الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقسامُ الطائفيُّ المشرقي

عبدالله خليفة

2014 / 2 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت المنطقة في المرحلة القومية من الجانب العربي والمرحلة المَلكية في الجانب الإيراني أقرب للتحديث وتجاوز البناء التقليدي الإقطاعي، لكنها لم تستطع أن تقوم بتغييرات جذرية على مستوى البنية الاجتماعية عبر مساواة الرجال والنساء، ولا مستوى النظام السياسي بمساواة الحكام والمحكومين.
المناخ الثقافي المتخلف الذي يهيمن على الناس لم يسمح بذلك.
ولهذا فإنه حين جاءت الحقبةُ النفطية وانهالت الفوائض على الحكومات فإن التطور السياسي تراجع للوراء، عبر التشبث بالنظام الديني المحافظ ونشره في الدول العربية والإسلامية.
ومع التراجع للوراء واختيار النظام الديني واعتبار تلك الفترة العصيبة بأنها فترة (الصحوة الإسلامية) فإن التجذر في مثل هذا الوعي صاحبه عودة للماضي وتصعيد تفاصيل التاريخ القديم والغرق في جزئيات المذاهب بأشكالها العتيقة.
العودة للماضي وطرح الخصوصيات كلٌ من جانبه أحدثتْ الهوةُ الكبيرة، وغدا النظام الطائفي هو المرجعية.
لم تكن الثورة في الجانب الفارسي سوى عودة للقومية بشكل مذهبي، والجانبان صُدرا للخارج بشكل ثنائي مخادع، فجرى التركيز على المذهبية للعرب، فيما أُعليتْ القومية الفارسية في الداخل.
العرب الشيعة استقبلوا الشكلَ الديني، وحركوه في واقعهم العربي المختلف.
وكان هذا مضاداً لتحرك الجانب العربي العام في مذهبيته السنية المحافظة المماثلة جوهراً اجتماعيا وسياسياً مع المذهبية الشيعية باعتبار كل منهما إفراز للعصر الوسيط الديني الطائفي العام.
ولم ينطبق هذا سوى على دول قليلة أو مناطق فيها كثافة شيعية، أما الدول والمناطق الأخرى بمذاهبها الإسلامية المختلفة وقومياتها غير العربية فلم تشهد مثل الانقسام الثنائي الحاد.
الجانبان العربي السني والفارسي الشيعي يغرقان أكثر في الأزمة العامة، أزمة العجز عن الانتقال من النظام الديني المحافظ الإقطاعي إلى النظام الحديث العلماني الديمقراطي.
الشيعة عادة يعيشون في مناطق ريفية أو نزحوا للمدن مع جلب تراثهم إليها، ولم يكن هناك تطور سياسي تحديثي ديمقراطي في الأرياف العربية عامة والمشرقية خاصة.
ولهذا حين عادوا لإرثهم الديني بشكل سياسي لم يقوموا بأي تحديث له، وأخذوه عبر رجال الدين الذين كرسوا التراث القديم ولم يعصروه ويجعلوه ديمقراطياً.
وليس في الإرث الديني القديم (قومية) ولهذا فإن العروبة أو الفارسية القومية لا تظهران، وفيما عبّر الفرسُ عن قوميتهم بشكل مذهبي مركب فإن العرب لم يعبروا عن قوميتهم بشكل ديني، بل جاء الوعي القومي عبر مفاهيم علمانية قامت بكسر الحدود بين المذاهب ودمجت أصحابها في دعوة قومية توحيدية ولهذا كان العربُ أسبق في التحديث.
فيما العرب السنة عاشوا نظاماً محافظاً بشكل مذهبي مختلف، وحين جاءت الدعوةُ القومية العربية أُخذت من قبل طوائفهم المختلفة.
ولهذا فإن فض الاشتباك بين المذهبيين السنة والشيعة لا بد أن يكون عبر العودة للثقافة العلمانية الديمقراطية، عبر فصل المذهبين عن السياسة بادئ ذي بدء، وفصل القوميتين الفارسية والعربية عن بعض، فلا يمكن طرح البرامج الديمقراطية بأشكال دينية محافظة وهي ترفض الديمقراطية كليةً!
عملية خداع الذات وخداع الجماهير لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، ولا بد من الشجاعة الفكرية السياسية في هذا الجانب، وتوجه الكتل الاجتماعية للتعبير عن مصالحها الطبقية المستقلة، وكون الكتل الهلامية وهذا سوف يوحد الناس والعملية السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف صعد الآشوريون سلّم الحضارة ؟


.. أبو بكر البغدادي: كواليس لقاء بي بي سي مع أرملة تنظيم الدول




.. 164-Ali-Imran


.. 166-Ali-Imran




.. 170-Ali-Imran