الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قشور الفول و زهور الحكمة

مزوار محمد سعيد

2014 / 1 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع





الصمود عمود الوجود، هي فكرة تكاد تكون عادية على مسامع الفرد الإنساني، أعلم أنّ تطبيقها ينطوي على الكثير من الخطورة، لكن حق الإنسان الذي يوجد من ضرورات الحياة، هي ذاتها من يجعل من فكرة الصمود نوعا من المقاومة، لأنّ للفرد دائما مساحة قدرة على تبديل مسار الأمور لصالحه. أنا سأموت في يوم ما، سأغادر هذه الحياة، لأنّ اليد مهما كانت كبيرة، فإنها لا تستطيع مهما كلّف الأمر أن تحجب قرص الشمس، و لأنّ الحبّ يولد من زواج الثقة بالبشر، ففي آخر الأيام، عليّ أن أختار: إما أموت صامدا، و إمّا أموت و أنا راكع أتوسل النجاة، إنّ طريقي أعلمها، لكنني لا أضمنها لسبب واحد: أنا وحدي من سيختار بعدما أكون قد خرجت من المجال المحتار. يقترف الإنسان الكثير من القرف، ذاك الذي يجعل من علاقات جواره في مهب الريح، ففي عالم يتهم أفراده بكل الحسنات، نجد الإنسان يشعر و كأنه يحارب وجوده، لأنّ المجتمع يقاتل نفسه. تسليم مستقبل الفرد الإنساني لابتسامته دليل على قدرة هذا الفرد على التكيّف مع عيشه، و هو الذي يسعى إلى فرض ذاته، على الرغم من تمردها إلاّ أنها تحاول أن تسود على الكلّ، تحاول أن تكون وحدها قادرة على المضيّ قدما، و تسعى دائما للحيلولة ما بينها و بين عالمها الخاص، لأنّ الإنسان أقوى بقليل من إنسانيته.
يتخبط الفرد الإنساني في دائرة تأويله لكل ما يحيط به، هو يكوّن عالما خاصا به لوحده، في أحيان أخرى يشارك الآخرين بعض تفاصيله، لكنه يبقى القادر الوحيد على إدارته، رحلة واقعية على مركب وهميّ، هذه هي حياة الفرد الإنساني المسالم، تلك التي تحاول إذعانه لها بكل الوسائل، و هي التي لا ترجوا الخلاص أو الوعد، إنها حالة من المرض النفسي الطبيعي، هو يصيب كل البشر، و مع هذا قليل جدا من يدرك أنّ عليه فهمه أو المحاولة على الأقل.
حياة أخرى تلك التي تفرض على الإنسان فرضا، حياة عالمة كما يحاول البعض الترويج لذلك، لكن الإنسان مهما بلغ من العلم و المعرفة هو غير مدرك لنقصان حريته في اختيار حياته، هناك ظروف أقوى منه تجعله ينام و هو قلق، من الماضي، من الحاضر و من المجهول، لأن السماء تمطر كما هي تريد، بينما الإنسان يستهلك الجفاف مجبرا.
ليس من السهل أبدا أن يخوض الإنسان الحرب كاملة، و بدون مساعدة، و مع ذلك هناك من خوضها بكل تفاصيلها، معركة، معركة و حتى نهاية النهاية، كلها أمور تدخل في نطاق العمل الذي يكون غالبا نابعا من شعور غريب، يدفع العامل إلى استهلاك طاقاته بالحد الأقصى، و بالتالي يكون مجال العمل ساحة معركة بامتياز، يحاول فيه كل طرف استغلال المتاح من أجل زيادة الأرباح، و خيرها تلك التي تتعلق بالجانب المعنوي و خادمته المطيعة.
من الأكيد أن الفرد لا يكون هنا و هناك في نفس الزمن، لأن طيف واحد يحاكي الثبات، بينما كل الإمكانات واردة لسؤال وجد رغما عني في هذه المساحة القاتمة من التفكير، البشر يطرح الأسئلة بولع، و هو الذي يتكفل بالجواب عنها بكل تصميم، لا يوجد سؤال بلا جواب، حتى و لو كان هذا الأخير مؤقتا، إلا أنّه قابل للوجود مهما يكن.
القائم على الفهم ليس بشريا، و الحمد لله أنه ليس كذلك، و إلا كان هنالك احتكار للفهم أيضا، من دون مساعدة يطول وقت حيرة الفرد الإنساني، و لكن فهمه في حالات كهذه يزيد من تنمية أطرافه الإدراكية، ليكون الجميع في حالة مشابهة لتطوّر فرد من سربه دون المشابهين له.

".... فعندما يحكم الوسط الاجتماعي على شخص ما، فالأطفال هم الذين يصدرون الحكم بشراسة فينعتون المجنون بالجنون و السكير بالسكير. فهم القضاة المدافعون عن المصالح و الأعراف و التقاليد.... "
(مالكـ بن نبي، لبيك حج الفقراء، ص50.)

هي ظروف لا تزال تهيمن على الفرد الإنساني، هي التي تدفعه إلى البرمجة المتعارف عليها، لا يهمّ في نظر الكثيرين إن كانت خاطئة، المهم عندهم أنها متعارف عليها، و هي تضمن لهم نوعا من السلطان، حتى و لو كانت على حساب الإنسان.

السيّد: مــــزوار محمد سعيد
#الجزائر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال