الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب و التحليل , إشكالية تعاطي .. بقلم : محمد أبو النواعير..

محمد أحمد أبو النواعير
(Mohammed Ahmed Ali)

2014 / 3 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




قد يكون للخطاب في اللغة العربية معاني كثيرة جدا؛ فعلى سبيل المثال نجد أن كلمة (فصل الخطاب) التي خصها الله تعالى لنبيه داوود عليه السلام, إنما كان يُقصد منها, القوة والقدرة على الإدراك والشعور بكل الموجودات.
أما في الفكر الغربي, فقد وردت كلمة الخطاب عند هايمز ابتداءا, وذهب معنى هذه الكلمة عنده, الى معنى اللفظ الموجه الى الغير بقصد افهامه مرة, ومرة بإعتباره شكلا لغويا يتجاوز بنية الجملة .
ويمكننا تعريف الخطاب, بأنه عبارة عن تركيبة متنوعة من الرموز والإشارات والإيحاءات, قد تكون تارة لغوية أو لونية أو صوتية, والتي تكون عادة حاملة لمعنى يراد ايصاله الى المخاطب أو المتلقي ..
ومع اشتراط التخاطب, يجب أيضا وجود مرسل ومتلقي, كطرفي لعملية التواصل والتخاطب؛ إلا أن هناك حالات كثيرة يغيب فيها المرسل, مع بقاء صدى رسالته مستمره في إنهمارها المعرفي, كما هو الحال في اللوحات الفنية للرسامين أو القصائد الشعرية, أو ما يكتب من القصص النثرية. كل ذلك يسير بحسب عملية, تتوفر على أدوات ثقافية, تعكس في آلياتها وبالضرورة رموزا ثقافية كمتداولة, تعكس واقعا اجتماعيا معينا. إضافة الى أن الخطاب يحوي في مضمونه تعبيرا عن هويتين : الأولى هوية الفاعل أو المرسل, وبكل ما يملكه ويعنيه من مميزات ذاتية, والثاني: هو تعبير عن الثقافة أو المعرفة التي يقوم بتوظيفها الفاعل للتصدير ..
وعلى الرغم من كل التعريفات, إلا أن الخطاب يبقى متمثلا بكونه أحد أهم أشكال الممارسات الإجتماعية, بل هو يمثل اللغة المستخدمة في ممارسة اجتماعية معينة, تهدف الى المعرفة, أو بناء المعرفة عند الإنسان. فالخطاب هو أداة معينة, للتعبير عن واقع معين, تمتلك نشاط علاماتي, كالصور المرئية والصور الفوتغرافية, والرسوم البيانية .. فالخطاب هو الممثل الحقيقي لواقعنا الإجتماعي, وهو الإنعكاس الجقيقي لهوياتنا .
وتتنوع أشكال الخطاب وتتوزع, بحسب الآليات الظرفية والرمانية والذاتية, فهناك الخطاب الفردي الذي يمثل حالة رفض لواقع معين؛ كالقصائد والقصص والروايات, أو ان يكون الخطاب معبرا عن فترة أو حقبة زمنية, كخطاب التنوير أو خطاب ما بعد الحداثة. أو أن يكون الخطاب معبرا عن حزب سياسي أو فكرة سياسية, كالبيان الشيوعي .. كما ويختلف نوع الخطاب بحسب الشخص المتلقي له , فغالبا ما تضيع شخصية المرسل بعد وصول المضمون الى المرسل اليه, أي بعد أن تستلم الأدوات التفسيرية والتحليلية للمستلم, رسالة المرسل ..
وقد اختلف الباحثون في آلية التعاطي مع مضمون الخطاب, فمنهم من اعتمد على المنهج الموظوعي الذي يتعلق بالجانب الكمي في المضمون, إلا أن الدراسات الحديثة ومنذ منتصف السبعينات, أثبت للقائمين عليها, أهمية المنهج الكيفي, الذي يبحث عن المعنى في بنى الخطاب والنص؛ فقد عُرف عن المنهج الكمي إهماله سياقات النص, وعلاقات القوى داخله, وعدم الاهتمام بالمعاني الداخلية في النص؛ وقد عرف هذا التوجه بالتوجه الإنساني الذي يركز على علاقات القوة والمعنى الآديولوجي داخل النص, ويعتمد في الوقت نفسه على الفحص الدقيق لمصادر المادة التي يراد إخضاعها للنظر والتحليل, من خلال الاعتماد على الملاحظة الصريحة, والرؤية الذاتية القائمة على الفهم الذاتي, للقائمين على هذا العمل, ووجهات نظر الآخرين . فأصبح البحث عن المعنى من أهم المناهج الحديثة لتحليل الخطاب, وذلك من خلال التمييز بين العلوم الوضعية, وبين العلوم الإنسانية والاجتماعية الذاتية. فعلماء الاجتماع, يرون أن العلوم الطبيعية, تختص بعلاج الوقائع العلمية, بينما تختص المجالات الثقافية بالبحث في المعاني والأفكار ..
وقد تم مهاجمة الموضوعية من قبل الكثير, من المدارس الفكرية , فالنتاج الذي يكون الخطاب هو نتاج إنساني , يكون مؤلفه متقيدا بقيود إنسانية , فالواقع لا يقوم بذاته بدون تدخل الذات الإنسانية في صنعه وإعطاءه المعنى الذي يستحقه.
تحليل الخطاب ومضمونه قد مر بحالات تعاقب الأدوار ما بين الذات والموضوع , وفي المرحلة ما قبل الأخيرة من التأريخ كانت الذات ممثلة بالمثيلوجيا والميتافيزيقا, هي التي تمثل البداية, أعقبها تطور العلم الذي فرض الموضوعية في مناهج التعاطي مع الخطاب ..
محمد أبو النواعير- ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح