الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا فرق بين الإسلام التّونسي الزّيتوني المعتدل وإسلام الوهابيّة والقاعدة والجماعات الإرهابيّة المتشدّد - ج2

مالك بارودي

2014 / 1 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا فرق بين الإسلام التّونسي الزّيتوني المعتدل وإسلام الوهابيّة والقاعدة والجماعات الإرهابيّة المتشدّد - ج2

-----------------
(يمكنكم الإطلاع على بقيّة مقالاتي على المدوّنة: http://utopia-666.over-blog.com )
-----------------

في الحقيقة، هذه الحادثة فضحت كلّ الأكاذيب والتّرّهات التي عشّشت في أدمغة التّونسيّيين منذ ما يسمّى "الثّورة التّونسيّة". لقد صدّعوا لنا رؤوسنا بالحديث عن "الإسلام التّونسي الزّيتوني المعتدل" و"تاريخ الإعتدال والتّسامح الذي يميّز تونس" و"إسلام الطّاهر بن عاشور" وغيرها من الأكاذيب، وها أنّ الواقع يفضح ما في خفايا نفوس شيوخ المزابل وتجّار الإسلام والمطبّلين لهم.
أوّلا، عندما نقرأ أنّ هيئة التّدريس والبحث العلمي بجامعة الزّيتونة (ولا أدري أيّ بحث علمي هذا الذي يرتبط بالدّين: هل يُجرون تجارب كيميائيّة على القرآن؟ هل يجرّبون أيّ الآيات قد تُشفي هذا المرض أو ذاك، حسب الخرافة الطّبّيّة المحمّديّة؟ هل الدّين علم أم ترديد ببّغائي ونهيق لا يخرج عن "إجماع أمّة الحمير"؟ هل الدّين يخضع لمبادئ البحث العلمي ومقاييسه أم أنّ الأمر لا يتجاوز إقحام كلمة "بحث علمي" عنوة في إسطبل الخرافة الإسلاميّة لإيهام النّاس وإكتساب مصداقيّة لدى المغفّلين والجهلة؟) "تؤكّد على ضرورة إعتبار الشّريعة الإسلاميّة مصدرا أساسيّا للتّشريع"، ماذا نفهم من ذلك؟ أليس هذا هو نفس المطلب الذي رفضه التّونسيّون عندما أتاهم به "حزب النّهضة" و"حزب التّحرير" وأحزاب إسلاميّة وسلفيّة أخرى؟ هل الشّريعة التي رفضها المثقّفون ورجال السّياسة عندما تكلّم عنها من ينعتونهم بـ"الوهابيّة" و"الإخوانجيّة"، رافضين أن يتضمّن الدّستور مظاهر متخلّفة وتعاليم بالية، معلين من شأن جامعة الزّيتونة ومشيدين بـ"الإسلام التّونسي المعتدل"... هل الشّريعة التي رفضوها حينها هي نفس الشّريعة التي يتكلّم عنها "علماء الزّيتونة"؟ بطبيعة الحال، الإجابة هي: نعم. هي نفس الشّريعة. فأين المنطق في تفكير من يرفض الشّريعة الإسلاميّة حين يقدّمها "الوهابيّون" و"الإخوانجيّة" ثمّ يقبل بنفس الشّريعة الإسلاميّة حين يقدّمها له من كان يشيد بـ"إعتداله" و"تسامحه"...؟ بعبارة أخرى، هل يُعقل أن يرفُض شخص مّا شرب كأس من السّمّ الصّافي من يد "عدوّه" ثمّ يقبل بشربه حين يقدّمه له من يعتقد أنّه "صديقه"؟ إذا كان إعتراض التّونسيّين على "تفاهة وإجرام الشّريعة الإسلاميّة" التي قدّمها لهم الوهابيّون والإخوانجيّة وحزب التّحرير، فليعلم أنّ الشّريعة الإسلاميّة واحدة وأنّها سواء جاءت من طرف الوهابيّين والإخوانجيّة وحزب التّحرير والسّلفيّون والتّنظيمات الإرهابيّة أو من طرف جامعة الزّيتونة، فهي في الحالتين نفس الشّيء، وفيها نفس الجرائم والتّفاهة وبنفس المقدار. الفرق الوحيد بينهما لا يكمن في التّفاصيل ولا في المبادئ ولا في الأحكام والحدود ولكن في توقيت التّطبيق. أمّا عن الطّريقة، فمن يريد تطبيق حدّ الزّنا الإسلامي ليس لديه خيارات متعدّدة، بل خيار واحد وحيد: الرّجم. ولتسألوا أيّ شيخ مزابل من جامعة الزّيتونة عن رأيه في تطبيق الحدود وهل أنّه يرى أنّ هذه الأحكام إنسانيّة أم لا ثمّ قارنوا ردّه بردّ أيّ شيخ مزابل من جامعة الأزهر أو من الوهابيّين أو من الإخوانجيّة وستعرفون أنّه لا فرق بين أفكار "الزّيتوني المعتدل" و"الوهابيّ" أو حتّى "الإرهابي المتشدّد".
ثانيا، حين نقرأ أنّهم يطالبون بـ"دسترة المجلس الإسلامي الأعلى" وبـ"إستشارة جامعة الزّيتونة في المسائل الرّاجعة لها بالنّظر"، ألا يُحيل هذا على مفهوم الدّولة الدّينيّة التي يكون كلّ شيء فيها مرتبطا بسلطة دينيّة عليا تتدخّل في كلّ شيء. هم يطالبون بالتّواجد أوّلا كمجلس إسلامي أعلى، ثمّ حين يصبح الأمر من تحصيل الحاصل، سيخرجون كلّ ما عندهم من شعارات وتعلات وقمامة وسيتدخّلون في كلّ شيء (رغم أنّهم جهلة وحمير) من الإقتصاد إلى السّياسة مرورا بالثّقافة (المنسيّة بطبيعتها في قعر إهتمامات الإنسان العربي المسلم) والتّعليم وشؤون المرأة، إلخ. إلى أن تُصبح تونس نسخة مطابقة للأصل من إيران أو أفغانستان. وتعلّاتهم الأبديّة في ذلك هي خرافة أنّ "الإسلام صالح لكلّ مكان وزمان" وأنّ "الإسلام دين ودولة"، إلخ. أليس الدّليل واضحا في المقال حين نقرأ أنّ الهيئة (الزّيتونيّة المعتدلة) المذكورة تعلن "تمسّكها بمقتضيات الفصل الأوّل من الدّستور الذي ينصّ على أنّ الدّين الإسلامي هو دين الشّعب والدّولة وهو ما يفرض تعريفا لحرّيّة المعتقد يتمّ تحديده بإحترام ثوابت الدّين الإسلامي ومؤسّساته الإفتائيّة والعلميّة الشّرعيّة التي من واجبها الحكم على جميع المظاهر المنافية أو المعادية للدّين الإسلامي"؟ إذن، الإسلام في نظرهم هو "دين الشّعب والدّولة" وليس "دين الدّولة" بمعنى "الشّعب" حسب التأويل المنافق الذي يعتمد على خدعة "حصان طروادة". ضعوها هكذا، فالدّولة في هذا السّياق تعني الشّعب... يا سلام. فإذا كانت الدّولة تعني الشّعب، فأيّ حماقة تجعلك تستبدل اللّفظ الثّاني بالأوّل؟ بطبيعة الحال، هذه ليست حماقة، بل نفاق وكذب وتزييف وتلاعب بالألفاظ، وهو فنّ أتقنه جرذان الإسلام منذ بدايات إنتشار الوباء الإسلامي. تقول لهم: "الإسلام لا يحترم حرّيّة المعتقد"، فيجيبون: "بل هو من كرّس حرّيّة المعتقد، وذلك بقول الله تعالى: «لكم دينكم ولي دين»". وتقول لهم: "فما قول الإسلام في المسلم إذا قرّر رمي الإسلام خلف ظهره وإعتناق دين آخر أو البقاء بلا دين؟" فتأتي إجابتهم: "يقول رسولنا الكريم: «من بدّل دينه فأقتلوه»". هذه هي حرّية المعتقد في الإسلام: أنت حرّ في إعتناق الإسلام ولكن إن خرجت منه فيجب أن تُقتل. أو: أنت حرّ في إعتناق أيّ دين تريد، فإن قرّرت إعتناق الإسلام فلا حرّيّة لك في الخروج منه". منطق الفأر والمصيدة.
ثالثا، إعترض البيان المذكور على إطلاقيّة عبارة حرّيّة الضّمير ودعا إلى حذفها أو تقييدها بما لا يتعارض مع الفصل الأوّل من الدّستور حسب التأويل الذي ذكرناه والذي يعوّض كلمة "الدّولة" بكلمتي "الدّولة والشّعب" مع بقاء الكلمة الثّانية غائبة لتضليل النّاس ولكي يتسنّى لـ"علماء الزّيتونة" إخراجها متى أرادوا. وإعتراضهم هذا دليل على خوفهم، لأنّ حرّيّة الضّمير أعمق وأشمل من لفظ حرّيّة المعتقد، فهي تشمل كلّ المجالات وكلّ نواحي الحياة الإنسانيّة. وهم يعرفون جيّدا أنّ "حرّيّة الضّمير" هي القشّة التي ستقصم ظهر الإسلام نهائيّا، لأنّها ستتيح لأيّ إنسان أن يتحدّث عن معتقده بحرّيّة وأن يقرأ من الكتب ما يريد وأن ينشر أفكاره متجاوزا الفكرة البالية التي تُلزم أيّ تونسي بإحترام الإسلام بتعلّة أنّه دين الأغلبيّة. فمن حقّه نقد الإسلام والسّخرية من خرافاته أيضا وهو حرّ في إعتناق أيّ دين أو رميها كلّها في سلّة القمامة. هذا زيادة على ما في لفظ "ضمير" من معان دخيلة على الإسلام الذي لم يكن يعرف منذ عهد محمّد بن آمنة إلاّ السّيف كطريقة للحوار، دون خجل أو وجل أو تأنيب ضمير. ولا أعتقد أنّ محمّد بن آمنة الذي إرتكب مذبحة بني قريظة ومذابح أخرى عبر تاريخه الدّمويّ الإرهابي كان يمتلك ضميرا أصلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إعتذار لأنّ الجزء الثاني من المقال سبق الجزء الأول
مالك بارودي ( 2014 / 1 / 25 - 19:02 )
أعتذر للقراء الأحباء، فقد كتبت المقال وكان طويلا فأردت تقسيمه على أجزاء وأرسلت الجزء الأوّل والثّاني، ولكن فوجئت بنشر الجزء الثاني فقط. سننتظر قليلا حتّى نتبيّن الأمر ثمّ سيقع تصحيحه إذا لم يقع نشر الجزء الأوّل، لكي يكون المقال كاملا أمام القارئ فيفهمه ويستطيع إستيعاب كل ما جاء فيه دون نقص.
هذا وأتوجّه إلى إدارة الموقع بطلب نشر الجزء الأوّل في أسرع وقت.
وشكرا

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال