الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاريع الموت والنهضة القتالية

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2014 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما يتحول الإيمان بالأديان إلى رخصة لصناعة الموت لها مصانع وخلايا ترويجية لمنتجها الوحيد وهو الموت، وعصابات المافيا الدينية هى التى تتحكم فى تجارة الموت من تهريب وأستيراد الأسلحة والمرتزقة، إن مافيا صناعة الموت تشجع البلطجية والحاقدين على نمو ونهضة الأوطان على تصنيع أدوات الموت وتغذيتهم بثقافة صناعة القنابل والمتفجرات بأنواعها وإغراءهم بالأموال الكثيرة، لأن أفكارهم بالأساس لا تعترف بالوطن لأن العالم كله هو وطنهم ولا توجد حدود تقف أمام عقيدتهم هذه، بل تتسع لتشمل ما ينتظرهم من خيرات سبايا وحور الجنة والمتع التى تفوق التصور الإنسانى الغيبى، وتحولت صحارى الدول العربية إلى أرض خصبة لتستضيف أجنحة من الجماعات الجهادية التكفيرية المعروفة التى يرتكبون فيها جرائم القتل وكأن القوات الأمنية فى تلك الدول لا تستطيع إيقافهم، بل بروز كل تلك التنظيمات والأعداد الكثيرة للمنتمين إليها يدفعنا إلى سؤال: هل إلى هذه الدرجة أصبح العرب فى عصرنا الحالى محبين للعنف والقتل وسفك الدماء؟ هل الحياة لا ثمن لها عندهم لكن الموت أصبح رغبتهم وأمنيتهم الوحيدة، وهل أصبح القتل هوايتهم المعاصرة؟ ما الذى يحدث فى عقول العرب والمسلمين؟

إن مشاريع القتل والموت تم صناعتها سياسياً مستفيدين من بعض نصوص العقيدة الدينية، مما أعطى رجال السياسة والمستثمرين الدينيين الحق فى إستباحة الجسد الإنسانى وتشكيله وفق هواهم السياسى والدينى، وإستغلاله فى الأعتداء على المعارضين لهم سواء كانوا سياسيين أو من طوائف وأديان أخرى، لذلك تكاثر العنف الفكرى والسلوكى لدى تلك الفئة السياسية والدينية التى أستغلت التأثير الدينى فى إستمالة المشاعر السلبية داخل كل مؤمن وإسنادها وتدعيمها بالنصوص الدينية، مما أفرز فى المجتمعات الإسلامية ككل ثقافة العنف الجهادية التى ترفض الآخر لدرجة إعلان الحرب عليه وقتله، مما جعلهم ينتظمون فى جماعات شعارها دولة الإسلام هى الحل، ولأن شقاء الإنسان وسعادته فى يد كل إنسان إلا أنه تنازل عن تلك الإرادة وسلمها لأيدى قادة الجماعات وأفكارهم الغيبية الجبرية، لذلك نرى يومياً الكثير من شقاء الإنسان الذى يسبب له ألماً كبيراً لكنه يرفض الأعتراف بأن الإيمان المطلق بأفكار تلك الجماعات هو سبب شقائه وتخلفه المستمر لأنه إيمان مرتبط بتصديقه مقولة أن الإله يرزق من يشاء.

لا بد لنا من وقفة صريحة مع النفس فى ظل الدعوات العدوانية للقتال ضد كل من تعتقده تلك الجماعات التى تتكون فى الخفاء، حيث يقوم شيوخ وآئمة المساجد وفتاوى دعاة الهدى والموعظة الحسنة بدعوة المسلمين كباراً وصغاراً للجهاد على القوم الكافرين، سواء كانوا مسلمين من طوائف ومذاهب أخرى أو غير المسلمين سواء كانوا بشر عاديين أبرياء أو رجال يعملون فى مؤسسات الدولة، المهم لدى تلك الجماعات هو قتال من لا يقف معهم فى خندقهم القتالى والحربى ضد غيرهم المختلف عنهم فى أعتقاداتهم العدوانية، والمشكلة هنا والتى حلها أيضاً بسيط أن تلك الميول العدوانية تنشأ من داخل المساجد وعلى الفضائيات حيث يقوم الدعاة والفقهاء والشيوخ أصحاب الشهرة العالمية، بتأجيج البغض والكراهية للأنظمة الحاكمة والعاملين فيها وأفراد المجتمع الرافضين الثورة ضد تلك الأنظمة وأعتبار الجميع كفار يستحلون دمهم وأملاكهم.

فى نفس الوقت الذى يحاول الكثيرين من أفراد وأنظمة محاربة ذلك الإرهاب الدينى الجديد، إلا أنهم غير قادرين على القضاء عليه تماماً لأن الكثير من رجال الدين يشجعون هؤلاء الأنتحاربين المحاربين للحكومات والمجتمعات المكفرين لها، وهذا هو سبب الفشل الحكومى والأمنى فى مواجهة ذلك الإرهاب الدينى لأن هؤلاء الذين ينشرون البغضاء والكراهية وتجنيد الشباب والنساء لقتال المجتمع مازالوا أحرار يمارسون أنشطتهم الدعوية الداعية لتكفير الآخر وقتاله، وخطاب هؤلاء الدعاة وحرية كل مسلم فى إصدار الفتاوى وتأليف عقائد جديدة يستنبطها من نصوصه الدينية بتأويله بعض الآيات التى يستخدمها كشواهد عملية على ضرورة قتال الكفار ومن يرفضون التعاون معهم ضد الحكومات والأفراد، هذا الخطاب هو سبب أنتشار التأثير السلبى وتحفير الشباب على الأنضمام إليهم بأعتبار أن قضيتهم قضية عادلة لنصرة الإسلام ورفعم أسمه وأسم الله ورسوله فوق كل دين وإله ورسول لتحقيق الخلافة التى يحلمون بها.

إن النهضة الإنتحارية ونهضة الفكر التكفيرى راجع فى المقام الأول والأخير إلى رجال الدين بكل مذاهبهم وطوائفهم وأعتقاداتهم السلبية الخاصة ضد كل مختلف عنهم، مما ينتج يومياً هذه النهضة التكفيرية التى ستستمر فى سفك الدماء ما دام هذا الفكر ورجاله الدينيين على قيد الحياة، لذلك الخلاص من الفكر التكفيرى فى أيدى القادة السياسيين ورغبتهم الحقيقية فى تطبيق سيادة القانون على كل إنسان دون تمييز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah


.. 210-Al-Baqarah




.. 212-Al-Baqarah