الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمير قصير ... الربيع بوجه خريف البطريرك

مسعود محمد

2014 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



انطلاق المحكمة الدولية وجنيف 2، فرصة للكلام عن سمير قصير أحد شهداء 14 آذار لما كان يمثله من تأثير على الحريات وضرورة إطلاقها وتكريسها في لبنان وسوريا. كان سمير قصير صاحب مدرسة فلسفية تقتضي التفكير بحرية وإعادة الاعتبار للتعبير الحر وإسقاط الأصنام والدكتاتورية. وأكّد على إسقاط كل الأفكار التي تتعارض مع الحريات وتسهل القمع وتمنع الريح حتى لا تعم رائحة الياسمين.
معركة سمير قصير مع النظام السوري وأذنابه كانت من أكبر المعارك المتعلقة "بالحريات" لإطلاق ربيعي بيروت ودمشق ومنع مصادرة قضية الشعب الفلسطيني.
قام النظام السوري بعملية "ترهيب" لأحرار سوريا ولبنان الذين اجتهدوا في إطلاق ربيع دمشق وبيروت، مما اعتبر مخالفة للسائد من ناحية الخضوع والقبول بالأمر الواقع، فعمد النظام السوري إلى إضطهاد تلك الثلة المثقفة، وحجر على حركتهم وعلى اي خروج لهم عن المعهود عبر مناداتهم بالحرية وصولا الى إلغاء سمير قصير الذي قال ربيع بيروت من ربيع دمشق قتلا.
إنّ استدعاء سمير قصير فكريا وثقافيا هو ضروري لخوض صراع إيديولوجي ضدّ تيّار يدَّعي إنه سياسيّ (الممانعة) بينما بحقيقته هو ليس أكثر من دكتاتورية قمعية يدّعي ممثّلوه ( ايران، سوريا، مالكي العراق، حزب الله، داعش، والنصرة، ومن لف لفهم) أنّه التيّار الوحيد المدافع عن فلسطين. هناك حاجة إلى فكر سمير قصير اليوم للمساهمة في تجديد الثقافة العربيّة الإسلاميّة من داخلها، وإظهار وجهها الانساني، المتمسك بالحرية والتجديد والعدالة، وادراج هذه الحضارة في سياق الحضارة الإنسانية الشاملة بمواجهة هذا الخط السياسي المتشبث بالقتل والإلغاء، وادعاء عكس ما يفعل. وتأتي أهمّية استدعاء سمير قصير اليوم من كون االثقافة العربيّة الإسلاميّة تقف أمام تحدّي مدى سيطرة العقلانية على الفكر والحياة بمختلف ميادينها في مواجهة الفكر الظلاميّ الغيبيّ الدكتاتوريّ، الإلغائيّ. فالعودة إلى فكر قصير هو لإثبات انحياز الثقافة العربيّة إلى العقل والبرهان والتعدّدية والاختلاف، هي عودة إلى ما نادى به قصير من ربيع يمتد من بيروت الى دمشق وصولا الى فلسطين القضية العربية المركزية، (التي جل ما فعل لها النظام السوري هو قتل أهلها بوحشية أكبر من اسرائيل ... مخيم تل الزعتر، حصار مخيمات بيروت وضربها بكافة الاسلحة من قبل حليفته حركة امل عام 1985، وصولا الى قتل اهل مخيم اليرموك عبر حصارهم وتجويعهم وقصفهم). اهممية تلك العودة لقصير تكمن في اعتبار أن العقل وحده يميز الإنسان ويعبّر عن حقيقته، وهو العقل نفسه الذي يعطي الإنسان شرف تمثيل الله على الأرض وخلافته وأن تنزع القدسية عن البشر، فتلك القوى السياسية التي تنسب وجودها او شرعيتها الى الله وإدَّعت ان قوانينها قوانين الله ولم تعمل على تحقيق شيء من عدالة السماء ... رفعت تلك الشعارات لإخضاع الناس للمقدس ومنع حرية التفكير.
حين ندقق بما تركه سمير قصير من آراء في السياسة سواء ما كتب بشكل مباشر او ما تركه كإشارات دالة على المواضيع المتعلقة بالسيادة والحرية والاستقلال، من سوريا الى فلسطين مرورا بلبنان، وبإدراك طبيعة السلطة القائمة في سوريا، لا يمكن سوى ترجيح مسؤولية الآراء السياسيّة لقصير في بلورة قرار اغتياله من قبل النظام السوري، من دون إغفال أو إهمال أهمّية دور المخبرين المحليين الذين أوغروا صدر القائمين على إدارة الملفات الأمنية لدى النظام على سمير خوفا منه وسعيا إلى إلغاء دوره بما يسمح لهم بممارسة مزيد من الإضطهاد وقمع حرية الشعب.
يصعب التطرّق إلى كل ما تعرّض له سمير قصير في كتاباته، التي كانت، معظم محاورها تركز على الحريات، والتغيير، والديمقراطية، في العالم العربي، وسيذكر التاريخ انه أتى مجدّد شاب، بعد سنين طويلة يحمل روحية ابن رشد الثورية العقلانية، وعبقرية ابن خلدون الاجتماعية، وابداعات ابن طفيل التطويرية، وحلم بالتغيير، السياسيّ والإجتماعيّ وركز على اشغال العقل بدل العواطف لترجمة ذلك التغيير.
لم ينج قصير من هجمة الخائفين من حريته وشجعهم رأس الممانعة في لبنان حينها النظام الأمني اللبناني السوري في حملتهم لتشويه صورته تحضيرا لإغتياله، وخصوصا أنّ قصير كان قد حول جريدة النهار بما تمثله، مع الشهيد جبران تويني الى مصنع انتاج للتغيير.
قتل قصير ببساطة لأنه أطلق ربيع الشباب بوجه خريف البطريرك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا