الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور و مثلَّية و سرير - 1

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مؤخراً تم الإعلان عن قُرب البدأ بكتابة للدستور اليمني الجديد..الدستور الذي "ظاهرياً" سيحاول أن يحمل بين طياته رؤية لدولة مدنية في اليمن..و لعل لهذا السبب لم يكن مفاجئاً -لأي شخص تقريباً- أن تم منح فرنسا بشكل "شبه" كلي حق كتابته بمساعدة بريطانية و ألمانية.

لم يختر المسئولون عن الحياة السياسية في اليمن -و أقصد بذلك الدول التي تدعي أنها الراعية لنا- أي شخصية يمنية بشكل علني لتساهم في كتابة الدستور الجديد..لعلهم علموا أننا نرى كمواطنين أن جميع من هم في الملعب السياسي اليمني الآن أبعد ما يكونوا عن ما تمثله كلمة "مدني" فكيف يوكلوا لهم مهمة كتابة دستور لدولة مدنية!!..و من جهة أخرى كان عدم اختيار أي شخصية يمنية نوع من أنواع الرحمة البشرية لنا -على الأقل- كوننا لن نضطر أن نرى دستورنا الجديد يُكتب بوجوه عجوز ألفناها لحد الملل.

الجميع سينتظر المسودة الأولية للدستور ليحدد مصيرها و ليعلم من "سُيقرر" مصيره من خلالها..فهنا ستبرز قوة الـ "نعم" و الـ "لا" و هنا أيضاً ستبرز قوة كل طائفة سياسية أو دينية أو فئة في المجتمع في أن تحسم الأمر لصالحها..فنعم و لا لن تكونا قراراً "فردياً" بالتصويت بقدر ما ستكون إعلان صريح بأن فئة معينة من الشعب أو حتى قوة سياسية فيه هي التي حسمت بقوة شعبيتها في الشارع أوراق اعتماد الدستور من عدمها.

إذاً كل حزب أو فئة سيكون لها هواجسها الخاصة تجاه الدستور..فأعضاء حزب المؤتمر سيكون في الغالب تركيزهم على فقرات المحاسبة المالية و القانونية في الدستور الجديد و مدة بقاء أي شخص في منصبه الحكومي و احتمالية إعادة "تدويره" في مكان آخر إلى أن يتذكره ملك الموت..و شيوخ القبائل سينظرون إليه بتخوف و سيبحثون عن فقرات "تُجرَّم" حمل السلاح و مصادرة "عشوائية" امتلاكه بل و "تحاكم" بتهمة الخيانة من يتسلم أموالاً كراتب شهري من أي دولة خارجية.

و النساء سينتظرنه ليعلمنَّ هل سيرتفع سقف حقوقهن عن الأرض بقليل أم سيظل تحتها يحاول الخروج بصبر و عزيمة كما فعل الكونت دي مونت كريستو في محاولة إنعتاقه من سجنه..أما الشباب المستقل فسيبحث عن آليات محاسبة الفاسدين و مدى تحقيق هذا الدستور لتطلعاتهم في دولة مدنية..حتى المواطن المطحون سيكون جُل تركيزه في البحث عن فقرات تكفي أن تكون صغيرة أو هامشية تتحدث عن حقه في العيش بكرامة إنسانية أو في ظل قانون عدالة اجتماعية لكي يرقص فرحاً كما فعل جين كيلي في أغنيته غناء تحت المطر..و لكن وحده -و دائماً كما عودنا في تفرده- سيبحث حزب الإصلاح عن هموم السرير بين طيات الدستور!!.

فالخطاب الإعلامي و التعبوي لأغلب قادة الإصلاح كالمسوري و الصبري و الحزمي و حتى لكبيرهم الذي علمهم "التقوى" في الأشهر الأخيرة عند الحديث عن الدستور الجديد في المُجمل محصور في المرأة و تفاصيلها فيه..و كان "واقع" مشاركة فرنسا في كتابة الدستور لدولة "شبه" إسلامية نقطة هجوم إعلامية لم يكف الإعلام الإصلاحي عن ممارستها طوال الأسابيع الماضية سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى في إعلامهم الرسمي.

و هكذا تحول التلميح بوجود فقرات كـ "منح المرأة حقوق قانونية متساوية مع الرجل" و "منح المرأة حق المشاركة السياسية الكاملة في جميع مراكز الدولة الحيوية" و "دمج مفهوم الجندر في المناهج التعليمية" مادة دسمة و بامتياز للمواضيع الجنسية في الخطاب الإصلاحي!!..فالإصلاح لم يجد وسيلة لكي يحاول ضمان فوزه في معركة "لا" للدستور سوى باعتماده خلال الشهور الماضية على أمور ثلاث مصيرية في التكوين النفسي للرجل اليمني العادي و هي هاجس الغريزة الجنسية لديه و الخوف من فقدان سلطته الذكورية على "حريمه" و أخيراً اللعب على وتر عدم تطبيق الشريعة الإسلامية مما سيؤدي إلى انفلات أخلاقي جنسي "نسائي" بالضرورة.

فلا يخلو خطاب إصلاحي عن الدستور أو عن الجندر دون ربطه تلقائياً بالمثلَّية الجنسية!!..و من الملاحظ –لدي على الأقل- أن هناك تركيز في الحديث عن المثليين و حصولهم على حقوقهم في اليمن من قبل الخطاب الإصلاحي بشكل يكاد يكون شبه أسبوعي في مواقع التواصل الاجتماعي..ذلك الحديث الذي "يُركز" بشكل شبه تام على المثلية النسائية دون الذكورية و التي للمفارقة لا تحصل أبداً على ذات القدر من التركيز و الهجوم!!.

هذا الأمر يعطي أي مُتلقي لذلك الخطاب خياران ليعتنق أحدهما بلا ثالث..الخيار الأول أن المثلية النسائية أصبحت في اليمن خياراً تنتهجه الكثيرات و بالملايين لكي يتم التركيز عليه بهذا الشكل و هو الأمر الذي لا يمكن إثبات صحته نظراً لعدم وجود أي إحصائية موثَّقة لهذا الأمر..و هو ما يتركنا مع واقع أن الإصلاحيين يعمدون في خطابهم إلى ممارسة عادتهم المقيتة المهترئة بإلصاق "مصدر" أي داء بالمرأة هذا من جهة و من جهة أخرى فهم يمارسون "التخويف" تجاه أي تجديد في الحياة السياسية و الإجتماعية و ذلك عن طريق ربطه و مفاهيمه بإنتشار الفساد الأخلاقي..مما يؤدي إلى رفض ذلك التجديد من قِبل المواطن العادي.

أما الخيار الثاني فهو أن المثلية النسائية تشكل هاجساً للإصلاحيين بشكل خاص دون المثلية الذكورية لأنها تعني أن هناك من يزاحمهم على "كعكة" النساء في اليمن..بدليل أن في مقابل أي خطاب لهم عن المثلية الذكورية و خطرها على المجتمع نجد العشرات من الخطابات عن خطر المثلية النسائية!!..و هو ما يضع علامة إستفهام كبيرة حول موقفهم "الفعلي" من المثلَّية بشكل عام و بغض النظر عن جنس طرفيها.

و للحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية