الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 2

نضال الربضي

2014 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تظهر المسيحية اليوم كمكون إنساني قادر على الإندماج مع الحضارة العالمية و مساهم فاعل في إثراء روحها و كيانها بمادة مليئة بالأمل و الخير و المنفعة، و تتمحور الدعوة المسيحية حول حاجات الإنسان الأساسية و التي تكفلها شرائع حقوق الإنسان و مواثيق الأمم المتحدة و أولها حق الحياة و الأمن، و تُعطيها المسيحية بعدا ً روحيا ً مُدهشا ً فهو و إن كان راسخا ً في العقيدة إلا أن خطابه غير عقائدي، و على الرغم من أنه ينطلق من الإيمان بشخص المسيح الإلهي إلا أنه إنساني في الدرجة الأولى مُحتِضن للآخر يُحبه و يريده و يرغب في معرفته و توطيد العلاقة ِ معه.

إن أفضل من يستطيع شرح التفاعل المسيحي الحقيقي و مدى المنفعة و المشاركة الإنسانية التي يقدمها للعالم هي كلمات البابا فرنسيس نفسه، و الذي يظهر اليوم مثل جرس ٍ يدق ُّ باستمرار أمام خطر ِ الإقصاء الفكري و الجسدي الذي تمارسه مجموعات ٌ سياسية فظَّـة و مُجرمة في حق الإنسانية، و لا تتوانى أن ترتكب أشد البشاعات في حق الشعوب المهمشة و الفقيرة، إما برأسماليتها المتعطشة لمزيد من الربح و بكل ما ينتج عنها من استعباد عمالي مُغلف بقشرة من سعادة ٍ تزداد بمقدار عدد الدولارات و تقل بقلتها أو بسياساتها الخارجية التي تضع المصلحة َ قبل الإنسان، و مقدار المُلاءمة قبل العدل، فتدعم عن قصد جماعات ٍ من بُسطاء العقول المستعدين للعنف و غير المؤهلين إنسانيا ً فتصنع منهم مقاتلين مجرمين و تُسبغ عليهم شرعية ً إلهية و تزج بهم في الصومال و مالي و العراق و سوريا و ليبيا و حديثا ً لبنان، لتغْيرِ خرائط المنطقة الجغرافية و إضعاف كياناتها و ضمان تدفق نفطها و غازها، مُتجاهلة ً عن قصد ٍ تاريخها و حضاراتها و طموحات أبنائها و مستقبل أجيالها.

تُكفـِّر ُ الكنيسة ُ اليوم و في هذا العصر عما اقترفته من فظائع في عصور ٍ ظلامية ٍ شنيعة، و تُبرهن أنها قادرة على أن تراجع نفسها، و تغير من مواقفها بالفعل و التوجه، و تخضع لاختبارات الزمن و التطور و ديناميكية الحياة و تخوضهم راغبة ً طائعة، فتُعيد لحضنها و لحبها ملاينا ً من المسيحين يرون فيها أملا ً نيرا ً في عالم ٍ استهلاكي ٍ شنيع، و تكتسب احترام ملاين ٍ من البشر لا يؤمنون بها لكنهم يتشوقون لما تقدمه من حب للإنسان، و تنظر إلى العقائد نظرة ً جديدة ً تنفتح رويدا ً رويدا ً بحيث يصبح الإنسان في الجوهر، و على الرغم أنها ما زالت غير مُنعتقة ً من النص إلا أنها شديدة ُ الانفتاح على الإنسانية و الإنسان، مما يؤهلها و يُنبئ بمستقبلها الأكثر انفتاحا ً و واقعية ً و إنسانية ً.

نختار المسيحية لأنها هُوية و نمط حياة ٍ إنساني و "فن سلوكي لا يدركه إلا من عاش دقائقه" (الشكر للأستاذة ليندا كبريل على هذه العبارة التي صاغتها بكل جمالها) و لأنها قادرة على صيانة أطفالنا من مخاطر المادية الفارغة من الروح الإنساني التعاطفي، و قادرة على تزويدهم بالأمل على الرغم من كل الصعوبات و المشاكل و الأخطار، و لأنها تحمل في بذورها مفاهيم الخيار و القبول و النمو و القدرة على إعادة البناء و التعافي، و هي التي من شأنها أن تصنع عالما ً أفضل يكون فيه الإنسان لا النص هو المقدس الأول.

أترككم مع البابا فرنسيس:
______________
نعيش حاليًا في أزمة تطال مختلف قطاعات الوجود، ولا تقتصر فقط على الاقتصاد والمال والأمن الغذائي، والبيئة، بل تشمل أيضًا المعنى العميق للحياة والقيم الأساسيّة التي تُحرِّكها. أضف إلى ذلك أن التعايش البشري هو جريحٌ من التوترات والصراعات التي تُخَلِّفُ قلقًا وصعوبةً لإيجاد حلٍّ سلميٍّ دائم.

لذا وفي ضوء هذا الوضع المعقّد، حيث تبدو آفاق الحاضر والمستقبل ملبدة بالغيوم المشؤومة، يصبح من المُلِح أن نحمل للجميع وبشجاعة إنجيل الرّب يسوع المسيح، والذي هو بُشرى رجاء ومصالحة وشركة، بشرى قُربِ الله منّا، برحمته وخلاصه، بشرى أن قوة محبّة الله هي قادرة على هزيمة ظلمات الشر وإرشادنا نحو درب الخير.

إن إنسان عصرنا يحتاج لنور أكيد يضيء له طريقه، نور لا يمكن أن يمنحه إلا اللقاء بالمسيح. دعونا نحمل لهذا العالم، بشهادتنا، وبمحبتنا، هذا الرجاء الذي نلناه من الإيمان!

إنّ طبيعة الكنيسة الإرساليّة ليست هي رغبة في الاقتناص، بل هي شهادة حياة لكون الكنيسة، وأكرّر هذا الأمر مرّة أخرى، ليست منظمة إغاثة، ولا شَركة ولا مؤسسة غير حكوميّة، بل هي جماعة أشخاص، يحركها عمل الروح القدس، جماعة عاش ويعيش أعضاؤها دهشة اللقاء بالرّب يسوع المسيح، ويرغبون في مشاركة خبرة الفرح العميق هذه، مشاركة رسالة الخلاص التي حملها الرّب لنا. إن الروح القدس هو في الحقيقة مَن يقود الكنيسة في هذه المسيرة وأرغب هنا في تشجيع الجميع ليكونوا حَمَلةً لبشرى الرّب يسوع المسيح السارّة.
_____________


نعم هذا حق.


_______________________________
يمكنك قراءة الجزء الأول على هذا الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=390933








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاناجيل الاربعه وهل هناك اناجيل اخرى
jima naser ( 2014 / 2 / 6 - 08:09 )
من هو المسيح الناصري – المسيح الانجيلي – المسيح التاريخي – يشوع – عيسى – لماذا يطلق عليه المسيح بن مريم او عيسى بن مريم – هل ولد يشوع المسيح من اب وام ام لا وكيف - هل صلب ومات فعلاَ ام لا نرجوا التوضسح حسب المذهب المسيحي الارذودكسي او الكاثوليكي وما الفرق بين النصارى والمسيح – نرجوا سرد قصه مختصره ليشوع المسيح من الولاده الى الصلب الى الظهور وهل رفعه الله فعلاَ وهل سيعود ارجو جوابك من كتب الكتاب المقدس والمسيحيه وليس من القرآن - نطلب قصة المسيح الكامله من الالف الى الياء بالوثائق التاريخيه والمصادر الموثقه وذكرها مع الرابط
من هم تلاميذ المسيح وهل كتبوا الانجيل وماهي قصة يهودا الاسخريوطي
كيف كتبت الاناجيل الاربعه وهل هناك اناجيل اخرى
ما هو اجيل العبرانيين – انجيل الطفوله –الانجيل الابيوني –
من هو برنابا
من هو الرسول بولص وتاريخه ورسائله وانجيله
توضيح اسم ام المسيح واسمها الكامل وابو المسيح واسمه الكامل
وشكراً لكم


2 - إلى الأستاذ(ة) Jima Naser
نضال الربضي ( 2014 / 2 / 6 - 08:46 )
تحية طيبة سيديسيدتي و شكرا ً لمرورك،

لاحظت أنك تُكثر من إدراج النص السابق بذات حروفه و تركيبه و كما هو في تعليقات على مواضيع منها عندي و منها عند كتاب و كاتبات آخرين على هذا الموقع. الإجابات على هذه الأسئلة تجدها منتشرة ً بكثرة على الإنترنت حين تقوم بعمليات بحث ٍ بسيطة.

هذا المقال حين تقرأه مجددا ً (أرجو منك ذلك) سيُخبرك بهدفه الحقيقي و هو إبراز المساهمة المسيحية في الحضارة الإنسانية في هذا القرن، و الخير و المنفعة و الجمال الذين تقدمهم للبشرية جمعاء دون تعصب لدين أو إثنية أو مجموعة.

لا يتحدث مقالي في العقائد فهي عقائد إيمانية غيبية لا أهتم للنقاش فيها فهي مضيعة لوقت المتناقشين جميعا ً، لكنه يتحدث في الإنسانية و هي التي تنفعنا و ترتبط بنا و تأخذنا إلى اكتمال بشريتنا و الارتقاء بمستوانا الوجودي و منتوجنا الإنساني.

أرحب بمشاركاتك الإنسانية.

أهلا ً بك.


3 - قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 2
Amin Sadiq ( 2014 / 2 / 6 - 22:57 )
الأخ نضال يبدوا أنه يتهرب من الإجابة على الأسئلة المنطقية التي يطرحها الأخ جمعة ناصر، لأن هذه الأسئلة ضرورية لمناقشتك فيما تقول ، فإن عجزت عن ذلك يبقى أمام المتابع أمر واحد وهو أن ما يقال عبارة عن تصورات شخصية ليس لها علاقة بدقة الواقع وبالتالي لن يكون مقنعاً لأحد غيره ، لأن ما جاء بهذا الموضوع كلام عام فقط. ونعتقد بأنه ينبغي على كل .
الذي يقف على المنبر يجب عليه أن يخاطب الناس بالحقائق لا بالأماني والأحلام.


4 - إلى الأستاذ Amin Saqdiq
نضال الربضي ( 2014 / 2 / 7 - 12:10 )
تحية طيبة أخي الكريم،

هناك عدة أمور تمنعني من الإجابة على أسئلة الأستاذ(ة) Jima Naser:

1 موضوع الأسئلة لا علاقة له بالمقال.

2 الأسئلة شاملة لجميع جوانب المسيحية و تتطلب إجاباتها ملخصا ً هو في حد ذاته مقال أو عدة مقالات و بذلك سنتحول من التركيز عن موضوع المقال إلى مقال جديد و هذا يقتل مقالنا هذا.

3 إجابات الأسئلة متوفرة على النت بسهولة شديدة و لا معنى من طرحها في تعليق في موضوع لا علاقة له لها.

4 الأستاذ(ة) Jima Naser يكرر هذه الأسئلة بذات النص والحرف و التركيب و بطريقة النص و اللصق و في مقالات متعددة و على مدى شهور، و بقليل من التفكير نجد أنه من غير المعقول أنه (أنها) لم يجد إي جواب على أي سؤال من هذه الأسئلة لغاية الآن، فهل معقول لم يقم أو تقم بعملية بحث لو كان الهدف فعلاً هو معرفة ما يعتقده المسيحيون؟

أخي أمين، أنا أفهم الحوار المتمدن بأنه الحوار الذي نتكلم فيه بكل انفتاح و صراحة و إنسانية مع بعضنا البعض بهدف أن نقترب من بعضنا و نبني حضارة إنسانية هي واقع و ليست أحلاما ً و لا تصورات شخصية، و الطريقة لذلك هي الحكمة في تناول المواضيع و الحكمة في أسلوب التناول.

أهلا ً بك دائما ً.

اخر الافلام

.. 72-Al-Aanaam


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد


.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس




.. قوات الاحتلال تمنع الشبان من الدخول إلى المسجد الأقصى لأداء