الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة الاجتماعية

دهام محمد العزاوي

2014 / 2 / 18
المجتمع المدني



يحتفل المجتمع الدولي في 20 شباط من كل عام باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ، حيث اقرت الامم المتحدة وتحديدا منظمة العمل الدولية في عام 2008 ما سمى باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية والذي دعت من خلاله الدول والحكومات الى اقرار مفهوم المساواة والعدالة في توزيع الثروات ونبذ الظلم ومحاسبة المسؤولين عنه وازالة كل اشكال الكراهية الطائفية والقومية والعشائرية واشاعة مفهوم المساواة بين البشر بغض النظر عن لونهم وجنسهم وهويتهم وازالة التمييز ضد المراة والاقليات والاطفال ، فضلا عن اقامة نظام اقتصادي عالمي يقوم على اساس عولمة منصفة تبتعد فيه القوى العالمية الغنية عن الهيمنة واستغلال الاوضاع الاقتصادية الصعبة للمجتمعات الفقيرة . بلا شك ان مجتمعنا العربي والاسلامي غني بالقيم الدينية والاجتماعية التي تحث على العدالة الاجتماعية واشاعة مفهوم المساواة والعدل والانصاف ومحاربة الظلم ، فنحن مجتمع ( لافرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى ) ومجتمع ( والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) ومجتمع ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ) ومجتمع ( ما اتخم غني الا وجاع فقير ) ومجتمع ( الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ) ومجتمع احترام المرأة ( ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم ) لكن بكل اسف نجد ان مجتمعاتنا ابتعدت عن هذه القيم كثيرا فبدانا نشاهد الظالم ولانقول له انك ظالم ونرى السارق والناهب للمال العام ونقوم له ونحترمه بينما الفقير لانقيم له بالا ولا احتراما ، بدأنا نرى المسؤول يسرق المال العام فنصفق له ونعيد تثبيته في مكانه ، اليوم مجتمعنا العراقي يعيش حالة من التراجع القيمي والسياسي والاجتماعي وعلى نحو اخذت فجوة الفقر تزداد اتساعا بن العراقيين حتى وصلت الى 19 % بل ان الاحصائيات تشير الى ان 42% من العراقيين يعيشون على حافة الفقر في بلد يعتبر من اغنى بلدان العالم في ثرواته حيث وصلت ميزانيته العام الفائت الى 130 مليار دولار ، ولكننا لانرى لها اثرا في تخفيف الفقر ، فالفجوة بين الاغنياء والفقراء واعداد العاطلين عن العمل تزداد اتساعا . ومئات الاف الارامل واليتامى والمشردين يعيشون على الكفاف بلا ناصر او معين ، لازال في بلادنا الاف المشردين ياكلون من القمامة في وقت ترمى فيه اطنان من فضلات طعام الاغنياء بلا ادنى شعور بجوع الاخرين . مئات الاف العراقيين يسكنون في بيوت من صفيح وبعضهم لايجد مأوى يلمه وعياله من برد الشتاء وحر الصيف ، بل الملايين لازالت تسكن في بيوت للايجار لاتتوفر فيها ادنى مقومات الرفاهية والانسانية ، في مجتمعنا لازالت النظرة متدنية الى الاقليات باعتبارهم غرباء وليسو مواطنين لهم الحقوق ذاتها التي لنا ، ولازالت المراة تهان كرامتها بزواج الاكراه والغصب ودون السن القانونية وصورة المراة لازالت مشوهة في عرفنا وقيمنا فهي لازالت عورة ونجسة ومصدر المشاكل للرجل بل هي سلعة تباع وتشترى وتهدى في وقت الازمات كفصلية يقع على عاتقها اطفاء شرارة الدم ومحنة الثارات بين القبائل . حكومات الدول في مشارق الارض ومغاربها تتباهى بانجازات الامن والرفاهية والاستقرار السياسي والبنية التحتية ونحن في العراق نصحو يوميا على وقع الانفجارات وصفارات الانذار ومنبهات سيارات الاسعاف التي تنقل جثث الموتى واشلاء الجرحى الى مستشفياتنا المعبئة اصلا بالاجسام المثقلة بالامراض المزمنة والمستعصية مع نقص حاد في الاجهزة والخدمات الطبية مما استدعي نقل الاف المرضى سنويا الى خارج العراق للعلاج في ظاهرة تنم عن فشل ذريع في الخدمات الصحية والطبية في بلد نكرر انه الاغنى في العالم . في الوقت الذي تتباهى فيه المجتمعات المتنوعة انها قضت على كل اشكال التمييز العنصري لازالت في بلدانا ميكانزمات معلومة تحرك الطائفية والعنصرية والعشائرية وتستفيد منها للبقاء في مواقع التاثير والنفوذ بلا ادنى رحمة لضحايا العنف الطائفي والقومي . لقد اضاع المجتمع العراقي بوصلة العدالة الاجتماعية وفقد الامل في اصلاح منظومته القيمية والاجتماعية بعد ان استبد الطغيان والاقصاء والتهميش ليس في سلوك الحاكمين وانما في سلوك المحكومين الذين باتت قيم الكثير منهم مبنية على التعالى والاستئثار والغلبة والغنيمة . وفي مجتمعات من هذا النوع نحتاج الى معجزة او رجل مصلح يجود به الزمان علينا في زمن انتهت فيه المعجزات وقل فيه المصلحون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية