الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 1

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تصلني دائماً تلك الكلمات المُبعثرة لوصفي نظراً لأني تطرقت لتلك التوجهات كثيراً فيما أكتب..حسناً ليس فقط لأني تطرقت إليها و لكن لأني تطرقت إليها بكثيرٍ من التسامح..لهذا السبب سأتطرق مرةً أخرى -و آمل أنها ليست الأخيرة- لتلك التوجهات..و لكن بحياديةٍ و عقلانية و أيضاً بكثيرٍ من التسامح المُبرر له..و لنبدأ بأن تكون ملحداً.

فأن تكون ملحداً في اليمن هو دائماً -كما أردد- خيارٌ صعب و شجاع..شجاع بالطبع في حالة المجاهرة علناً به..فالملحدون اليمنيون حسب آخر إحصائية قرأتها و نُشرت في عام 2012 م عن مركز بيو فورم للأبحاث الدينية و الحياتية بلغوا -وقت إجراء المسح الديني في عام 2010 م- 1% من مجمل التعداد السكاني البالغ أيضاً حينها 24 مليون نسمة تقريباً..أي بحسبةٍ بسيطة نجد أن عدد الملحدين في اليمن في عام 2010 م وقت إجراء المسح بلغ 24050 مواطن..و العدد في تزايدٍ سريع و مستمر.

شخصية الملحد اليمني -بالاستناد إلى من عرفتهم- تنقسم إلى 3 أنواع..النوع الأول -و هم القلة للأسف- هو الملحد المقتنع بإلحاده بناءاً على نظرياتٍ أفكار أبحاث و تساؤلاتٍ مشروعة..يكون هذا الملحد على الأغلب إما صاحب ثقافةٍ غربيةٍ ما أو هو مقيمٌ بشكلٍ شبه دائم في الخارج..هذه الفئة من الملحدين -من وجهة نظري- أجدها الأحق بالحديث عن حقوق و مطالب الملحدين اليمنيين في الداخل كما في الخارج..لأنهم فعلياً يمتلكون الأدوات التي تؤهلهم لأن يقوموا بدورٍ توعوي و تصحيحي لصورة الملحد و لفكرة الإلحاد و التي لا تتعارض فعلياً مع احترام الأديان و المعتقدات و الحريات الفكرية و الإنسانية.

أما بالنسبة للنوعين الثاني و الثالث فهم ملحديِّ الداخل..و لو توقفنا عند النوع الثاني منهم نجد أن الدافع لإلحادهم على الأغلب هو السخط المكبوت نتيجةً للظلم المُنتشر في الواقع المحيط بهم..فإلحادهم هو نتيجةٌ للظلم الإنساني الاجتماعي و حتى القانوني الذي نعيش تحت سطوته..فلو كان الله موجوداً -كما يرددون دائماً- لما كان الظلم سيطر على معظم تفاصيل حياتنا..هذه النوعية من الملحدين لا تجدها تحمل تصوراً ذو أبعادٍ فكرية لفكرة الإلحاد التي تؤمن بها..و ليست في أفضل أحوالها الفكرية تستند على حقائق في إلحادها بقدر استنادها على غضبٍ مُبررٍ له..خاصةً لو كان مصدر هذا الظلم الذي تراه من حولها هو دينٌ أو مذهبٌ معين.

أما النوع الثالث من الملحدين فهو النوع الذي للأسف يعاني من تصورٍ يكاد يكون تقليديٌ جداً لفكرة الإلحاد..فأن تكون ملحداً فهذا يعني إغراق الذات في محاولة نقض الأديان بالعنف اللفظي أو الفكري..هنا نجد أن كراهية المسلم بشكلٍ عام و المسلم اليمني بشكلٍ خاص -طالما أن حديثي عنه- ستكون مبررةً نوعاً ما تجاه هذه النوعية من الملحدين..فالعنف -أياً كان نوعه- سيقابله عنفٌ مضاد..حتى لو كان عنف تلك الفئة من الملحدين هو نِتاج عنفٍ مسبق من قِبل المسلمين تجاههم..فهذا ليس بالمبرر لممارسة ذات العنف طالما أنك ما زلت في مرحلة الأقليات ديموغرافياً على الأقل.

و لكني أجد في ذات الوقت أن التطرف تجاه الملحدين في اليمن هو تصرفٌ ينم عن جهل يكاد يكون مُطبق..فأي فكرةٍ تمت محاربتها عبر التاريخ بوسائل محاكم التفتيش لاقت رواجاً لدى الآخرين..لأن الإنسان ببساطة يميل بطبعه تجاه التعاطف مع الفئات المُعنَّفة في المجتمع..لعل لهذا السبب نلاحظ تراجعاً في اعتناق الفكر الديني المتشدد في مقابل ازدياد أعداد الملحدين و لو كانت تلك الزيادة غير مُعلنة.

بل أن العديدين من أتباع المذاهب الدينية المتشددة تكاد تكون مرحلةٌ أساسية من مراحل تطورهم الفكري هي مرورهم بمرحلة الإلحاد..لأنها ببساطة تمثل في عقولهم التجسيد الأفضل للفكرة المضادة لفكرة التشدد الديني الذي كانوا يمارسونه سابقاً..بالمناسبة عددٌ لا بأس به من شخصيات الحوار الغير وطني تم تصنيفها سابقاً من قبل العامة على أنها شخصياتٌ إلحادية..و لكن بالرغم من ذلك لم تُمارس تلك الجموع القمعية وسائلها المُكررة لإخراجها من مؤتمر الحوار بل قبلت بها ممثلةً لفئاتٍ عريضة من الشعب اليمني "المتدين بطبعه"..ما سبب هذا التناقض في المواقف؟؟..اتبعوني لأسفل لأعطيكم فكرةً "قد" تروق لكم.

أعتقد لأنه كان من أول شروط الحوار و ضوابطه إقصاء فكرة التكفير للمخالفين..هنا نجد أن العامل الرئيسي المُحرض على الكراهية قد التزم الصمت تجاه أي فكرٍ قد يكون إلحادي من وجهة نظره..و هنا نجد أيضاً أن بسبب توقف ذلك التحريض تناقص الهجوم حتى الشعبي و الإعلامي بشكلٍ ملحوظ..إذاً نستطيع القول ببساطة أن الأشخاص كأفراد لا يبالون حقاً بتوجهك الفكري و لكن التشدد الديني هو ما يجعل هذا الأمر أمراً مُلحاً بالنسبة إليهم بل و مصيري في بعض الأحيان.

و هكذا نجد أيضاً أن فكرة التقبل الفكري ليست ببعيدة عن التطبيق العملي حتى في المجتمعات الإسلامية طالما أن العوامل المُنفرة و المُحرضة سيتم إسكاتها بطريقةٍ أو بأخرى..و لكن لندع كل هذه المتاهات جانباً و لنتساءل قليلاً ما الأمر الأصعب من أن تكون ملحداً في اليمن؟؟..الأصعب أن تكون شيعياً و لهذا للحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran