الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباط في الذاكرة الشعبية السورية

نقولا الزهر

2014 / 2 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


شباط في الذاكرة الشعبية السورية
لم تدر أحاديث وحكايات عن أشهر التقويم الميلادي في بلادنا السورية مثلما دارت عن "شباط" هذا الشهر الإشكالي المتقلب في طقسه ومزاجه. فهو بين ساعة وساعة يتغير فتشرق الشمس ويسري الدفء في الأبدان والنفوس وبشكل مفاجئ يمكن أن تضبضب الدنيا ويبدأ زخ المطر ويتراكض الناس إلى مواقدهم ومدافئهم .لذلك قالوا عنه :" شباط ما عا كلامه رباط". وقالوا أيضاً: بيشبط وبيلبط وريحة الصيف فيه" ما زلت أتذكر جارتنا في صيدنايا مريم مراد، فكانت تقول: " شباط نيئة عن كل الأشهر سويعاتي. ولا أنسى المرحومة عمتي تقلا، حين كنا نزورها في أحد الأيام ورأيناها كيف تنادي ابنها الأصغر : شباط ولما سألتها المرحومة والدتي: "عمتي ليش ماعم تناديه باسمه الأصلي جورج". فقالت وقد كانت ميالة للدعابة:" والله يا مرت أخي لاقيت هالاسم كثير بيلبقلو وكثير حبيتلو ياه". يبدو أن ابن عمتي جورج كان في طفولته وَرِشاً ومتقلب الطبع والمزاج على عكس ما كان وهو شاباً فاتسم بهدوئه ورزانته رحمه الله فقد توفي مبكراً.
كان شباط هو الفيصل بالنسبة إلى حظوظ المواسم الزراعية السنوية لذلك كانوا يقولون إذا ما تأخرت الأمطار: " لا تخافوا نأمحلتْ شباط وراها ونأقبلت شباط وراها " وفي هذا المجال هنالك علاقة جيرة وتضامن وأخوة بين شباط وأذار وبينهما شراكة مشهورة وهي "المستقرضات" وعددها ستة أيام تبدأ في 25-26 شباط وحتى 3 أذار وحكاية هذه الأيام الكبيسة في الذاكرة الشعبية تقول وشباط يناجي فيه أذار:
" أذار ياعيوني...
أذار يا بن عمي..
أذار الهدَّارْ...
ثلاثة منك وثلاثة مني..
خلينا نْكَمِّل جْميلنا..
ونْذَّخِرْ الأرض بالثلوج والأمطارْ..
ونْخَزِّن الآبار...
ونزوِّد الوديان والأنهار..
ونْطَلِّع البذارْ والأزهارْ..
ونسقي البشر والناس... وكل من دب عالأرض
وكل من طار...
أذار يا بن عمي..
خلينا نشدّ الهمّي..
ونكمل جميلنا.."
ويقولون عن شباط أيضاً: "صحيح أنو شهر صغير لكن فعلو كبير".وبالفعل شهر شباط هو الشهر الأصغر وهو آخر العنقود في السنة (Benjamin).
وورد في المنجد للويس شيخو اليسوعي على أن تسمية هذا الشهر سريانية ويبدو أن معناه بتقديري الشخصي آتٍ من سماته المتقلبة والمتغيرة.على أية حال من لهم باع باللغة السريانية هم أدرى بذلك.
و شباط هو الشهر الأخير من السنة في التقويم القديم قبل الميلاد. كان فيه عيد رأس السنة في 21 أذار من تقويمنا الحالي ومن هذا التاريخ كان يبتدئ الشهر الأول أذار وفي الرابع عشر منه في يوم بدره كان يحتفل العبرانيون بعيد الفصح. وشباط كان قصيراً ولذلك أضاف إليه علماء العصر القديم يوماً زائداً كل أربع سنين بعد أن اكتشفوا أن السنة هي ثلاثمائة وخمس وستين يوماً وربع. ونيسان كان الشهر الثاني وأيار الشهر الثالث وحزيران الشهر الرابع وتموز الشهر الخامس وآب الشهر السادس وأيلول الشهر السابع (Septembre) وتشرين أول الشهر الثامن(October) وتشرين الثاني الشهر التاسع(Novembre) وكانون الأول الشهر العاشر(Decembre) وكانون الثاني هو الشهر الحادي عشر وشباط الشهر الناقص وهو الثاني عشر.
نقولا الزهر
دمشق في 7/2/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران