الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيح مفاهيم خاطئة (جزء 1):

بشاراه أحمد

2014 / 2 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تصحيح مفاهيم خاطئة (جزء 1):

الفرق بين كلمتي مُشْتَبِهٍ - و مُتَشَابِهٍ في القرآن الكريم:

قال تعالى في سورة آل عمران: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ - مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ - « أُمُّ الْكِتَابِ » « وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ » ...), وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ - وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا - « وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ » 7):

فالكتاب المقصود هنا "تحديداً" هو القرآن الكريم، لأن المخاطب هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أنزله الله عليه، وفَصَّلَهُ تَفْصِيْلاً، وإستثنى منه آيات وصفها بأنها « مُّحْكَمَاتٌ »، وحددها بقوله: (هن أم الكتاب، "الفاتحة" وأخر متشابهات), فما هي هذه المتشابهات؟؟؟

1. فما هي هذه الآيات المتشابهات؟ فإذا علمنا أن القرآن الكريم يفرق ما بين "المتشابه" و "المشتبه"، هل معرفة الفرق بينهما يوصلنا إلى حقيقة المتشابه المذكور هنا في هذه الجزئية من الآية الكريمة؟
2. وهل يمكن أن تساعدنا الجزئية الباقية من الآية التي تقول: (... فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ « مَا تَشَابَهَ مِنْهُ » - ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ...)؟ خاصة وأنه تحدث "تحديداً" عن "إتباع ما تشابه منه" ولم يذكر "المشتبه".
3. وهل إتباع ما تشابه منه "فقط" يكفي أن يكون دليلاً على "زيغ القلوب"، أم لا بد من أن يكون الإتباع مصحوباً بالغاية وهي: "إبنغاء الفتنة وإبتغاء تأويله"؟
4. فإن كان المقصود الإيمان به مطلقاً دون تفكير أو تدبر، كما يقول البعض،،، فلماذا إذاً لم يقل مثلاً "المؤمنون حقاً" بدلا عن "الراسخون في العلم ؟ الا يعني ذلك أن المطلوب للتعامل مع الآيات "المحكمات" يقتضي رسوخاً في العلم، والذي يعتبر من أهم أدوات "التدبر"؟
5. وهل كلمة " يَذَّكَّرُ" ، هي نفسها كلمة "يَتَذَكَّرُ"؟ فإن لم تكن كذلك، فما دورها هنا في هذه الجزئية بالذات وما مدى إنسجامها مع رسوخ العلم؟ وبالتالي: فما معنى كل مفردة منها، وما علاقة المفردات (« رَّاسِخُونَ »، و « يَذَّكَّرُ »، و « أُولُو الْأَلْبَابِ »؟)،، وهل الإيمان المطلق بالتسليم يلزمه هذه المفردات، كالإيمان بالروح والجنة والنار والغيب كإستواء الرحمن على العرش؟؟؟

فلنبدأ بالمتشابه والمشتبه فيما يلي:
قال تعالى في سورة الأنعام: (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ - «« مُشْــــتَبِهًا »» وَغَيْرَ ««مُتَشَـــــابِهٍ»» -- انظُـــــرُواْ -- إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 99) ،
لاحظ قوله (« مُشْــــتَبِهًا » وَغَيْرَ « مُتَشَـــــابِهٍ » انظُـــــرُواْ ...)،
إذاً،، فالمُشْتَبِهُ يُدْرَكُ بالنظر. فأنواع الأطعمة التي عددها الله تعالى في هذه الآية الكريمة تتضمن "المُشْتَبِهَ فقط، ولكنه غَيْرَ مُتَشَابِهِ"،، وهذا يعني أن المشتبهَ شيءٌ والمتشابهَ شيءٌ آخرَ، وقد أثبتت الآية الكريمة لهذه الأنواع من الأطعمة الإشتباه فقط عند النظر إليها، ونفى عنها التشابه لأنها تختلف عن بعضها البعض في الذوق وعدد من الخصائص الأخرى، التي تميز كل منها عن الأخرى. والذي يميز هذا الإشتباه هو "النظر إلى ثمره إذا أثمر وينعه".
تضمنت هذه الآية الكريمة أنواع من الأطعمة:

1. « ... خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا ... »،
2. « ... وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ... »،
3. « ... وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ ... »،
4. « ... وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْــــتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَـــــابِهٍ ... ».

كثير من هذه الأنواع من الأطعمة قد تجد الإشتباه بينها، من حيث الشكل العام الذي يدرك بالنظر فيكون الحكم غير دقيق وقطعي وإنما يغلب عليه الظن والترجيح والتصور، فإذا نظرت مثلاً إلى أنواع من العنب تجد بعضها متشابهاً ولكن ما أن تتذوقها تدرك عدم دقة الحكم بالمشاهدة والإعتقاد والترجيح، فمنها الحامض والحلو، ومنها قليل البذور ومنها كثيره ومنها الخالي من البذور. وكذلك الحال مع الزيتون والرمان، وهذا الإختلاف ينفي عنها "التشابه"، ويؤكد عليها "الإشتباه".

أما في قوله تعالى في سورة الأنعام: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ -- «« مَّعْرُوشَاتٍ » « وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ »» « وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ » -- مُخْتَلِفًا أُكُــــــــــلُهُ -- « وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشـــــــَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشـــــــــَابِهٍ » -- كُــــــلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 141) ، فأنواع الأطعمة التي عددها الله تعالى في هذه الآية الكريمة تتضمن نوعين من الأطعمة:
1. نخل و زرع – قال إنه (مختلف أكله)، وهذا معروف ولا يحتاج إلى تفصيل أكثر،
2. وزيتون ورمان – قال إنه (مُتَشَابِهٍ وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)، فمعروف أن كل من الزيتون والرمان أنواعه عديدة، ولا يمكن الحكم عليها والتمييز بينها بالنظر فقط، فلابد من تذوقها بالأكل،

فواضح هنا أن النوع الأول (النَّخْلَ وَالزَّرْعَ) يكون إختلافه في الأكل ولكنه غير داخل في "التشابه والإشتباه"، أما النوع الثاني (الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) فمنه نوعان (مُتَشَابِهٍ وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)، ويمكن معرفة الفرق بين هذين النوعين بالأكل منهما والتذوق. فهذا معروف ومشاهد، فإنك لن تستطيع التمييز بين أنواع من الرمان أو الزيتون بمجرد النظر للشكل، إلا بالأكل منها وتذوقها، حينئذ ستدرك إن كانت مُتَشَابِهً أوَ كانت غَيْرَ مُتَشَابِهٍ.
1. فما دام أنه قد عبر عن نفس الأطعمة مرةً بأنها مُشْتَبِهَةٌ ومرة أخرى بأنها مُتَشَابِهَةٌ، فهذا يعني أنَّ "الإشْتِبَاهَ" شئٌ، و"التَّشَابُهَ" شئٌ آخر وليستا كلمتين مترادفتين، كما قد يلتبس على البعض.
2. فعندما قال تعالى للناس في الآية 99 (.. انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ..) ، أثبت لها "الإشْتِبَاهَ" ، ونفى عنها "التَّشَابُهَ"، معنى ذلك أن الإشْتِبَاهَ يُدركُ بالنظر إلى الأشياء بالعين، لا بالتذوقِ. (... وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْـــتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَــــابِهٍ انظُــــــرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ...)،
3. وعندما قال لهم في الآية 141: (..كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ..)، إنما أثبت النوعين من الطعام معاً، "المُتَشَابِهَ" منه ، و "غيرَ المُتَشَابِهِ"، معنى ذلك أن التَّشَابُهَ وعَدمَهُ يكون إدراكه وكشف حقيقته بالتَّذَوُّقِ للطعم حتى يُدْرَكَ الفرقُ، (... وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُـــــــــلُهُ "وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشـــــَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشـــــَابِهٍ" كُــــــــلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ...).
4. فقد إستعمل كلمة "مُشْتَبَهٍ" عندما طلب من الناس المقارنة بين تلك الأطعمة "بالنظر" إليها عند طلب المقارنة والتمييز،، ولكنه إستعمل كلمة "مُتَشَابِهٍ" عندما طلب منهم المقارنة بينها "بالأكل" منها إذا كان المطلوب هو المقارنة والتمييز بينها بالتذوق لمعرفة الفرق الفعلي بينها في الطعم والذوق.
5. الكلمتان مشتقتان من مصدرين مختلفين – تقول في الأولى: (إشْتَبَهَ، يَشْتَبِهُ، إشْتِبَاهَاً، فهو مُشْتَبِهٌ) ، وفي الثانية تقول: (شَبِهَ، يُشْبِهُ، شَبَهَا، فهو مُتَشَابِهٌ).

من هذه المعاني الواضحة للكلمتين، هل يمكن الخلط بينهما أو إعتبارهما كلمتين مترادفتين مصدرهما واحد؟ فإذا كان الجواب بالنفي،، فهل بعض الآيات بالقرآن الكريم يمكن أن نعبر عنها بأنها "مُشْتَبِهَاتٌ" أم أنها "مُتَشَابِهَاتٌ"؟
فإن كان تَدبُّرُ آيات القرآن الكريم يوصل إلى فهمها وإستيعابها بالتذوق والإستطعام بالفم، لأستخدمت كلمة " مُشْتَبِهَاتٌ"، عندئذ تكون الحروف المقطعة في فواتح السور مثلاً (الم ... البقرة)، هي نفسها (الم ... آل عمران), وهي نفسها (الم ... العنكبوت)،، وهي نفسها (الم... الروم)، وهي نفسها (لام ... لقمان) وكذلك (الم ... السجدة) وكذلك الحال مع "الر" 6 مرات، و "حم" سبعة مرات. إما إن كانت هذه الفواتح "متشابهات"، فهذا يعني أن لكل آية منها – عند التدبر – معاني ومدلولات تميزها عن الأخريات تماماً وليس كما يقال عنها في كتب التفسير حيث يثبتون عليها "الإشتباه" دون "التشابه".
أما إن كان تدبرها يوصل إلى ذلك الفهم "بالنظر"، فليس هناك كلمة سوى "مُتَشَابِهَاتٌ".

معنى محكم: من قاموس المعاني:
1. قول محكم: = محدّد ، واضح ، مثبت ، مَضْبُوط
2. عَمَلٌ مُحْكَمُ الإِنْجَازِ: "تَامٌّ ، كَامِلٌ لاَ عَيْبَ فِيهِ،
3. بِنَاءٌ مُحْكَمٌ: "مَتِينٌ: ،

إذاً،، ما هي علاقة أم الكتاب (فاتحة الكتاب) والأخر المتشابهات والإحكام الرابط بينهما؟

هذا ما سوف نتناوله في جزء لاحق بموضوعنا الممتد، تحت عنوان: (تصحيح مفاهيم خاطئة)، وليكن سورة الفاتحة وعلاقتها بفاتحة سورة البقرة (الم).
والله تعالى أعلم

تحية طيبة للقراء

بشاراه أحمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل