الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج2

سجاد الوزان

2014 / 2 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العدم المطلق والعدم المقيد :

مثلما إن الوجود ينقسم إلى وجود مطلق ووجود مقيد، فكذلك العدم ينقسم إلى عدم مطلق ومقيد .
ويعرف الوجود المطلق بأنه ( الوجود الذي يقع محمولاً في أي من القضايا البسيطة )، ويعرف الوجود المقيد بأنه ( الوجود الذي يقع محمولاً في أي القضايا المركبة ) .
لذا يكون العدم المطلق ( عبارة عن رفع ذلك الوجود المطلق )، والعدم المقيد ( عبارة عن رفع ذلك الوجود المقيد ) .
ويصنف المناطقة القضايا الحملية إلى قضية بسيطة وقضية مركبة، فالقضية البسيطة الغير مركبة هي قضية موضوعها أحد المفاهيم والماهيات، ومحمولها " الوجود " كقولنا (الإنسان موجود)، ففي مثل ذلك نكون نحن بصدد وجود وعدم الأشياء، أي نريد توضيح إن الشيء ((س)) موجود أو معدوم، أي هل إن س هو شيء متشيءٌ في الوجود ليكون موجوداً فنعلم بأنه موجود، أم هو لاشيء ليكون معدوماً فنعلم بأنه ليس بموجود فيكون معدوماً .
والقضية المركبة تأخذ مفهوماً مفترض الوجود، لتجعله موضوعاً، ومن ثم تحكم بثبوت صفة له، أو تحكم بنفي صفة عنه، كقولنا إن ((س هي ص)) ولتكن (س = إنسان) و (ص = كاتب)، حيث إن (س) ستكون قضية مفروضة الوجود، وبحثنا بصدد صفة من صفاته، ثم حكمنا على هذه الحقيقة الموجودة وهي (س = الإنسان) لها صفة الكتابة (ص) أو إن صفة الكتابة منتفية عنها وبحسب ثبات القضية بذلك الموجود الثابت .
لذا فالقضية الأولى وهو إن (س) موجود مطلق الوجود الثابت، وبخلاف القضية الثانية ورغم ثبات (س) إلا إن (ص) مقيدة بالثابت وقد تنتفي عنه .

ويمكن توضيح معنى ((الماهية)) بأنها مصدر صناعي مأخوذ من (( ماهو)) وتستخدم في أصطلاح الفلاسفة بمعنى اسم مصدر بشرط التجريد من معنى الحدث لتكون قابله للحمل على الذات .
وهي ما يقال كما هو عند الفلاسفة ((ما يقال في جواب ما هو))، وهذا ما تستعمله الموجودات التي تكون قابلة للمعرفة الذهنية والإدراكية، لذا فالذهن بصدد تأليف إجابات عن ( المفاهيم الماهوية)، لأن مثلاً نفس الوجود من حيث البحث عن أصالته ونفي أصالة الماهية هو لا ماهية له أو كما يقال ((ما به الشيء هو هو)) .
لذا فقد تكون الماهية أيضاً مقيدة أو مجردة، فمثلاً عندما نلتفت إلى نفس الماهية وبقطع النظر عن أي حيثية أخرى فسوف نجد مفهوماً فحسب، بحيث لا يتضمن معنى الوجود ولا العدم، ولا يستلزم معنى كونه كلياً أو جزئياً، فقد تتصف بالوجود، وقد تتصف بالعدم، حسب نوع المفهوم المنتزع، ومن حيث كونها صفات خارجية عن المفهوم الماهوية، لكون موضوع الماهية هو جواب ماهو وليس كونها هي الأصالة لذلك الوجود، والنفي لذلك العدم .
حيث إن مفهوم الوجود يحمل على مفاهيم متعددة، فنقول إن الإنسان موجود، والشجرة موجودة، والفرس موجود، والعدد موجود، فهذه المفردات تشترك في معنى واحد، وتكون متساوية فيه وغير متفاوتة، وهي كونها موجودة، إلا إنها ومن منظور آخر تختلف عن بعضها بحثيات أخرى نستطيع من خلال هذه الحيثيات تمييز بعضها عن البعض الآخر، وماهية الأشياء هي عبارة عن حقائق مختلفة هي نفس تلك الحيثيات المميزة لكل موجود .
فمثلاً عندما نقول (ماهية الإنسان) فيعني أن يكون الجواب يحمل معاني إنسانية قيمة، وعندما نقول (ماهية الفرس) فيعني أن يكون الجواب يحمل معاني الحيوانية والتي تتميز بشيء وأشياء عن ماهية الإنسانية، وكذا النباتية والعددية والكونية والكتبية والأرضية والسمائية .

الوجود والماهية وتغايرهما :

كما قلنا إن مفهوم الوجود واضح وجلي بحيث يكون من الأمور البديهية وما كان بديهياً فهو مستغنٍ عن التعريف، وكل فرد منا يمتلك مفهوماً واضحاً عن وجوده الآن وعن وجوده في كل زمان ومكان، ومن المعلوم أن المفهوم البديهي تتعذر أمامه الاستدلالات والبراهين لذا يكتفي لأجل فهمه إحضار مفهومه وتصوره وتذكره ليس إلا، كقولنا (زيدٌ موجود)، فلا يمكن أن يكون زيدٌ موجود في ذلك الزمان والمكان، وفي نفس الوقت غير موجود في ذلك الزمان والمكان .
ولكن الوجود والماهية في عالم الذهن هما أمران متغايران، وذلك يعني وجود مفهومان ذهنيان من قبيل زيدٌ كموجود، وزيدٌ كماهية إنسانية، ولكن ذلك التغاير يكون متحد في عالم الخارج وهو وجود زيد، لذا فقد تبين إن أحدهما أصيل وهو الوجود كوجود زيد، والآخر اعتباري كماهية زيد، وعند هذا المعنى يبرز السؤال التالي :
هل إن الوجودات في عالم الخارج موحدة أو متكاثرة أو موحدة تستلزم الكثرة ؟
وهذا السؤال ومع تطور العلوم والمعرفة البشرية أصبح جوابه واضحاً ولا سبيل إلى مناقشته وخصوصاً مع علمنا بترابطية الوجود الخارجي بين نوع ونوع، وبين موجود وموجود، والعلاقة بينهما تكميلية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت