الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باب الجمعة او حدائق تازة المعلقة ..تناغم الزمان والمكان

عبد الإله بسكمار

2014 / 3 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


باب الجمعة أو حدائق تازة المعلقة ....تناغم بين الزمان والمكان


تطل عليك من الحيز الشمالي لمجال تازة الحضري وبالضبط من شارع مولاي يوسف الواصل بين تازة العليا والسفلى فتسائلك بأدراجها وأسوارها التاريخية الممتدة وحدائقها المتدرجة الخضراء ( تسقى حاليا بشكل يومي ) والتي تم تهييؤها منذ سنتين تقريبا ، لكن المشهد الأكثر إثارة لهذا الفضاء يتخذ شكل لوحة متلألئة بالأضواء المنسابة على امتداد الهضبة ليلا بأدراجها وسورها المريني ، إنه فضاء " باب الجمعة " الذي أصبح من أبرز معالم مدينة تازة ،خلال السنوات الحالية وهي الحاضرة المتوسطة التي عرفت نموا سكانيا كبيرا رغم تراجع نسبة الولادات ، نتيجة الهجرة القروية ونزوح أعداد من ساكنة المراكز الحضرية المجاورة بحيث يتجاوز مجالها السكاني حاليا 170 ألف نسمة ....
بوصف سريع ومختزل فباب الجمعة عبارة عن تحصين دفاعي في حقيقة الأمر، يمتد عبر باب الجمعة " الفوقاني " ثم السور المزدوج إلى الجنوب وينحدر مع الهضبة الحاضنة للمدينة العتيقة وينتهي عند باب الجمعة " التحتاني " لتستمر التحصينات العسكرية والأسوار بعد ذلك جنوبا وشرقا حتى حصن " البستيون " الذي بناه السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي سنة 1580 م قصد التصدي للمد العسكري العثماني القادم من الجزائر ، والمعروف أن سلاطين الدولة السعدية في المغرب الأقصى رفضوا الاعتراف بالخلافة العثمانية أو الانضواء تحتها أو الدعاء لسلاطينها على المنابر ، باعتبار أن سلاطين المغرب بالذات حملوا لواء الإسلام وإمارة المؤمنين في منطقة غرب إفريقيا بالكامل ، ولم يروا أي ضرورة للاعتراف بالخلافة العثمانية ....
يقع فضاء باب الجمعة وحدائقه شمال تازة العتيقة ويتقاطع مع ساحة أحراش ( مولاي الحسن )و شوارع بوقلال – 03 مارس ( سيدي عيسى – المسبح البلدي ) ومولاي يوسف الرابط بين المجالين الحضريين : تازة الجديدة والمدينة العتيقة و يعد فضاء باب الجمعة جزءا من السور الأثري لتازة الذي يعود في جزء منه إلى المرابطين / الموحدين والجزء الآخر المزدوج إلى المرينيين ( من برج سارازين إلى باب الريح ....انظر" الحلل الموشية " و" البيان المعرب " و" الأنيس المطرب " وما جاء في " دائرة المعارف الإسلامية " و"معلمة المغرب " وكذلك ما كتبه هنري تيراس وفوانو ودوفوكو على سبيل المثال لا الحصر) وطبعا فالصبغة الأصلية لهذا السور التاريخي لم تحافظ على معالمه الأولى فقد تهدمت أجزاء منه وأعيد ترميم وبناء أجزاء أخرى على فترات متعددة ، كما تركت الفتن وعاديات الزمن آثارها عليه ، وما زالت أجزاء منه تتهاوى بين الحين والآخر إما بفعل القدم او الترميم غير الملائم ويبلغ طوله الإجمالي والمحيط بتازة العتيقة ( تطلق تازة العليا على هذا المجال داخل السور إضافة إلى الأحياء خارجه وتازة العتيقة تخص فقط المجال السكني داخل السور أما تازة السفلى فتبدأ اعتبارا من شارع مولاي يوسف الآنف الذكر ) قلت يبلغ طول السور التاريخي لتازة حوالي 3 كلم ( 2850 م )، وقد شهد فضاء باب الجمعة إعادة تهيئة شاملة منذ أزيد من ثلاث سنوات أضفى عليه إخراجا جديدا صنفه الكثيرون على أنه يمثل " حدائق معلقة " بسبب انحدار الهضبة وإقامة أسوار ودعامات متدرجة تحضن تلك الحدائق المتفاوتة من حيث مساحتها وحجمها ، وهي تشهد حاليا نمو الربيع الأخضر " الغازون " إلى جانب عدد من أشجار النخيل ونباتات أخرى مختلفة معدة لتزيين الحدائق ، وبهذه الصورة الجديدة أخذ الفضاء إخراجه ورونقه ، ولو ذكرت مدينة تازة حاليا لعرجت على ذكر باب الجمعة التي ارتبطت تسميتهابيوم الجمعة وإحالاته الرمزية والدينية والإجتماعية ، فهو يؤدي إلى المسجد الأعظم / الجامع الكبير عبر سوق اليهود ودرب مولاي عبد السلام ، كما أن الحيز المقابل لباب الجمعة الفوقاني ظل يشهد طقوس وتجمعات الناس في إطار فن الحلقة يوم الجمعة بعد الزوال خاصة ( الحكواتيون – مروضو القرود – السحرة – الملاكمة ....) وذلك إلى حدود بداية ثمانينيات القرن الماضي ، حين أصبحت أثرا بعد عين وتغير الطابع العمراني للمكان ، بعد ان تحول الحيز في أغلبه إلى موقف للسيارات ، والمعروف تاريخيا أن الموقع ككل كانت له وظيفة عسكرية دفاعية عن المدينة وبهدف صد كل الهجومات التي تستهدفها ، وبالطبع تأثر الموقع سلبا خلال فترات السيبة والفوضى التي شهدتها المنطقة ومعها مجمل البلاد المغربية ، وكان آخرها فتنة الروغي الجيلالي بن ادريس الزرهوني الذي ادعى أنه الإبن الأكبر للسلطان الحسن الأول ، وفتن المغرب طيلة سبع سنوات ( 1902/ 1909) ثم بعده مولاي الكبير أخ السلطان حفيظ وتتواتر روايات مختلفة سواء عند ابن زيدان في الإتحاف أو مذكرات محمد بن الحسن الحجوي أو كتابات بعض الفرنسيين كفوانوومنها تعليق الرؤوس بباب الجمعة ليكونوا عبرة لمن اعتبر سواء في صفوف الرواغا ( أتباع الجيلالي ) أو الكرونيين / العزيزيين أو الحفيظيين...
بعد استقلال المغرب جهز الفضاء بمئات الأدراج ، لكن الإهمال طاله حتى الألفية الحالية ، إلى حدأن أكثر الساكنة كانت تهاب صعوده أو الهبوط منه ، بسبب ارتكاز بعض المجرمين والجانحين به ، ووقوع عدد من الجرائم في أدراجه وبين أسواره....
جميل أن تتم إعادة تهيئة هذا الفضاء التاريخي ، كمنتزه عمومي ، لكن غياب روح المواطنة عند البعض سيفرض قريبا ودون ريب وضع علامة أو علامات تنبيه واضحة " ممنوع رمي النفايات " " حافظوا على فضاء باب الجمعة " رغم الوصلات وبرامج التوعية فمازالت بعض الكائنات الآدمية ترمي نفاياتها المختلفة من بقايا الحلويات والعلق ونفايات الأفواه كما يتم تلويث السور المحاذي للأدراج ببعض الكتابات أو التشويهات في استبطان سيكولوجي يضمرحقدا فظيعا إلى رغبة حادة في تدمير كل ما هو جميل وكأن السور هو الذي تسبب في العطالة والتهميش والتفقير ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
لاحظت الساكنة أن تهييء المكان وتزيينه توقف عند الحيز الشرقي بينما بقيت الغابة المجاورة مفارقة لنفس المكان أي لم يصلها شيء من هذه التهيئة وباعتبار إشراف المجلس الجماعي عليها إلى حدود باب الجمعة التحتاني فإن مساحة أخرى إلى الأسفل ظلت بمنأى عنها ،وحسب مصادر إعلامية فإن هناك مشروعا أخر لاستكمال هذه التهيئة بدءا من باب الجمعة " التحتاني " سيشمل مساحة خضراء وتنظيما جديدا للتقاطع الطرقي بين شوارع مولاي يوسف 03 مارس وبوقلال ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة