الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيخ الخصيان - 1

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 2 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مجتمعاتنا العربية يُعاني المخصَّي من النظرة الدونية إليه بسبب النظرة الحتمية له على أنه كائن غير مكتمل الرجولة "الجسدية" على الأقل..و لكننا في ذات الوقت نجد بيننا من أخصى نفسه فكرياً و بالرغم من ذلك يتمكن من الحصول على تقدير و احترام كل من هم حوله..هذا الأمر يجعلني أتساءل ما هو العنصر الأهم في تقييم الآخرين للفكر الذي يحمله المرء؟؟..هل يختلف الأمر لو كان الجسد جسد أنثى أم جسد رجل أثناء عملية "التقييم" أم ما يهم فعلاً هو ما يحمله هذا الجسد من فكر؟؟.

ما جعلني أتساءل هو قصة الشيخ "تقدَّس سره"..فقصته تصلح كإلهام "شبه" بشري لمن يريد أن يتعلم كيف أن كونك فعلياً مخصي العقل هو ليس أبداً بالعائق الذي يقف أمامك لكي تصل بل و لتسيطر أيضاً على عقول الآخرين..و هي شبيهة بتلك السيطرة التي مارسها علي صالح طوال 33 سنة..علي صالح الذي علم أنه لكي يصبح السلطان يجب أن يجد "مُفتي السلطان" ليحكم قبضته العقلية على الآخرين..و لكن بالرغم من المناهج التعليمية المزورة و صوره المعلقة في كل مكان و مُفتي السلطان الذي جاوره لمدة 33 عاماً و سانده في أغلب حروبه المقدسة لم يتمكن من غسل عقول الجميع..فثار "البعض" عليه حقيقةً و ثارت الأغلبية ظاهرياً..و لكن الشيخ كان أكثر دهاء من علي صالح فأحكم قبضته على العقول فلم يستفيق إلى الآن أحد بعد..و حتى من يستفيق تقوم أيدٍ "غير" إلهية بإسكاته و إرجاعه لسباته العميق إما بالترهيب أو بالترغيب.

الشيخ الغير جليل بدأ حياته العلمية من مصر..مصر التي لا أعلم هل ذهب إليها على نفقته الخاصة أم على نفقة الإمام "الجاهل الظالم" الذي كان يرسل العشرات كل سنة إلى هناك على نفقته الخاصة ليكملوا دراستهم الجامعية..الإمام الذي خطت يدا الشيخ القصائد في تمجيده قبل أن يسقط و تسقط معه تلك القصائد..لا بأس فهذا هو التاريخ الذي يكتبه المنتصرون..و الشيخ ليس لديه لا الترف و لا الوقت للوقوف مع طرف المعركة الخاسر..فالبرجماتية منهج لا بأس به في تلك المرحلة.

الشيخ عندما كان في مصر درس الصيدلة لمدة عامين فقط ليعلن بعدها رغبته أنه كان منذ الأزل راغب في دراسة العلوم الشرعية..و هو ما يذكرني بمقولة "أين أذنك يا جحا"!!..لا بأس من منا لم يلتحق بتخصص جامعي أصعب من قدراته العقلية ليقوم بتغييره فيما بعد؟؟..و لكن لنحتفظ بهذه النقطة في أذهاننا لأننا سنعود إليها لاحقاً.

بعد عودته من مصر أكتشف الشيخ أنه إذا كان يريد أن يصبح "أيقونة" يتطلع إليها الجميع يجب أن تتوفر لديه الأموال لتلميع تلك الأيقونة..و من غير الجارة الكريمة تحترف تلميع البشر بأموالها؟؟..لا بأس ففي سبيل إعلاء كلمة "المذهب الواحد" يهون كل شيء..و هكذا انطلق الشيخ للجارة الكريمة فقط لتبدأ الحرب الأفغانية و يبدأ الجهاد المقدس ضد التمدد الشيوعي.

كانت مرحلة التعبئة ضد الكتلة الشيوعية في أوجها في تلك الفترة..الجارة السلفية و الولايات المتحدة الأمريكية كانت لديهم حرب مقدسة تجاه الكتلة الشيوعية و لابد من كسبها و لو معنوياً على الأقل و لكن يجب أن يتم هذا النصر من دون تدخل مباشر من الولايات المتحدة..لهذا لم يكن هناك أفضل من التعبئة الدينية لتلك الحرب لتتحول بقدرة قادر من حرب "استعراض عضلات" إلى "حرب مقدسة"..و هكذا بدأ العديد من "مفتيَّ السلطان" بالتعبئة الدينية لتلك الحرب..و كانت تلك اللحظات هي فرصة الشيخ لكي يتألق نجمه..فكان لخطبه الرنانة و دعواته المستغيثة دوراً في إرسال مئات الآلاف لمقصلة أفغانستان..فكانت قصص هتك أعراض فتيات المسلمين هناك على يد الجنود السوفييت ناراً تشتعل في قلب كل شاب صغير السن..و كانت قصص المجاهدين الذين يمسكون بحفنة من التراب ليلقوها في وجه الدبابة السوفيتية لتنفجر حلم بطولي يراود عقل كل مستمع..و كانت الحور العين اللواتي ينتظرن الشهداء مطمع كل الغافلين..إنها الجنة تنتظركم هناك..الجنة تنتظر الخاطئين مهما كانت خطاياهم..الجنة مفتوحة أبوابها هناك تنتظركم فقط أن تخطو بداخلها..و هكذا ذهب الكثيرون و أن اختلفت أسباب ذهابهم و لكن معظمهم ذهب لتقبيل يد الرب الممدودة و المنتظرة لقبلاتهم..و ذهب الشيخ معهم و لكنه لم يكن كما يبدو متلهفاً لتقبيل يد الرب كما كان آلاف الشباب الذين لقوا حتفهم هناك في سبيل أن تنتصر الولايات المتحدة على خصمها العتيد و لو فوق جثث الآخرين.

انتهت تلك الحرب العبثية..قتل الآلاف و لكن عاد العشرات..و لكن عندما تكتشف أنك كنت مجرد أداة في يد الآخر ليلهو بك لا تبقى نفسيتك و حضورك العقلي كما هو..فكان العائدون من هناك لديهم قناعة أنهم جنود الرب و سيظلون كذلك إلى أن تقوم الساعة..لهذا لم يعد مرحباً بالشيخ-الذي كان أحد جنود الرب-في الجارة أكثر من ذلك..خاصة و أن الراعي و الممول الرسمي له أي الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إليه بعد الآن.

و للحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كندا.. اندلاع حريق بالكنيسة الأنجليكانية التاريخية في تورونت


.. بتهمة سرق أحذية من المسجد.. الكويت ترحل مقيما من البلاد




.. عظة الأحد - القس داود شكري: الكنيسة بتحاول تقولنا هو ليه الح


.. عظة الأحد - القس داود شكري: المسيحين سموا نفسهم الطريق في ال




.. 141-Ali-Imran