الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقاميتافيزيقية بحث فلسفي في الأواصر المشوهة بين -الثقافة والميتافيزيقا-

رائد عبيس مطلب

2014 / 2 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الثقاميتافيزيقية
بحث فلسفي في الأواصر المشوهة
بين "الثقافة والميتافيزيقا"



يجمع هذا المصطلح بين كلمة الثقافة والميتافيزيقية ,والذي فضلنا إن نكتبه بهذه الصيغة المركبة إلا وهو "الثقاميتافيزيقية" . وذلك لما ينبعث منه من مدلولات و طروحات جديدة, يتحدث عن طبيعة العلاقة بين الثقافة والميتافيزيقا أو بين الشخص المثقف والشخص الميتافيزيقي . وهذا الحديث لا يمكن أن يتجاوز عدد التساؤلات عن طبيعة هذه الفكرة ,إلا وهي كيف نربط بين الثقافة والميتافيزيقيا ؟ وهل كل مثقف ميتافيزيقي ؟ أو إن كل ميتافيزيقي مثقف ؟ وهنا يجب أن نحدد أيضاً من هو المثقف ؟ وعلى وفق المفهوم الحديث والمعاصر لمفهوم المثقف . وهل هو المتنور الحداثي ؟ أو هو ألما بعد حداثي ؟ أو هو الليبرالي ؟ أو هو العلماني ؟ في قبال تساؤل الميتافيزيقي عن هوية المثقف .وكيف لنا أن نفصل بدقة من إزدواجيات الخطاب بين الثقافة التنويرية العقلانية , وبين الميتافيزيقة و الميتافيزيقة الدوغمائية . المسألة هنا تأخذ بعداً سياسياً و معرفياً أو اصطلاحياً . وليست هي مجرد بحث في هذه التساؤلات ولا هو ربط بين مفاهيم ومصطلحات , ربما يصعب الفرز فيما بينها ولاسيما في أفق ثقافتنا العربية وحداثتنا المزعومة التي دار عنها الحديث في القرن التاسع عشر والعشرين .
أمّا إفراز هذه الفكرة وهذه التساؤلات والإشكاليات فهي بسبب التناقضات السياسية ,والخطاب المزدوج والأفكار المشوهة , التي يطرحها قادة وزعماء وأصحاب تيارات فكرية وثقافية في حديث عن مفاهيم مثل الليبرالية والعلمانية والقومية والوطنية والمجتمع المدني ... وغيرها من الأفكار والموجهات والإصطلاحات , التي تعبر أحياناً عن استقلالها المرجعي عن مفهوم الميتافيزيقا , ولكن ما نجده في الأصل , وما نكتشف من سماع خطابات خطباء التنوير والحداثة والعلمانية , خلاف ذلك . فضلا ً عن أصحاب التفكير الميتافيزيقي – الماروائي- التي جعلتنا "ما ورائيين بمعنى التبعية " وراء أصحاب القرار و وأصاحب التكنولوجيا التقنية وأصحاب الإمكانيات العالية في التفكير والقرار والسياسة والجيش ولمؤسسة العسكرية .ربما هذه ما أرهبتنا وجعلتنا نناغم بإزدواجية عالية بين قوى ثقافية علمانية أو حداثوية , وبين قوى دينية .
هذه الإزدواجية التي أفقدتنا مقومات الديمومة على وفق مسلمات ومحدثيات وراهنية التعاطي من حجم الوعي الذي يجب أن يتناسب ومهمة الإنسان,إذ أن المهمة المناط بها الإنسان في حقب تاريخية معينة من حيث الإعتقاد والثقافة ,تختلف عن طبيعة تلك المهمة في حقب تاريخية أخرى.
فا "الميتا - فيزيقة" لم تعد لتلك السابقة اليونانية أو التراتبية في مؤلفات أرسطو كما كان سابقاً. ولم تعد تفهم بمعنى المقابلة مع مفهوم "الفيزيقا " , بل أصحبت نسقاً ثقافياً ,يدور الحديث فيها عن مفاهيم , ربما تترجم بأبعاد , لا يمكن حصرها بذلك الفهم الكلاسيكي بمعنى الماورائية فحسب .
بل أصحبت ثقافةَ وتخصصاً وتوجهاً , بل أصحبت شعاراً صريحاً أو مظمراً بماروائيات النص ومعاني الكلم , فأصحبت بهذا الشعار المبطن تمارس سياسة مزدوجة وتحمل تأويلات مختلفة وتخاطب عقولاً متفاوتة يراعى بها الوعي المتناقض والمزدوج والمواقف المتباينة لدى أغلبية الناس , بين السياسي العلماني على سبيل المثال , وبين المذاهب والتيارات الدينية . هذا في حالة وجود تيارات متقابلة مصرحة بها علناً , من علمانية ودينية .
في بيئتنا الثقافية هناك خطابان مزدوجان : الأول يقوم المتدين أو مدعي التدين من أصحاب التيارات الدينية والذي يدَّعي التنوير ويقدم أنفسه على إنه متنوَّر من أجل استقطاب غير المتدينين,خلق مساحة حوار بين أطراف أخرى مناوئة أو مخالفة لهذا الفهم الميتافيزيقي في تقديم المشاريع الإصلاحية والتنويرية للجميع هذا من جهة, ومن جهة أخرى نجد خطاب تنويري عقلاني متحرر من مفاهيم الميتافيزيقا الإيديولوجية ذات البعد الدوغمائي أو التطرفي , بما يوحي بثقافة منفتحة ومؤمنة بقيم مدنية وإنسانية , تشجع الآخر على الحوار وتوهم بفتح آفاق للتسامح والإستيعاب ,أما أصحاب التوجه العلماني أو المدني , وهم أكثر الأطراف إدعَّاءَ للحداثة والعقلانية والفهم الجديد للحياة تبعاً لمتطلباتها وتطلعاتها , فيقدمون خطابهم على هذا الإساس أيضاً للإحاطة بوعي الفئة المتوجهة صوب الحداثة والتنوير والمدنية . لكن عندما نتفحص خطاباتها وتحليل نصوصها نجد أن الأمر ينطوي على عملية خداع كبيرة وتدليس ولعب بعقول الناس بصيغ خطابية مختلفة , وأفكار مضمنة بنصوص تكتنفها العتمة والتظليل , فهي تحاول أن تجد لنفسها شرعية مع المتغير حتى لا تتهم بالجمود والتقوقع أو بالقطيعة.
وهذا النوع من التعامل مع الحالة السياسية والثقافية والإجتماعية والتوعوية , تجعلها تقع في مفارقة كبيرة لا تستطيع أن تخرج منها بنتيجة تبعاً لتلك الإزدواجية العميقة , التي تخلق حالة من النفرة والنبذ والإستهجان لكل تيار عن الآخر . وعندها يحدث فراغ في خطابها مما يجعلها تحمل سمة وصفة إيديولوجية منحرفة متعنصرة , لا تؤمن بالمشاركة بسبب أناها المنكفية على أناها . وهنا الكلام في أوساطنا الثقافية والسياسية العربية ,لو ترجم ميدانياً لتحدثت عنه شواهد دون أن يطلب منها الكلام ,.
فــــ "الثقاميتافيزيقية " هي تعبير عن تلك الآصرة المشوهة بين الثقافة وبعدها الميتافيزقي , الذي كثيراً ما يعبر عنه بإزدواجية واضحة وتمظهر يروح ضحيتها أؤلئك السذج الذين يعجبهم الخطاب ؛لأنه يتضمن عبارات جميلة أو أسلوب الخطيب .هنا يكمن غسل الأدمغة وسياسة التجهيل وهنا يكون ميدان التلاعب بوعي العامة من الناس ,ومدارك الفئة المثقفة . التي تقع هي الأخرى ضحية لتلك الإزدواجيات ؛بسبب طموحات كامنة في أنفسهم لا تريد أن تضيع أحد تلك الخيارات على حساب الأخرى . إلا وهي الوعي التنويري والوعي الميتافيزيفي , هذه الثنائية خلقت ديناميكية مرضية متناقضة , تعبر عن مفارقات صارمة تكشف عن فراغ الميتافيزيقا وخواء الحداثة , والسبب هو أننا نلعب على كل الحبلين ,دون أن نجد أنفسنا مع أحد هما . أو لا نعطي لأنفسنا الخيار بين هذه وتلك , فهذا المصطلح وأقصد "الثقاميتافيزيقا " الذي قدمناه على وفق تلك الإشكاليات المعرفية والفهمية لأمتداد الثقافة والميتافيزيقا على السواء والتآصر بين المصطلحين أنجبا أشكاليات سياسية عميقة , لأننا لم نفهم طبيعة كل منها وبعد المساحة التي تأخذها الأولى من الثانية .فأصبح هناك تآصر أزمة وأزمة تآصر, لها إمتدادها الجدلي الذي يساعد على فك كثير من الفهم الدوغمائي , إلى وحدات ثقافية تصبح أكثر إنجاباً لوحدات ثقافية جديدة تستطيع أن تأخذ بمدياتها على الساحة الثقافية . فــــ ((الثقاميتافيزيقية )) , تعبر عن حالة ثقافية مشوهة بين مفهوم الثقافة والميتافيزيقا عند مدعي الثقافة الحداثوية ومتبنين الخطاب الميتافيزيقي . ومن يريد أن يجمع بينهما بهدف تشويه فحوى كل منهما بخطاب مؤدلج ومغرضن ,يحاول من خلاله ربط الوعي الإنساني البيئي ,بأفق مشترك من الخطاب المنطوي على ما يكمن فيه من بعد ((ثقاميتافيزيقي)) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة