الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قليل من سيكولوجية كائن أحمق

أسامة مساوي

2014 / 3 / 1
المجتمع المدني


صحيح أن واقع الناس هو الذي يحدد وعيهم وليس العكس وهذه قاعدة غير مطلقة على كل الحالات دائما.وصحيح أيضا أن كل التناقضات المادية التي جردها ماركس...قائمة بل مستشرية في واقع حالنا الإقتصادي والسياسي...كمغاربة بشكل من الأشكال.لذلك مادامت الجماهير لا تعي أن تأزم أوضاعها-المادي والسيكولوجي- مردود لهذه التناقضات المادية المؤسسة لمجرى الحياة الإجتماعية, فهي حتما واهمة تحمل وعيا زائفا ومستلبا.
لأن أرقى أشكال الزيف إنما هي الإستلاب. وما الإستلاب؟

أن لا يمثل الواحد منا واقع الطبقة التي ينتمي إليها وأن يجد نفسه مأخوذا ومجذوبا لإغراءات الطبقة التي ما تفتأ تمارس الإستقطاب والجذب باستخدام كل أشكال التظليل الأيديولوجي...الإعلامي المدرسي الإقتصادي الفني المهرجاني (الفوقي) وذلك بغرض طلي الواقع بمساحيق تجرفها أول نهضة جماهيرية حقيقية تكسر الإستلاب وتقوضه فاكة بذلك بعضا من شروط التناقض وشفراته.

لكن كيف يمكن لذلك أن يتم في ظل القاعدة السيكلوجية القائلة أن: الجماهير سرعان ما تنسى وأن الحشود بمتابة كائن أحمق غير عاقل,يقوده نخاعه الشوكي أكثر مما يقوده عقله وفق نظام سيكلوجي يذوب فيه الفرد داخل الجماعة ويتخلى بموجب هذا الإنخراط عن مميزاته وذكائه لحساب منطق الإندفاع والعدوى والإنصياع المؤطر داخل منظمة العواطف الطائفية هذه؟

الجواب يأتينا حينما نتساءل عن الدور الذي يجب على ’’المثقف’’ أن يلعبه في علاقته مع هذا الكائن الهائج السريع الإنفعال والهدوء في نفس الآن.هذا الكائن الذي هو مستعد ليلعب دور الضحية ودور الجلاد معا.

صحيح أن الجمهور أو الحشد غالبا ما يخضع لقوانين غير عقلية كما بين ذلك ’’غوستاف لوبون ’’في كتابه ’’سيكولوجية الجماهير’’ حينما درس بعض مراحل الثورة الفرنسية التي تكاد لا تنتهي.وقد خلص لخلاصات عامة تميز سيكلوجية الجمهور عن سيكلوجية الفرد.فكان أن النظام النفسي الذي يحكم الفرد داخل الجماعة هو نقيض تام للنظام النفسي الذي قد يحكم هذا الفرد في علاقته بذاته.بل قد يجد نفسه مدفوعا دفعا للقيام بأفعال لم يكن حتى ليفكر فيها لو كان لوحده. فلاوعي ووعيه أيضا الفرد يتضاءلان كثيرا أمام لاوعي الحشد بل يذوبان ويغيبان أصلا.

لكن الحاصل أن همجية الجماهير ونزولها في سلم الحضارة ومعانقتها لممارسات الإنسان البدائي-في سلوكاته اللاوعية أحيانا بل غالبا- بدأت تخفت نوعا ما عند بعض الشعوب وفي بعض المناطق.وبدأت حدة المواجهة تهذب بعد أن كانت همجية للغاية.وربما ليس نفس النظام النفسي الذي كان يحكم حشود القرون الوسطى هو نفس النظام النفسي الذي يحكم حشود القرن 21 (ثورة تونس مصر أوكرانيا...) وربما هذا يعود للتطور الحاصل على مستوى الوعي الفردي(الذي مجموعه لا يساوي الوعي الجماعي أبدا لكنه يؤثر فيه حتما).والتطور الحاصل على مستوى الوعي الفردي لابد أن يمس اللاوعي الجمعي وإن بدرجة من الدرجات...والأمر مردود ربما لسيطرة بعض خطابات القيم والترقي المحصود في شتى المجالات الثقافية التواصلية : السمعية البصرية والإجتماعية الإفتراضية منها والواقعية ...وحتى السياسية (مع بعض الإستثناءات).

وأكيد أن الفرق واضح بين همجية بعض الجماهير ’’الإفريقية’’ في التعامل مع المخالف(المسلم) وهمجية الآلة الأوكرانية أو المصرية...في التعامل مع المتظاهرين.

للجماهير بوصلة توجهها وميقات يقود خطواتها وهذا الميقات وهذه البوصلة يصنعان عبر مراحل وبلا هوادة في نظري ومن غير توقف: من طرف مثقفي البلد الذي يؤمل فيه التغيير.
فإن كانت الجماهير حمقاء ولا تفكر(يعني لا تحمل وعيا حقيقيا يوجهها ويقود خطاها,بالتعبير الماركسي, وقابلة للإستلاب والتوجيه بسرعة) فهذا لأن أغلب مثقفي الأوطان العربية ’’يلوذون بالصمت وهو خراب أكبر من خراب الطاغية والديكتاتور’’ .
وحينما ستتحرك جماهير غير مؤطرة-وإن على مراحل- فلن نحصد سوى الويلات والكوارث. والحالم الطوباوي هو من يأمل ثورة ناجحة وفق الشروط الموضوعية القائمة.وفق سيكلوجية الجماهير المعطاة كمادة خام لم تهذب.

الواقع يحدد الوعي حقا لكن ’’الوعي’’ سرعان ما يعود ليتبادل الدور معه في غياب التوجيه الأيديولوجي الحصيف. وما خبر الأجيال اللاحقة وحالة واقعنا المستقبلي إن كان واقع وعينا اليوم حسير؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية


.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق




.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري