الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الذين يبحثون عن الأخطاء النحوية والبلاغية في القرآن

سلام كاظم فرج

2014 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لو أن نزيلا في مشفى الامراض العقلية أمعن في التفكير لاستنباط فكرة لغوية مفيدة وتسائل لماذا يقال عن الرجل (هو..) وعن المرأة (هي)؟؟ ولماذا لم تتفق العرب على ( تو)..للرجل..( وتي) للمرأة لكان في تساؤله محقا ولعجزنا عن الاجابة.. ولا نملك حينها الا ان نقول له. ما باليد حيلة,, هكذا اتفقت العرب..
تبرز في هذه الايام ظاهرة مثيرة للإنتباه تلك هي ظاهرة البحث والتنقيب عن الاخطاء النحوية والبلاغية في القرآن الكريم.. !! فرسانها اعتمدوا التنقيب في بطون الكتب عن محاولات بعض المفكرين الدهريين في العصور العباسية المتأخرة ومن خلال اطروحات مختصين في علم اللغة ركبوا موجة الصراع الديني أبان الحروب الصليبية وبعدها لإيجاد بعض الإستعمالات التي ظنوها أخطاء لغوية او نحوية او بلاغية لقصور في معرفة الجذر التأريخي لعلم النحو وعلم البلاغة وما سمي بفقه اللغة العربية.
فرسان الموجة الجديدة يعتمدون على جهل القاريء المعاصر بتأريخ تطور اللغة العربية على مر العصور . فيلفقون أدعاءات مضحكة عن أخطاء نحوية وبلاغية في القرآن. وما يهمنا هنا ليس التشكيك بأهداف ومقاصد هؤلاء السادة.. ولكن لتثبيت مفارقة لطيفة تحدث عنها المفكر فلاديمير لينين (1870ــ 1924) عندما كان يتصدى لكل من اليمين الرجعي المتخلف من جهة واليسار المتطرف من جهة أخرى فقال:: أنظر إلى أقصى اليسار ستجد اليمين جاثما هناك!!.. بمعنى ان اليسار الطفولي المتطرف يخدم في تطرفه: اليمين المتطرف الموغل في رجعيته..!!
والان لنعد الى جذور علم النحو ثم علم البلاغة في اللغة العربية.. كانت لهجة قريش قد سادت تماما بعد انتصار الدعوة المحمدية ودخول القبائل أفواجا في الدين الجديد. فأصبحت لهجة قريش هي اللغة العربية السائدة.. ولم يكن قد نشأ بعد علم النحو ولا كتبت الدراسات عن علم البلاغة / كذلك علم النقد الادبي كان بسيطا وانطباعيا لا يتعدى استحسان أو استهجان بعض النصوص الابداعية. وكانت الناس عامتها وخاصتها تتقن استعمال تلك اللغة بسليقتها وفطرتها .. ولم يكن اللحن قد فشا على ألسنة الناس. فكان الراعي الأمي والأمير المتعلم من قريش لا يقعان في اللحن ابدا.. وحين نزل القرآن فقد نزل في أغلب إستعمالاته بلغة قريش.. رغم وجود مفردات واستعمالات منتخبة من سبع لهجات معروفة آنذاك. وقد اتفقت العرب على ان النبي محمد هو أفصح العرب في زمانه.. وهو القائل/ انا أفصح العرب ولا فخر بيد أني من قريش..
وسارت الامور فيما يخص اللغة العربية واستعمالاتها بشكل سلس وطبيعي ولم يكدر صفوها مكدر, ولم يختلف العرب فيما بينهم بشأنها, وكان الرجل البسيط يفهم السورة القرآنية بيسر كما يفهم قصيدة للبيد او طرفة او النابغة الذبياني واستمر الحال على هذا المنوال حتى بعد جمع القرآن الكريم في نسخة متفق عليها أشرف على كتابتها ثلة من الصحابة المنتجبين يأتي في مقدمتهم الامام علي و زيد بن ثابت...
بعد ذلك /
أنتبه الامام علي في فترة خلافته أن اللحن ( الخطأ) قد بدأ يدب بين الناس بما يهدد سلامة اللغة العربية.. فأتصل بالصحابي أبي الاسود الدؤلي وتداول معه في هذا الشأن الخطير والذي تسبب في حدوث سوء فهم بعضه لا تحمد عقباه ليس هنا محل ذكره.. علما ان الحركات في اللغة لم تكن قد أخترعت بعد( اعني الضمة والكسرة والفتحة والسكون) فقد كانت العرب بسليقتها تعرف التصريف النحوي بشكل تلقائي سليم. كذلك النقاط فكان القراء يميزون بين الباء والتاء والثاء والنون والياء بشكل تلقائي دون الحاجة الى وضع تلكم النقاط وكانوا يرفعون الفاعل والمبتدأ وينصبون المفعول به على سبيل المثال دون حاجة لمعلم يعلمهم..
بعد فتح بلاد فارس ومصر والعراق والشام دخلت أقوام إلى دين الاسلام وهي لا تجيد تلك الاستعمالات مما سبب انتشارا ملحوظا للأخطاء اللغوية...
اعتمد الامام علي في خطته للحفاظ على أصول اللغة العربية على جملة من الاقتراحات تداول بشأنها مع الصحابي أبي الاسود الدؤلي.. وقدم مشورة حول الاشارات الممكن تثبيتها لمعرفة الحركات اللغوية من رفع ونصب وجر.. واختتم نصيحته للدؤلي بضرورة أن يكون القرآن الكريم ولغة قريش مصدره الوحيد والأساس في هذا المسعى قائلا: (وانح هذا النحو...).. ومن هنا جاءت تسمية قواعد اللغة العربية بعلم النحو.. واستمر مشروع الدؤلي بالتطور مرورا بالفترة الاموية والفترة العباسية والمفارقة ان أبرز من برع في تثبيت علم النحو وفق مقترحات الدؤلي رجل أصوله فارسية يدعى سيبويه.. تجد في مؤلفاته جميعها انه يعتمد على الاستعمالات القرآنية في تثبيت أساسات علم النحو.. وما أشكل فيها يروضه وفق مالديه من معطيات ومبررات.. فعلم النحو والقرآن الكريم صنوان لا يفترقان.. وكل إشكال لغوي يحل وفق استعمالات لغة القرآن... (فالنحو أساسه القرآن وليس العكس) لذلك أتفق العقلاء والشعراء على تسمية اللغة العربية بلغة القرآن.. لغة القرآن هذه:: رفع الله لواها..
فكل إدعاء عن وجود أخطاء نحوية في القرآن مردود ويشبه سؤال صديقنا نزيل الامراض العقلية..
(0وقديما كان ابن منظور الفقيه اللغوي يردد دائما مقولة: هكذا أتفقت العرب..)
فلاجدوى من تلك الطعون والبحوث .. فالشجرة لا تعني شيئا بدون جذرها. وجذر علم النحو القرآن..!! فلا تتعبوا انفسكم !!
كذلك بالنسبة لعلم البلاغة.. فلو رجعنا الى إطروحات عبد القاهر الجرجاني عن علم البلاغة مؤسس علم البلاغة (وهو فارسي الأصل أيضا !!).. سنجده يستعين بكل الاستعمالات القرآنية في علم المعاني من جناس وطباق وتورية وتقديم وتأخير إلى آخره مما اتفق عليه البلاغيون وذلك في كتابه المهم (أسرار البلاغة ) وكتابه المهم الآخر (دلائل الاعجاز )..
ومن الطرائف المعاصرة المتعلقة بسوء فهم هؤلاء المتفيهقين لأسرار علم البلاغة.. إن أحدهم يعترض على تقديم المفعول به على الفاعل في آية قرآنية .. على سبيل المثال/ الاية التي تقول: إنما يخشى الله من عباده العلماء..) مقترحا ومصوبا لجبريل الامين/ ليفترض أن الاصوب ان يقال. انما يخشى العلماء الله... !!! وليدلل على وجود خلل ما!!
في حين أن تقديم المفعول به (لفظ الجلالة )على الفاعل العلماء.. من المسلمات البسيطة في أسرار البلاغة العربية وعلم النحو..
ومن الطرائف السياسية المصرية (والعهدة على الرواي./ ولعل الرواية من تلفيقات الخصوم !!) ان سيادة الرئيس المصري السابق محمد مرسي ( وكما هو معروف هو من الاخوان المسلمين ويفترض ان يكون على دراية بأسرار علم القرآن البلاغية والنحوية أعتقد في خطاب له مخاطبا جمهرة من علماء بلاده متباهيا بأن الله نفسه جل ثناؤه.. يخشاهم ويهابهم لانهم علماء !!
وأعتقد انها مجرد نكتة سياسية . فليس من المعقول ان يقع قيادي في حزب إسلامي عريق كالأخوان في مثل هذا الخطأ الجسيم. وإن صحت الرواية نكون على دراية عالية بالمدى الذي وصلناه في صعوبة التعرف على أسرار البلاغة العربية المتجذرة بأساسات قرآنية بحتة..
فلا تتعبوا انفسكم في الحديث عن ضعف بلاغة هذه الاية او تلك.. فالشجرة لا تعني شيئا بدون جذرها. وجذر علوم البلاغة العربية القرآن.!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خاص بالأستاذ عماد البابلي
حيدرماجن ( 2014 / 3 / 4 - 16:50 )

فاقد الشيء لا يعطيه راجع أخطاء النحو والإملاء الذي عودنا من ليس
اختصاصه البلاغة والنحو بل التهويمات بخلاف مادة موضوعه المستعار من
سواه.


2 - شكرا لك
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 4 - 17:46 )
شكرا لك أستاذ حيدر ماجن. مزاجي اليوم رائق ولن تخرجني عن طوري. كن مطمئنا. يكفي إنك قرأت المقال وأعجبت به. .. وإلا ما كنت لتدخل عليه وتعلق.
كن بلسما إن صار غيرك أرقما وحلاوة إن كان غيرك علقما
ابتسم.. ولا تتجهم.. فالسماء ليست كئيبة. وعالم الفكر رحب..
ومقارعة الفكرة بالفكرة خير من إطلاق الاحكام جزافا.
وصدقني انني طلبت شطب تعليق الاخ عماد البابلي لبذاءته لا لإختلافه معي . وها أنا أرحب بك
شكرا لك على اية حال..


3 - شكرا
عماد البابلي ( 2014 / 3 / 4 - 19:03 )
شكرا ثلاثا على صفة الاخ ...
ولكن هلا تشرح كيف ان اللغة العربية تطورت وخضعت لقوانين الصيرورة
ومحباتي ياعسل


4 - أهلا بك
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 4 - 19:56 )
عزيزي الأخ عماد البابلي/ ليس من طبيعتي أن أصادر رأي أي إنسان.. لكنك تجاوزت حدود اللياقة فأضطررت لطلب حجب تعليقك.. فعذرا لك. وعذرا للديمقراطية والديمقراطيين
سؤالك جيد .. لكن الإجابة عليه ومهما حرصنا على الإيجاز قد تستغرق شهورا!! أطلعت على أرشيفك وعلمت إنك كاتب بديع ومحترم.. وعجبت كيف تكون رصينا في كل تلكم الكتابات.. ولا تصبر على متطلبات الرصانة في باب التعليقات..
.. نعم أخي عماد: اللغة العربية كائن حي .. حالها حال كل اللغات الحية خضعت وتخضع لقانون الصيرورة .. وقد تشيخ وتفنى وتندثر.. وتعود إلى مجموعات متفرقة من اللهجات كما بدأت ولكن بألفاظ واستعمالات جديدة .. وبشائر هذا الفناء آتية لا ريب فيها.. (فهلق) تعني الآن . وبرضو) تعني كذلك .. وياعسل تعني ايها السيد
الا ترى ان اللغة العربية آيلة الى الفناء ؟؟
نعم أخي العزيز استاذ عماد . ان الكتابة عن تطور اللغة العربية يحتاج الى أكثر من مجلد.
وأرجو أن تكون مطلعا على فقه اللغة العربية .. وأساسات إنحدارها من لغات سبقتها ولهجات تلاقحت فانتجتها.. لتصل الأوج في عهد البعثة. وليستمر إزدهارها وتتفتح عبقريتها لتنتج فكرا نيرا وشعراء


5 - ثانية مع الاستاذ عماد البابلي
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 4 - 20:08 )
وشعراء فلاسفة عند نهايات العصر العباسي كالمتنبي فالمعري.. وجرت على لغتك العظيمة تطورات غير سارة. فانحدرت صناعة الكلام الى الحضيض واستبدل الكتاب الايجاز بالاسهاب والاطناب.. وتدهور علم المعاني . لتبلغ الحضيض في أواخر عصور بني عثمان. ثم قيض الله لها ان تتعافى قليلا . فأنتجت الجواهري وطه حسين.. وكما تعرف ان لغة طه حسين ليست هي نفسها لغة لبيد او القاضي الفاضل او ابن العميد..
قانون الصيرورة جار على كل اللغات ومنها لغتنا الجميلة الآيلة للفوات والبوار والموت
دم صديقا عزيزا


6 - تقبل اعتذاري
عماد البابلي ( 2014 / 3 / 4 - 20:18 )
اقدم اعتذاري مع باقة ورد ....... وكرمك لو قبلت الاعتذار
ولدي رأي خاص جدا في الاجابة ربما لايصلح لطرحه هنا ...
انتظر التواصل معك
[email protected]


7 - ومثلك لا يرد
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 4 - 20:40 )
الأخ العزيز الاستاذ عماد
يسعدني ان تكتب ردك مهما كان مختلفا مع فكرتي..
وقد تشبع الموضوع بفكرك النير.. ومهما أختلفنا أو أتفقنا.. فمضمار الفكر ساحته واسعة
واعتذارك دليل سمو لادليل ضعف.. لا يسعني الا قبوله مع الامتنان لك
والتواصل معك يعني ما تعنيه صحبة ماجد.. فأهلا بك على الرحب والسعة.. وسأتصل بك إن سمحت الايام..


8 - اغلال
بلبل عبد النهد ( 2014 / 3 / 4 - 23:18 )
من الصعوبة ان تحرر السدج من الاغلال التي يبجلونها


9 - الأخ بلبل
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 5 - 10:52 )
الأخ بلبل عبد النهد
نعم الاغلال / ليس من السهل كسرها.. ولكن ارجو ان تعلم انها لا تكسر بمقالة هنا او هناك.. ولا بكتاب فوقي محلق بعيدا في الفضاء. بل بمعايشة الجماهير وتفهم آمالها الحقيقية والعيش معها.. . وتحمل مآسي العبودية معها... لا إستبدال كل ذلك.. بالعبودية لنهد.. او إلتحليق مع بلبل..
بل بفهم جذر المشكل..
يعني انت مثلا فهمت مقالنا المتواضع هذا على إنه يميني التوجه.. ولم تنتبه الى لب الموضوع ولب الفكرة التي هي أكاديمية بحتة لاعلاقة لها بيمين ولا يسار..
من السهل ان ان تطلق أجمل الشعارات. .. ولكن السؤال.. متى وكيف. ومن الجدير برفع الشعار ؟؟وإيصاله للجمهور
دم بخير واحلاما سعيدة


10 - سلام كاظم فرج العزيز
بلبل عبد النهد ( 2014 / 3 / 5 - 21:57 )
في كل الاحوال انت رائع رغم التباين ولبق واحترمك وعليه امتنع عن الدخول معك في سجال دمت رائعا والسلام

اخر الافلام

.. مسلمون يؤدون -رمي الجمرات- أثناء الحج


.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و




.. 61-An-Nisa


.. 62-An-Nisa




.. 63-An-Nisa