الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات بارميطة رقم2

لوتس رحيل

2014 / 1 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لا ازال انظر الى تلك الطاولة ,واستعيد شريط الذكريات,وكيف انتهى بي المطاف الى وجودي هنا.,في هذا القبو...هذا العالم الاخر...فقد اعتقدت دوما انه لا يوجد تحت التراب الا الاموات...ولم اعتقد يوما ما ان تحت التراب ايضا يوجد احياء....يقضون الليالي الملاح تحت التراب...وينزلون الى الاسفل ويتجردون من رداء الاحياء..ويتعرون كالاموات حتى وهم احياء...فهذا المكان خلاص مؤقت ..انسلاخ...معبد صلاة واستخارة وقيام برحلات ليست كباقي الرحلات...كؤوس تقرع ..وضحكات مجلجلة ..و عقول مخمورة ..تسافر هنا وهناك دون مراقبة او مقص رقابة....وهذيان,,اجل ان هذا العالم عالم هذيان لا يحكمه وعي...وموسيقى صاخبة...عالم غريب عني وجدت نفسي فجاة بداخله...غابة اشجارها كثيفة وحيواناتها مخيفة منها المفترسة ومنها الاليفة...وطال انتظاري في الحديقة ..وانا انظر الى الاشياء حولي لعل الوقت يمر بسرعة شجيرات خضراء وورود وازهار لكم احب الورود وفراشات تحوم,فالفصل ربيع...واشخاص يجلسون في اماكن متفرقة..اكثرهم مسنين..وطلبة ايضا...ويسود الهدوء..والعشب الاخضر...لاتزال جراحي تؤلمني فبشرتي رقيقة ولا تستحمل اي خدش...حاولت الا افكر في شيء واستمتع بهذا الجمال الطبيعي وهذا الهدوء...حرصت الا يعكر علي اي شيء صفو هذه اللحظة الرومانسية فحبي للطبيعة وعصافير تغرد ...انستني فشلي اليومي في العثور على وظيفة...وانستني اهانة مدير الشركة التي خرجت منها لاقصد الحديقة فقد استقبلني ولم يكلف نفسه فحص اوراقي وشهاداتي بل نظر الي بكل وقاحة وهو يحدق في وكانه يريد اكلي وهو يسألني اسئلة غريبة لا علاقة لها بالعمل مما اغضبني لاساله بدوري عن العلاقة بين حياتي الشخصية وبين الوظيفة فهو يريد معرفة وضعي الاجتماعي وهل انا مرتبطة وهل لدي علاقات وماذا احب في الحياة واضحك بسخرية بيني وبين نفسي وانا اتساءل:وحتى ان كنت مرتبطة واحب شخصا فداك لم يجديني نفعا لانه اختفى ولو كان بجانبي داك الشخص الذي احببت ولم يدهب بعيدا, لتغيرت حياتي ولما وجدت نفسي في هدا الوضع..وهل انا مستعدة ان اكون الكاتبة المطيعة للمدير والبي له كل الرغبات....اسئلة اعتدت عليها مند وصولي الى هذه المدينة العملاقة فكلما استقبلني مدير شركة او مسؤول عن مكتب الا وكانت اسئلة الامتحان موحدة وكانت النتيجة طبعا الرسوب بميزة حسن جدا فانا ابحث عن عمل وليس عن عقد صفقة ..ولكن هذا المدير بالذات تعمد اهانتي فقد سخر من مظهري وطريقة لباسي وشكلي مؤكدا لي انني لا اصلح لاي شيء وان شهاداتي لا تسمن ولا تغني من جوع وان خادمته الخاصة بالعناية بكلبه افضل مني و تتقاضى راتبا شهريا لن اتقاضاه مهما بلغت قيمة شهاداتي التي اعتز بها ,كما قال لي وانا خارجة ان الشهادة الحقيقية في الحياة ان تكون المراة ذكية ومتحررة وتستمتع بالحياة وان تلغي من قاموس حياتها كلمة الرفض والشرف فهي التي تعرقل سير النمو في مجتمعنا وان تلبي دائما النداء حتى تضمن في وظيفتها البقاء...وخرجت من مكتبه وانا اشكره على النصيحة مؤكدة له انها لا تناسبني وان العمل معه ايضا لا يشرفني... وفجاة سمعت صوتا حنونا يعتذر عن تاخره ويسالني عن حالي وهل انا بخير..لقد عاد فعلا..يحمل معه كيسا مليئا باطعمة وعصير وجلس بقربي واثار التعب تبدو على ملامح وجهه...
******************************
وتقطع علي فدوى حبل افكاري وهي تطلب مني ثلجا...فقد حان وقت الموت والاحياء يتوافدون الى القبو فسهرة الموت اقترب موعدها...وعلى الاموات خلع رداء الاحياء واتمام مراسيم الولوج الى قبو الاموات...وتدب الحركة ونشاط فالعاملون هنا لهم اوصاف محددة وازياء موحدة ونظام خاص واحترام وحراس متشددون في نشر الامن والامان فعندما يموت الاحياء احيانا يبالغون في تقمص دور الاموات ويحدث ما لاتحمد عقباه..لذا فنظام المراقبة مشدد في هذه الاثناء...وهذا الفندق الضخم والذي لايدخل اليه العامة من الاحياء بل تدخله نخبة مميزة فقط منهم واغلبهم دوما محاط بحاشيته من احياء لكنهم اموات...وهذه النخبة لها تركيبة مميزة ايضا فهي متنوعة ..انها من علية القوم...شخصيات بارزة ذات سلطة ونفوذ,ورجال اعمال واعيان,وهناك اغبياء ايضا...لكن تاشيرة مرورهم الى هنا تعود الى ما يملكون من اموال..فالمال يشتري الذكاء ويشتري القلوب وحتى الاعمال..وتنطلق سهرات التجرد من الحياة والحياء دوما بعد صلاة العشاء او على الاصح لا صلاة هنا يعني بعد وجبة العشاء...تكثر الحركة وتنتشر الرائحة ..سجائر فاخرة ومستوردة غالية وشخصيات فريدة تدخن سيجارا ثمنه يفوق مرتبي الشهري في الصيدلية ,وابتسم بسخرية ثانية وانا امعن النظر في هذا العالم وهذه الوحوش العارية التي تعيش النهار في حلة باهية وذات هيبة ربانية واحترام وتفرض سلطتها على العامة وفي الليل تنقلب الى خفافيش ظلام.. متجردة من سلط النهار.. لتتسلم سلطة الليل وترحل الى قبو الاموات في حكايات الف ليلة وليلة ..والرقص هنا دو شكل خاص ومذاق خاص.. وحريم السلطان.. انها الجنة حقا حين يغيب العقل وتغيب السلطة ويبقى الجسد فقط مستمتعا متلذذا يذوب في نغمات الموسيقى ونشوة كسر القيود....ولا فوارق هنا ولا شباب ولا شيوخ فالعقل موحد .انه عقل اللذة والحصول على كل ما هو غير مباح ودفن مصطلح الحرام في قبر النسيان ففي هذه الغابة كل شيء حلال وكل شيء مباح ولا شيء محظور هنا لكن القاعدة تنص فقط على ان لا شيء يكون بالقوة افعل ما تشاء وكما تشاء ولكن لا تفرض ما تشاء....وهذا الكونطوار الذي يحول بيني وبين هذا العالم يجعلني ابقى بعيدة انظر فقط الى ما يجري فعملي الذي طبعا لا علاقة له بدراستي ولا تخصصي والذي بدا لي في اول يوم اصعب من كل ما حفظته من دروسي واصعب من كل امتحان واختبار قمت به في حياتي...عمل غريب وصعب حقا بل اكثر من صعب فهو بحاجة الى مؤهلات خاصة وهو ميدان حرب ايضا...مؤهلاته جمال خفة ذكاء اغراء استسلام وضياع وخضوع..وتجاوب مع كل الجموع ...لكن مؤهلاتي انا ليست كذلك.. لا جمال ولا خفة ولا اغراء ولا استسلام ولا ضياع ولا خضوع...سافرض نفسي واحافظ على هدوئي وبرودة اعصابي واضع ابتسامة دائمة وادافع عن نفسي كلما احسست بهجوم... وهذا الكونطوار يحميني وهناك حدود...ولولا ظروفي الصعبة لما وافقت على هذا العمل...والذي لم اتمكن من العثور عليه صدفة فلولا الوساطة لكنت حتى الان ضائعة بين المكاتب والشركات دون جدوى...افتح قنينات خمر ..واملأ الكؤوس المثلجة..ولم لا؟فانا لا اشرب خمرة ولا اقربها ..انا اقوم بوظيفتي فقط واحترم نفسي واحترم غيري ايضا...اقوم بواجبي فقط واتقاضى اجرا محترما..لكني اتساءل احيانا اهذا العمل شريف ام لا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً


.. الناشطة الإعلامية والسياسية والنقابية والحقوقية أسماء المران




.. الكاتبة حنان رحاب


.. شهادات لأسرى محررين تعكس سوء الأوضاع في السجون والمعتقلات ال




.. الإعلامية دانيا جمال