الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاعة المغلقة بلا مفتاح

مزوار محمد سعيد

2014 / 2 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



لم يكن ملزما للقادة أن يحاصروا أنفسهم بكل ما ملكوا من قوى، و إنما كان لهم كلّ الحق في أن يجعلوا من الإنسان متنفسا لقواهم، و هنا أنا أقصد القوى الفكرية، و قادة التفكير العام دون غيرهم من النخبة التي هي أصنام قبل أن تكون حزمة أعلام.
في الواقع أجد بعض الذين يدافعون عن حق المتلقي لأفكار النخبة في تحسين معاملته من قبلهم، و إلى المزيد من احترام ذكائه أو منظومة تفكيره المتواضعة مقارنة بهم، لكن من جهة أخرى هناك الكثير من التعليقات التي تصب في نواح أخرى، هي الأكثر من مستعصية حتى على النوع الذي يتهمونه بلا تبرير بالتواضع و النقصان.
هؤلاء المدافعين الذين يخدمون البشرية هم مثل الذين يحاربونهم، بل هم أخطر، حتى أنني أملك أمثلة حية من حولي في الوقت الراهن كما الأوقات التي سبقته، هم يدافعون حقا و لكن عن أنفسهم بشعار الجماعة، و هم يصولون و يجولون ذهابا و رجوعا من أجل دخول تلك القاعة الفكرية المحصنة، و لكن ما أن يدخلوها حتى يرمون كل ما كانوا يدافعون عليه، بل و يذهب بعضهم إلى محاربة زملائه بالأمس المدافعين باعتباره قد قضى حاجته و دخل القاعة المنشودة.
رغبة الإنسان مدهشة تلك التي تحثه على الخبث، و لكن بعنوان اللطف، قناع ألهم الشعراء العرب فراحوا يصفون هذا التبديل الذي يكون مخططا له بدهاء البشر النابع من مكمن الشرّ الذي لا يفنى، و هو الذي ينكره كلّ أصناف الإنسان سواء كانوا من الأشرار أم الأبرار.
لا همّ لمن يدّعون محاربة التعصّب و الغلوّ أو الخطاب العموديّ الذي يحصنونه كل ثانية من أعمارهم بعد بلوغهم القمم الفكرية باعتراف الجميع، إلاّ أن يزيّنوا تلك الكذبة التي شاخت بمساحيق العصور التي تلحق دون تكرار.

".... فالمجتمع إذن في داخله الصفات الذاتية التي تضمن استمراره، و تحفظ شخصيته و دوره عبر التاريخ... "
(مالك بن نبي، ميلاد مجتمع، ص14)

ما ينطبق على المجتمع كما يوضح الفيلسوف الجزائري هو منطبق على الفرد حسب رأيي، لسبب وحيد يتمثل في أنّ المجتمع ككتلة معنوية هو في أساسه مجموعة أفراد، و الفرد هو صاحب اليد العليا في الدراسات الاجتماعية، و هو منبع الفكر بالأساس أيضا.
لهذا فالتاريخ هو حافظ الصور المخفية للأفراد، و حتى بعد انقضاء أيام و سنين من وقوع الوقائع، فهناك دائما مساحة تضمن بقاء إمكانية الوصول إلى الدافع الرئيسيّ الذي يجعل البشر يتحرّك بالطريقة التي تُبرر حسب العقول التي تكون في قلب المعاملات أو التلقي.

".... إن الألم المفرط يحرر من الألم، و كثرة السآمة تحرر من الغثيان، كما يؤدي الظلم في درجته القصوى إلى التحرير، و هكذا نعود إلى استخدام قلوبنا و شعورنا بطريقة مجدية، بعد أن شلهما الواقع المرير، و نستطيع حينئذ الحكم على الواقع بعقل رصين.... "
(مالك بن نبي، بين الرشاد و التيه، ص129)

من الأجدى لعالم التفكير أن ينصب في مخيلته أنّه قادر على الإبداع، هذه العملية هي خارجة عن نطاق السلطة أو التسلط، و لعل كتاب العلامة ابن خلدون الذي لبث في مغارته قرونا قبل أن يخرج للعالم هو أبلغ دليل، مهما يكن فإنّ المفكّر الصادق في فعله لا يسلّم بما يُعطى له تسليما مطلقا، الهُوية ليست مرصدا حاسما كما تبدوا للوهلة الأولى، لأنّ الأمريكان قدّموا مثالا صريحا على ذلك، فمهما حاول المتألهون، فإنهم لم يستطيعوا تحطيم الإنسان، و إن قيّدوا آلته الجسمية فلم يستطيعوا تقييد روحه. و إن تمّ رميه في الظلام، فإنهم لم يتمكنوا من إبقائه في قاعاتهم إلى الأبد. لأنه لا يمكن استبدال متألهين قدماء بمتألهين جدد.


السيّد: مــــزوار محمد سعيد

#الجزائر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن