الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعالوا إلينا ... كي نعمل معاً لترويج ثقافة الحرية والديمقراطية

عبد القادر خالد قدسي

2005 / 6 / 26
المجتمع المدني


الحق أنّه عند البحث في مشكلة الحرية والديمقراطية لا بدّ من ظهور بعض الاجتهادات واختلاف الرأي الذي يجب ألآّ يؤثر على الجوهر العام للفكرة, أمّا كيف تتحقق الحرية في مجتمعنا العربي ؟ هذا السؤال الحلم, لم يدفن في أعماقنا وتنوُّع الحديث عنه هو حرية في حد ذاتها, ويخيل إليّ أنّ المطلوب ممن يكتبون أو يباركون ما يُكتب حول هذا الموضوع أن يبرزوا كتيارٍ قادرٍ على الممارسة التي تشكل لوناً أو تياراً أو مدرسةً في بيوتهم وأعمالهم مع أصدقائهم وفي الشارع, فمشكلة الحرية والديمقراطية هي أولاً وأخيراً وبالرغم مما يكتب عنها ممارسة تتطور حتى تصبح جزءاً من ذات صاحبها ومن عاداته وأخلاقه, من أسلوب حياته وتفكيره, ومن دون هذه النقلة لن نصل إلى ما نهدف, لأننا على المستوى النظري لا نجد للحرية والديمقراطية عدواً أو عائقاً , إذاً لماذا لا نعيشها في ممارستنا اليومية ؟ وهذا يجعلنا نرى أنً الديمقراطية يجب أن تبنيها حركة الواقع والحياة.

قد يقول قائل: كيف نتوصل إلى الديمقراطية في بلدانٍ تعتبر الكثير منها أي حركة يبديها المواطن توحي بالرّيبة وتكون سبباً للقمع ؟.

نقول: إنّ الديمقراطية تربية, وإنّ شعباً يمارس الديمقراطية في البيت والشارع وفي الجزئيات البسيطة من حياته سيكون قادراً على نقلها إلى المستوى السياسي العام في بلده, ولن تكون أية قوةٍ قادرةٍ على مصادرة حريته داخل بيته أو في حياته البسيطة مع أبناء حيّه أو مدينته أو قريته ممن يتعامل معهم يومياً, صحيحٌ أنّ الجو لا ديمقراطي في الكثير من بلداننا العربية ولكن هناك جوانب كثيرة من حياتنا يمكننا أن نمارس فيها بعض قناعاتنا ومن هنا نبدأ.

هنا نقف عند أبرز خطوة والتي نعتبرها اقتراحاً نبدأ به أولى خطواتنا لتفعيل قوى المجتمع باتجاه الحرية والديمقراطية, وإذا كان نصيب هذا الاقتراح أو التّوجه أن يكون طويل الأمد ويأخذ مساره عبر خطىً جريئةٍ وثابتةٍ لأنّ السرعة في مثل هذا الأمر من شأنها أن توقع الكثير من الأخطاء, وذلك لقناعتنا الكاملة أنّ الحرية والديمقراطية لا تأتي بوصفة جاهزة كما أشار إلى ذلك الكثير من المفكرين الذين كتبوا فيها بل هي مناخ, لكن كيف نحصل على هذا المناخ وأن نعيشه ؟ أو بصورة أخرى كيف تتحقق الحرية في مجتمعنا العربي ؟.

إذا نظرنا نظرة سريعة إلى ظروف حياتنا الاجتماعية نرى أنّ أبناء مجتمعنا لم يتفاعلوا حتى الآن بشكلٍ كاملٍ مع مفهوم الحرية والديمقراطية وبالتالي لم يعملوا على المطالبة الجديّة والمستمرة على تحقيقها, ولم يستوعبوا المعنى النبيل لفضاء الحرية والديمقراطية وما يمكن أن يحققه لهم من كرامةٍ ورفعةٍ وإبداع, ومن هنا تأتي المهمة الصعبة والطويلة الملقاة على عاتقنا بتحويل ذهنيات المواطن وتربية شخصيته الحرة والمؤمنة باحترام الرأي الآخر والساعية لتطبيق الديمقراطية في كل مناحي الحياة, كل هذا حتى لا نعطي الفرصة للاستبداد بكافة أشكاله أن يشيع بخطابه أن المواطن غير مؤهل التأهيل الكافي لحياة ديمقراطية دون أن نستبعد أنّ الشعوب التي تعيش الحرية والديمقراطية قد أمضت قروناً طويلة من حياتها تناضل في سبيلها.

ونرى أطفالنا حتى يومنا هذا وفي أكثر البيئات لا بل في البيوت التي يوجهها متعلمون لا يزالوا يخضعون للضرب من قبل الآباء والأخوة الكبار إذا هم خالفوا إرادة هذا الكبير الذي يعتبر أنّ كلامه يجب ألاّ يخالف.. ألا يختزن هذا الأب أو الأخ صورة المستبد صاحب السيف الذي لا يجب أن يخالف أو أن يكون له منافساً ؟.

أمّا في المدرسة فلا تزال العصا هي السائدة مع إهمال مناقشة الطالب وآرائه واعتبار ما يقوله المدرس له صفة الوحي, وإنّ أنظمة التعليم وما يطبّق في مدارسنا يبعد طلابنا عمّا يغرس في نفوسهم بذور حياة فيها اعتراف بالآخر, فالدروس تملى إملاءً وعلى الطالب أن يحفظ بشكلٍ آلي ليكون جديراً بقبول الجامعات له, وجامعاتنا لم تعطِ أو تعلم طلابها على التفكير الحر والمناقشة بل أبدت اهتمامها بقدرة ذاكرة الطالب على تخزين المعلومات ريثما يتم إفراغها على ورقة الامتحان.

ونشاهد المرأة الأم أو الأخت أو الزوجة, ماذا ترك لها المجتمع من سلطة ؟ أليس في وضع المرأة عندنا ما يجعل قلوبنا تنقبض مما تعانيه من تسفيهٍ لرأيها وتجاوزٍ لشخصيتها واعتبارها أداة تحقيق إرادة الرجل ورغباته, دون أن تعطََ أي هامشٍ للحرية باعتبارها عورةً ورفيقةً للشيطان ؟ طبعاً نستثني بعض النسوة اللواتي حقّقن وجوداً فعلياًَ في أوساطهنّ الاجتماعية بسبب وعيهنّ أو وعي أزواجهنّ وآبائهنّ.

بعد هذه الرؤية السريعة لبعض جوانب مجتمعنا ممّا له علاقة وثيقة بمشكلة الحرية والديمقراطية, هل يحق لنا أن نحلم بحياةٍ تكون الحرية مَعلَمَها الأساسي والديمقراطية طريقها في المستقبل القريب ؟.

اعتقد أننا بحاجةٍ إلى صياغة المجتمع والعمل على تربيته على أسسٍ جديدةٍ نعلّم من خلالها أطفالنا ونساءنا ورجالنا كيف يحترمون الآخر, كيف يكون الإنسان إنساناً أكثر إذا تراجع عن رأيٍٍ خاطئٍ, كيف يعامل الرجل أبنائه وزوجته وفق معايير جديدة دون أن تتضرر رجولته ومكانته.

وهنا يأتي دور المفكر والثقافة ووسائل الإعلام من جهة ودور أجهزة الرقابة الفكرية من جهةٍ أخرى, الأولى بالعمل على إنتاج فكرٍ وثقافةٍ يكون النقد الفعال الواعي والملتزم بقضايا الإنسان والوطن هو إنتاجها ومعيار الأصالة فيها مع قدرتها على خلق مواطن يحمل صفات تساير العلم وتطور الثقافة في العالم ويتناول بالنقد الجريء كل ما هو سيء في المجتمع, والثانية يقتصر دورها على منع ما يخرّب عقل الإنسان وقيمه وعواطفه وإبعاد التأثيرات التي تجعل منه لعبةً فارغة المضمون.

تعالوا إلينا لنعمل معاً لتعزيز ثقافة الحرية والديمقراطية لأنّ طريقها طويل ولكنه ممكن التحقيق ونأمل أن ندركه بمواطنٍ واعٍ ومفكرٍ يدافع عن الحقيقة وحاكمٍ ينتخب ديمقراطياً لا يخاف الحرية لكنه يخاف من فقدانها.



عبد القادر خالد قدسـي

اللاذقية – سوريا 24/6/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع


.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: أميركا عليها أن تقول لإس




.. الشارع الدبلوماسي | مقابلة خاصة مع الأمين العام للأمم المتحد


.. اعتقال متضامنين وفض مخيم داعم لفلسطين أمام البرلمان الألماني




.. الحكم بإعدام مغني إيراني بتهمة «الإفساد في الأرض»