الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عامٍ و محمد بلا نسب

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 2 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قديماً كان أغلب الخلفاء المسلمين يضعون عراقيل كثيرة للوصول إليهم..فكان الوصول إلى الخليفة لتبليغه بشكوى أو مَظلمةٍ ما يُعد أمراً يتطلب الكثير من الحظ و العلاقات..لهذا تنامت كثيراً سلطة الجواري و الخصيان..ليس للقيمة الفكرية التي يمثلونها آنذاك بل للقيمة الجسدية التي يقدمونها فوق سرير الخليفة.

خطر في بالي هذا الأمر عندما رأيت تنازع السلفيين و الحوثيين الشهر المنصرم أثناء احتفالهم "المزعوم" بالمولد النبوي الشريف..كانت مدينة صنعاء -بشكل أساسي- مسرحاً لذلك التنازع..و لم يكن ذلك الأمر حباً به -أي الرسول- لا سمح الله و لكن لاستخدامه كما كانوا يستخدمون الخصيان قديماً للوصول إلى الخليفة.

كان الأمر أقرب إلى استعراضٍ مُبهرج..استعراضٌ يُريد أن يوصِّل إلينا رسالتين فكرية و سلطوية..الرسالة الفكرية كانت "أن الرسول ملكنا دون سوانا" فإن كنت تهتم بالجانب الروحي فمكانك بيننا أو خلفنا..و الرسالة السلطوية "أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا" فإن كنت تهتم بالانضمام إلى الجانب الأقوى في ذلك النزاع المذهبي ففكر جيداً قبل أن تختار في أي صفٍ ستقف.

لهذا أتى عيد ميلاد الرسول بصورةٍ أكثر ابتذالاً هذا العام من كل عام..فكل طرفٍ أراد أن يُثبت نسب الرسول إليه..تنازعوه بينهم و لم يبقى إلا أن يشقوه بينهم و لا أعتقد حينها أن أي الطرفين كان سيكترث حقاً لو تم شقه فعلياً فالمهم حينها سيكون من منهما سيحصل على الشق الأكبر منه!!.

و لكن هل كانت هناك حقاً سعادةٌ في القلوب بسبب ذكرى مولد النبي الكريم؟؟..لم أشعر للحظة بتلك المشاعر..كل ما شعرت به هو عملية استغلال له و لذكراه و كأني بكل طرفٍ يتمنى سراً لو كان الرسول امرأةٍ لكي يطأها قبل الآخر فيكتب على جسدها بأنه كان الأول و لا يهم من يأتي بعده ليمر على جسدها.

لقد تحول محمد إلى أيقونةٍ يتنازع البشر عليها و على ملكيتها..مختلف المذاهب تدعي أنها تملك نسبه إلى شجرتها..هذا النزاع -كما أسلفت- ليس حباً به و لكن لإثبات صحة المنهج المُتبع..فأن تخبر الآخرين أن الرسول كان ينتمي إليك فهذه رسالةٌ ضمنية إليهم بأن منهجك هو الحق الذي يُفترض بهم أن يسلكوه من بعدك..إنها عمليةٌ لغسل الأدمغة و الأداة المُستخدمة لتحقيق ذلك الهدف بشرٌ يُمثل فكرةً يؤمن بها الكثيرون اعتباطاً دون التحقق منها.

حتى الخُطب التي أصغينا لها عرضاً أو طوعاً لكلا الجانبين كانت مختلفةٌ فيما بينها فقط بمقدار امتلائها بالرسائل السياسية و لكنها اتفقت جميعها بشكلٍ مثيرٍ للسخرية بأن ختامها جميعاً كان "و صلى الله على "نبينا" محمد"..خطبٌ لم تنقل لنا أي صورٍ روحية إنسانية أو حتى فكرية لهذا الشخص الذي يحتفل الملايين بعيد مولده..و كأني بهم يخبروننا بكل صراحة أن محمد كشخص و ليس حتى كنبي لا يستحق تلك الدقائق لتضيع عليه و به..فالمهم أن تصل رسالةٌ واحدة و هي "محمد نبينا نحن..من مذهبنا نحن".

ليست المشكلة الحقيقية في القادة الخطابيين أو حتى القادة السياسيين الذين يروجون لهذا الخطاب المذهبي المقيت كل عام..المشكلة أن الجموع المُغيَّبة عقلياً من ورائهم تستجيب و تمتلأ بكلماتهم العفنة و تقتنع بها و تؤمن أيضاً..و لكنها لا تؤمن بأي طريقة و لكن بالطريقة المُبتذلة المهينة عقلياً أي الإيمان المُطلق بلا أي ذرة شك تجاه ما لُقِنت به.

أشفقت على الرسول في عيد مولده..فلا أصعب من أن يتم التنازع عليك ليس حباً و لكن لاستخدامك بطريقةٍ ما..طريقةٌ تأصَّلت فينَّا عن طريق تاريخٍ طويل من الجواري و المخصيين الذين لا يمكن الوصول إلى خليفة المسلمين إلا عن طريقهم..تاريخٌ علَّمنا أنه فقط عن طريق الجواري و الخصيان تكمن السلطة الحقيقية..تلك السلطة التي تُمنح لهم مقابل ما يمنحوه على سرير الخليفة..لهذا كان الرسول -و ما زال و سيظل - وسيلتهم للوصول إلينا و لهذا أتمنى كل عام أن يأتي مولده القادم و هو بلا نسب..لعلهم حينها سيكفون عن التنازع عليه -كما علينا- لو اكتشفوا أنه كذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 164-Ali-Imran


.. 166-Ali-Imran




.. 170-Ali-Imran


.. 154-Ali-Imran




.. 155-Ali-Imran