الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال الأمن والسّلاح... كيمياء للتّرهيب أم ضرورة قوميّة ملحّة

سيف الدين عفانة

2014 / 2 / 24
المجتمع المدني



حماية، سجون، شرطة، حرس، ديوانة، جيش ... أحرار البلاد وحراسها. هم أعيننا حين ننام وبهم يكون الإطمئنان.. هم داعمي الحريّة وهم المحافظين على التوازن الإجتماعي.. هم ركيزة هامة وأساسية لهذا المجتمع ولكلّ مجتمع معاصر.
كل من يخالف ذلك لا يؤمن بدولة القانون ولا يعرف معنى الوطن ولايفقه أسس الدولة ولا يدرك معنى الحرية ولا القانون ولا العدل..
وأنا ككل مواطن أؤمن بذلك بشدة. ولكن أؤمن بذلك أنّ هؤلاء الأمنيين، بمختلف اختصاصاتهم ووزاراتهم بشرا خطائين قد يقعوا أحيانا في جبّ الخطأ. وهنا يجب أن نتأكد أن الأمني لا يخطأ فقط إذا قبل بالرشوة أو دعا لها. لكن هناك العديد من الأخطاء التي قد تتجاوز الرشوة في خطورتها لتصل حد الاغتصاب والقتل.

جرائم لا مبرّر لها :

فمنذ قرابة السّنة، قام رجل أمن باغتصاب امرأة من ولاية سوسة التونسية. وقد أحدثت الحادثة ضجّة كبيرة. وللتّأكّد من صحّة الخبر الرجاء الإطّلاع على الفيديو الذي تروي فيه المتضرّرة تفاصيل الحادثة تحت عنوان : ‫-;-بوليس تونسي يرفع السلاح على امراة متحجبة ويغتصبها هو وصديقيه ‬-;- - ( رابط فيديو المرأة المغتَصبة : http://elbecha.com/videos/watch/3HY45BYK3387 ). الحادثة التي اتهمت فيها المتضرّرة السيّد حاتم ص. (وحدات التدخّل) آلمت كلّ التونسيين وأرعبتهم. لأنّ الجاني ليس مواطنا عاديا ولكنه أمني وضيفته الدفاع عن المواطنين وحمايتهم. هذا بالإظافة إلى بشاعة الجريمة التي سلّطت على امرأة معزولة وهي الإغتصاب الذي لا يمكن أن يتصوّره مجتمع متحضّر كالمجتمع التّونسي.
وجه آخر من فساد الأمنيين، فيديو تجدونه على النات بعنوان : ‫-;-بوليس تونسي يترك مهرب بنزين مقابل رشوة قيمتها 350 مليم تونسي‬-;-. رابط الفيديو ( http://elbecha.com/videos/watch/OSYX872A7HGO ). وهذا الفيديو وإن يصوّر عمليّة تلقّي رشوة فإنّه يكشف عن الأشدّ خطورة على الأمن القومي : التّهرييب وإدخال البضائع الأجنبية خلسة وبطرق غير قانونية. والإستنتاج المنطقي الذي نستنتجه بعد مشاهدة الفيديو هو أنّ الذي يستطيع تمرير شاحنة بنزين ببضع الدنانير يستطيع كذلك السماح بعبور الأسلحة. ما الذي يمنعه على ذلك. وما الذي يحول دون السماح حتى بتجارة العبيد ؟
حدث آخر صعق التونسيين منذ يومين جرى بولاية صفاقس حيث اعتدى عون أمن على سائق لواج بصاعق كهربائي. وكان سائق اللواج "مختار مارس" أصيل معتمدية بنقردان مريض بالقلب مما أدى إلى وفاته على عين المكان حسب ما صرّح به السّيد مسعود الغول رئيس لجنة الخطوط الداخلية للنقل بمدنين على لسان سائقي سيارات الأجرة الذين شهدوا الحادثة.
هذه ثلاثة أمثلة للأمنيين الغير شرفاء أو لنقل الذين تجاوزوا صلاحياتهم. وأعتقد أن وزارة الداخلية وكي لاتقع في احراج تقوم بمحاسبة البعض من هؤلاء وتبرّر تلك الأفعال بكلمة شهيرة : ذلك استثناء. ونقول إذا كانت كل الأفعال والجرائم التي ارتكبها رجال الأمن استثناءا فلماذا نرى تلك الحالات " الاستثنائية " تتكرر؟ سؤال بريء ولا نرجوا الإجابة عنه بقدر ما نتمنى أن يحصل الأمنيون على عقوبات أشد إذا ما اقترفوا جرائم كي يكونوا عبرة لمن يفكرون حتى في ذلك.

السلاح: ضرورة قومية أم ضرورة شخصية للأمنيين ؟

نعلم أن رجل الأمن الشريف لا يحصد علاقات سييئة بقدر ما يحصدها أولئك الذين يستغلون أزيائهم لغاياتهم الشخصية انتهازية كانت أم عدوانية... هذا في حياته الخاصة. أما أثناء الخدمة فهذا أمر لا يهم إلا المختصين في وزارة الداخلية التي تحوي كفاءات من شأنها تحديد ذلك. لكني كمواطن أرى أنه إذا تمكن كل الأمنيين من أسلحة خاصة فإنّ ذلك سيهددني مباشرة : إما من خلال خطأ فني وهذا يحدث ولو بنسبة ضئيلة، أو من خلال تهوّر قد أحصد ثماره القاتلة ولو عن طريق الصدفة. كما أنّا كنا نسمع حين كان السلاح بحوزة الأمنيين عن حالات قتل بالصّدفة تحدث داخل عائلات الأمنيين أو حالات انتقام مثل القصص التي تكاد تصبح ملاحم شعبية عن أمنيين قتلوا زوجاتهم الخائنات أو حتى غير المطيعات.
نقطة أخرى في غاية الأهمية وهي أنّ حالات ضياع وسرقة الأسلحة ستدعم دخول أسلحة الداخليّة السوق السوداء وستنعش سوق الأسلحة في تونس وهو أمر خطير جدا إذا ما أضفناه إلى قائمة الأسلحة التي تسربت من ليبيا بعد ثورة 17فيفري.
وخلاصة القول، وباستنتاج بسيط جدا نستطيع إدراك أن رجال الأمن الذين استطاعوا التّغلّب على الأزمات الأمنية طوال فترة حكم الرئيس الأسبق بن علي هم نفسهم تقريبا رجال الأمن الذين يشتكون اليوم عدم حمايتهم الشخصية. فما الذي يغيّر ؟ هل بمجرّد خروج بن علي أصبحوا عاجزين على أن يحموا أنفسهم؟ إذن ماذا عن الشّعب : من سيحميه ؟

إلاّ أني مؤمن أن تحرّكات الأمنيين الأخيرة ستأتي بنتائج لصالحهم. ولهذا أقول مستشرفا ذلك لوزير الداخلية والدوائر المختصّة :
- إذا كنتم لا محالة عازمين فإني أتصوركم في غاية الحرص على أمن هذا الشعب، وأنكم ستحسمون في هذا الأمر بما يضمن أمن الأمنييّن ولكن ليس على حساب المواطني والأمن العام.
- إنّكم الأدرى بترتيب الهيئات وترتيباتها لكن، كمواطن أعتقد أن مسألة تفادي الخطر على الأمن الشخصي للأمنيين مرتبط في أغلب الأحيان بمستوى الأمني ذاته. أبسط ذلك وأقول أنه من غير المنطقي أن يحصل رقيب أو عريف على عداءات مرتبطة بعصابات إرهابية أو غيرها، ولكن من الطبيعي -ولكن ليس من الضروري- أن تقحم عملية أمنية عداءات لضابط أمني شريف وتكون شرسة لدرجة تستوجب حمايته. ذلك أنه بالإضافة إلى كونه أمنيا فإنه مواطن تونسي من واجب الدولة حمايته. ولهذا فقد يكون من الضروري تسليم أسلحة لهيئة الضباط من ضباط أعوان وسامون وضباط قادة، ولكن أعتقد أن ليس من الحكمة أن تقوم الداخلية بتسليم أسلحة إلى أمنيين ينتمون لهيئة الرقباء أو حتّى ضبّاط الصّفّ وذلك لعدّة أسباب أوّلها درجة التكوين النفسي المرتبط أساسا بالتكوين المعرفي والتكوين الأمني الذي لا نرى له وجودا على أي مستوى كان (حسب المعطيات المتوفّرة).


وختاما، يجب أن أعرّج على التكوين وضرورته. التكوين الأمني بطبيعة الحال الذي لا يرتكز على التكوين ذاته بل يتأسس على نقطة هامة لا نرى أن الداخلية مثلا تعيرها انتباها وهي درجة التكوين الأكاديمي لرجل الأمن. ذلك أني من المؤمنين أن يجب على الدولة أن ترسكل مفهوم رجل الأمن وترتقي به وأرى أن أول الخطوات من أجل ذلك هي الارتقاء بالمستوى التعليمي المطلوب إثر كل مناظرة انتداب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل