الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي والغرب

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 6 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لعل مسألة الإسلام والغرب هي أكثر القضايا الحاسمة في مستقبل الحركات الإسلامية. هل ما تنبّأ به صامويل هننغتون حقيقة واقعة وهل صدام الحضارات أمر لا مناص منه؟ أم أن هناك عوامل موضوعية تتسبب في الإحتكاك القائم بين الغرب والعالم الإسلامي؟
مما لا شك فيه أن العالم الإسلامي يتميز من بين باقي بقاع العالم غير الغربي بامتلاكه فلسفة وعقيدة شاملة ومتماسكة للحكم والقانون والمجتمع. الأمر الذي يتيح للإسلام السياسي استمداد أكبر مصادر قوته من محاولة تمثيل هذا البديل الحضاري في الحكم والاجتماع لمقابلة النموذج الغربي السائد.
من جانب آخر فليس بالإمكان تناول الإحتكاك بين الغرب والعالم الإسلامي دون التطرق لمسألة قيام إسرائيل والدعم الغربي، ذلك أن إسرائيل -للعديد من العرب- رمز ونتيجة للحقبة الاستعمارية، وبقاء القضية الفلسطينية معلقة يُبقي مشاعر العداء للغرب متّقدة. فجميع المسلمين مستفزّون ومحبطون بسبب الاحتلال الإسرائيلي الظالم للضفة الغربية وغزة، وباعتبار وضع القدس في الصراع صار العالم الإسلامي يتعامل مع الصراع انطلاقاً من زاوية أن هناك مقدّسات في خطر. وستبقى العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب في هذا الوضع المتهاوي والمتدهور حتى يتم التوصل لتسوية عادلة بنظر الجميع.
إن الهوة اليوم بين الغرب والعالم الإسلامي كبيرة جداً، فالغرب وإن لم يكن مطالباً بتبني قيم وأفكار المسلمين ، إلا أنه لا بد له من التحري وفهم مصدر وطبيعة هذه الهوة القائمة وأن يعمد جدياً إلى معالجة هذا الأمر واحتوائه قبل أن يصل لحدّ التفجّر.
ومن المتوقع في العقدين القادمين أن تتزايد الضغوطات على الحركات الإسلامية مع تحقيقها لمكاسب سياسية على امتداد العالم الإسلامي. ويتوقع من الحركات المعتدلة، والتي لن تلقى المزيد من تحدّيات الوجود والبقاء أن تقدّم للجمهور بعض الإجابات والحلول الفعّالة لمشاكل الواقع.
من جانب آخر ومع استمرار السياسات الخارجية الأمريكية على ما هي عليه وإصرارها على الحرب ضد الإرهاب بشكلها الحالي فإن العلاقة بين الإسلام والولايات المتحدة ستبقى في تدهور، وستتأجّج مشاعر العداء في العالم الإسلامي تجاه أمريكا بل وستتزايد العمليات التي تستهدف الأمريكيين؛ مما سُيبقي أمريكا في حالة تصادم مع العالم الإسلامي. وهذا سينعكس على الجبهة الداخلية؛ إذ ستتعزز حالة التوتر القائمة بين المسلمين في الغرب والمجتمع الغربي الأمر الذي سيهدّد حقوقهم المدنية، وفي الوقت ذاته تقوم الأنظمة في العالم الإسلامي بالتضييق وملاحقة الحركات والمنظمات الإسلامية مما سيدفع بالكثير منهم نحو التطرف. بل قد يبتعد الكثير من تلك الحركات عن الأهداف الأساسية التي قامت لأجلها؛ كبناء المجتمع المسلم سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً وعسكرياً. إذ سينصب اهتمامها على الدفاع عن نفسها وربما الانتقام. الحركات الوحيدة التي قد تُبقي على شيء من التوازن والإعتدال وتصرف جُلّ جهدها نحو بناء نسيج اجتماعي متماسك وجو سياسي سليم هي تلك الموجودة في ظل أنظمة تحافظ على حد أدنى من الممارسة الديموقراطية.
وسيميل الإسلاميون لدعم حركات التحرر والانفصال للأقليات المسلمة في الدول غير المسلمة مثل الشيشان وكشمير وغيرها. أما محلياً فإن الإسلاميين سيكونون من أهم أدوات الإصلاح والتغيير في مجتمعاتهم خاصةً تلك المنغلقة.
إن كتاب "مستقبل الإسلام السياسي" لـجراهام فولر( انظر مقالتنا السابقة بهذا الشأن) من الكتب القليلة التي تنظر لظاهرة الإسلام السياسي بقدر من الموضوعية.ولئن أكد في أكثر من مكان من كتابه أن حالة العداء للغرب وأمريكا في العالم الإسلامي مرجعها بالأساس التدخل الأمريكي بالشأن المحلي والسياسات الأمريكية في المنطقة، فإنه يدرك أن الأقوياء يتدخلون دائما بشوؤن الضعفاء وتلك حقيقة تاريخية. والعالم الإسلامي يقع في بقعة تمتلك إمكانيات مالية ونفطية مهمة . بيد أن الأنظمة الملكية المطلقة أو الحكام المنتخبين للأبد هما قلب المشكلة. وقد قالت كوندوليزا رايس في محاضرتها بالجامعة الامريكية بالقاهرة يوم 20 الجاري , بالحرف الواحد : " لقد سعت الولايات المتحدة طوال ستين سنة من أجل تحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية في الشرق الأوسط , لكننا لم نحقق أيا منهما. والآن نحن ننتهج أسلوبا آخر. فنحن ندعم التطلعات الديمقراطية للشعوب."
وهذا الكلام اعتراف رسمي بوقوع أخطاء كبرى في السياسة الأمريكية الخاصة بالمنطقة العربية والاسلامية, وهو يشمل أيضا وعدا أكيدا بالسير في طريق مخالفة. وقد لوحظ أن وزيرة الخارجية قابلت المعارضة المصرية في القاهرة, وأنها وجهت انتقادات لاذعة للحكومة السعودية بشأن مصداقية نيتها الاصلاحية . ولكن ليس من الواضح كيف ستتعامل الحكومة الأمريكية مع أنظمة تعتبرها حليفة لها على المستويات الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية. وإلى أي مدى ستكون واشنطن مستعدة للتضحية بحلفائها المعلنين - والعديد منهم من المستبدين - من أجل كسب الحركات المعارضة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال