُتحدين بلا انفصال ولا حتى لطرفة عين، وابن الله يعرف موعد السَّاعة، ولكن ابن الإنسان (المُتحد معه) لا يعرف!! علمًا بأنَّ ابن الله احتاج لابن الإنسان (أي جسده) كي يتكلَّم وينطق بهذه الجُملة!! لا بأس، لنحاول باستخدام منطق السَّيد شاكر نفسه: الذي تكلَّم وقال: "وأمّا ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب" هو ابن الله وكان يقصد بالابن هنا أي ابن الإنسان ولم يقصد ابن الله، ولكن في موضعٍ آخر يقول: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلَّا أبي وحده"(مت 24: 36) فقوله هنا: "إلَّا أبي" تعني ابن الله وليس ابن الإنسان! وعلى أيَّة حال فإنَّ القول بأنَّ ابن الله يعرف وابن الإنسان لا يعرف فهذا يطعن في اتحاد الطبيعتين: النَّاسوت واللاهوت.

يقول السَّيد شاكر شكور: "الأفعى في المسحية ترمز الى الشيطان ورؤساء كهنة اليهود كانوا مرائين كالأفاعي يقولون ما لا يفعلون ويثقلون احمالا على الناس فوصف المسيح لهم صحيح وإن لم يكن قد وصفهم بأولاد الأفاعي لأصبح حاشاه منافقا مثلهم"(انتهى الاقتباس)

أولًا اسمحوا لي، وليسمح لي عزيزي السَّيد شاكر شكور أن أتقدم باعتذارٍ عن خطأ غير مقصود ارتكبته بإيراد شاهدٍ في غير موضعه، فالآية (مت 3: 7) وكذلك (لو 3: 7) اللتان وردتا فيهما عبارة (أولاد الأفاعي) لا تخصان السَّيد المسيح، وإنَّما يوحنا المعمدان، فأعتذر عن ذلك. نأتي الآن للرد: الحقيقة أنَّ من تعاليم مُحمَّد (رسول الإسلام) الجيدة قوله: "عن أبي هريرة أنه قيل يا رسول الله ما الغيبة قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" أنا شخصيًا أعتبر هذه من التعاليم الأخلاقية الجيدة، فحتى إن كان الوصف صحيحًا، فليس من حُسن الخلق وصف الشخص بما يكره، فليس كل شيءٍ يُقال، ناهيك عن أن يكون وصفك هذا رأيًا شخصيًا يخصك أنت ويخص ما تُؤمن به، فهل ترى من الخُلق أن تنعتَ غير المسيحي بالكافر كما يفعل بعض المُسلمين؟ حتى رغم يقينك الكامل بأنَّهم كافرون فعلًا بما تُؤمن به؟ لا أعتقد أنَّ أخلاقك تسمح لك بذلك، رغم أنَّ الوصف في حد ذاته صحيح، فإذا كنت أنت (كإنسانٍ غير كامل) لن تسمح أخلاقك بذلك فكيف سمحت أخلاق يسوع (الإنسان الكامل) بذلك؟ وحتى تلك الحقائق الموضوعية (وليس فقط الآراء الشخصية) لا يُمكن أن تُصرِّح بها، فلا نقول للأعرج يا أعرج، ولا للأعمى يا أعمى، ولا للبدين يا بدين، ولا للدميم يا دميم. الأمر هنا ليس له علاقةٌ بالنفاق، وإنَّما بالحس الذوقي، فعندما تنعت الأعرج بالأعرج، فلا تتوقع أن يُصفِّق لك الآخرون، بل سوف يعتبون عليك ويُوبِّخونك على (قلَّة أدبك) لأنَّها مُعايرة ومسبَّة، رغم أنَّهم يعلمون أنَّك صادق. هكذا تُوزن الأمور عادةً في ميزان الأخلاق.

يقول السَّيد شاكر شكور: "بخصوص طرد الباعة من الهيكل فقد قال المسيح لقد جعلتم بيت ابي بيت لصوص ومعنى هذا اعتبر المسيح ان الهيكل بيته ومن حق صاحب الدار ان يمسك عصى ويطرد اللصوص من بيته فهذا عمل مشروع في كل الأعراف"(انتهى الاقتباس)

إذن فأنت قد تُؤيد مُحمَّدًا في تحطيمه لأصنام قريش بعد دخوله مكة فاتحًا، لأنَّهم كانوا يعبدون الأوثان في الكعبة (بيت الله)؟ بالضرورة أوافقك الرأي بأنَّ صاحب البيت من حقه أن يطرد الدُّخلاء واللصوص من بيته، ولكن أليس من البديهي أن نُثبت أولًا بأنَّه صاحب البيت فعلًا قبل أن نتكلَّم عن حقه في طردهم؟ أنتَ هنا تتكلَّم بأُحادية وكأنَّ فكرة أنَّ يسوع هو ابن الله وهو الدَّيان حقيقةٌ مُسلَّم بها إطلاقًا، وتنسى أنَّها حقيقةٌ فقط بالنسبة إليك، وبالنسبة إلى المسيحيين! هذه مُشكلتنا مع العقائد الشمولية التي لا ترى إلَّا نفسها، ولا تسمع إلَّا صوتها وتعتقد أنَّ الحق والحقيقة معها فقط. ثم دعني أتساءل: لماذا برأيك يحق ليسوع أن يدين أحدًا في الدنيا إذا كان هنالك دينونة؟

كان بودي أن أرد على بعضٍ من تعليقات الأخوة، ولكنني أُحس بالتعب، فأنا لا أمتلك لوحة مفاتيحٍ عربية، وأعتمد على موقع arabic-keyboard.org في الكتابة، ولكم أن تتخيَّلوا مدى صعوبة الكتابة حرفًا بحرف، لذا سأكتفي بهذا القدر شاكرًا العزيز شاكر شكور وكل الأخوة الذين شاركوا بالتعليق على المقال الأول.



-------------
1- البروفيسور عبد الله الطيب (1921 - 2003) تعلم بمدارس كسلا والدامر وبربر وكلية غردون التذكارية بالخرطوم والمدارس العليا ومعهد التربية ببخت الرضا وجامعة لندن بكلية التربية ومعهد الدراسات الشرقية والأفريقية. نال الدكتوراة من جامعة لندن (SOAS) سنة 1950 عمل بالتدريس بأم درمان الأهلية وكلية غردون وبخت الرضا وكلية الخرطوم الجامعية وجامعة الخرطوم وغيرها. تولى عمادة كلية الآداب بجامعة الخرطوم (1961 - 1974) كان مديراً لجامعة الخرطوم (1974 - 1975). أول مدير لجامعة جوبا (1975 - 1976). أسس كلية بايرو بكانو "نيجيريا"، وهى الآن جامعة مكتملة. حصل البروفيسر عبد الله الطيب على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب عام 2000








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرسالة منهج وليس احاديث مقاهي
ابراهيم الثلجي ( 2014 / 1 / 22 - 21:13 )
هنا العنوان عن ما سمي خطايا المسيح ويعود البعض للغمز في الاسلام ،فرجاء من الجميع كي يكونوا مفيدين لانفسهم وللناس فهم لغة القران لغة العرب لان ما يثير الاشمئزاز ان ترى احدهم يعلق تعليقا غير ناضج وعلته عدم فهم اللغة والتي كانت معجزة القران الكريم
يمكن للعامة ان ارادوا الفهم العام بقلب مؤمن ان يدركوا المعاني واما من ارادها بحثا واعجازا ومعاجزة ان يلم بكافة ابواب اللغة ليكون مؤهلا كي يستمع له والا سيبقى يدور في حلقة مفرغة وهذا سر ضلال المسيحيين بالتحديد لانهم يقحموا انفسهم بالسيرة الذاتية للانبياء كفهمهم لقصة سندريلا وينسون الرسالة والمنهج نفسه وكما فعل اليهود من قبل عندما قالوا عن موسى عيب فيه في خصياته ، تخيل السقاطة تركوا المنهج والتفتوا بحثا وتدقيقا في خصوصياته والتي براه الله منها
وللافلاس الديني والفكري عند السفهاء يتركون التشريع واثره عليهم ويلهون انفسهم باحاديث مقاهي مع زفرات يائسة من دخان الاراجيل ورشفات مزيكة مرافقة لشفط الشاي
الوقت يجري ولا يرحم، اهتموا بما شرع الله لكم وضعوه في مكانه تفلحوا ....لتحصدوا عند انتهاء الموسم ويكون سعيكم مشكورا
هذا تمزمز وهذا تلذذ بالخمر ليس دينا


2 - تعليق
شاكر شكور ( 2014 / 1 / 22 - 23:11 )
عزيزي الأخ هشام ، اشكرك من كل اعماق قلبي للأهتمامك بالرد على ما كتبته في تعليقاتي على مقالتك السابقة ، لدي الكثير لأناقشه معك وأنا اعرف انك اهلا للنقاش لكن لا ارى نتيجة للجدل وهذا ليس انسحاب بقدر ما هو ترك المجال للقراء لتفحص بضاعتي وبضاعتك لأنتقاء ما يروه مناسب لهم ، هذا وان شخصية السيد المسيح أثير حولها جدل كثير منذ ان بدأ بخدمته ولحد الآن ، لقد استلمنا شهادة لأعماله الخارقة للطبيعة من قبل اربعة شهود والأنسان حر ان يصدقها او لا يصدقها ، المسيحيون يطبقون وينشرون كلام المسيح لأجل السلام والتآخي والمحبة بين البشر ، قد تكون بعض تصرفات المسيح غريبة بنظرك وقد تكون طبيعية بمن يؤمن بأنه انسان حلّ الاهوت به واستعمل الله جسده كحجاب ليظهر من خلاله ، وجود الاهوت المتحد بالناسوت لا يعني ذلك بأن الاهوت منع حرية الناسوت والغى دوره بالتصرف بعقلية إنسان ، تحياتي لك استاذ هشام وأنا متابع لأعمالك النقدية الرائعة المبنية على اسس سليمة في النقد الراقي المحايد


3 - المطلق و النسبي
nasha ( 2014 / 1 / 23 - 00:04 )
انا معك استاذي هشام كل الافكار هي نسبيه و من تاليف الناس وطبعا من ضمنها الاديان ولكن علينا ان نختار منها الافكار التي تبعدنا عن الحروب و التخريب و الانتقام و تمكن اكبر عدد ممكن من الناس من العيش معا بسلام ولا تخرب الطبيعه. وانا باعتقادي معظم هذه الافكار تطابق الفكر المسيحي


4 - ثلجي! فلقتنا
بشارة ( 2014 / 1 / 23 - 03:47 )
ان كان هنالك حاجة بعد لبراهين ان الاسلام يسبب ضعف في التفكير (لعثر الهضم الذي يسببه لجنس الهومو سابينز تربيع, بسبب التناقضات والتهافت في كل تفصيل فيه , فرعا كان او اصلا- لذلك اختلف علماء الذرة في كل شيء فيه) اقول ان كان هنالك حاجة بعد فانت مثال باراديغماتي
قرانك نفسه ,يا استاذ,يدخل في تفاصيل (حتى غرفة نوم) رسولكّ:من شبهة زنى عائشة الى قضية اشتهاءه امرأة ربيبه الى كون اهله واللي خلفوه من اصحاب الجحيم ,ولا اعلم ما الفائدة منها وما هي اهميتها بحيث تكون مسطورة في اللوح المحفوظ المزعوم منذ الازل
اما اللغة فهي لغتنا قبل ان تكون لغة الاميين ونحن المسيحيين اسيادها والتي لولانا لاصبحت في خبر كان وما وصلت الى البصمجية امثالكم
وعلى ذكر الفصاحة يا اخ كهيعص فقرانك مليء بالاخطاء اللغوية من جمع المثنى الى رفع الفاعل الى نصب المعطوف على المرفوع
هذا العجز اللغوي حقيقة واقعة شئتم الاعتراف بها ام انكرتموها
وابقى سلملي على امرات مرة بالتاء الممدودة ومرة بالتاء المربوطة


5 - موضوع نسبية الاخلاق طويل ومركب لندعه قليلا
بشارة ( 2014 / 1 / 23 - 05:48 )
استاذ ادم المحترم
من قال لك ان مخاطبة يسوع لامه ليست في سبيل المداعبة؟ الى اليوم يشتهر اليهود (فيما بينهم ) بالاكثار من الدعابة حتى في المسائل التي يفترض الاخرين فيها الجدية مثلا كأن يشتري الاب لابنه قبعة الصلاة المسماة كيباة على شكل فلقة بطيخة - حدث هذا مع جيراني. فان كنت قد ذكرت القرينة في-مالي ولك- التي تندرج هي ايضا ضمن الدعابة فانت لم تذكر انهم في احتفال فرِح, خلافا الى ان تنفيذه لطلب والدته (رغم انه لم تأت ساعته بعد) له مغزى الشفاعة التي تملكها مريم العذراء عند ابنها المسيح الرب فالحادثة هذا هو معناها وليس معناها ان الله يغير خطته بطلب من انسان فهو عالم بكل شيء

انت محق بالنسبة للترجمة الثقافية(تخيل عربي يقول لاحد الاسكيمو:اثلج الله صدرك او احد الاوربيين يقول لعربي سماءي مليـءـة بالغيوم بمعنى انه يمر بضيقات)لهذا بالذات لم يرتبط النص المقدس بلغة معينة(العبرية مثلا) لا بل شدد على ان ((الحرف يقتل اما الروح فتحيي)) بمعنى ان المعنى العام هو المهم وليست صياغة الفكرة بكلمات محددة.فالكتاب هو فكر الله بلغة بشر مرتبطة بوسطها التقافي المعرفي لذلك خلافا للقران فهي قابلة للترجمة لكل اللغات


6 - تتمة 1 , قضية معرفة اوان الساعة
بشارة ( 2014 / 1 / 23 - 05:54 )

تعلمنا الكنيسة ان الطبيعتان اللاهوتية والناسوتية في المسيح- لا تختلط او تمتزج او تتغير أي ان الطبيعة الواحدة لا تختلط وتمتزج في نفس الفعل ولا تتغير اي ان كل طبيعة على حدى لا تتأثر بالاخر فالناسوت يبقى كامل والللاهوت كذلك: فلو قال المسيح انا اعلم الساعة فهو محق فالطبيعة اللاهوتية تصرح بهذا ولو قال لا اعلم فهو محق أذ الطبيعة البشرية تقول ما تعرف...لذلك نرى المسيح يقبل بتجربة الشيطان له ويقبل بتعميده (لا لانه يفعل الخطيـءـة بل لانه يفعل ما على الانسان فعله) ويطلب ان لا يشرب كاس الصلب وفورا يتراجع راضخا لارادة الاب ويأكل ويحزن وينام, كل هذا بطبيعته الناسوتية الكاملة لكنه ايضا يحيي الموتى ويقوم هو من بين الاموات ويغفر الخطايا ويقبل السجود بطبيعته اللاهوتية.طبعا فهم تواجد الطبيعتين سر يفوق العقل لان ليس بمثله شيء الى ان وسعت العلوم افاقنا باكتشاف ما لا يمكن التحقق منه وساعدتنا قاعدة عدم التحديد لهايزبرج وحقيقة جديدة هي ان الاشياء ليست بالضرور بديهية وقابلة للحل فمثلا ان قال احد الصقليين جملة : كل الصقليين دائما كاذبين.انت لا تستطيع ان تقرر ان كان هذا الخبر صحيح او كاذب لانه لا صحيح ولا كاذب


7 - تتمة 2 ,
بشارة ( 2014 / 1 / 23 - 05:59 )
ولا صحيح تعني خاطيء ولا كاذب تعني صحيح فهو في ان واحد صحيح وكاذب: فان قلت ان الخبر صحيح فكون الذي قاله كاذب يجعل الخبر نفسه كاذب وان قلت ان الخبر كاذب فهو صحيح لان الحقيقة حينها هي ان كل الصقليين دائما صادقين وهكذا وفي النهاية يمكنك ان تقبل او لا تقبل هذا التفسير فالقضية قضية ايمان قلبي اكثر منها فهم عقلي رغم
هذه المقاربة

لنأتي لقضية الخمر
ما المانع ان يكون صاحب المتكأ وجد خمر الاعجوبة الذ مذاقا؟ وما الاشكال في هذا؟ ربما لا تعلم انت ان الخمور لها مذاقات مختلفة ومختلفة جدا بل اليوم لها ايضا اسماءها الخاصة بها
.
قضية وصف الناس باوصاف سيـءـة
معك حق وصف شخص بالاعرج والاعور والمختل الخ غير اخلاقي وغير لائق (وتتميز به مجتمعاتنا الاسلامية مثل وصف طفل بابن الحرام مع ان لا ذب له بما فعله ابويه) لانه لا ذنب اقترفوه بينما وصف الناس بالكفار فهو ايضا غير اخلاقي لانه يفترض الذنب افتراضا بينما في الحقيقة الكافر هو مؤمن بايمانه الخاص الذي يعتبره صادق.اما وصف اناس بالغشاشين او قطاع الطرق فيحل لانه يصف ((ذنوبهم)) على شرط ان يكون هذا الوصف صحيح وصادق والا فيتحول الوصف الى سباب او قذف


8 - تتمة 3
بشارة ( 2014 / 1 / 23 - 06:03 )
نأتي لطرد الباعة من الهيكل
ليس هنالك دليل ان المسيح سبب ضرر فعلي مثل التكسير والاتلاف والايلام لهولاء الاشخاص, ولو لم يكن محق بطردهم لواجه مقاومة من التجار نفسهم


اخيرا ملاحظة فنية: تستطيع الصاق مربعات لاصقة مكتوب عليها الاحرف العربية على كباسات الكيبورد كما فعلت انا ليوفر عليك عناء الكتابة بسهم الماوس

تحياتي


9 - شلن...بشارة
ابراهيم الثلجي ( 2014 / 1 / 23 - 08:08 )
هل سمعت عن الاعجاز العددي في لغة القران الكريم التي اكتشفها الدكتور بسام جرار في بحثه في كل كلمة وحرف من القران الكريم، وبالرغم ان الفرقان هو اساس الايمان بان تفرق بين الصح والخطا والكذب والصدق الا انه بالرغم من تلاوته على سبعة احرف فلم يختل المعنى ولا الاعجاز العددي
فهل محمد ص كان عنده منظومة كمبيوتر لتنسيق ذلك؟
واما عن موضوع التشكيك في نزاهة الرسل وشرفهم فهي صنعة الهابطين خلقيا في كل ازمان الانبياء للنيل من رسالات الحق عبر اغتيال سمعتهم بعد فشلهم علميا بستر الحقيقة وهذه اساسا لعبة كفرة بني اسرائيل ولا زالوا يلعبوها حتى اليوم
يترجموا كراهيتهم لانصار عيسى عليه السلام بتعهير الرهبان والصاق تهم جنسية لتهز الكنيسة وتبعد الناس عنها، وحتى ملوك وزعماء العالم لا زالوا على مرمى سهام الاشاعة لاسقاطهم حتى اليوم
فكيف بسفهاء الاحلام معدومي الثقافة ،والمصادر العلمية والتوثيقية عندما يتكلموا عن عظماء عبر التاريخ منذ الاف السنين واساله عن جيرانه فيكاد لا يعرف احدا منهم ويشكل من نفسه مصدرا تاريخيا؟؟
واستغرب من اللذين شبهوا الانسان بالشلن بوجه لاهوتي واخر ناسوتي
وهل صفة الوجهين حميدة لما تحب؟؟


10 - هههههه تفرق بين الصح والخطأ
بشارة ( 2014 / 1 / 23 - 10:29 )
لا واضح جدا المقدرة على التفريق بين الصح والخطأ
اما بالنسبة للخطيـءـة فلا نُشرك بعصمة الله احدا (لسنا صلاعمة)..لا رسل ولا غيره فكلهم بشر خطائين لكن الفرق بين انبياء الله ومدعي النبوة ان الاولين يتوبون الى الله اما الثاني فيستعمل الله لتبرير نزواته وسقطاته
انظر انت الى كراهيتك الى اتباع المسيح واترك اليهود فقاعات ارجلهم اعلى من قامات اكبركم اخلاقيا لذلك تراهم على قلتهم يستطيعون اذلال اضعاف اضعافهم من الاميين معاتيه الكذاب الارهابي العنصري قثم
قرانك الذي لا يساوي الشلن هو حمال اوجه ليس المسيح....اذهب وتعلم العربية ان كان عندك مشكلة في فهم المقروء


11 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 23 - 14:21 )
- لن أتحدث عن الفيلسوف اليهودي | يسوع الناصري , فهو لا يستحق حتى البحث في سيرته , فالرجل مجرد مهرج شعبي .
- سأتحدث معك عن الأخلاق يا هشام , و لك حريّة الرد من عدمه .
1- الأخلاق مُطلقة ... وليست نسبية .
فالأخلاق موضوعية لا ذاتية , فهي لا تعتمد على رغبات البشر أو نزواتهم فالخير خير عند الصالح والطالح والشر شر عند الصالح والطالح , فالأخلاق تعتمد على شيء خارج الذهن البشري , تعتمد على إرادة الله التي يريدها لهذا العالم فالأخلاق لها غرضية كونية يُفترض فيها الإستقلال عن أفكار البشر ورغباتهم والقيم الأخلاقية يعتنقها كل إنسان بوعي أو بغير وعي .


يتبع


12 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 23 - 14:21 )
2- الأخلاق لا يوجد فيها تطور .
الأخلاق لا تطور فيها والإنسان هو العنصر الثابت في تاريخ العالم
لقد دخل الإنسان التاريخ برأس مال أخلاقي مبدئي هائل .
إن الأخلاق لها موجات صعود وهبوط ولكن لا تطور فيها على الإطلاق فمن وجهة نظر الأخلاق فإن العصر الحجري الحديث يعتبر انتكاسه في القيم الأخلاقية عن العصر الحجري القديم فالأخلاق في استقلال عن الزمن .
كانت أمريكا عند اكتشافها متخلفة من خمسة إلى ستة آلاف سنة ولم تكن قد لحقت بالعصر الحديدي بعد لكن بالمقياس الأخلاقي كان أرقى من العصر الحديث ورسوم معبد (بونامباك) للهنود الحمر التي تبين معضلة الأخلاق هذه الرسوم تجد مكانها داخل أعطم متاحف العالم و فن النحت لحضارة المايا يمثل مدرسة أخلاقية كاملة , وهذه حقائق لا جدال فيها .
إن الأسبان الغزاة كانوا أحط أخلاقيا من قبائل الهنود الحمر .
والفلسفة الأخلاقية بعد أفلاطون لم تُحقق أي تقدم على الإطلاق .
وكتابات شيشرون في الأخلاق لا تزال صالحة إلى اليوم .
وأفكار أرسطو الأخلاقية ومسرحيات سوفوكليس المأساوية يمكن وضعها في أي عصر من العصور لتناسبه .


يتبع


13 - تعليق3
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 23 - 14:21 )
وقد ألف (يوربيدوس Euripides) مسرحية (نساء تروجان) الأخلاقية في أزمان ما قبل التاريخ وأكملها (سارتر) بعد الآف السنين دون فجوة زمنية تُذكر .
إن أخلاق (الأقيانوسة) – وهي أكثر مناطق العالم تخلفا – لا تختلف عن أخلاق أي منطقة متحضرة بالعالم وفنون (الأقيانوسة) التي تسرد وقائع أخلاقية تجد مكانها في المتاحف الأوربية والأمريكية ولا ثمة فجوة حضارية بينها وبين مثيلاتها الغربية .
إن القاعدة التي لا خلاف عليها : أن الاخلاق لم تخط خطوة واحدة إلى الأمام منذ العصر الحجري القديم , فجميع معلمي البشرية سواء كانوا أنبياء أو مصلحين جميعهم علموا البشرية الأخلاق نفسها , وعندما نسرد تاريخ الأمم عبر كل العصور نجد الإختلاف في السلوكيات الرسمية فحسب أما في قواعد الأخلاق وفي القيم الأخلاقية فلا نجد توافقا بل تطابقا مُطلقا , وهذه القاعدة تُسمى عند الفلاسفة قاعدة الإلتزام المطلق كما عرّفها (كانط) في كتابه : (أسس ميتافيزيقيا الأخلاق) .
فالأخلاق لا تطور فيها .


يتبع


14 - تعليق4
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 23 - 14:21 )
3- الأخلاق و الماده .
إذا لم يكن للأخلاق وجود مادي في الجينات فباطلة هي كومة الفضائل في هذا العالم! .
إذا لم يكن للضمير تفاعل كيميائي يُفرزه – وهذا حتما مستحيل لأن الضمير يسير عكس المادة – فباطل هو الإستدلال به! .
إذا لم يكن الله موجود فالأخلاق غير موجودة أو قُل هي لغو فارغ! .
يا صاحبي أنت ملحد , إذن لست إنسان وإنما تأتي في قمة المملكة الحيوانية على أحسن تقدير , حدود الطبيعة المادية هي حدودك , لا يُعقل أن تتمرد على تلك الحدود المادية أو قوانين الطبيعة أو تلفظها أو حتى تفهم معنى التمرد عليها , هل الذرة تتمرد على خط سيرها المُقدر لها سلفا؟ .
إذن أنت في أحسن حالاتك تقودك المادية الحتمية والبيولوجية الداروينية والبقاء للأقوى والإنتخاب الطبيعي للأصلح .
إذا لم تستطع في هذا النقاش أن تخرج بدليل على تفرد الإنسان أو مركزيته أو قيمة الاخلاق التي يحملها فلن تستطيع ان تبرهن على أي شيء جيد في هذا العالم ولا أن تنتقد أي شيء سيء في هذا العالم! .


يتبع


15 - تعليق5
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 23 - 14:21 )
4- الأخلاق و الإنسان .
منذ اللحظة التي هبط فيها الإنسان من السماء , منذ المقدمة السماوية ؛ لا يستطيع الإنسان ان يختار أن يكون حيوان بريء أو يكون إنسان مُخير ( فالحيوان بريء من الناحية الأخلاقية بينما الإنسان إمـا خيِّر أو شرير لا يوجد انسان بريء من الناحية الأخلاقية ) , لم يعد بإمكانك أن تختار بين تكون حيوان أو إنسان ؛ إنما اختيارك الوحيد أن تكون انسانا أو لا إنسان .

ملاحظه : تابع هذه المناظره :
https://www.youtube.com/watch?v=1w6cvEEWQPo


تحياتي المخلصه


16 - المســـطرة والميزان للاخلاق
كنعان شـــــــــماس ( 2014 / 1 / 23 - 19:16 )
اظن يا استاذنا الكبير هشام ادم المسطرة والميزان لاخلاق وافعال الانبيــاء التي لايختلف عليها اي انسان متمـــــدن اليوم هي )) شريعة حقوق الانسان )) الاخلاق والممارسات التي تتناشـــــــــــز مع هذه الشريعة التي وضعها نخبـــة من البشر النبلاء المنتصرين بعد اقسى حرب عرفتها البشرية يجب نبذها طوعا اي كان مصدرها ليعم الامن والسلام تحيــــــة


17 - وانما الامم الاخلاق ما بقيت
مروان سعيد ( 2014 / 1 / 23 - 21:33 )
تحية وسلام المسيح على الجميع
قبل ان ننتقد قصة المسيح يجب معرفة معنى كلمة الانجيل وهي البشارة المفرحة او السعيدة
ولايصالها للبشرية كتبها الشهود بسرد كامل لحياة المسيح منهم من سمعها وشاهدها وكان مرافقا للمسيح من بداية خدمته مثل يوحنا ومنهم من سمع وشاهد اكثر الاحداث مثل متى ومنهم من سمع بقصة المسيح واراد اخبار صديق له فنزل الى الارض التي جرت بها الاحداث وسال وتقصى وحقق بالامر كمؤرخ وطبيب وهو لوقا
طبعا ان الله لم يخطها بيده ولم ينزلها بحبل من السماء انها بشرية الخط والتفكير ولكن على اللبيب ان لايدقق بالاخطاء الاملائية والاخطاء البشرية يجب اخذ الخلاصة والزبدة من مجيئ المسيح وتقديم جسده هدية للبشرية لكي يخلص كل انسان
وملخصها بان لاخلاص من خطايانا الا بالايمان به بانه دفع عنا ديننا واشترانا بثمن غالي جدا وهو دمه وهذا لمحبته لنا تقول لي كيف
بما ان الله الخالق ونحن ابنائه لايهون عليه ضياعنا وبما ان ثمن الخطيئة موت وهذا الموت موت ابدي اي سنكون بعيدين عن الله وبما ان رحمته كبيرة عمل هذا العرض المغري لكي يغسلنا وكان المتبرع والفدائي الانسان يسوع المسيح
يتبع


18 - وانما الامم الاخلاق ما بقيت
مروان سعيد ( 2014 / 1 / 23 - 21:42 )
واعطانا الرب امثلة كثيرة مثل الخروف الذي ضاع فترك ال99 وذهب يبحث عنه والابن الضال ايضا في لوقا 15
11 وقال.انسان كان له ابنان. 12 فقال اصغرهما لابيه يا ابي اعطني القسم الذي يصيبني من المال.فقسم لهما معيشته. 13 وبعد ايام ليست بكثيرة جمع الابن الاصغر كل شيء وسافر الى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرف. 14 فلما انفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدا يحتاج. 15 فمضى والتصق بواحد من اهل تلك الكورة فارسله الى حقوله ليرعى خنازير. 16 وكان يشتهي ان يملا بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تاكله.فلم يعطه احد. 17 فرجع الى نفسه وقال كم من اجير لابي يفضل عنه الخبز وانا اهلك جوعا. 18 اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك. 19 ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا.اجعلني كاحد اجراك. 20 فقام وجاء الى ابيه.واذ كان لم يزل بعيدا راه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله. 21 فقال له الابن يا ابي اخطات الى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا. 22 فقال الاب لعبيده اخرجوا الحلة الاولى والبسوه واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رجليه.23 وقدموا العجل المسمن واذبحوه فناكل ونفرح.
يتبع


19 - طبعا كان الرب شديدا وقاسيا
مروان سعيد ( 2014 / 1 / 23 - 21:58 )
طبعا كان الرب شديدا وقاسيا على الذين يريدون ان لايدخلوا ملكوت الله ولا يدعون احد يدخل فوصفهم بما يحملون من صفاة الرب لم يظلم احد بل كان حنون على الفقراء والمساكين والمرضى ولاداعي لتعداد ما فعله
لقد قال عنه الكتاب بانه جال يصنع خيرا
وللجميع مودتي

اخر الافلام

.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا


.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت




.. 108-Al-Baqarah


.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل




.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك