الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصرتنا لا تزرع الشوك

مفيد بدر عبدالله

2014 / 2 / 3
المجتمع المدني


عبدالرحمن الوحيد من بين أصدقائي لم يندهش من صورة غريبة بعض الشيء نشرتها على صفحتي (الفيس بك) لمنزل تشطره الحدود بين هولندا و بلجيكا لنصفين أذ لم تكن تلك الحدود سوى رسم على الارض لا يرتفع عنها حتى سنتمترا واحدا على عكس الاخرين الذين ابدوا استغرابهم و قارن أحدهم بينها وبين حدود الفاصلة لبعض مناطق بغداد والمحاطة بحواجز (كونكريتية) لا يقل ارتفاع بعضها عن المترين ، التقيت عبدالرحمن ومن حديثي معه وجدت تفسيرا منطقيا لعدم دهشته ، فلقد عاش من قبلي حقبة زمنية رائعة ملؤها الامن والامان وتحدث لي عن سنوات خلت وحكايات رائعة عاشتها البصرة تستحق أن نذرف عليها الدم بدل الدمع ، أحدى تلك الحكايات حكاية النداف الايراني حيث يقول : وانا طفل صغير كنت أرى ندافا أيرانيا يأتي كل عام الى قريتنا ويقيم فيها لأشهر للعمل ، يتنقل بين بيوتها يحب أهل القرية مثلما يحبوه لم يكن سكانها يسمحوا له بالإقامة بغير دواوين بيوتهم رغم أنه لا يحمل معه لا جواز سفر ولا اي وثيقة أخرى وكانه طائر يحط على أي أرض ومتى يشاء ، فما ان يقضي الفترة التي يراها مناسبة حتى يعود الى بلده ، أذ لم تكن في تلك الحقبة التعقيدات التي شهدتها السنوات الاخيرة كما تحدث لي عن أهالي ناحية السيبة الحدودية التي تقع جنوب مدينة البصرة وكيف كانوا يعبرون الى مدينة عبادان الايرانية للتسوق بزوارقهم البسيطة عبر شط العرب . لم تكن الحكومات آنذاك غافلة لكنها تغض الطرف ليقينها بان الحالة عفوية . ومثل هذه الحالات كانت تحصل مع بلدان أخرى حتى أن الكثير من الوافدين استوطنوا البصرة واصبحوا جزءا مهما من نسيجها الاجتماعي ،رغم اعتزازهم بألقابهم التي تفصح عن أصولهم الجغرافية ، فنجد في البصرة اليوم الإحسائي, والبحراني, والنجدي, والقطراني, والعُماني, وغيرها من الالقاب ، عاشوا متحابين رغم كل ما جرى على البصرة في السنوات الاخيرة من حروب و خراب ودمار ، ظلت الاواصر الاجتماعية متماسكة و أن حصلت حالة هنا أو هناك يتداركها العقلاء بحكمتهم ، ولعل ما حصل معي يوم شبت النار في سيارتي ليثبت بالدليل القاطع ما يحمله البصريون من طيبة ورغم الفترة الغير قليلة التي مرت عليه الا انه يملئ حيزا غير قليل من ذاكرتي وقلبي ، لم يبق أحد من المتواجدين لحظتها متفرجا او مكتوف الايدي فلقد هبوا جميعا لإطفائها ، لم اكن اعرف احدا منهم ولا هم يعرفوني ، بعضهم جمعوا الرمال والاتربة من الارض والقوها على النار واخرون أخذوا بنقل الماء من النهر القريب وسكبوه عليها حتى ان بعضهم خلعوا ثيابهم واخذوا يخمدون بها النار ولم يخافوها رغم أنها كانت قريبة من خزان الوقود ، أما انا فكل ما كنت افعله الطلب منهم وبتوسل الابتعاد عنها لئلا تحصل كارثة ، ألا ان هممهم كانت أكبر فاخمدوها بوقت قصير ، لم يكتفوا بهذا بل اوصلوها لمنزلي دفعا ، كان المشهد لا يدع مجال للشك بان البصريين أصلاء ومحبون للخير والعطاء ، الحادثة غمرتني بفرحة وزادت من ثقتي بقادم الايام فلا شيء غير وحدتنا وتماسكنا سيقوض مخططات الارهاب ، لكن فرحتي لم تدم طويلا فما ان حل المساء حتى تمالكني هاجس الاحباط وانا أقرأ خبرا تناقلته الفضائيات مفاده ان الخلافات تحت قبة البرلمان وصلت حد الشتائم وان احدى النائبات قذفت بحذائها على أحد البرلمانيين ، تمالكني ليلتها الاحباط والقلق وأخر من نومي ، وانا نائم ليلتها حلمت أن سيارة أحد البرلمانين تحترق في المرأب المجاور للبرلمان ورايت في حلمي أن بعض البرلمانين يطفئوا النار وآخرون يتفرجون لكن أحدهم أفزعني من نومي وهو يصب الزيت على النار ، لم اتعرف عليه لكن ما لي حصل لي في الصباح جعلني متأكدا بانه ليس من نواب البصرة ، فالبصرة التي عاش بين أضلعها الكرد والهنود والباكستانيون والأفغان والبلوش والأرمن والزنج والكلد والآشوريون وغيرهم لا يمكن أن تنجب غير الخيرين .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليست البصره وحدها
علي العبيدي ( 2014 / 2 / 3 - 11:00 )
كنا فتيان الحي في ستينات القرن الماضي في احد مدن الفرات نجتمع ليلا بعد العشاء اما للعب او المسامره والقاء النكات!!! وكانت احدى الالعاب تدعى(الانظم) اي تقوم مجموعه منا بالاختفاء في الازقه والشوارع والبساتين والبيوت ويقوم القسم الاخر بالبحث عنهم!!! في هزيع الليل وبعد ان نتعب نجتمع سويه وقد نال الجوع منا ونتفق اي بيت من بيوت الشارع سوف ندخله لنبحث عن مايسد جوعنا
ندخل اي بيت مهما كان وهو بالمناسبه لاتغلق بابه بتاتا فكل ابواب البيوت مفتوحه حتى الصباح
اقول اننا ندخل البيت ونتجه نحو المطبخ حذرين من ايقاظ اهل البيت من نومهم ونبحث عن الطعام وهو متوفر فاما يكون كباب طاوه موضوع في الطاوه مع زلاطه قربه وخبز في الطاق او تمن ومرق في جدرين موضوعين على الجوله او المكينه(تشبه الجوله) مع خبز وخيار وطماطه ونقوم بهدوء بتناول ماتركه اهل البيت ونصفيه جميعا!!!
في الصباح التالي وعندما تجد ام البت ان القدور فارغه وان الخبز قد اختفى تعرف بديهيا من اكله وتقول لابو البيت او زوجها ان جماعة(الانظم) قد زاروهم في الليله الفائته!!!
هكذا كان الحال ايام الزعيم عبد الكريم قاسم صديقي العزيز فكل مدن وطننا متشابهه في

اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا: فض اعتصام الطلبة بالقوة واعتقال نحو 300 متظا


.. تقارير: الجنائية الدولية تدرس إصدار أوامر اعتقال بحق قادة من




.. ترحيل اللاجئين.. هل بدأت بريطانيا بتفعيل خطة رواندا؟ | #ملف_


.. Thailand: How online violence and Pegasus spyware is used to




.. التونسيون يتظاهرون لفلسطين في عيد العمال