الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممارستي الأولى للطب في السليمانية

حنان فوزي المسعودي

2014 / 3 / 3
المجتمع المدني


ممارستي الأولى للطب في السليمانية  

أعتبر شتاء 2007 قاسيا حتى على سكنة الاقليم...فكيف بنا ونحن المهاجرين من مناخ دافئ نسبيا...تساقطت الثلوج بغزارة...وانخفضت درجات الحرارة الى ما دون الصفر ..حتى ان المياه تجمدت في الانابيب...ولكأن المناخ اتحد مع الظروف ليعزز غربتي. باشرت كطبيبة اخصائية في مستشفى الولادة...في قسم المختبرات..كان مختبر التحاليل النسيجية قسما حديث الافتتاح في المستشفى ولم نكن قد باشرنا بعد بإستلام النماذج. كان هاجسي الوحيد هو جهلي بمفردات اللغة الكردية ولكني وجدت ان معظم المنتسبين والطبيبات يجيدون اللغة العربية بطلاقة...حتى من لم يكن يجيدها ككلام...كان يفهم ما اقول من خلال متابعتهم للمسلسلات وبرامج التلفاز المصرية واللبنانية خاصة..وهذا ماساعد على انهيار الحاجز الوحيد بيني وبين زملائي في العمل. كقسم حديث الافتتاح توقعت ان يكون المختبر في حالة من الفوضى...ولكني فوجئت من الترتيب والمنهجية التي كان يسري بها العمل...حيث تم اولا ايفاد مساعدي المختبر الى خارج القطر للتزود بالخبرات الضرورية لأدارة المختبر الجديد..كما تم تجهيز الشعبة بأحدث التقنيات المختبرية وخلال اقل من عشرة ايام كنا قد إبتدأنا العمل واستلام النماذج فعليا.
كطبيبة جديدة...كنت اشعر بالغربة وافتقد الوجوه والصديقات الذين غادرتهم في بغداد..ولكني وجدت ترحيبا دافئا من كل طبيبات المستشفى وابتداءا من المديرة التي استقبلتني بود واخذت تناقشني حول شهادتي وخبراتي السابقة والظروف التي احاطت بمغادرتي لبغداد. يعتبر مستشفى الولادة من الأماكن الصحية المزدحمة جدا في الأقليم حيث تأتيها المريضات من داخل وخارج السليمانية ولكن بالرغم من الزخم الكبير على المشفى كان المكان نظيفا جدا حيث تم استخدام كادر خدمي خاص يرتدون ملابس موحده ويقومون بالتنظيف على مدار الساعة..كما لاحظت ان برمجة استلام المرضى من العيادة الخارجية والطوارئ كان يتم بشكل موضوعي جدا وذلك لتجنب الازدحامات او تكدس المرضى في ردهة دون اخرى.. النقطة الثانية التي لفتت انتباهي في مستشفى الولادة هي اختلاط الأدارة بكادر المستشفى فعليا...حيث دأبت المديرة مع الكادر الأداري على التجوال في جميع اروقة المشفى وبشكل يومي وهذا امر لم اشهده بصراحة خلال ممارستي للطب في الاقاليم الجنوبية ولمدة عشرة سنوات تقريبا...كان الكادر الاداري يتواجد في المطبخ ..في المخازن وفي غرف الغسيل حتى..ومن الطبيعي جدا ان تلتقي بالمديرة مرتين او ثلاث مرات خلال اليوم وانت تمارس عملك... هذا الاختلاط المكثف والذوبان مع المنتسبين أدى الى تنظيم وموضوعية العمل في المستشفى وليس كما  هو الأمر عندما يقبع المدير في غرفته بعيدا عن الموظفين ومكتفيا بالتقارير اليومية التي تصل الى يديه. لمست اهتماما بالغ التركيز بالمريضات حيث يواضب على متابعة كل مريضة ثلاثة طبيبات تقريبا ابتداءا من المقيمة الدورية ثم المقيمة القدمى الجديدة  وتليها المقيمة القدمى قريبة التخرج والتي تعتبر كأخصائية فعلا...وصولا الى الأخصائية التي تأتي لتفحص احوال مريضتها مرتين في اليوم على الأقل. كان الحق الأول والأخير يعطى للمريض...وبإمكان اي مريض ان يذهب لمقابلة ادارة المستشفى او الأدارة العامة بغرض تقديم شكواه لو لم يلاق العناية والرعاية اللازمة....اسلوب كهذا جعل المرضى مطمئنين على انفسهم اولا وكذلك اجبر الأطباء والكادر الطبي على اداء واجباتهم بشكل تام...ولكن الأمر لم يكن يخلو من بعض التصرفات الغير محسوبة للمرضى الذين يعترضون على بعض الأجراءات الطبية التي يجهلونها ولاتعتبر من اختصاصهم...ولكن بعد اجراء التحقيقات الضرورية كان يتم الاحاطة بالموقف تماما ومحاسبة المقصر او مكافئة المتميز. بعد سبعة سنوات من ممارستي للطب في السليمانية..استطيع القول اني اشعر بالفخر الشديد لأنتمائي لهذه المؤسسة الطبية المميزة.. حيث نعمل كلنا ..اطباء ومنتسبين على خدمة المرضى..بطريقة نعلم جيدا بأننا سنحاسب عليها من الله قبل المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل


.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال




.. أزمات عديدة يعيشها -الداخل الإسرائيلي- قد تُجبر نتنياهو على


.. وسط الحرب.. حفل زفاف جماعي بخيام النازحين في غزة




.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء