الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يَسْتَمِدُّون من القرآن شرعية لوجود إسرائيل!

جواد البشيتي

2014 / 2 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كيف يمكن استخدام العقيدة الإسلامية نفسها في جَعْل الفلسطينيين والعرب يتقبَّلون فكرة الاعتراف (أيْ اعترافهم هُمْ) بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية، إقليمها (الذي هو القسم الأكبر من أرض فلسطين) مُلْك أبدي لـ "الشعب اليهودي" فحسب؟
الجواب أتى من "شيخ" أردني يُدْعى أحمد العدوان، ويُعرِّف نفسه على أنَّه "عالِم إسلامي"؛ ولقد تزامن جوابه مع جهود يبذلها وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري لحَمْل الفلسطينيين على قبول اقتراحه أنْ يعترفوا بإسرائيل على أنَّها "وطن قومي للشعب اليهودي"، ولحَمْل إسرائيل، في الوقت نفسه، على قبول اقتراحه أنْ تعترف بالدولة الفلسطينية على أنَّها "وطن قومي للشعب الفلسطيني".
"الشيخ"، الذي لا رادِع يردعه عن "صَهْيَنَة" و"تَلْمَدَة" بعضٍ من أصول العقيدة الإسلامية، قال، في لهجة قائل "وجدتها": لا شيء في القرآن اسمه "فلسطين"؛ والله كتب الأرض المقدسة (أيْ فلسطين) لبني إسرائيل إلى يوم القيامة. ثمَّ خاطَب "المحرِّفين لكلام ربهم"، قائلاً: من أين أتيتم باسم فلسطين، وقد سمَّاها الله "الأرض المقدسة"، وأورثها لهم (أيْ لبني إسرائيل) إلى يوم القيامة؟!
إنَّها لمحاولة سافرة للتأسيس لاعتراف "ديني ـ إسلامي" بحق "دولة الوعد الربَّاني" في الوجود من خلال تفسير وتأويل مُغْرضين لآيات قرآنية تضمَّنتها سورة "المائدة"؛ وهذه الآيات هي: "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ. يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ. قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
هؤلاء، وبثلاثين من الفضة، ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خَدَماً عند "شعب الله المختار"، فزَعَموا أنَّ الله قد كَتَبَ فلسطين لـ "بني إسرائيل"، إذْ قال "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ"، وأنَّ "عقوبة تحريمها على بني إسرائيل" قد انتهت، إذْ قال "قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
في الإصحاح الثاني عشر نقرأ قَوْل "الرَّب" لأَبْرَام: "اذْهَبْ من أرضكَ، ومن عشيرتكَ، ومن بيت أبيكَ، إلى الأرض التي أَريكَ".
أَبْرَام هذا إنَّما كانت له أرض (أو كان له مَوْطِنٌ) غير تلك التي قَرَّر "الرَّب" مَنْحها له، أيْ غير أرض فلسطين؛ ولقد أَمَرَه "الرَّب" أنْ يَتْرُكَ تلك الأرض، وأنْ يَتْرُكَ حتى عشيرته (فـ "الرَّب" لم يَقْلْ له "اذْهَب مع عشيرتكَ"، التي كانت تعيش معه في تلك الأرض) ليَذْهب إلى هذه الأرض الجديدة (التي لم يَعِشْ فيها قَطْ). "الرَّب"، ومن كلِّ تلك الجماعة العرقية، أو العشيرة، اصطفى، واختار، رَجُلاً واحداً فحسب (مع زوجته، وجارية زوجته، وابن أخيه، والنُّفوس التي امتلكها هو وابن أخيه) هو أَبْرام.
وامْتَثَل أَبْرام لأمر "الرَّب"، فذهب أَبْرام، وذهب معه لوط. وكان أَبْرام ابن خمس وسبعين سنة لّمَّا خَرَج من "حاران". وأَخَذ أَبْرام معه امرأته "ساراي"، وأَخَذ معه، أيضاً، لوطاً ابن أخيه، وكل مقتنياتهما التي اقتنيا، والنفوس التي امتلكا في "حاران".
وجاء في الإصحاح نفسه: وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان؛ وكان الكنعانيون حينئذٍ في الأرض؛ وظَهَر الرَّب لأَبْرام، وقال: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض".
وبحسب الإصحاح نفسه، قال أَبْرام: الرَّب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي، ومن أرض ميلادي، والذي كلَّمني، والذي أقسم لي قائلاً: لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض..
أمَّا في الإصحاح الخامس عشر فقال "الرَّب" لأَبْرام: أنا الرَّب الذي أخرجكَ من أَور الكلدانيين ليُعْطيكَ هذه الأرض، لِتَرثَها؛ أَعْلَم يقيناً أنَّ نسلكَ سيكون غريباً في أرض ليست لهم..
"الرَّبُّ" أَقْسَم، وَوَعَد؛ لكنَّه، وفي كلامٍ جامِعٍ مانِعٍ، قال لأَبْرام: إنَّ نسلكَ سيكون غريباً في هذه الأرض (التي منها فلسطين) التي ليست لهم.. (ليست لهم بالمعنى الدِّنيوي لـ "الوطن"؛ وينبغي لكلِّ من استوطن "أرض الميعاد" من اليهود أنْ يقول مُعْتَرِفاً إنَّ فلسطين لم تكن لنا، وهي ليست لنا؛ لكنَّ "الرَّب" هو الذي أعطانا إيَّاها، حتى يتيسَّر عليه، وعلى غيره، تمييز "الحقيقة" من "الوهم"، و"الواقع" من "الخرافة"، في قِصَّة "أرض الميعاد".
وجاء في الإصحاح نفسه: في ذلك اليوم قَطَع الرَّب مع أَبْرام ميثاقاً قائلاً: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات"؛ فيا له من تَناسُبٍ بين "الجغرافيا" و"الديمغرافيا"؛ فـ "الرَّبُ" مَنَح هذه الأرض الشاسعة (من النيل إلى الفرات) لـ "نَسْل أَبْرام"، والذي بعد عشرات السنين لن يُعَد إلاَّ بالعشرات أو المئات!
ومِنَ الجارية المصرية هاجر (جارية ساراي) جاء الابن الأوَّل لأَبْرام، وسُمِّي إسماعيل.
وفي الإصحاح السابع عشر، قرَّر "الرَّب" تغيير اسم أَبْرام وجعله إبراهيم، وتغيير اسم ساراي وجعله سارة؛ وقرَّر أنْ يجعل سارة تُنْجِب لإبراهيم ولداً، فأنجبت له إسحاق؛ وقرَّر الرَّب أخيراً أنْ يقيم عهده مع إسحاق عهداً أبدياً لِنَسْلِه من بَعْدِه؛ فـ "الأرض الجديدة" أعطاها الرَّب (في عهده الأبدي) لإسحاق، ولِنَسْلِه من بَعْدِ (حارِماً ابن أَبْرام الأوَّل، مع نسله).
والآن، يُعامِلون كل ما أَتَيْنا على ذِكْرِه من "العهد القديم" على أنَّه "مُسلَّمة"، أو "حقيقة لا ريب فيها"، متَّخِذين من هذه النصوص التي يَعوزها الإثبات (العلمي والتاريخي) دليلاً على صِدْق وشرعية المزاعم الصهيونية؛ فأرض فلسطين (على الأقل) هي بـ "أمْرٍ إلهي" مُلْكٌ أبدي لأولئك الذين يزعمون أنَّهم من نَسْل إسحاق.
هذا المذكور (في "العهد القديم") من الأقوال لا يعدو كونه نصوصاً كُتِبَت لَمَّا تهيَّأت فرصة تاريخية لبني إسرائيل القدماء ليقيموا لهم مُلْكاً سياسياً في أرض فلسطين؛ ولقد كتبها زعماء لهم لِيُكْسِبوا سعيهم هذا "شرعيةً دينيةً" لدى أتباعهم. وَلْنَتَذَكَّر أنَّ "العهد القديم (التوراة)" لم يُدَوَّن إلاَّ بعد موسى بمئات السنين؛ وظلَّوا متوفِّرين على تدوينه حتى القرن الثاني قبل الميلاد. وهذه "الشرعية الدينية (الأُسطورية)" هي خير دليل على أنَّ أولئك الذين سعوا قديماً ليبتنوا لهم "دولةً" في أرض فلسطين كانوا مقتنعين تماماً بافتقارهم إلى "الحق القومي والتاريخي" في أنْ تكون لهم "دولة" في فلسطين؛ ولقد غرسوا خرافة "الوعد الرَّباني لأَبرام" في تربة الوعي الديني لجماعتهم حتى يسهل عليهم خَلْق الدافع أو الحافز القوي في نفوس أتباعهم؛ فهؤلاء كان ينبغي لهم أنْ يَفْهموا هذه الخرافة على أنَّها من صُلْب إيمانهم الديني القويم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مداخلة - 1
شاكر شكور ( 2014 / 2 / 3 - 23:01 )
بعيدا عن السياسة وحقوق الفلسطينيين المشروعة ، فعلا لم يرد اسم فلسطين في القرآن وشيوخ التفسير المسلمين يفسرون الأرض المقدسة الموعودة لبني اسرائيل بقولهم : هي الطور وما حوله اي جبل سيناء . ورجح ابن كثير والزمخشري أنها بيت المقدس .وروى القرطبي والشوكاني عن قتادة : أنها الشام. وعن مجاهد: الطور وما حوله. وقال الزجاج: دمشق وفلسطين وبعض الأردن . القرآن يقر بأن الله فضلّ بني اسرائيل على العالمين الأعراف 140 والحقيقة المذكورة في العهد القديم لا يوجد فيها كلمة تفضيل بل هناك شعب الله المختار اي شعب كلفه الله لنقل وتبليغ رسالة فقط وهذا ليس تفضيل بل تكليف علما بأن شعب اسرائيل هم أكثر الشعوب التي عاقبها الله ، القرآن كان سخي جدا مع بني اسرائيل وأكثر من سخاء العهد القديم نفسه حيث منحهم ارضين وليس ارض واحدة فقط فنجد اضافة لأرض الموعد اورث القرآن لبني اسرائيل ارض فرعون اي ارض مصر وورد ذلك في ما لا يقل عن اربعة سور مكية وهي ( الأعراف ، الشعراء ، القصص ، الأسراء) ……يتبع لطفا


2 - مداخلة – 2
شاكر شكور ( 2014 / 2 / 3 - 23:04 )
الحقيقة هذا السخاء القرآني الذي لم يكن يحلم به اليهود سببه بأعتقادي هو كتّاب القرآن الذين كانوا من خلفية يهودية حيث ارادوا دق بسمار مستقبلي لصالح بني اسرائيل ككاتب الوحي من انصار الخزرج زيد بن ثابت الذي يقال عنه كان من خلفية يهودية من مدينة يثرب وكان له ذؤابتان وهي عبارة عن جدائل شعر متدليات وكان اليهود هم من يربون تلك الجدائل ، هذا السخاء القرآني مرر على رسول الأسلام ولم ينتبه اليه لأن محمد لم يكن له اطلاع واسع بالعهد القديم وكان يظن ان الأساطير اليهودية هي الدين المعترف به عند اليهود ولو اراد اليهود أحتكام القرآن للحصول على مكتسبات جديدة لجردوا العرب من أغلب اراضيهم ولكن اليهود لا يحترمون العطايا المزيفة لانهم لا يتخلون بما اوعد يهوه لهم في العهد القديم ، شكرا استاذ جواد لفتح الحوار بهذا الموضوع


3 - ولا مرة لم تذكر فلسطين في القرآن لكن اسرائيل ذكرت!
نور ساطع ( 2014 / 2 / 4 - 01:39 )


250 مرة ذكر ت فلسطين ومشتقاتها في الكتاب المقدس

و

ولا مرة لم تذكر فلسطين في القرآن لكن اسرائيل ذكرت!!؟؟

: )


4 - تعقيب
عبدالغني زيدان ( 2014 / 2 / 4 - 15:07 )
اولا لا بد من معرفة ان بالقران الكريم هنالك الناسخ والمنسوخ فالله سبحانة وتعالي عندما كانت الايات تتحدث في زمن موسى كانوا مفضلين وبشكل تنازلي في الزمن تظهر الايات اعمال بني اسرائيل والتي من خلالها غضب عليهم حتى انتهى في عهد رسولنا الكريم عليه االصلاة والسلام بالتحذير من اليهود
المهم كمواطن اردني اطلعت على كلام هذا الشيخ ابن عشيرة ويدعي العلم والفقه وترصدت نبض الشارع واقربائه الكل يقول لك بانه صاحب افكار غريبة يريد الشهرة وانه اهبل يعني ببساطة ولكن الدكتور جواد البشيتي لمعرفته بضعف الوعي في الشارع الاردني فان هنالك الكثير منهم سياخذون بهذا الرأي طيب لكون ابراهيم عليه السلام اول من وطىء ارض مكة وبنى المسجد الحرام خلي هالشيخ وبعض الحاخامات يرفعوا دعوة في هيئة الامم ان الجد الاول وابو اسرائيل(يعقوب)هو من وطىء ارض مكة وبنى فيها فهي لهم


5 - 1ليس بغريب على بدوي
مطر ( 2014 / 2 / 4 - 20:37 )
علميا وتاريخيا يمكن القول بأنه لم يوجد عبر التاريخ مملكة أسسها شاؤول ( طالوت ) ولا ملك يدعى بداوود ورث الحكم منه وأورثه لإبنه سليمان .. لا وجود لأي أثر تاريخي عن تلك المملكة الاهية الأسطورية إلا في العهد القديم وهو لمن قرأ الأديان ووخرافاتها يعلم أن العهد القديم ما هو الا تجميع لأساطير الشعوب المحيطة بمجموعة البدو اليهود الرحل والذين لإيجاد موطئ قدم لهم قاموا بسرقة هذه الأساطير ونسبوها للإلهم إله البراكين يهوه معتقدين بأنهم بحالال القداسة قد يكتسبوا
الأرض.
المصيببة ليست هنا .. المصيبة كانت بقيام راعي الغنم محمد بتعظيم شأن اليهود وانبيائهم باعتبارهم مسلمون منذ آدم حتى اسرائيل ( يعقوب ) حتى يكتمل كذبه, فأصبح المسلم يهجو ويعادي ارائيل بينما بينما كتابه المكدس يتغنى بتاريخ بني اسرائيل.


6 - 2ليس بغريب على بدوي
مطر ( 2014 / 2 / 4 - 20:41 )
الحل يكون اما برمي القرآن في سلة المهملات وهو الأفضل :)

او اعادة قراءة كتاب محمد قراءة زمكانية تراعي ظروف كتابة هذه الآيات

اخر الافلام

.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة


.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح




.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم