الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع النفس مع النفس

اسعد الامارة

2005 / 7 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ربما يكون العنوان به اثارة ولكن في الحقيقة ليست اثارة بقدر ما هو واقع فعلي يعيشه الانسان مع نفسه،فحينما نتحدث عن الصراع يجب علينا ان نذكر من يتصارع مع من،وكيف ينشأ هذا الصراع،وهل هذا الصراع يمكن حسمه؟
نود ان نقول وبحسب خبرتنا السيكولوجية البسيطة في معرفة النفس وما ينتابها،ان الصراع يخل بالتوازن النفسي ويربك التوافق الداخلي اولا حتى ينعكس على العلاقات الاجتماعية البينية اي بين الفرد والاخرين في المجتمع فلا يوجد احد من البشر تنقطع صلته بالاخرين الا من به مرض،هذا الآخر اماً او اباً او اخاً او صديقاً او اخوة او زملاء في العمل او جيران نتقارب معهم في الحي او الشارع او المبنى السكني.
ان ما يربطنا مع الاخرين هو الحاجة الى الامن النفسي،هذا الامن ينطلق اساساً من ذاتنا الداخلية،فالامن هو تحرر الفرد من الخوف مهما كان مصدره،ولا شك ان الشعور بالامن من اولى شروط الصحة النفسية ذلك ان الخوف مصدر لكثير من المتاعب النفسية والعلل والاضطرابات،كما ان الجانب الآخر للشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس ونشوء الكراهية تجاه الاخرين يتولد من خلال هذا الضعف،فالحاجة للامن النفسي تنبع من داخل الفرد نفسه وهي حاجة اساسية لا ترفيه فأن فقدت نشأت اعراض لا حصر لها من الاضطرابات النفسية ومدخلنا لهذا الموضوع هو صراع النفس مع(ضد)النفس.يقول(د.محمد شعلان)حينما تنشق عناصر محدودة من النفس عن الكل ويشكو صاحب الشأن من الآم يصفها بالمفاهيم النفسية مثل الشعور الدائم بالقلق الهائم او حالة من الضيق والكرب والتوتر او ربما يكون عند البعض حالات هستيريا غير مسيطر عليها في مواجهة احداث الحياة اليومية،تنطلق على شكل احلام وكوابيس وهواجس في اعز لحظات النوم وهو بحاجة الى تلك اللحظات فترتبك حياته ويداهمه الارق ويطرد عن جفونه النوم،انه اضطراب الهستيريا ،او عندما تسيطر على احدنا افكار لا اساس لها في الواقع ولكن تكونت بشكل مفاجئ بورود فكرة او رغبة او خيال في ذهنه،هذه كلها خارجة عن ارادته ومفروضة عليه،وتثير في نفسه الرغبة في مقاومة تسلطها عليه واذا ما تأمل فيها بعد انقضائها تبين له عمق سخافتها،انها حالة الافكار التسلطية التي تأسر عليه حياته حتى تحيلها الى جحيم،هو يعرف تماماً انها افكار سخيفة وتافهة ولكنه يعاني منها ولا يستطيع ان يسيطر عليها،وكما هو الحال في الافعال الوسواسية التسلطية مثل غسل اليدين لعدة مرات للتأكد من نظافتها او حين يريد الخروج من منزله او الدخول اليه ينتابه شعور بانه يود التأكد عدة مرات من غلق الباب جيداً بالمفتاح او ربما يسير خطوات ويعود مرة اخرى ليتأكد ثانية ان الباب مغلق حقاً،ولا نذهب بعيداً ونبالغ لو قلنا ان البعض ينتابهم قرف دائم وشعور بانه متسخ ويحتاج الى الغسيل ،واذا ما استحم وبدأ بالغسيل فأنه يكرر غسل جسمه لعدة مرات للتأكد من نظافته،ويعيد الكرة مرة اخرى لغسل جسمه مرة اخرى قد تصل لعشرات المرات في اليوم الواحد،او حين يشرع(تشرع) في اداء فريضة الصلاة ويبدأ فعلا في الوضوء فأنه يعيد الوضوء عدة مرات وكذلك الحال عندما يبدأ بالصلاة ويبدأ بالفرض الاول ، يتأكد انه لم ينسى شيئاوقد يعيد الفرض عدة مرات للتأكد انه اتمه كاملا ،هذه الافكار التسلطية تلح عليه،وحينما نسأله(نسألها)او نسأل الشخص الذي تنتابه مشاعر الافكار والافعال التسلطية القسرية ،يقول،اني لا اقدر ..ليس الامر بيدي .. لا استطيع التوقف،كلما اردت لا استطيع ،لا اقدر..وغيرها من الحالات الاخرى المشابهة التي تعتري البعض من الناس حتى تجعل حياتهم مليئة بالهموم والمشاكل . وهناك جالات الفوبيا –المخاوف المرضية (الرهاب)،وهي حالة خوف شديد لسبب معين يكون فيها الشعور بالخوف اكثر بكثير من السبب الداعي له،فالبعض منا يخاف من الحيوانات الاليفة التي لا يصدر منها اي اذى مثل الدجاج(فوبيا الدجاج)او القطط او الفئران او الزواحف،والبعض الآخر يخاف من الظلمة او الهدوء والسكينة والبعض الاخر يخاف من عبور الجسر او ركوب الطائرة وآخر يخاف من الاماكن المرتفعة او المنخفضة والبعض يخاف من الدم ورؤيته حتى انه يكاد ان يغمى عليه لو اراد منه الطبيب سحب عينة من دمه فيغمى عليه او آخر يخاف من اللقاءات الاجتماعية ويتحاشى الناس في الطريق ، ويشكل لديه خوف واضح تماماً وهو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي الذي يبدو كثيراً في السويد وملفتاً للنظر وغيرها من حالات الفوبيا"المخاوف المرضية –الرهاب".
لا نبالغ كثيرا اذا قلنا ان الوساوس كادت ان تهد كيان البعض من الناس وتجعلهم في حالة مرضية وتحول طاقاتهم غير فعالة،فكثرة الوسوسة تفسد على المرء حياته وكثرة المخاوف المرضية"الفوبيا"ترهق اعصابه ،فنرى البعض تستحوذ هذه الاشكالات على كل اهتماماتهم،وهناك البعض ممن يكون الشك لديهم على درجة عالية بشكل مبالغ فيه حتى يؤثر على حياتهم الصحية الى حد كبير فيتخذ الحيطة والحذر من كل شئ وهناك العديد من الاعراض المرضية الاخرى التي تؤثر في النفس وتربك الحياة عندهم.
ان النفس في مواجهة النفس تثير الى عدم رضا الشخص عن نفسه حتى يكاد ان ينشق جزء من نفسه رغم انه متوافق نسبياً مع المجتمع ومع جسده ولا يطرأ عليه تغيير ملحوظ يذكر او تغيير نوعي مؤثر في سلوكه مع الاخرين،اذ يبقى بنيانه متماسك نسبياً ولكن شكواه تصدر من داخل ذاته،انه يعاني فعلا من حالة صراع بين النفس والنفس،انه يطلب من المقربين المساعدة ويريد العون ويقول(د.احمد عكاشه)انه العصابي"الشخص الذي اصبح من خلال صراعاته الداخلية،يعاني من اعراض نفسية متعددة تجعله غير قادر على الاستمرار بشكل متوافق تماما حتى تؤثر على انتاجيته في العمل او في العلاقات مع الاخرين ويرى علماء النفس ان صراع النفس مع(ضد)النفس تنتج عنها حالات اهمها القلق،الهستيريا،الفوبيا"المخاوف المرضية-الرهاب"،الوسواس القهري،او حالات الاكتئاب النفسي او حالات الاضطرابات النفسجسمية-السيكوسوماتيك وغيرها مثل النحول العصبي والانهيار والضغوط النفسية الداخلية.ان النفس في مواجهة النفس هو صراع يشعر صاحبه به كليةً ويعترف بوجوده ويطلب من المختصين المساعدة والعون ولكن ارادته تضعف وتنهار،فضلا عن قواه المعنوية التي تنهار هي الاخرى في مواجهة سخف هذه الاعراض وما يشتكي منه.
انه يعيش ويمارس حياته اليومية مع الاخرين ولكن جزءاً كبيراً من الطاقة المتاحة تنفرط وتذهب هباءاً،انه يعيش مع الناس بترابط وتكامل الشخصية ويتحمل المسؤولية كاملة ولديه القدرة بالقيام بالقيام بواجباته كانسان مع زوجته ومع ابناءه ومع اقرب الناس له في المجتمع ،يعيش حالة سوية مع سلامة الادراك والاستبصار بحالته التي يعاني منها رغم آلامه ويتحكم في ذاته ،وفي ضوء ما حدث يمكننا ان نفهم ما تشير اليه صراعات النفس مع النفس بانها الاعراض العصابية"النفسية"،هذه الاعراض خالية من الهلاوس والهذيان Hallucination&Delusion
تعد حالات صراع النفس مع النفس الاكثر شيوعاً بيننا نحن معشر البشرية ،لايبرأ منها الأ من استطاع ان يحل الاشكالات التي تواجهه بطريقة توفيقية ينجح من خلالها الفرد عزل ما يواجهه او على تحييده من الافكار او الدفعات التي تنطلق من الذات،فهي تندلع بمناسبة ظروف استثنائية في الحياة دون ان يكون له الاصل المرضي العضوي الخالص ويبدو اذن ان خلجات النفس التي لا تجد لها منصرفاً ملائماً موفقاً مصيرها الى الانحباس في تغيرات تؤثر على كيان النفس وقد تكون على درجة عظيمة من التأثير على السلوك العام للفرد حينها تصل درجة الاضطراب الى ان يكون الصراع داخلياً وغير مرتبط بوجود المؤثرات البيئية فأن صورة صراع النفس مع النفس تتكون بما يسمى بالعصاب او الاضطرابات النفسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي