الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ماهية الحقيقة:

رشيد إيهُوم

2014 / 2 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التساؤل حول ماهية الحقيقة ،موضوع قديم قدم الإنسان لأنه إشكال تجريدي خالص . وسؤال الحقيقة لا يطرحه سوى الكائن الذكي الواعي بوجوده أقصد الإنسان .
إذن مادام هذا الأخير يحمل وعيا متصلا بالزمان والمكان فإنه مافتئ يطلب الحقيقة لكن ما السبيل إلى الوصول إليها ؟ وهل ما نعيشه ليس سوى وهم ؟ وما فائدة التوصل إلى ماهية الحقيقة في الأخير؟
إن الوجود الإنساني ارتبط بهذا السؤال بالضرورة منذ أن بدأ في تأسيس الحضارة . فالإنسان البدائي كان ينظر للأشياء من حوله نظرة تختلف عن نظرتنا إليها اليوم لم يكن حينئذ يعطي تفسيرا علميا لما يراه بل إن إدراكه الحسي يرتبط بالتفسير المعطي للظاهرة ،لأن تلك المرحلة كانت الطبيعة هي التي تمارس سلطتها على الكائن البشري .
هذا الأخيرالذي كان يقدسها ويهابها، فيفسر ظواهرها وفق الإدراك الخرافي للطبيعة ، فتشكلت الثقافة من خلال هذا الإدراك الأولي.
فكان البدائي يفسر قوى الطبيعة تفسيرات ماورائية كأن يفسر المطر ببكاء الآلهة، وأن يفسر الرعد والعواصف بغضبها فكان يقدم القرابين والأعطيات الطوطمية من أجل المحصول الجيد واتقاء لغضب الآلهة.
وقد كان لأوغست كونت السبق في تقسيم التفكير إلى المراحل الثلاثة المشهورة في الوضعانية الكونتية فكانت أولى المراحل كما رأينا المرحلة الاهوتية ثم بعدها جاءت المرحلة الميتافزيقية ثم في الأخير المرحلة العلمية الوضعانية .
فالمرحلتان السابقتان عن المرحلة العلمية كان الفهم الإنساني للطبيعة فهما ميكانيكيا وخرافيا ساذجا ولم ينتج في تلك المرحلتين سوى أشكال من الوجود غير المكتمل بإعتبار أن الوجود لا يكتمل سوى بالفهم الصحيح والدقيق وهو الفهم العلمي، فكل الحسنات التي نعيش فيها اليوم لم تكن سوى نتيجة لتلك المرحلة التي تفتق فيها وعي الإنسان المعاصر الذي جعل العلم أداته للتفسير وللإشارة فإن الفهم الخرافي الميتافيزيقي ساد خلال المرحلتين الأوليتين قبل العلمية وخلالهما تشكلت الأديان والطقوس الوثنية ومختلف العبادات التي مازال صداها إلى يومنا هذا .إن التقدم العلمي كان حاصل لتشجيع الملكة الوحيدة المميزة للإنسان إنه العقل LA RAISON الذي بدونه نتساوى مع باقي الكائنات رغم أننا لا نختلف في الأصل المشترك حسب النظرية التطورية لكن ملكة الفهم والعقل تجعلنا نتميز .
وبالعودة إلى موضوع الحقيقة فهذه الأخيرة مقرونة بالضرورة بالعلم الذي هو المعيار الوحيد لقياس الحقيقة وفق المبدأ المادي الملموس، بعيدا عن التفسيرات الخرافية الميتافيزيقية التي كانت صدى لمرحلة غاب فيها التفسير وانتشر فيها الظلام والخرافة .إذن الحقيقة في هذا المستوى مقترنة بالعقل تحضرني تلك المقولة البليغة جدا لفيلسوف قرطبة العظيم ابن رشد القائلة" إن اختلف العقل مع النقل فاتبع العقل" .إن هذه الدعوة العظيمة كانت ستكون مفتاح نهضة الحضارة الإسلامية لكن هذه الأخيرة لم تدرك هذا السر الذي دعت إليه الفلسفة الرشدية والذي إكتشفته في الأخير الحضارة الغربية التي شجعت العقل وتحدت جبروت السلطة الكنسية بالدعوة إل مسح الطاولة وتشجيع العقلانية التي أفضت إلى النظريات العلمية التي نعيش اليوم حسناتها، دون أن ننسى أن لها سيئات كذلك لكن الواجب هو أن نشجع العقل والعلم المقترن بالضرورة بالحقيقة .
لكن الحقيقة التي يجب أن يعلمها البشر أننا وجدنا من أجل أن نعيش ونموت وندخل العدم.
https://www.facebook.com/RachidIhoumBlog








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-