الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان في مواجهة مصيره:

رشيد إيهُوم

2014 / 3 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



إن الإنسان حاليا وصل مستوى غير مسبوق لم يكن ذات يوم يفكر أو بالكاد يتصور أن يحقق هذه السيطرة الشبه المطلقة على هذا العالم الذي إكتشف أنه صغير جدا فبدأت أمال هذا الكائن الذي أبطأ مسيرة التطور الحتمية أو أوقفها ، هذا الإشكال لم يحسم بعد من طرف البيولوجيا التي فتحت هذا الباب الواسع الذي جعلنا نفكك الإنسان إلى جزيئات جينية وثقافية وأنتربولوجية وسيكولوجية .
إن البشر في سعي حتيث نحو السيطرة المطلقة على الكون والوجود وإثبات إرادة القوة بالمفهوم النيتشوي. رغم أن هذا الإجتهاد متصل بالبشر المتقدمين الذين لهم سلطة العلم وسلطة القرار السياسي . الحضارة الغربية التي تقود اليوم البشرية بدأ هذا السعي الحثيت منذ عصر النهضة الاروبي المجيد بتشجعيها للعقل والعلم وبالتالي فتح الآفاق الرحبة للعقل الجبار نحو الإبتكار والبحث العلمي. إن أولى رجات الحداثة الأروبية كانت على المستوى الكوسمولوجي الذي تمت فيه ثورة غير مسبوقة تلك التي قادتها النظرية الكوبرنيكية التي خربت بجرة قلم التصور الأرسطي المقسم الكون إلى عالم مافوق القمر وعالم ما تحت القمر هذا التصور الذي تبنته الكنيسة لأنه يطابق ما جاء في الكتب المقدسة والتي كانت تعاقب كل تصور جديد مخالف لهذا التصور الفلكي فإستشهد الكثير من العلماء الذين وجدوا قصورا في هذه النظرية الفلكية كما إرتابوا في صحتها وكان العلم الإيطالي جوردانو برونو شيخ الشهداء في سبيل تخريب هذا التصور الفلكي المغلوط الذي قتل حرقا !!! لكن الضربة القاضية وجهها كوبرنيك ونظريته حول دوران الأرض حول الشمس وبهذا الإكتشاف العظيم أصيبت الكنيسة ومعها البشرية بأولى الجروح النرجسية التي أحدثها كوبرنيكوس كما يقول فرويد الضربة الثانية حسب هذا الأخير كانت من طرف داروين الذي جاء بتصور بيولوجي جديد حول أصل الإنسان الذي تعتبره هذه النظرية لا يختلف عن باقي الكائنات حيث أن أصل الحياة فوق الكرة الأرضية هو أصل واحد مشترك . هذا التصور الجديد قلب كل المفاهيم لأنه يخالف التصور الكنسي والديني حول أصل الخلق.
أما الجرح الثالث فكان هو جرح فرويد نفسه الذي أعطانا فهما جديدا عن الإنسان وشكك هذا الأخير في نفسه من خلال تصوره للجهاز النفسي للفرد الذي أعطى فيه الغلبة للاشعور الذي يحدد سلوك البشر حيث تقول النظرية أن سلوكنا ليس ناتجا عن شعورنا أي أننا نحن من يتحكم في أفعالنا ويوجهها بل حسب التصور الفرويدي الجديدي فإن قسما من جهازنا النفسي وهو اللشعور هو من يتحكم في هذا السلوك وأن سلوكاتنا تتجه نحو تلبية الرغبات الاشعورية . فهذا التصور قلب المعادلة من جديد وعمق الجرح الذي خلقه كوبرنيك وداروين حيث حكم على الإنسان بالسلبية تجاه أفعاله فالحتمية هي التي تحكم سلوكات الأفراد، هؤلاء الذين يتصرفون عن غير وعي منهم.
هذه الحتمية تبناها فيلسوف مشهور أحدث بدوره جرحا آخر للإنسان إنه ماركس الذي قال بأن التاريخ هو صراع بين البورجوازية والطبقة العاملة . فحسب ماركس فالإنسان تحكمة الحتمية لأنه ليس مسؤولا عن أفكاره وأدبه وكل الأشياء التي يدعي إمتلاكها والسيطرة عليها لأن حسبه الواقع الإجتماعي هو الذي يحدد وعي الأفراد وليس العكس هذا الوعي الذي يتشكل من خلال إيديولوجية الطبقات المسيطرة . ثم يضيف بأن البني التحتية التي يمثلها الإقتصاد ونمط الإنتاج هو الذي يشكل البنى الفوقية من أدب وفن ودين وغيرها .
إن هذه الجروح لم تثني الإنسان الأروبي عن مواصلة مسيرة التقدم والتحديث والنهضة ، بل إنها كانت سببا في مصالحة هذا الإنسان مع ذاته وواقعه مدركا الحقيقة العارية ، ومتجها بذلك نحو مزيد من التقدم الذي يحقق الرخاء لكل البشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-