الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور و مثلَّية و سرير – 2

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الغريزة الجنسية نجدها حاضرة بقوة في الخطاب "الديني" الإصلاحي عند الحديث عن الدستور اليمني الجديد..و هو ما يُناقض كلمة "ديني" و التي ترتبط نسبياً في أذهان العامة بمفهوم الزُهد..فالخطاب تارة هو تهديدي و تارة أخرى تخويفي..و في الشهور القليلة الماضية مارست الماكينة الإعلامية "الفاشلة" في الإصلاح هجمةً شرسة على أي بنود "مُحتملة" تناقش حقوق المرأة في الدستور المُرتقب.

فالإصلاح في خطابه يصر على تصوير المرأة في اليمن بصورة الكائن المنفلت جنسياً و لكنه "فقط" ينتظر الفرصة ليمارس ذلك الانفلات..فنحن -حسب ذلك الخطاب- مجموعة من الساقطات أخلاقياً اللواتي ينتظرن فقط كلمة "نعم" ليمارسن الزنا و الفاحشة..نصفنا كذلك على الأقل أما النصف الآخر بالطبع فهو مجموعة من المثليات اللواتي يكتمن هويتهن الجنسية خوفاً من تطبيق الشريعة الإسلامية و ينتظرن فقط كلمة "نعم" لكي يغوين نساؤهم و بناتهم لممارسة المثلية معهن!!.

سمعت في الخطاب الإصلاحي كثيراً عبارة "تطبيق مفهوم الجندر سيؤدي إلى إنتشار الفاحشة بين نسائنا"!!..و هي العبارة التي تعتمد بشكل كبير في فرض سلطتها الفكرية على الآخرين على السلطة العقلية التي يمنحها المواطن العادي لـ "شيخه" و تصديقه لكل ما يحدثه به..بالإضافة إلى اعتمادها على واقع أن الأغلبية في اليمن لا تبذل مجهوداً لكي تقرأ عن ما لا تفهمه و إن نزلت من برجها العاجي و قررت أن تقرأ وقع أغلبها في خانة عدم الفهم لما قرأه فيبحث عن شيخه ليفسره له كما يحلو لذلك الأخير!!..

قبل فترة ليست بالبعيدة أصدر الإصلاحي عارف الصبري "كتيب" تطرق في صفحاته عديدة منه عن موضوع الجندر و منح المرأة حقوقها السياسية و الاجتماعية و القانونية بالتساوي مع الرجل..لم أجد عبارات مثل "حرية جنسية" أو حتى "الحق في المثلية" أو "الزواج المثلي" في بنود اتفاقية السيداو أو حتى في التعريف المُفصل لفكرة الجندر و اللتان يصر الإصلاحيون بشكل لا معقول على وجود تلك المفاهيم فيهما!!..و لكنه الخطاب الإصلاحي المعتاد و الذي يهوى حشر كلمة "جنس" و أخواتها في أي خطاب فكري كان أو اجتماعي أو حتى سياسي..و "غزوة الفراش" التي أعلنها محمد قحطان رئيس الدائرة السياسية في الحزب ليست بقديمة العهد.

هكذا نجد أن رجل يمني تقليدي سيخبره شيخ إصلاحي بأن "مفهوم الجندر" سيجعل ابنته تتمتع بحرية جنسية و يمنعه من مساءلتها عن فجورها دون تقواها..سيجعله هذا الأمر يقوم بقتلها قبل أن يذهب مطمئن القلب لكي يصوت بكلمة "لا" للدستور..رجل يمني آخر يخبره شيخ إصلاحي أن منح المرأة حقوق قانونية متساوية مع الرجل سيجعلها تمارس الزنا و الفاحشة دون خوف..سيجعله يذهب دون تردد ليصوت بكلمة "لا" لكي "يحتكر" شرف تلك الخطيئتان لنفسه من دونها!!..و هكذا تؤسس ثقافة الـ "لا" بين المواطنين و تُنفذ من قِبلهم دون وعي حقيقي بحقيقتها.

زواج المثليين و الحرية الجنسية و تحديد سن الزواج هي أمور تشكل هاجساً و تثير المخاوف لدى كل فرد إصلاحي و حتى لدى كل قيادي إصلاحي أكثر مما تثيره مشاكل تفترس أجساد شباب هذا الوطن و تؤدي بهم إلى ضغط زرٍ لحزام ناسف لكي يهرب من وطن ظالم له إلى حضن امرأة في الجنة كما يؤمن..فمشاكل الفقر و البطالة و الفساد و حقوق الإنسان و الاحتقان الطائفي و المناهج التعليمية المتطرفة و المؤسِسة لعقيدة رفض الآخر و عدم قبول التعايش معه و حتى جرائم القتل لا تشكل أهمية كبرى إن لم تكن هامشية لدى الإصلاحي بقدر ما تشكل له من أهمية "قضية" زواجه من "بنت الثمان"..ذلك الزواج الذي قاتل الحزمي و سيده الأعلى بكل قوتهما في البرلمان اليمني ليمنعا رفع سنه إلى الضعف أي إلى السادسة عشر "فقط"!!.

لم تبهرني أي شخصية إصلاحية كبيرة كانت أم متواضعة بأن كان تصريحها الأول عن الدستور الجديد المرتقب هو البحث فيه عن الفقرات التي ستتحدث عن حقوق المواطن المسلوبة أو حتى المساواة أمام القانون مهما كانت مكانة المتخاصمين..لم يتحدث أحد منهم عن حقوق فئة "الأخدام" و حقوقها المشروعة في المواطنة المتساوية..لم يتحدث أحد عن تحجيم واقع الغاب الذي يمارسه شيوخ قبليون و من قبلهم دينيون أمام سلطة القانون الذي لا يعرف الرحمة لأي ظالم و لا أعتقد أن العواضي ببعيد عن الأذهان بعد..لم تبهرني أي شخصية إصلاحية بتأييدها لقانون الحد من حمل السلاح لأن ربهم الأعلى كان من أوائل من رفضوه وقت طرحه في السابق -و ما زال- أمام البرلمان اليمني.

حزب الإصلاح كحزب سياسي -و لن أقول ديني- قد يكون من أسوء الأحزاب في التعاطي مع المواضيع الحقوقية و الإنسانية..فتصريحاته دائماً تحمل فكراً لا أظن حتى أن أصحاب الكهف كانوا يؤمنون به قبل أن يغرقوا في سباتهم الطويل..بقية الأحزاب اليمنية قد تكون تحمل ذات الرؤية و لربما أسوء و لكنهاعلى الأقل لا تُمنح هذا السوء "قُدسية" دينية لمنع الآخرين من إنتقاده أو حتى من مناقشته.

يوم التصويت على الدستور الجديد سيكون يوماً للتصويت على إنسانيتنا..سيكون تصويت على حقيقة أن هنا في هذا البلد التعيس ما زال هناك بشر يمارسون "التفكير" قبل التقرير..سيكون امتحان صعب و شبه مستحيل للجميع لأنه بعد عقود من "إخصاء" العقل و تسليم القرار لغيرنا لكي يحددوا مسار حياتنا ستكون لدينا فرصة قوية و ربما وحيدة لكي يقول كل يمني "أنا هنا"..ستكون لدينا فرصة "حقيقية" لكي نذهب لنبلل أصابعنا في تصويت ليس بالـ "هزلي" لرئيس ضد نفسه!!..ستكون لدينا حرية القرار و لن يكون لنا أي بقية من حق للاعتراض أو للمطالبة بالكرامة لو قررنا تسليمها لغيرنا و لهواجس "سريره" لينتهكها فوقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية