الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليهود و القصص البابلية : نوح و اساطير اخرى

مصطفى الصوفي

2014 / 2 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كان الناس يعتقدون حتى أواخر القرن الماضي أن التوراة هي أقدم مصدر لقصة الطوفان، ولكن الاكتشافات الحديثة أثبتت أن ذلك مجرد وهم، حيث عثر في عام 1853 م على نسخة من رواية الطوفان البابلية، وفي الفترة ما بين 1889م ،1900 م، اكتشفت أول بعثة أثرية أمريكية قامت بالتنقيب في العراق اللوح الطيني الذي يحتوي على القصة السومرية للطوفان في مدينة "نيبور " (نفر) ثم تبعه آخرون، ويبدوا من طابع الكتابة التي كتبت بها القصة السومرية أنها ترجع إلى ما يقرب من عهد الملك البابلي الشهير " حمورابي " وعلى أنه من المؤكد أنها كانت قبل ذلك.

ملخص القصة حسب الرواية السومرية تتحدث عن ملك يسمى (زيوسودا)كان يوصف بالتقوى ويخاف من الله، وينكب على خدمته في تواضع وخشوع أُخبر بالقرار الذي أعده مجمع الآلهة بإرسال الطوفان الذي صاحبه العواصف والأمطار التي استمرت سبعة أيام وسبع ليال يكتسح هذا الفيضان الأرض، حيث يوصف (زيوسودا) بأنه الشخص الذي حافظ على الجنس البشري من خلال بناء السفينة...

وردت هذه القصة في الإصحاحات من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجري أحداثها على النحو التالي : (رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، فحزن أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض، وأن يستثني من ذلك نوحاً لأنه كان رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله........... وتزداد شرور الناس، وتمتليء الأرض ظلماً، ويقرر الرب نهاية البشرية، ويحيط نوحاً علماً بما نواه، آمراً إياه بأن يصنع تابوتا ضخماً، وأن يكون طلاؤها بالقار (القطران) من داخل ومن خارج، حتى لا يتسرب إليها الماء، وأن يدخل فيها اثنين من كل ذي جسد حي، ذكراً وأنثى، فضلاً عن امرأته وبنهيه ونساء بيته، هذا إلى جانب طعام يكفي من في التابوت وما فيه.. تكوين 6: 1 ـ 22.

قصة بيروسوس:
في النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد، وعلى أيام الملك " أنتيوخوس الأول" (280 ،260 ق.م)، كان هناك أحد كهنة الإله " ردوك " البابلي، ويدعى بيروسوس قد كتب تاريخ بلاده باللغة اليونانية في ثلاثة أجزاء وحوا الكتاب على قصة الطوفان وتقول أنه كان يعيش ملك اسمه " أكسيسو ثووس " هذا الملك يرى فيما يرى النائم أن الإله يحذره من طوفان يغمر الأرض ويهلك الحرث والنسل فيأمره بأن يبني سفينة يأوي إليها عند الطوفان.
فيبني هذا الملك سفينة طولها مائة وألف يارده وعرضه أربعمائة وأربعون ياردة، ويجمع فيه كل أقربائه وأصحابه، ويختزن فيه زاداً من اللحم والشراب فضلاً عن الكائنات الحية من الطيور وذات الأربع.
و يغرق الطوفان الأرض.. وتستقر السفينة على جبل حيث ينزل وزوجته وابنته وقائد الدفة، ويسجد الملك لربه ويقدم القرابين الخ....


قبل فترة ليست بالقصيرة بثت قناة (BBC ) وثائقيا بعنوان (Noah s Ark ) تحدثت فيه عن ابحاث علمية و تأريخيه وآثارية توضح حقيقة تلك القصة والإحداث المذكورة في الكتب المقدسة وتفسرها بطريقة مختلفة تماما عن القصة الدينية.

يشير هذا الوثائقي الى ان قصة النبي نوح ليست سوى قصة مستعارة (بحسن نية غايتها الوعظ) من الملحمة الشهيرة "كَـلـكَامش" التي تخص الإرث الأدبي لحضارة وادي الرافدين، وتحديداً من قصة "أوتنابشتم" كما ورد في الرواية البابلية, ظهر ايضا في الفلم عالم مختص بالجيولوجيا يوضح انعدام اي دليل على تعرض الارض للطوفان العالمي المُفترَض, ثم ينتقل الفلم للحديث عن الاحتمال الذي يرجحه الآثاريون بشدة وهو أن الطوفان اقتصر على وادي الرافدين ولم يتجاوزه, و يشير الوثائقي ايضاً الى سبب دخول هذه القصة في التوراة إلى تأثر اليهود بالأدب البابلي بعد السبي اليهودي الى العراق وتدمير اورشليم.

صحيفة إيلاف الإلكترونية نشرت قبل ايام خبراً بعنوان (سفينة نوح غير موجودة والبابليون صمموا سفينة مثلها قبل 3700 عام) و كان مقالا مترجما يبدأ بـ"عالم الآثار البريطاني آيرفنغ فينكل قال: إنه مقتنع 107 بالمئة بأن لا وجود لسفينة نوح".

التشابهات بين النصوص الادبية والفكرية لحضارة وادي الرافدين مع النصوص في الكتب المقدسة كثيرة منها قصة الخلق البابلي (الاينوما اليش) التي تقترب كثيرا من قصة الخلق (سفر التكوين). قصة سرجون الاكادي التي تقترب من قصة النبي موسى. كذلك اوصاف الالهة البابلية مع الثالوث المقدس وغيرها.

ولتفسير هذه التشابهات وردت ثلاثة آراء:

الرأي الاول : يقول ان القصص البابلية والقصص التوراتية كلها جاءت اعتمادا على مصدر واحد لديانة توحيدية اقدم وأكثر عراقة واقدم فكراً ممتدة من النبي نوح الى النبي ابراهيم وهذا ما ينتظر البت فيه لحد الان وبانتظار البينة لإثباته والتي قد تظهر في المستقبل بعد الابحاث والتنقيب المستمر الذي لم يكشف عن كل شيء.

الرأي الثاني: يقول بأن القصص الادبية البابلية جاءت تأثراً بما ورد في الكتب المقدسة وهذا الرأي غير مرجح كثيراً ذلك لأن تاريخ كتابة الالواح البابلية أقدم بما يقارب ثلاثة قرون من ميلاد النبي موسى.

الرأي الثالث: وهو الأكثر ترجيحاً يقول بأن القصص التوراتية هي التي تأثرت بالأدب البابلي اما عن طريق اللغة البابلية والقصص التي سادت في المنطقة حيث وجد الكثير من الاثار والوثائق التي تحمل كتابات اللغة البابلية في مناطق كثيرة مثل "تل عمرانه" او "خرائب الحيثين" وحتى كتب ومراسلات بين ملوك الفينيقيين و ملوك مصر وهذا يعني ان اللغة البابلية كانت اللغة الدبلوماسية التي تنقل بها المعلومات في العالم القديم. أو بعد السبي اليهودي الى بابل , هناك الكثير من المبررات التاريخية التي تدعم هذا الرأي خصوصا ان غالبية الاسفار (الاسفار الخمسة على وجه التحديد) كتبت بعد
السبي البابلي.

للمزيد : ارجوا زياردة مدونتي الخاصة بنقد الموروث
http://mindadvent.blogspot.com/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا