الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدث بالفعل : زلزال في معرض القاهرة الدولي للكتاب..

مختار سعد شحاته

2014 / 2 / 1
المجتمع المدني


حدث في معرض الكتاب:
النهارده كنت في المعرض، والمفروض أوقع روايتي "تغريبة بني صابر"، قبل التوقيع كنت بأتمشى مع عبير -حرمنا المصون- وكنا بنتكلم عن المعرض وعن حالة ما حدثت لصديق تم إلغاء حفل توقيعه، وعن مشاكل النشر والكتابة في مصر، ومركزية دور النشر وما يشبه الاحتكار فيها، وبلاوي بتحصل أقلها كلمة من ناشر:
-" آسف يا فلان.. الوقت مكانشي في صالحنا والكتاب مش لاحق المعرض".
ودا طبعًا بلا أدنى اهتمام بنفسية الكاتب، وظروفه. وهو ما حدث معي شخصيًا قبل سنوات. فجأة سمعت صوت مكبر صوت بينادي:
- أي كتاب بربع جنيه.. نسخة الإنجيل بجنيه...."،
بصيت لقيتها دار نشر للكتاب المقدس، قلت لها فكرة أنا عايز ترجمة قديمة للعهد القديم والجديد، وعبير قالت وأنا كمان.
دخلنا للجناح، واحدة ست على شعرها طرحة مع واحد رابط شعره "عقصة"، طلبت نسخة من الإنجيل من المترجم القديم، وأخدتها، وعبير أخدت نسخة آرمية بالشروح طباعة فاخرة جدا، بعد شوية فضل الواد الموجود يزن عليّ:
- "تشتري حكايات القديس ...، تشتري فيلم ميلاد يسوع، تشتري ....".
وأهمل عبير تماما باعتبارها محجبة؛ فبدأت علامات العصبية تظهر، بصيت عليها وضحكت هي فهمت ليه بيحصل كده، وأنا فهمت. قالت لي وهي بتهز راسها:
- "يا عااااالم محدش يفكر لنا أبوس إيديكم"... وابتسمنا لبعض، ودا مش المهم..

المهم إننا وعند خروجنا، وإذا برجل أربعيني وملتحي في تجهم كامل يأتي وبدون سلام ولا كلام يدفع في صدري كتابا لابن عثيمين عن آرائه في "نصارى الأمة، والحرب الاهلية في الجزائر".. وبكل تجم بيقول:
-"الكتاب دا هدية، ياريت تقراه"
- "طيب عن إيه؟؟"
- "العلاقة بينا وبين (النصارى) دول".
ونطق النصارى دي بشكل عجيب جدا على مخارج الحروف لدرجة إني استغربت هي بتطلع بالتفخيم ده إزاي؟؟ وكمية الصفير دي!! واتسمرت مكاني لحظات، بعد ما شكرته بآلية وفي إندهاش تام.

المهم بعدها بمجرد ما تركنا، الواد بتاع المكتبة بينادي، وكان شاف الموقف اللي حصل قدام بوابة جناحهم، وقال:
- "يا أستاذ دا كتاب هدية"
كان كتابا عن علامات ما على الطريق للرهبوت والرهبة، شكرته وأنا مستغرب نظرة التحدي في عينيه، اللي باصة على كتاب ابن عثيمين في إيدي.

خطوة وهوووب فجأة الراجل الأربعيني الملتحي يظهر كده والله، وبدون سابق إنذار يمد إيده نحو زوجتي:
- "اتفضلي يا أختي دا كتاب هدية".
ودا كتاب تاني غير اللي أعطاه لي على سبيل الهدية من شوي.، وبعدها بص ناحيتي بصة غريبة قوووووي ومريبة ومنطقشي، وكأني كيس جوافة واقف مع عبير.

ما علينا لكن فجأة هوووووب قام الواد بتاع المكتبة:
- "يا أستاذ يا أستاذ"
وقفنا، جرى وعطى عبير نسخة من كتيب تاني برضه عن اللاهوت. يعني رحنا نشتري كتاب، فجأة لقيناه أربع كتب.. قمت قايل لها:
- "يلا بينا بسرعة نجري من هنا، لأن لو وقفنا خمس دقايق مش هنلحق حفل التوقيع، يا إما هنضطر نشيل كتب كتير جدا كلها لناس فكرت لنا وقررت عنا، وحكمت على عقيدتنا ومعتقدنا، وصممت تدخلنا في حرب مش بتاعتنا، ولا شغلاني بمنطقها المبرر وغير المبرر بالمرة".
اتحركنا في نفس اللحظة اللي خرج فيها الواد من المكتبة للمرة التالتة معاه سيديهات، ونفس ذات اللحظة اللي كان الأخ الأربعيني الملتحي بيحث الخطا لقفشنا وإهداء نسخة من كتيب ما لشيخ ما.

كأن الاتنين اتقابلوا في نفس المكان! والاتنيين على وشهم نفس نظرة التحدي والتصميم، ومش مستعدين يناقشوا اللي مكتوب، ولا يناقشوا بعض أسباب التحدي إيه، وليه أصلا قرروا فجأة تبقى تحدي؟؟!! وكأن الاتنيين لكل منهم خالق وإله، وسما تانية غير السما اللي كل الناس في المعرض تحتها وبتساعهم كلهم.
وأنا داخل باب صالة 3 والاتنين ورايا، مش عارف جه في دماغي تخيل غريب، حسيت إني الممثل "جيت لي" في فيلم "هيرو"، وكنت سامع صوت مئات السهام في الهوا بتزن في ودني، وبقيت فعلا مرعوب إنها كلها تضربني في ضهري أنا وعبير، ساعتها مش عارف ليه قررت أقف فجأة وأدور للخلف، وأبص لهم، وحسيت بجملتين ملهومشي أي علاقة ببعض، حسيت بجملة ممثل الاستاند آب "محمد قنديل" أو علي أخوه وهو بيقول:
- "أهو!! بص.. أهو واحد لا من ديني ولا من دينك".
فعلا حسيت ساعتها إني "لا من دينك ولا من دينه". والجملة التانية من نفس الفيلم "هيرو"، واللي بتفسر ليه جدع من الجدعان اللي بيطيروا في الفيلم، وتقريبا اسمه مش عارف إيه كده الثلج، ليه مقتلشي الملك الطاغية، وجملته بتتردد في ودني بعد جملة قنديل، وقال الصيني:
- "سماء واحدة"..
كانوا هناك لحظتها الاتنيين بصين ناحيتي، وأنا باصص عليهم وحاسس فعلا زي ما قلت:
- "لا من دين ده، ولا من دين ده".
مطيت شفايفي ساعتها بالغضب المكبوت لما تخيلتهم الاتنين بيرددوا كلمة واحدة من نفس الفيلم، وفجأة تحول المشهد كله إلى جنود تكرر نفس الكلمة وطنينها يملأ أذني، وشعور بالغثيان يتملكني بشدة:
- "Kill..Kill.".

في حفل التوقيع، ورغم الفرحة اللي كانت مالية المكان، وإن ناس كتير بأحبهم كانوا موجودين معايا، ومشاعر إيجابية كتير حوليا وملياني، وإحساسي برضه بغياب ناس بأحبهم وافتقدت لوجودهم بشده معايا النهارده وكان يسعدني وجودهم، لكن فجأة حسيت بإحساس كان في زلزال، وكأني هأقع على الأرض و"دايخ"، فمسكت يد صديقي الرائع "د/ محمد طبشات"، وسألته:
- "دكتور انا حاسس إن فيه زلزال ودايخ"
- "دا بس توتر من الفرحة، والناس حوليك".
- "بس حاسس فعلا إني هأقع".
ضحك، وطبطب عليّ، وابتسم ابتسامة الرائعة، وقال بحب وصدق:
- "مبروك يا مختار".
كانت دوشة التوقيع، وضحك الصحاب والناس حوليا بيعلى ويغطي واحدة واحدة على الكلمة اللي كانت لسه كانت بتتردد في وداني:
- "Kill..Kill".
لكن في النهاية محبتهم وضحكهم وفرحتهم معايا طغت على كل صوت جنود الطاغية في الفيلم "هيرو"، وحسيت إن بوجود المحبة والسلام والتبسم في وجه الناس، أكيد لازم يكون فيه أمل إننا نحب بعض ونستمر نكتب عن كل اللي جوانا وبيخلينا نحس بإحساس الزلزال والدوخة.

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي
مصر/ الإسكندرية
في 31 يناير 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 171
عبده ( 2014 / 2 / 1 - 14:19 )
انا لو مكانك ياصاحبي كنت استدرت للاتنين وزعقت باعلى صوت لهما معا مية واحد وسبعين بلغة الزناعم والبلاطم 5151

اخر الافلام

.. اللاجئون السوريون -يواجهون- أردوغان! | #التاسعة


.. الاعتداءات على اللاجئين السوريين في قيصري بتركيا .. لماذا ال




.. الاعتداءات على اللاجئين السوريين في قيصري بتركيا .. لماذا ال


.. الحكم بالإعدام على الناشطة الإيرانية شريفة محمدي بتهمة الخيا




.. طفل يخترق الحكومة التركية ويسرب وثائق وجوازات سفر ملايين الس