الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ليبيا: اسلام بلا مسلمين!!

رحاب العربي

2014 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اصبحت على يقين اليوم أن الاسلام كقيمة مترجمة الى تعامل فعلي يومي بين الناس، لم يعد له وجود، على الاقل في بلادي ليبيا.. فما نراه ونسمعه ونتابعه عبر شبكات الاعلام المختلفة كل ساعة من حوادث وتصرفات ومظاهر يؤكد هذه القناعة.
ما إن يحين موعد أي صلاة من الفجر حتى العشاء حتى تضج المدينة التي اقيم فيها بأصوات المؤذنين بالمساجد التي أصبح عددها يفوق عدد المدارس، تدعو الناس "حي على الصلاة.. حي على الفلاح".. وسرعان ما ترتبك حركة السير على الطرقات التي تطل عليها مساجد، وترصد أعيننا زرافات من البشر تتسابق نحو المساجد، منهم من يركن سيارته على الطريق ويعرقل حركة المرور وذلك من فرط عجلته لدخول المسجد قبل اقامة الصلاة ، مئات المصلين من مختلف الاعمار ، منهم السلفي الذي تغطي لحيته صدره ومنهم الاخواني بلحية مشذبة ومنهم الوسطي الذي يبدو عاديا، منهم الكهل او الطاعن في السن، ومنهم الشاب في مقتبل العمر..
ولا يكاد يمر اسبوع إلا ويتصل بك قريب او صديق يخبرك بأنه متوجه الى الاراضي المقدسة لأداء العمره ويطلب منك السماح، فتشيعه بدعوات القبول والعودة الحميدة وتحمله وصية الدعاء لك بالصلاح والسداد وزيارة بيت الله المعمور وغيرها من الأماني التي لم تحققها في حياتك..
كنت انتشي بهذا المشهد وأقول في قرارة نفسي الحمد لله الذي هدى عباده الى الطريق السوي، وأن بلدا يتسابق اهله على المساجد كلما ارتفع الأذان، ويرحلون كل يوم جماعات لزيارة بيت الله الحرام.. حتما سيخرج من أزمته منتصرا وسيعم السلام والمحبة والتعاون بين افراده وجماعاته، وذلك استنادا الى ما أعرفه وقرأته عن هذا الدين الحنيف الذي يدعو للتعاون والصفح والمحبة والوحدة والرحمة واحترام الآخر بغض النظر عن دينه او جنسه او عرقه.. وبقيت احلم وانتظر رؤية هذا الحلم الجميل مجسدا كواقع على الارض سلوكا ونتائج.
ولكن مع مرور الوقت تراجعت أحلامي لتحل محلها كوابيس تفرضها وقائع وتسندها تصرفات من أراهم خمس مرات في اليوم يتسابقون الى المساجد، ويترددون على مكة، تصرفات ابعد ما تكون عن الفلاح والرحمة وقيم الاسلام المختلفة!!
كل يوم يسقط في بلاد -يزيد فيها عدد المساجد على عدد المدارس، وتضج سماءها بنداء يدعو للصلاح والفلاح والرحمة – عشرات القتلى والجرحى!! كل يوم تنهب فيها موارد الشعب من افراد من الشعب!! بلاد المساجد والأذان الذي يشق عنان السماء، تقطع فيها الطرق، وتمارس فيها الحرابة والاغتصاب في وضح النهار وعلانية وبتحد سافر!! بلد تغطي اللحي وأزياء التقشف وجوه واجسام ثلث سكانه يخطف فيه الاطفال للحصول على فدية!! بلد يرفع قادة الراي فيه وساسته ورؤساء أحزابه وقبائله شعارات الوطنية والوحدة والوئام، ويمارسون العنف ويقسمون بلادهم على اسس عرقية وقبيلة وجهوية، ويخربون مرافقهم تحت شعارات لا يمكن لأي انسان ان يعقلها !!
بلد بهكذا مواصافات وهي قليل من كثير غابت عني تفاصيله؛ ما علاقته بالاسلام كدين يدعو للرحمة والتعاون والمحبة ؟ هل يعقل ان تتحول تلك الجموع التي تتسابق على المساجد وتتلوا آيات القرآن التي تدعو للرحمة والتراحم، تتحول بعد كل صلاة الى وحوش تمارس الخطف والقتل والسرقة والتخريب؟ قد يقول البعض إن من يمارسون هذه الخطايا ليس لهم علاقة بالمساجد ولا يترددون عليها؛ اقول لهم : وما فائدة هذه المساجد التي تصرف عليها اموال طائلة ويعتكف بها عشرات من الشباب العاطلين او المعطلين عن العمل، يلوكون ويرددون فتاوى متطرفين من خرجي مدارس الوهابية ومدارس العنف الاخرى، ما فائدتها اذا لم تفلح في جذب هؤلاء المنفلتين وتعدل سلوكهم وتحويلهم من ادوات تخريب وارهاب، الى قوى انتاج وبناء وتراحم؟
حقيقة ان ما يمكن ان نخلص له من هذه المشاهد هو ان الليبيين اليوم يؤدون طقوسا اسلامية، ويمارسون فيما بينهم وعلى وطنهم طقوسا شيطانية، وان الاسلام في ليبيا بلا مسلمين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah