الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد أن تحول العالم والكاهن إلى شغيلة فى عداد المأجورين

محمد عادل زكى

2014 / 1 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نحن نعرف أن عناصر الإنتاج، بلغة النيوكلاسيك، تتركز، على الأقل، فى العمل والأرض والرأسمال. وقد كانت نفس العناصر موجودة قبل عصر هيمنة الرأسمال، ولكن، لم تكن قوة العمل محل للبيع والشراء. ولم تكن الأرض محلاً للتصرف الناقل للملكية، كما لم يكن للرأسمال معنى يتجاوز الثروة.
فحين نتحدث عن سوق العمل اليوم نقصد تلك العملية المتصلة من المساومة والتى يبيع فيها الأفراد خدماتهم لمن يدفع أعلى ثمن، وكل ما يمكن قوله إن هذه العملية لم يكن لها وجود فى العالم السابق على هيمنة قانون حركة الرأسمال. قد نجد خليط من الأقنان والصبيان وعمال المياومة الذين يمتلكون أدوات العمل على الأقل. ولكننا لا نقابل ظاهرة بيع قوة العمل. أى اعتبار قوة العمل البشرى سلعة تباع وتشترى. وفى الريف عاش الفلاح مرتبطاً بضيعة سيده، فيخبز فى فرن السيد ويطحن الحب فى طاحونته، ويزرع حقول السيد ويخدمه فى الحرب، ولن نادراً ما كان يؤدى له أجر عن خدماته إن كان يؤجر عنها أبداً لأن هذه واجباته بوصفه قناً ولم تكن بالعمل الذى يؤديه شخص وفقاً لتعاقد يشترك فيه بملء حريته. وكان الصبى فى المدن يلتحق بخدمة المعلم، والنقابة الحرفية هى التى تحدد فترة التلمذة الصناعية وعدد زملائه ومعدل أجرته وساعات العمل التى يقضيها والأساليب نفسها التى يستعملها.
وحتى القرن الرابع عشر أو الخامس عشر لم تكن هناك أرض على الأقل بوصفها ممتلكات قابلة للبيع الحر. كانت هناك أرض بطبيعة الحال ضياع وأبعاديات إقطاعية وإمارات ولكنها لم تكن بالتأكيد عقاراً يباع ويشترى كلما دعت المناسبة. كانت مثل هذه الأراضى تشكل جوهر الحياة الاجتماعية وتهىء الأساس الذى تقوم عليه سمعة المرء ومكانته فى المجتمع والتنظيم الادارى الذى يطبق المجتمع. وبالرغم من أن الأرض كانت قابلة للبيع وفق شروط معينة، مع أشياء كثيرة مرتبطة بها، إلا أنها لم تكن بوجه عام للبيع. فالنبيل الذى كان يشغل مركزاً طيباً لم يفكر فى بيع أرضه. إن كل مجتمع يستبعد بعض أشياء لها قيمتها من نطاق العمليات التجارية ومن هذه الأشياء الأرض فى نظر العصور الوسطى.
ومن المؤكد تاريخياً ان الرأسمال كان موجوداً بمعنى الثروة. وبالرغم من وجود الأموال لم يتوافر الدافع على استخدامها فى أعمال جديدة تقتضى المغامرة إذ يلاً من المخاطرة والتغيير كان الشعار السائد هو التزام السلامة أولاً. كان الأسلوب المفضل فى الإنتاج هو العملية التى يستغرق أداؤها أطول فترة وأقل قدر من العمل وليس أقصرها أمداً وأعظمها كفاية. فكان الإعلان محرماً، وكانت الفكرة التى تخطر إلى عضو النقابة أن يخرج منتجاً أفضل نوعاً من زملاؤه، فكرة تنطوى على الخيانة. وفى انجلترا خلال القرن السادس عشر حين أطل الإنتاج الكبير فى صناعة النسيج برأسه القبيحة لأول مرة إحتجت نقابات أهل الحرف لدى الملك الذى اعتبر الورشة العجيبة التى تضم مائتى نول وهيئة من العاملين تشتمل على الجزارين والخبازين لترعى القوة العاملة، خروجاً على القانون لأن مثل هذه الكفاية وهذا التركز فى الثروة يضعان سابقة سيئة
ولكن، حينما يهيمن الرأسمال. يصبح كل شىء معد للتبادل. للبيع. حتى الأخلاق. بعد أن تحول العالم والكاهن والطبيب والمعلم إلى شغيلة فى عداد المأجورين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا