الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال جورج حاوي استهداف لخيار التغيير

محمود زعرور

2005 / 6 / 26
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لا يعد اغتيال جورج حاوي الآمين العام الآسبق للحزب الشيوعي اللبناني خسارة كبرى لليسار اللبناني فقط، بل وكذلك لعموم المعارضة الوطنية والديمقراطية في لبنان، ولحركة التغيير الوطني والديمقراطي على الصعيد العربي أيضا، لما تتضمنه شخصيته الفذة من جوانب استثنائية.
تذكر تجرية جورج حاوي ، على الصعيد اللبناني، بمعالم مهمة، لقد قاد جورج حاوي مع رفاقه في قيادة وكوادر الحزب الشيوعي اللبناني ، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، نقلات نوعية تجلت في رسم خط وطني مستقل للحزب، ومتحرر من الوصاية السوفييتية.
يشار ، كذلك ، إلى مساهمة الحزب الجدية في المراجعة النظرية والفكرية والسياسية للماركسية ، انطلاقا من تبني الحزب لهذه المنظومة الشاملة مرجعية رئيسية في النظر والعمل.
وكانت هذه النقلات التي تجلت في الآخذ بخيار الاستقلال كنقيض لسياسة الوصاية على صعيد العلاقة بين الحزب وبين السوفييت، والسعي إلى توطين الماركسية في الواقع اللبناني والعربي، إعمالا للفكر النقدي بدلا من النقل، قد هيأت جورج حاوي والمعارضة الوطنية والديمقراطية عموما إلى تبني شعار تصحيح العلاقة مع سوريا، عبرضرورة تفكيك النظام الآمني، وتطبيق اتفاق الطائف وخاصة فيما يتعلق بانسحاب سوريا، عسكريا وأمنيا ، من لبنان.
وعلى الصعيد الفكري والسياسي قاد جورج حاوي ورفاقه في الحزب دعوات متكررة من أجل العلمانية ، ونبه بأن الآخذ بتلك المنظومة الفكرية والثقافية سيغير كافة جوانب الحياة العامة في لبنان ، والتي ستكون صونا وتجذيرا لديمقراطيته ، ودعما للفعالية العامة كفعل حديث.
كما يبرز في تجربته ا شتراكه مع كمال جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ومع محسن ابراهيم الآمين العام لمنظمة العمل الشيوعي في تأسيس المجلس السياسي للحركة الوطنية اللبنانية ، هذه الحركة التي ستجد في منظمة التحرير الفلسطينية عمقها الكفاحي والقومي.
غير أن من أهم جوانب حياته وفكره، هو دوره الريادي في المقاومة الوطنية، حيث أطلق شارة البداية في البيان الذي أصدره مع محسن ابراهيم، بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982.
إن انتصارات المقاومة الوطنية اللبنانية تبرهن أن الشعب الممسك بحريته ومصيره ، ويعرف معنى المشاركة الديمقراطية، هو القادر على الدفاع عن الوطن وقضاياه، وسيكون المثال العراقي ، حيث انتقم الشعب من نظامه ، بتركه وحيدا يواجه مصيره المحتوم ، في أن الاستبداد والطغيان لا يعملان إلا على تغييب المجتمع ، وتحطيم إرادة الشعب.
وحول المثال العراقي ، يقول الكاتب والمفكر د.عبد الرزاق عيد:/ هذا الدرس يفترض أنه قد حسم القول في أن الديمقراطية غدت مدخلا لا بد منه لحل المسألة الوطنية؟ إذ لا معنى للوطنية مع الاستبداد والشمولية، وأن خروج الشعب والمجتمع من العملية السياسية الوطنية الديمقراطية سيكون مأله بالضرورة الخروج من جبهة المقاومة الوطنية عندما تستهدف الآوطان./- د.عبد الرزاق عيد: إما الطغيان أوخسارة الآوطان: هل ثمة مناص ؟/ موقع شفاف الشرق الآوسط.20 أبريل 2005.
في توقيت وهدف اغتيال جورج حاوي: بالرغم من الانسحاب السوري بعد صدور القرار الدولي 1559 ، ونجاح اللبنانيين في إجراء انتخابات نيابية ، وفوز المعارضة بشكل واضح ، إلا أن النظام الآمني ، على ما يبدو ، يتمتع بقدر من السلطة يمكنه من متابعة تنفيذ أجندته التي باتت معروفة ، كرد على الحركة المناهضة للتمديد الرئاسي ، وكذلك على رموز انتفاضة الاستقلال في 14 أذار .
يعتبر ( الياس خوري ) في مقالته ( امتحان التأسيس ) - القدس العربي - 21-6-2005 - أن ( نصف التغيير سوف ينعكس على شكل أزمة حكم طويلة ومستعصية. بالطبع، لن يستطيع أحد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ، الجيش السوري انسحب وانتهى الآمر ، لكن بقايا السلطة تستطيع تدفيع اللبنانيين ثمنا باهظا . ولعل اغتيال سمير قصير كان الدفعة الآولى على الحساب.) . المقلق في الآمر ، أن الركون عند نصف التغيير ، يشكل تهديدا للهدف الآعمق الساكن في قلب انتفاضة الاستقلال ، أي ضرورة العمل على إجراء تغيير شامل ، يقطع مع إمكانية إعادة إنتاج الواقع السائد .
إن التغيير مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى ، لبناء حاضر ومستقبل لبنان عبر حكومة وفاق وطني يكون من مهماتها الآولى التفكيك التام لبقايا النظام الآمني الذي يستهدف أمن وحرية الشعب اللبناني .
كما يعد العمل على علمنة الحياة العامة قضية تؤسس لمستقبل مغاير لحاضر الانقسامات الطائفية ، وهي مسألة كانت الطبقة السياسية النافذة تفضل استمرار الكلام عنها بدلا من العمل على التأسيس لها.
من هنا يمكن لنا القول بأنه إذا كان اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه استهدافا لخيار الاستقلال فإن اغتيال الشهيدين سمير قصير وجورج حاوي هو استهداف لخيار الاستقلال وخيار التغيير معا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام


.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف




.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام


.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا




.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال