الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا كرامة لوطن تهان فيه الأمهات

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 2 / 2
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يستحق الشعب المصرى الكرامة والعدالة والحرية بعد كل هذه الثورات والتضحيات بأغلى ما يملك من الروح والدم.

أشاد الجميع بمشاركة النساء والأمهات فى ثورة يناير ٢٠١١ ويونيو ٢٠١٣، وفى الاستفتاء على الدستور الجديد (١٤ و ١٥ يناير ٢٠١٤). كانت طوابير النساء أطول من طوابير الرجال، لكن ما إن تستقر الأمور حتى تعود المرأة إلى مكانها الأدنى فى قاع النظام فى الأسرة والدولة.

تفضل المرأة المصرية إراقة دمها على فقدان سمعتها، وما أسهل أن تفقد المرأة سمعتها، إن خرجت من بيتها للمشاركة فى المظاهرات أو الانتخابات دون موافقة رجل البيت، الذى يملك تطليقها وتشويه سمعتها، فالمرأة مدانة وإن لم تخطئ، وإذا اعتدى عليها رجل واغتصبها فهى وحدها تحمل العار.

بالأمس تم العثور على جثة طفل عمره شهور، أمه فى الرابعة عشرة، اعترفت بالجريمة، لفشلها فى قيده بسجل المواليد، اغتصبها أبوه ولم يعترف بابنه، تم عقاب الضحية وتبرئة الجانى لأنه يملك وحده الشرف حسب العرف والشرع والقانون المسيطر فى الدولة حتى اليوم.
فى الشوارع ثلاثة ملايين طفل يدفعون ثمن جرائم آبائهم فهل ينصفهم القانون الجديد بعد الثورة؟

الأحزاب القديمة والجديدة من الرجال والنساء، لا تنشغل بهذه المآسى اليومية لملايين الأطفال والأمهات، فالفصل التعسفى الموروث بين السياسة والمجتمع، أو بين العمل السياسى والعمل الاجتماعى- يجعل محترفى السياسة منشغلين كل الوقت بكراسى الحكم ومكاسبه، ومن أجل الحصول على الأصوات فى سوق الانتخابات يتاجرون بقضايا الفقر والمرأة وأطفال الشوارع.
يتغنى الكل بالأم الغالية وتضحياتها العظيمة، فإن تعبت أو مرضت يهرب منها الكل! ويستمر الحال حتى اليوم.
فى عيادتى الطبية النفسية تتجمع أنواع مختلفة من الأمهات، قالت لى إحداهن ما يلى:

كنت متفوقة بكلية الآداب، ونجحت فى عملى كصحفية، لكنى تزوجت من زميل لى ضحيت بعملى من أجل نجاحه هو فى عمله، وتفرغت لخدمته وتربية أطفالنا الثلاثة، تخرج ابنى البكر ونجح وتزوج، وتخرجت الابنتان ونجحتا وتزوجتا، وتعرف زوجى (بعد أن أصبح صحفياً ناجحاً) على ابنة رئيس التحرير، تزوجها من أجل تدعيم نفسه أدبياً ومالياً، فرض رئيسه عليه أن يطلقنى قبل الزواج بابنته، وصلتنى ورقة الطلاق بالبريد، وانتهت حياتى الزوجية بعد ثمانية وعشرين عاماً دفعت فيها شبابى وروحى وعرقى ودمى، وجدت نفسى فى نهاية عمرى أعيش وحدى، واضطررت للعمل مربية أطفال فى البيوت لأعول نفسى، ولا أطلب شيئاً من قريب أو بعيد، عندى كرامة يا دكتورة ولا أحتمل المعاملة غير الطيبة من الابن أو الابنة، كنت أعذر قسوة الابنتين بسبب سيطرة الزوج بحكم القانون وعدائه للحماة بحكم الثقافة والتقاليد، لكنى لا أعذر قسوة ابنى، والمفروض ألا يخضع لزوجته التى تكرهنى دون سبب لمجرد أننى حماتها.

هذا مثال واحد لملايين الأمهات اللائى قدمن حياتهن للأسرة والوطن، ولم تقدم لهن الأسرة والوطن إلا الذل الهوان.
نحن فى حاجة إلى ثورة ثقافية وقانونية تقتلع جذور القهر والذل للنساء؛ فلا كرامة لوطن تهان فيه الأمهات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشكلة ان الجميع هنا مستلب
جواد الصالح ( 2014 / 2 / 2 - 08:32 )
كلامك يدمي سيدتي بالفعل هناك فجوة هائلة بين السياسة والمجتمع في محيطنا العربي والاسلامي
نحن بجاجة الى ثورة ثقافية اي ثورة بالمفاهيم والقيم والعادات
نحن بحاجة الى اعادة النظر بمحمل تاريخنا واساليب حياتنا
ترى باي مقاييس نواجه عالمنا وكيف لنا ان نعيد التوازن الى رؤيتنا للامور
ماذكرتيه غيض من فيض المأساة التي تلفنا في سورتها دون ان نعي او نفتح عيونتنا وندرك حجم المتاهه التي نعيشها
ليست الامهات او المرأة عندنا مستلب بل الشخوص بمجملهم مستلبين
انظري حولك تدركين الكارثة
الشباب ضائع في متاهات البحث عن الاستقرار
الاباء يعفرهم غبار المسؤلية وضياع الفرص الامهات لايعلمن متى تنتهي صلاحيتهن فيركن غير مأسوف عليهنا
لاتوجد لدينا مؤسسات تحفظ للفرد كرامته او تخفف العبئ والقلق عن كاهله
الساسة لاهم لهم وكما قلتي سوى حصد الاصوات من الناخبين ومن بعد يتندروا عليه ويشتموا غبائه
الافراد لاحول لهم ولاقوة سأموا الانتظار وعقود الضياع فراحوا يمنوا النفس بزعيم هنا او نائب هناك كي يستمروا في معاقرة الخديعة
لاحلول جدية تلوح في الافق فالمشكلة بنيوية بامتياز وتحتاج الكثير من التضحيات ختى ببعض مبتنياتنا الايمانية


2 - the root of the problem
على سالم ( 2014 / 2 / 2 - 16:31 )
هذه بالطبع حقيقه داميه ومحزنه عن مجتمعات اولاد عربان واسلام المنكوبه التعيسه الحظ ,لكن دكتوره نوال يجب ان تعلم ان جذور المشكله بدون جدال هو الاسلام وتشريعاته الصحراويه الهمجيه وقوانين الزواج والطلاق الصلعميه الغبيه ,القوم تحنطوا وتجبسوا وتكلست عقولهم العرجاء المتوقفه عن العمل منذ ان دخلت شريعه الحبيب المصطفى الدول التى تم غزوها وتخريبها ومسح هويتها ,يجب ان نعلم انه يوجد ثلاث ملايين طفل شوارع وكان نتاجهم سفاح فى الغالب الاصل فيه رجال السعوديه والخليج والذين هم اصل الاسلام البغيض حتى وصل بهم الفجر والعهر بالتصريح بان مصر ماهى الا بيت دعاره من اجل شباب الخليج والسعوديه الكؤود ,الواجب الصدق فى تشخيص المشكله وايجاد الحلول للتخلص من وباء الاسلام السرطانى

اخر الافلام

.. كوباني تحتضن مهرجان زيلان الثالث


.. -الشهيدة زيلان رمز للمرأة الكردية المناضلة-




.. لمناهضة قتل النساء منظمة سارا تطلق حملة توعوية


.. مسرحية غربة




.. دعاء عبد الرحمن طالبة بكلية الصيدلة بجامعة أم درمان