الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاش في الحالة الفلسطينية

محمد إبراهيم حجازي

2014 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في الوقت الذي بدأت تنتشر فيه قيم الديمقراطية في البلدان العربية تحت ضغط الجماهير , وحالة الفوضى التي تعيشها المنطقة بفعل تعقيدات التحول الديمقراطي و إشكالياته في البدان العربية و إنشغال العرب ومن خلفهم العالم بالتغيرات التي تحصل , وتراجع القضية الفلسطينية في الأجندات الإقليمية و الدولية , يعيش الوضع الفلسطيني أزمات متعددة و متشابكة , فبعد أكثر من أربعة عقود على تأسيسه يعيش المشروع الوطني مأزقا حقيقيا بل تهديدا مصيريا ، ليس فقط بفعل طبيعة الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي و جوهر حركته الصهيونية و أهدافها فقط , بل بسبب تحديات من داخل الحالة السياسية الفلسطينية ومن داخل المشروع الوطني ذاته . أن يأتي الخطر والتهديد من إسرائيل وسياستها الاستعمارية والاستيطانية أمر مفهوم لان إسرائيل تدرك بأن إنجاز المشروع الوطني على أرض فلسطين سيكون على حساب المشروع الصهيوني وتطلعاته التوسعية , لكن ما لا يقل خطورة عن ذلك هو التدمير الذاتي للمشروع الوطني الذي تمارسه القوى و الفصائل الفلسطينية .
مرت أكثر من ست سنوات عجاف على الشعب الفلسطيني منذ أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة الأمر الذي أدى إلى حدوث إنقسام سياسي إداري وظيفي في بنية النظام السياسي الفلسطيني , رافقته إنتهاكات في مختلف المجالات ,مست الحريات العامة و الخاصة و إغلاق المؤسسات الوطنية . وكان للمرأة الفلسطينية نصيب كبير من الإنتهاكات , ليتضح مدى خطورة الأجندة الإجتماعية التي مورست في القطاع . إن الإعتقالات السياسية التي مورست في قطاع غزة و الضفة الغربية أحدثت خسائر معنوية كبيرة بين الفلسطينيين و شكلت صدمة لدى العديد من أصدقاء الشعب الفلسطيني الذي كان مثالا للتضحية و النضال و ممارسة الديمقراطية عبر تعددية فكرية سياسية إحترمها العالم و قدرها , شكلت منظمة التحرير الفلسطينية وعاءها و مجالها النضالي التعددي بإمتياز , و كان للمثقفين الفلسطينيين إسهامات و دور محوري هام في صياغة ثقافة منفتحة على الثقافات العربية و الإسلامية و العالمية , خلقت فضاءآت متعددة ساهمت في نشر البعد الإنساني السياسي للفلسطينيين في كل أنحاء العالم . وحققت تاريخا حافلا بالعطاء و الإبداع , إن قيم الثورة الفلسطينية المعاصرة بما تحمله من قيم و مبادئ , قيم العدالة الإجتماعية و الحرية و الديمقراطية و إحترام التعددية السياسية و الفكرية , و الحريات العامة و المرأة بقبولها شريكة للرجل في النضال التحرري و الإجتماعي , كل هذه القيم و المبادئ , هي التي حركت الشعوب العربية ضد الظلم و الإضطهاد . في البدء كانت ثورة تونس المجيدة و تلتها ثورة مصر , ثم انفتحت المنطقة العربية ومازالت إرهاصات التحول الديمقراطي تسير و إن بخطى متعثرة , إلا أنها إنكشفت أمام تطلعات الشباب و استمرت الثورات الإجتماعية بمضامين سياسية و اضحة عنوانها إسقاط النظم الفاسدة و تحقيق العدالة الإجتماعية .
تثار أسئلة كثيرة حول الوضع الفلسطيني بشكل خاص , و الوضع العربي بشكل عام , الإجابة عليها تتطلب مشاركة الجميع من النخب السياسية و المثقفين , تتطلب جهدا فكريا تنظيريا , الجميع مطالب بالمشاركة فيه , أسئلة كثيرة يطرحها الواقع الفلسطيني و تستدعي الإجابة عليها دون إبطاء أو تأخير , فالوقت ليس في صالحنا , لدينا من الإمكانيات و الكفاءات الفلسطينية ما يؤهلنا للإجابة على جميع الأسئلة , فالمشروع الوطني الفلسطيني بحاجة ماسة إلى صياغة جديدة تنقل الفلسطينيين إلى المستقبل , تعطيهم الأمل في الحياة وفي جدوى نضالنا التحرري الطويل و المرير , أسئلة كثيرة تحتاج إلى عقل منفتح و جرأة في الخوض فيها بدون خوف أو هواجس , تستند إلى وعي الشعب و حاجاته و تطلعاته لإستعادة دوره , تستدعي نهوضا شعبيا كبيرا متوازنا ومسؤولا , فهل يعقل أن نقف عند حدود البرنامج المرحلي للنضال الفلسطيني التحرري الذي صيغ منذ أكثر من خمسة و أربعين عاما, هل حل الدولتين مازال يشكل الحل الممكن المتاح في هذه المرحلة , أم أن تعقيدات و الظروف الحالة العربية و الفلسطينية أخرجته من الممكن إلى غير الممكن , و هل آن الآوان للتفكير كخيار بالذهاب إلى حل الدولة الواحدة , ضمن تعقيدات لا حصر لها يصعب قياسها ضمن مفهومي الممكن المتاح و غير الممكن , لقد آن الآوان لإعادة نبش الفكر السياسي الفلسطيني , بما يحمله من برامج و سياسات لابد من وقفة مع التاريخ الفلسطيني المعاصر , أين أخطأنا و أين أصبنا , نرتكز خلالها على الإنجازات العظيمة التى حققناها , و نستفيد من الأخطاء على صعيد السياسة العامة , و في مجالات الوضع الداخلي للحركة السياسية الفلسطينية , و النظام السياسي الوليد الذي أسسناه , ما هو الهدف الذي يوحد الفلسطينيين الآن , هل نحن بحاجة إلى تطوير منظمة التحرير الفلسطينية , أم بحاجة إلى صوغ إطار جمعي جديد قائم على مبادئ معاصرة و مفاهيم جديدة تؤسس لخطاب حضاري كفاحي واضح يستوعبه شعبنا , ويقبله العالم , هل العلاقة بين م ت ف و السلطة الوطنية الفلسطينية علاقة تكاملية تشكل فيه السلطة جسرا يضفي إلى الدولة الفلسطينية الناجزة , أم السلطة وضعت نفسها في تعارض و في موقع إحتواء لدور منظمة التحرير , وهل عكس ذلك و أثر على وحدة الفلسطيننيين وأمنهم في الداخل و الشتات و مناطق 48 بعد أن أصبح فلسطينيو الشتات غير آمنين حتى في منافيهم , ماهي السبل لإحداث عملية إختراق حقيقية و بأدوات فلسطينية خالصة لإستعادة الحياة الديمقراطية في أراضي السلطة الفلسطينية و إعادة ربط قطاع غزة بالمشروع الوطني الفلسطيني , بعد سيناريوهات عزله وربطه بمصر أو بمشروع و همي تسعى حركة حماس إليه . ماهي رؤية الفلسطينيين للإسلام السياسي و دوره في النضال التحرري و بناء المجتمع , و أي حركة إسلامية نحتاج , هل هي بمضامين وطنية تنويرية مدنية ديمقراطية أم بقاء الصورة على حالها , على شاكلة نظم الحكم العربية التي كانت سائدة ولا زالت . " وهذا درس بالغ الدلالة " , و بأجندات مرتبكة تلقي بظلالها على كاهل المواطنين و بإجراءات شديدة الوطأة , و تحرف نضالنا الوطني و هدف الفلسطينيين الأسمى المتمثل في التحرر و الإنعتاق و بناء الدولة المستقله بفضاءات عصرية تحترم التعدد و تستند إلى إرادة شعبية حقيقية وإلى مؤسسات قوية بمواصفات عصرية , يحتكم الفلسطينيون إليها وتنهي إجتهاداتهم و خلافاتهم بشكل ديمقراطي تستند إلى الدستور و القوانيين الفلسطينية , كيف نؤسس مجتمعا معافى خال من الجريمة و الأحقاد بعيدا عن التجاذبات السياسية و المناطقيةٍ و العشائرية ؟ أي مفاوضات نريد ؟ و ماهي مرجعياتها و أي مقاومة نريد ,؟ و متى نفاوض و متى نقاوم بشكل مجدي ضمن هدف سياسي محدد . وأخيرا كيف ننهض بدور الحركة الوطنية الفلسطينية , و أي حركة سياسية يحتاج شعبنا , و ما هي المضامين الفكرية و السياسية لهذه الحركة ؟.
أسئلة كبيرة وصعبة تحتاج إلى جهد جمعي و نشاط فكري من مختلف النخب الفلسطينية , وطنيين , يساريين و إسلاميين , وهي دعوة للنقاش و الحوار , ضمن جهد فردي و جماعي واع , لاشك أن هناك محاولات جريئة تمت من قبل الكثير من المثقفين الفلسطينيين للإجابة على هذه الأسئلة , ولكنها محاولات بقيت متفرقة لم توضع في إطار شامل متكامل , إلى جانب أنها لم تنتقل إلى مستويات النخب السياسية الحزبية و غير الحزبية , التي في مستوى صنع القرار , فهذا الجدل و الجهد يبقى ناقصا مالم يصل إلى مستويات صنع القرار السياسي الفلسطيني في الفصائل و منظمة التحرير و مؤسساتها , و السلطة الفلسطينية .
تقع على كاهل الوطنيين الفلسطينين مثقفين و مبدعين و آكادميين و باحثين مسؤوليات جسام في هذه الفترة الصعبة , تبدأ بتعميق النقاش و الحوار البناء , والإجابة على الاسئلة الكبرى , و تنتهي بتعزيز عمل المؤسسات الفلسطينية ,وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية , البيت و الحاضنه لكل الفلسطينيين إينما تواجدوا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي